تتبع دقيق لانفوبلس يكشف ما حدث خلال الساعة الأولى.. اغتيال القادة ليس إنجازا والهدف كان إسقاط النظام!

انفوبلس/ تقارير
عند تمام الساعة الثالثة فجراً بتوقيت طهران، انطلقت صافرات الإنذار معلنة بداية واحدة من أخطر الساعات في تاريخ الجمهورية الإسلامية. فقد بدأت إسرائيل هجوماً جوياً كثيفاً ومباغتاً على أهداف حيوية في عمق الأراضي الإيرانية، استهدف منشآت نووية ومراكز عسكرية وقادة بارزين في الحرس الثوري. كانت "الساعة الأولى" مليئة بالانفجارات، والسماء الإيرانية غارقة في هدير الطائرات والصواريخ، في محاولة واضحة لشلّ بنية النظام الدفاعية والسيادية.
لكنّ ما لم تتوقعه إسرائيل، أن تنجح طهران في امتصاص الصدمة بسرعة غير مسبوقة. فعلى الرغم من حجم الضربة وتعقيدها، لم تنهار المنظومة، ولم تُقطع أوصال الدولة. بل تحرّكت غرف العمليات بهدوء لافت، وتم إعادة تشغيل الدفاعات، وتأمين المنشآت الحيوية، وتنصيب بدائل للقيادات المستهدفة خلال دقائق. وبثّ النظام رسائل طمأنة فورية للداخل، في مشهد يعكس تماسكاً سياسياً وعسكرياً رغم المفاجأة.
لقد كانت ساعة تُختبر فيها قدرة إيران على الصمود، فنجحت ــ لا في رد الضربة فقط ــ بل في كسر وهم الانهيار السريع، مظهرة نظاماً يعرف كيف يقف على قدميه حتى تحت النيران. في هذا التقرير كشفت انفوبلس ما حدث في الساعة الأولى لتلك الضربة وفق الروايتين الإيرانية والإسرائيلية تقرأونه عبر الرابط.
الساعة الأولى (وفق الرواية الإسرائيلية)
بالتركيز على الساعة الأولى من الضربة الإسرائيلية على إيران (13 يونيو 2025، من الساعة 03:00 إلى 04:00 فجراً بتوقيت طهران)، إليك تفصيل دقيق للأحداث كما ورد في الروايتين الإسرائيلية والإيرانية:
03:00 فجراً (بداية العملية)
انطلقت عملية "الأسد الصاعد" عبر أكثر من 200 طائرة حربية من طرازات F-35 وF-15، انطلقت من قواعد جنوب إسرائيل والسفن الحربية في البحر الأحمر.
في الوقت نفسه، نفّذ الموساد عمليات إلكترونية تخريبية داخل إيران، حيث تم تعطيل منظومات S-300 وBavar-373 الإيرانية، كما ضُربت أنظمة الرادار في كرمنشاه وأصفهان عبر طائرات مسيّرة انتحارية تسلّلت ليلاً.
03:05 - 03:20 فجراً
الضربة الأولى بالطائرات استهدفت وفق الرواية الإسرائيلية: منشأة نطنز النووية، منشأة فوردو، منشأة أصفهان.
بالتوازي، استُهدفت 4 قواعد صاروخية تحتوي على صواريخ شهاب وسجّيل، منها قاعدة خاتم الأنبياء الجوية في تبريز.
03:20 - 03:40 فجراً
بعد ذلك، استُهدفت مراكز قيادة الحرس الثوري، منها:
مقر قيادة القوات الجوية للحرس الثوري في جنوب طهران.
شُنّت ضربة على مخازن للصواريخ الباليستية في محافظة كرمان، تسببت بانفجارات ضخمة استمرت دقائق.
03:40 - 04:00 فجراً
بدأت الموجة الثانية من القصف الجوي، وتركزت على:
أنفاق تحت الأرض في منطقة قم يُعتقد أنها مخازن للرؤوس النووية.
شبكة الاتصالات العسكرية الإيرانية، بما فيها مركز تشويش في مركزي.
أُطلقت عشرات الطائرات المسيّرة لتنفيذ مهام تصوير واستهداف إضافي.
