بعد استهداف منشآتها النووية.. إيران تفتح جميع خيارات الرد دون استثناء

سيناريوهات الرد الإيراني
انفوبلس..
تشهد المنطقة لحظة مفصلية تنذر بتغيير قواعد الاشتباك، بعد الهجوم الأميركي المباغت الذي استهدف منشآت إيران النووية في فوردو ونطنز وأصفهان، مما يضع طهران أمام خيارات مصيرية بين الرد العسكري الواسع أو تبني خطوات أكثر حذراً لتفادي الانزلاق نحو حرب شاملة.
وفي الوقت الذي توعد فيه الحرس الثوري بـ"رد موجع" يتجاوز حسابات المعتدين، تتعدد السيناريوهات الإيرانية المحتملة، من استهداف القواعد الأميركية في المنطقة، إلى تصعيد الهجمات على "إسرائيل"، مروراً بإغلاق مضيق هرمز أو إشعال جبهات حلفائها الإقليميين.
ورغم الغموض الذي يلف تفاصيل الهجوم وحجم أضراره الفعلية، فإن التطورات تشير إلى تصعيد متدرج قد يمتد إلى حرب إقليمية أوسع، وسط تساؤلات عن قدرة إيران على إدامة المواجهة، وحدود الدعم الأميركي لحليفه الإسرائيلي الذي بدا عاجزاً عن حسم المعركة. في المقابل، تهدد طهران أيضاً بخيارات دبلوماسية نوعية، أبرزها الانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.
خيارات الرد الإيراني
في ضوء التصعيد الأميركي الأخير، تملك إيران مجموعة واسعة من الخيارات للرد، تتدرج من العمل العسكري المباشر إلى أدوات الضغط غير التقليدية، مع مراعاة كلفة كل مسار وتداعياته الإقليمية والدولية. وفيما يلي أبرز هذه الخيارات المحتملة:
أولاً: استهداف القواعد الأمريكية
تُعد القواعد الأميركية المنتشرة في المنطقة أهدافاً تقليدية للرد الإيراني، وقد تلجأ طهران إلى تنفيذ ضربات بواسطة الصواريخ الباليستية أو المجنحة، أو الطائرات المسيّرة، باتجاه مواقع عسكرية أميركية في العراق وسوريا والخليج العربي.
وتشمل قائمة الأهداف المحتملة قواعد في السعودية، قطر، البحرين، والكويت، وهي دول تستضيف وجوداً أميركياً دائماً. هذا الخيار يحمل مخاطر تصعيد مباشر مع واشنطن، لكنه يبقى رسالة قوية بأن إيران لن تتهاون في الرد على استهداف منشآتها الحيوية.
ثانياً: تركيز الرد على "إسرائيل"
اختارت طهران فعلياً بدء الرد عبر الجبهة الإسرائيلية، حيث أعلنت عن تنفيذ ضربات صاروخية مكثفة باتجاه أهداف داخل الأراضي المحتلة، وسط تقارير عن استخدام صواريخ بعيدة المدى من طراز "خيبر".
وقد يكون هذا المسار هو الأقل تكلفة، باعتبار "إسرائيل" الشريك الأساسي في الهجوم على المنشآت النووية، وربما تفضل إيران إبقاء الرد ضمن هذه الجبهة دون الانزلاق إلى حرب شاملة.
ثالثاً: إغلاق مضيق هرمز
إيران تلوّح منذ سنوات بإمكانية تعطيل الملاحة في مضيق هرمز، الشريان الأهم لتجارة النفط العالمية. ويشمل هذا الخيار تنفيذ عمليات بحرية محدودة أو استخدام ألغام بحرية وعبوات ناسفة لتهديد الملاحة دون الدخول في مواجهة بحرية مفتوحة.
يُنظر لهذا الخيار بوصفه ورقة ضغط مؤلمة على الاقتصاد العالمي دون الحاجة لاحتكاك مباشر واسع.
رابعاً: الهجمات السيبرانية
يمثل الفضاء السيبراني ساحة فعالة للرد غير التقليدي، وتملك إيران خبرة سابقة في تنفيذ هجمات سيبرانية ضد "إسرائيل" ودول أخرى.
وقد تتجه لاستهداف البنية التحتية الحيوية، كمحطات الكهرباء والمصارف وشبكات الاتصالات، سواء في الولايات المتحدة أو في دول حليفة لها، بما يشل قطاعات حساسة دون الحاجة لعمل عسكري تقليدي.
خامساً: الانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية
في خطوة ذات طابع سياسي وقانوني، تلوّح طهران بالانسحاب من معاهدة عدم انتشار السلاح النووي.
هذا الخيار يمنح إيران مظلة قانونية لاستئناف برنامجها النووي خارج القيود المفروضة، وهو ما أشار إليه مسؤولون إيرانيون مؤخرًا، مؤكدين أن المادة العاشرة من المعاهدة تتيح الانسحاب إذا تعرضت المصالح العليا للدولة للخطر.
الحرب مفتوحة بأكثر من اتجاه
يرى خبراء ومحللون عسكريون أن المشهد في المنطقة يتجه نحو تصعيد مفتوح، مع ترجيحات بأن الرد الإيراني لن يكون محصورًا في خيار واحد، بل قد يمتد عبر عدة جبهات وأدوات متاحة.
وفي هذا السياق، توعد الحرس الثوري الإيراني الولايات المتحدة بـ"رد موجع" على الهجوم الذي وصفه بـ"العدوان السافر" على السيادة الإيرانية، مؤكدًا أن طهران قد تلجأ إلى خيارات تتجاوز تقديرات وخطط المعتدين، في إطار ما سمّته "الدفاع المشروع عن النفس".
ويطرح بعض المحللين عدة سيناريوهات محتملة للرد الإيراني، تتصدرها خطوة إغلاق مضيق هرمز، تليها إمكانية إغلاق باب المندب، ما قد يهدد أمن الملاحة الدولية بشكل مباشر، كما يبرز خيار استهداف القواعد الأميركية المنتشرة في المنطقة، والتي تُقدَّر بنحو 63 قاعدة عسكرية.
تفاصيل الهجوم غير واضحة
ورغم الضربة الأميركية، لا تزال تفاصيل الهجوم على منشأة فوردو غير واضحة بالكامل، بحسب تقديرات عسكرية، حيث لم يُعرف بعد إن كانت البنية التحتية دُمرت كليًا أم جزئيًا.
وقد أشار بعض الخبراء إلى تقارير غير مؤكدة تفيد بنقل كميات كبيرة من اليورانيوم عالي التخصيب إلى مواقع سرّية قبل الضربة، في حين تحدثت مصادر إيرانية عن تقليص عدد العاملين في المنشأة بشكل استباقي.
كل ذلك يعزز فرضية أن إيران كانت تتوقع الهجوم وتستعد لرد طويل الأمد على مختلف المستويات.