ترقب لأزمات كبيرة.. ترامب يرفع السرية عن وثائق اغتيال كينيدي.. هل قتلته وكالة الاستخبارات المركزية؟

انفوبلس..
رغم مرور 6 عقود، لا تزال عملية اغتيال الرئيس الأميركي الأسبق جون كينيدي تغذي نظريات المؤامرة، مع تكتم كبير من قبل الحكومات الأمريكية حول تفاصيلها، حتى تعهد ترامب برفع السرية عن وثائق القضية، فما هي الأزمات التي من المحتمل أن يسببها تصرف الرئيس الجديد؟
وقد يؤدي وصول ابن شقيق الرئيس كينيدي، روبرت جونيور كينيدي إلى منصب وزير الصحة في إدارة ترامب، دوراً في جعل ملفات اغتيال عمّه أكثر انتشاراً، خصوصاً ضمن أروقة البيت الأبيض.
وبعدما كان مرشحاً للانتخابات الرئاسية في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، دعم روبرت كينيدي جونيور، ترامب في الأشهر الأخيرة من الحملة.
وكوفئ هذا المحامي السابق في مجال البيئة الذي سبق أن نشر نظريات مؤامرة مناهضة للقاحات، بالحصول على منصب وزير الصحة.
ويوم الخميس الماضي، أمر ترامب، برفع السرية عن ملفات الحكومة الأميركية المتصلة بعمليتي اغتيال الرئيس الأسبق جون إف كينيدي العام 1963 وشقيقه روبرت إف كينيدي العام 1968، إضافة الى اغتيال المدافع الأول عن الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ في العام نفسه.
ويتضمن الأمر، الإفراج عن الآلاف من الوثائق الحكومية السرية المتعلقة باغتيال جون كينيدي، وهو الحدث الذي غذى نظريات المؤامرة لعقود.
ويهدف الأمر التنفيذي الذي وقّعه ترامب أيضاً إلى رفع السرية عن السجلات الاتحادية المتبقية المتعلقة باغتيال السيناتور روبرت إف. كينيدي والقس مارتن لوثر كينغ جونيور.
يأتي هذا الأمر ضمن سلسلة من الإجراءات التنفيذية التي اتخذها ترامب على عجل في الأسبوع الأول من ولايته الثانية، وقال ترامب للصحفيين: "سيتم الكشف عن كل شيء".
وكان ترامب قد تعهد خلال حملة إعادة انتخابه بنشر آخر دفعات الوثائق التي لا تزال سرية والمتعلقة باغتيال جون كينيدي.
وكان ترامب قد قدم تعهداً مشابهاً خلال ولايته الأولى، لكنه في النهاية استجاب للضغوط من مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية للحفاظ على سرية بعض الوثائق.
ورشح ترامب ابن شقيق كينيدي، روبرت ف. كينيدي جونيور، ليكون وزير الصحة في إدارته الجديدة. وكان والد كينيدي، روبرت إف. كينيدي، قد اُغتيل في عام 1968 أثناء سعيه للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة.
ويوجه الأمر التنفيذي مدير الاستخبارات الوطنية والمدعي العام إلى وضع خطة خلال 15 يوما للإفراج عن السجلات المتبقية المتعلقة بجون كينيدي، وخلال 45 يوماً بالنسبة للاغتيالات الأخرى.
وأفادت وسائل إعلام أميركية بأن روبرت كينيدي جونيور يمارس ضغوطاً على فريق ترامب كي تتولى زوجة ابنه أماريليس فوكس، منصب نائب مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، أملاً في الحصول على دليل على اعتقاده الراسخ بأن تلك الوكالة أدت دوراً في اغتيال عمّه في العام 1963.
وفي مقابلة عام 2023، أكد روبرت كينيدي جونيور أن هناك "أدلة دامغة على تورط وكالة الاستخبارات المركزية" في اغتيال جون كينيدي، وهي حقيقة "لا مجال للشك فيها الآن"، على حد تعبيره.
كذلك، أكد وجود مؤشرات "قوية للغاية" على تورط الوكالة في اغتيال والده روبرت في العام 1968، الذي كان وزيراً في عهد جون كينيدي ومرشحاً رئاسياً بارزاً لدى مقتله.
غير أن مواقفه بشأن اغتيال الرئيس الديمقراطي بعيدة كل البعد عن الاستنتاجات الرسمية، فبعد أشهر من اغتياله، توصلت لجنة وارن التي أجرت تحقيقات إلى أن لي هارفي أوزوالد وهو قنّاص سابق في قوات مشاة البحرية، كان قد تصرف بمفرده.
وبات روبرت كينيدي جونيور منبوذاً تقريباً ضمن عائلة كينيدي التي نددت بترشحه للانتخابات الرئاسية، ثمّ بدعمه لدونالد ترامب. واتهمه جاك سكلوسبيرغ الحفيد الوحيد لجون كينيدي، عبر منصة "إكس" الأسبوع الماضي، بأنه "جاسوس روسي بشكل واضح".