الرواية الإيرانية (تفصيلياً):
03:00 فجراً
تفيد رواية العارفين من قلب إيران أنّ السبب الأساسي للنجاح الإسرائيلي في توجيه ضربة فجر الجمعة إلى قادة عسكريين وعلماء نوويين، إنما يكمن في تعرّض القيادة الإيرانية لخديعة موصوفة من الإسرائيليين والأميركيين، تسببت في نوع من «الاسترخاء المكلف».
وبحسب الرواية الإيرانية، فإن ما حدث في الساعة الأولى للضربة الإسرائيلية كان الآتي:
ـ دوّت صفارات الإنذار في طهران، أصفهان، تبريز، شيراز.
ـ وزارة الدفاع أعلنت عن "هجوم كبير متعدد الاتجاهات" وفعّلت خطة الطوارئ النووية.
ـ الدفاع الجوي الإيراني بدأ بإطلاق نيران متقطعة، إلا أن: العديد من البطاريات لم تعمل بسبب التشويش، الرادارات توقفت عن العمل فجأة، ما أدى إلى فوضى في غرف القيادة.
03:10 - 03:30 فجراً
أول الانفجارات سُمعت في أصفهان، تلتها انفجارات في نطنز وفوردو.
السلطات قطعت الإنترنت فوراً بنسبة 97% في عموم البلاد.
صدر أول بيان رسمي أعلن "هجوماً صهيونياً بالتعاون مع الشيطان الأكبر (أمريكا)".
03:30 - 04:00 فجراً
أنباء مؤكدة عن استشهاد:
ـ اللواء حسين سلامي.
ـ العميد حسن كاظمي (مسؤول ملف الصواريخ).
ـ 3 علماء نوويين في منشأة أصفهان، أحدهم من كبار المصممين في الجيل الرابع من أجهزة الطرد المركزي.
ـ صدور أمر مباشر من "المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني" بتحريك منصات الصواريخ جنوب طهران.
ـ عناصر الحرس تنتشر في الشوارع لمنع الفوضى، وتفرض حظر تجوال في أحياء طهران العسكرية.
اغتيال القادة ليس إنجازا والهدف كان إسقاط النظام
يروي المطلعون الإيرانيون انّ القادة العسكريين الذين تمّ اغتيالهم كانوا يخططون لمواجهة أسوأ الاحتمالات في حال فشل الجولة السادسة من المفاوضات النووية مع واشنطن، وبالتالي فهم كانوا يدرسون سيناريوهات التعامل مع أي عدوان محتمل على إيران بعد الأحد وليس قبله، في اعتبار أنّ طهران تلقّت تطمينات بأنّ أي ضربة عسكرية لن توجّه إليها في انتظار تبيان نتيجة جولة التفاوض الحاسمة يوم الأحد، وانّ دونالد ترامب لن يسمح حتى ذلك الحين لبنيامين نتنياهو بشن هجوم على إيران وتهديد مصير المفاوضات، ليتبين لاحقاً انّه تمّ استعمال الإيماءات الديبلوماسية للتمويه والتغطية على الضربة المبيتة.
ويكشف العارفون من الداخل الإيراني انّ خللاً مفاجئاً طرأ على شبكة المنظومة الدفاعية الجوية الإيرانية الخميس الماضي، وبفارق ساعات قليلة عن موعد الهجوم الواسع الذي شنّته تل ابيب فجر الجمعة، ما سهّل تنفيذه استناداً إلى مخطط إسرائيلي جاهز تمّ التحضير له منذ عقود.
ويؤكّد أصحاب هذه الرواية الإيرانية، انّه كان من بين أهداف الهجوم الإيراني إحداث فوضى داخلية متدحرجة، تفضي في نهاية المطاف إلى الانقلاب على القيادة الحاكمة، لكن ما حصل انّ طهران تمكنت خلال ساعات قليلة من مغادرة مربّع الإرباك والضياع واستعادة التوازن والمبادرة، بعد تعيين بدائل في المواقع الشاغرة على الفور وإعادة تفعيل المنظومة الدفاعية، الأمر الذي يمكن اعتباره إنجازاً كبيراً، لأنّ الضربة المباغتة الأولى وما رتبته من خسائر باهظة، كانت من النوع الكفيل بإسقاط أنظمة وليس فقط تعطيل البرنامج النووي او القدرة الصاروخية.