ولم يشكل كونه من أنصار نظريات المؤامرة، عائقاً بالنسبة إلى الرئيس المنتخب دونالد ترامب الذي رحّب به في إدارته الجديدة.
ومنذ فوز ترامب التُقطت صور للرجلين في الطائرة الخاصة للملياردير الجمهوري، إضافة إلى إيلون ماسك. كذلك كان مع الرئيس المنتخب الخميس عندما قرع جرس افتتاح بورصة نيويورك.
وفي مقابلة نشرتها مجلة "تايم" في اليوم ذاته، أكد ترامب أنه سيجري "نقاشاً كبيراً" مع روبرت كينيدي، وذلك رداً على سؤال عما إذا كان سيدعم إنهاء برامج تطعيم الأطفال في الولايات المتحدة، بناءً على رغبة وزير الصحة المستقبلي. وقال ترامب "سأستمع إلى بوبي الذي أتفق معه بشكل جيد للغاية".
في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي كرر ترامب وعده الانتخابي بالكشف عن آخر الملفات المصنّفة "سرية للغاية" في الأرشيف الوطني بشأن اغتيال جون كينيدي.
وبحسب وسائل إعلام أميركية، فإن الرئيس المنتخب يفكر في تعيين أماريليس فوكس نائبة لمدير وكالة الاستخبارات المركزية.
وكتبت صحيفة واشنطن بوست، أن فوكس التقت في واشنطن بجون راتكليف مرشح الرئيس الجمهوري المستقبلي لإدارة وكالة الاستخبارات.
وبغض النظر عن مواقف والد زوجها، فإن تعيين هذه المؤلفة البالغة 44 عاما لن يكون بمنأى عن الجدل.
ففي العام 2019، نشرت مذكراتها التي تصف فيها نشاطها كعميلة لوكالة الاستخبارات المركزية، من دون أن تطلب إذناً مسبقاً من الوكالة للقيام بذلك، مما شكل انتهاكا للاتفاق السري الذي يوقّعه جميع العملاء.
من جانبها، أفادت شبكة "إن بي سي نيوز" بأن العديد من عملاء وكالة الاستخبارات السابقين أعربوا عن شكوكهم بشأن صحة ما كتبته.
وفي مواجهة معارضة ترشيحها من جانب عدد من المسؤولين المنتخبين ومسؤولي الاستخبارات الأميركية، ردت فوكس بالقول "فرد من عائلة كينيدي في وكالة الاستخبارات المركزية: إنهم قلقون".
وأضافت عبر منصة أكس، أن "هؤلاء المسؤولين القلقين أشرفوا على أكبر تدهور في قدراتنا الاستخبارية البشرية في تاريخ الاستخبارات المركزية"، من دون أن تتردد في وصف نفسها بأنها "موالية" لدونالد ترامب.
وبعد أكثر من ستة عقود على اغتيال جون كينيدي، أحد رؤساء أمريكا الأكثر تغييراً، لا تزال نظريات المؤامرة مستمرة.
ومن المتوقع أن تؤدي خطوة ترمب الكشف عن الملفات إلى تبديد بعض الغموض المحيط باغتيال جون كينيدي.
ولكن بعض المؤرخين يختلفون مع هذا الرأي، إذ يعتقدون أن نشر هذه الملفات من شأنه أن يوفر أدلة تدعم نظريات المؤامرة التي أثارت تكهنات لا حصر لها.
ففي الثاني والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني 1963، قُتل كينيدي برصاصة في أثناء مرور موكبه عبر ساحة ديلي في دالاس. وتقول الرواية الرسمية، التي أيّدتها لجنة وارن عام 1964، إن لي هارفي أوزوالد، وهو قناص سابق في البحرية، تصرَّف بمفرده، فأطلق النار من نافذة في الطابق السادس من مستودع الكتب المدرسية في تكساس.
وتوصلت لجنة وارن، التي شكَّلها وأدارها الرئيس ليدون جونسون للتحقيق في حادث إطلاق النار على الرئيس البالغ من العمر 49 عاماً في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 1963، إلى أن الجاني هو قناص سابق في مشاة البحرية، لي هارفي أوزوالد، الذي تصرف بمفرده. ولم تتمكن اللجنة من تحديد الدافع وراء الحادث.
وبعد كل تلك السنوات، كشفت استطلاعات الرأي عن أن أغلبية الأمريكيين يشككون في نظرية الرجل المسلح الوحيد، ويؤمنون بدلاً من ذلك بنوع من المؤامرة. ومن "التلال العشبية" الغامضة إلى مؤامرات وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في أثناء الحرب الباردة، فهناك عدة نظريات هي الأكثر شيوعاً حول اغتيال جون كينيدي.
1. الرجل المسلح الثاني
كانت هناك شكوك عامة في أن أوزوالد لم يكن وحده. وربما كان لذلك علاقة باللجنة الخاصة بالاغتيالات، التي نظرت مرة أخرى في اغتيال جون كينيدي بالإضافة إلى مقتل مارتن لوثر كينغ.
ففي عام 1976، أعادت لجنة الاغتيالات التابعة لمجلس النواب فتح القضية، وخلصت إلى أنه "من المحتمل" أن يكون هناك مطلق نار ثانٍ، مشيرة إلى "التل العشبي" سيئ السمعة الذي أصبح الآن معلماً تاريخياً ولكن في ذلك الوقت كان عبارة عن تل يطل على المنطقة التي كان كينيدي موجوداً فيها خلال موكبه.
ولكن في عام 1982، دحضت الأكاديمية الوطنية للعلوم الأدلة الصوتية التي دعمت نظرية مطلق النار الثاني. ومع ذلك، لا تزال التلة تشكل نقطة محورية لأولئك الذين يؤمنون بمؤامرة أوسع نطاقاً.
2. العلاقة مع كوبا
كانت كوبا موضوعاً مثيراً للجدل في فترة اغتيال كينيدي، لذا فمن الطبيعي أن يتداخل الموضوع مع نظريات المؤامرة.
وتغذي خلفية الحرب الباردة في عام 1963 التكهنات بأن كوبا بقيادة فيدل كاسترو، لعبت دوراً في اغتيال كينيدي.
تكشف تقارير مجلس الشيوخ التي رُفعت عنها السرية أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية خططت لمحاولات متعددة لاغتيال كاسترو. ويشير بعض المنظّرين إلى أن مقتل جون كينيدي كان انتقاماً. وتزيد رحلة أوزوالد إلى مدينة مكسيكو سيتي في عام 1963، حيث حاول الاتصال بالقنصليتين الكوبية والسوفييتية، من هذه الشكوك.
وبدلاً من ذلك، يفترض البعض أن عملاء مناهضين لكاسترو، الذين أغضبهم رفض جون كينيدي تقديم الدعم العسكري لغزو خليج الخنازير، ربما دبّروا عملية القتل.
ويقال، إن أوزوالد كان على اتصال بشخصيات مؤيدة ومعارضة لكاسترو وكان يدافع عن كاسترو والشيوعيين في الولايات المتحدة.
3. عمل داخلي
ومن بين أغلب التكهنات، أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية هي التي خططت لعملية الاغتيال.
ويستشهد المنتقدون بالعلاقة المتوترة بين كينيدي والوكالة، خصوصاً بعد كارثة خليج الخنازير، عندما أقال مدير وكالة المخابرات المركزية آنذاك ألين دالاس.
وقد أعطى روبرت ف. كينيدي جونيور، ابن شقيق الرئيس الراحل، ومرشح ترمب لمنصب وزير الصحة، مصداقية لهذه النظرية، حيث جادل بأن رفض جون كينيدي تصعيد التدخل الأمريكي في فيتنام جعل له أعداء داخل المجمع العسكري الصناعي.
يجادل كينيدي بأن جريمة القتل كانت مرتبطة بضغوط من أجل إرسال قوات أمريكية إلى فيتنام. وكان يعتقد في البداية أن "عنصراً مارقاً في وكالة الاستخبارات المركزية" هو المسؤول عن الجريمة قبل اجتماع عقده مع مدير وكالة الاستخبارات المركزية جون ماكون، الذي بدد هذه الشكوك والتكهنات.
ويعتقد خبراء قضية كينيدي أن وكالة المخابرات المركزية كانت تراقب أنشطة أوزوالد عن كثب أكثر مما اعترفوا به، وجنّدته ليتولى حل مشكلتهم.
وعلى الرغم من هذه الادعاءات، لم تجد لجنة الاغتيالات التابعة لمجلس النواب الأمريكي عام 1979 أي دليل على تورط وكالة المخابرات المركزية.
4. نظرية المافيا
هناك نظرية شائعة أخرى تتعلق بالجريمة المنظمة، وبصفته المدعي العام، طارد روبرت كينيدي المافيا بقوة، ويزعم بعض المنظّرين أن المافيا ردت على ذلك باستهداف شقيقه.
اكتسبت هذه النظرية زخماً بعد أن أعرب روبرت كينيدي نفسه عن مخاوفه من أن حملته ضد الجريمة المنظمة أدت إلى اغتيال الرئيس.
ويقول كاتب السيرة الذاتية إيفان توماس، إن روبرت كينيدي كان يشعر بالقلق من أن العمل الذي كان يمارسه قد يؤدي إلى مقتل شقيقه.
خلال حملته الرئاسية لعام 2016، أشار دونالد ترمب إلى أن والد السيناتور تيد كروز، كان من المقربين المعروفين لأوزوالد. وقال ترمب: "لا أحد يتحدث عن ذلك"، مستشهداً بغلاف صحيفة ناشيونال إنكوايرر الشعبية لنشر صورة لرافائيل كروز وأوزوالد يتناولان الإفطار.
هذا الادعاء رُفض وجرى دحضه على نطاق واسع، ولكنه يؤكد مدى انتشار التكهنات التي تحوَّل إليها النقاش حول قضية اغتيال جون كينيدي، ما ضاعف من نظريات المؤامرة.