ولا يخفي الرواة انّ ضربة الجمعة كانت ثقيلة الوطأة على الشعب الإيراني الذي فوجئ بما حصل، خصوصاً انّه كان في صورة انّ القوى المسلحة في أتمّ الجهوزية لمواجهة أي عدوان، وبالتالي فإنّ الاستهدافات الواسعة التي تمّت لرموز ومواقع في موجة القصف الإسرائيلي الأولى سببت انتكاسة معنوية، انعكست ضغطاً شعبياً على الحكومة لردّ الاعتبار في أسرع وقت ممكن.
ويضيف الرواة الإيرانيون: مع بدء الردود النوعية على الكيان الإسرائيلي عادت المعنويات إلى الارتفاع، ونجحت القيادة العسكرية في صنع معادلة «القصف التماثلي» وقوامها انّ كل هدف يُضرب في إيران سيُضرب مثله او ما يعادله في الكيان الإسرائيلي، وإن يكن التعتيم الصارم والرقابة العسكرية لجيش الاحتلال لا يسمحان بالإضاءة على الأضرار اللاحقة بالمواقع الاستراتيجية التي أُصيبت، مع الإشارة إلى انّ الجزء الأكبر من الصواريخ التي تمّ استعمالها حتى الآن لا يعكس على نحو كامل حقيقة القدرات التي تملكها طهران.
وتبعاً للمطلعين في الجمهورية الإسلامية، فإنّ الإيرانيين استعادوا الثقة التي اهتزت جراء ضربة فجر الجمعة، وهم انتقلوا من مرحلة لملمة الجروح إلى مرحلة تثبيت قواعد اشتباك جديدة ومتوازنة قبل معاودة المفاوضات او البحث في أي تهدئة، وذلك عبر التصاعد التدريجي في نوعية الهجمات الصاروخية التي تستهدف الأماكن الحيوية في الكيان الإسرائيلي.
وتبعاً لرأي هؤلاء، فإنّ بدء محاولات إجراء وساطة لوقف إطلاق النار من جانب جهات غريبة عدة إنما هو مؤشر إلى انّ هناك شعوراً لدى تلك الجهات بأنّ ميزان القوى يستقيم مجدداً، وانّ تل أبيب فقدت الأريحية التي بدت عليها في اليوم الأول من الحرب، علماً انّ التجارب تثبت أنّ الوسطاء الدوليين لا يتحركون الّا عندما تصبح «إسرائيل» خلال أي حرب في وضع غير مريح.
ويشير المواكبون للتطورات من قلب إيران، إلى انّ ما يعزز الموقف الرسمي، هو انّ الشعب الإيراني ملتف بكل أطيافه حول قيادته ويدعمها بلا حدود في هذه المواجهة، لافتين إلى انّه حتى المعارضة السلمية الموجودة داخل البلاد وخارجها ترفعت عن الخلافات الثانوية ووقفت إلى جانب النظام في مواجهة العدوان الإسرائيلي، وهناك رموز لهذه المعارضة كانوا في السجن سابقاً ولكنهم اصطفوا تلقائياً مع القيادة ضدّ العدو المشترك، الأمر الذي أدّى إلى انقلاب السحر على الساحر، بحيث سقط وَهم الانقلاب على النظام سقوطاً مدوياً، وظهر تلاحم غير مسبوق بين السلطة ومختلف شرائح الشعب الإيراني.
ولم يستبعد هؤلاء، وجود خيانة داخلية خلال الهجمة الإسرائيلية الأولى، لكنهم استبعدوا أن الكيان كان على علم بكل تحركات القادة الذين استهدفهم مبرهنين ذلك بأن اجتماع تلك القيادات جرى في مقر الحرس الرسمي وهذا هو المكان الطبيعي بالعادة لاجتماعهم بمعنى أن اغتيالهم فيه ليس إنجازا إسرائيليا كونه مكان معروف لا تحت الأرض.