توقعات بانهيار آمال أنقرة.. منظومة المجتمع الكردستاني تسد أذنيها أمام دعوة أوجلان.. تعرف على التفاصيل

انفوبلس..
على الرغم من إعلان حزب العمال الكردستاني امتثاله لرسالة زعيمه عبد الله أوجلان بإلقاء السلاح، إلا أن "منظومة المجتمع الكردستاني" لم تعلن أي موقف حتى اللحظة، الأمر الذي يُفقد أنقرة النصر الذي تروّج له بكثافة بعد الرسالة المذكورة، وينذر بانهيار أي احتمال يُنهي الصراع خلال هذه المرحلة، فما ملامح الوضع الكردي-التركي بعد رسالة أوجلان؟ وما موقف الترك والعالم وأكراد سوريا؟
تُعد "منظومة المجتمع الكردستاني" واجهة يُخفي خلفها حزب العمال الكردستاني بعض بياناته وعملياته المسلحة، وهي منظمة سياسية كردية، تعمل كمجموعة شاملة لجميع الأحزاب السياسية الكونفدرالية الديمقراطية فيما يسمى بـ"كردستان الكبرى"، بما في ذلك حزب العمال الكردستاني (PKK) وحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) وحزب الحياة الحرة الكردستانية (PJAK) وحزب الحل الديمقراطي الكردستاني (باديك). ويُعد صمتها على دعوة أوجلان مؤشراً كبيراً قد تتضح ملامحه خلال الفترة المقبلة يدل على عدم الامتثال لطلب القائد، وفقاً لمراقبين.
وبحسب المراقبين فإن التفاؤل الذي تتحدث به أنقرة في اليومين الأخيرين عقب دعوة أوجلان سيصطدم بالواقع، خصوصاً وأن أسباب نشوب الصراع المستمر لأربعة عقود بين الكرد والأتراك لم يتم علاجها من قبل الدولة التركية لغاية الآن، وإن تشبث أردوغان بمواقفه من شأنه أن يتسبب بثورة كردية جديدة تنسف كل آماله المتعلقة بدعوة أوجلان.
وأضافوا، إن الفترة المقبلة ستكون حساسة جداً على مستوى تركيا وعلى مستوى الأحزاب والتنظيمات الكردية ومن الممكن أن ينهار كل شيء بسبب تفاصيل بسيطة.
دعوة "تاريخية"
ووجّه زعيم حزب العمال الكردستاني المعتقل عبد الله أوجلان، دعوة وُصفت بالـ"تاريخية" إلى منظمته التي تتهمها تركيا بـ"الإرهاب"، بالاستسلام وإلقاء السلاح، وذلك بعد عقود من المواجهة تخللها تصدع كبير بين الأكراد والدولة التركية.
وحملت الرسالة التي وجهها أوجلان باللغتين التركية والكردية، عنوان "دعوة للسلام والمجتمع الديمقراطي"، وجاء فيها أن "الأتراك والأكراد، طوال تاريخهم الممتد لأكثر من ألف عام، رأوا دائماً أنه من الضروري البقاء في تحالف، من أجل الحفاظ على وجودهم والوقوف ضد القوى المهيمنة"، مشيراً إلى أن "الحداثة الرأسمالية" عملت خلال المئتي عام الأخيرة على تفكيك هذا التحالف.
وشدّد على أن "المهمة الرئيسية هي إعادة تنظيم العلاقة التاريخية، التي أصبحت هشة للغاية اليوم، بروح الأخوة، دون تجاهل المعتقدات".
وقال موجهاً كلامه إلى منظمته التي يتزعمها: "اعقدوا مؤتمركم واتخذوا القرارات اللازمة للاندماج مع الدولة والمجتمع؛ يجب على جميع المجموعات إلقاء سلاحها، ويجب على التنظيم حل نفسه".
كما توجّه أوجلان في رسالته بالشكر إلى رئيس حزب الحركة القومية دولت بهتشلي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان وكافة الأحزاب السياسية في البلاد لمقاربتهم الإيجابية فيما يتعلق بدعوته.
استجابة
وبعد مرور يومين على الدعوة التي أطلقها الزعيم الكردي المسجون لحزبه بحل نفسه وإلقاء السلاح، أعلن حزب العمال الكردستاني في بيان، اليوم السبت، أنه سيمتثل لدعوة أوجلان، وسينفذ نداءه إلى تحقيق السلام ووقف إطلاق النار مع السلطات التركية، وفق ما أفادت وكالة فرات للأنباء (أيه إن إف) المؤيدة للحزب.
وقالت اللجنة التنفيذية "من أجل تمهيد الطريق لتنفيذ دعوة الزعيم آبو (لقب أوجلان) للسلام ولمجتمع ديمقراطي، نعلن وقف إطلاق النار اعتبارا من اليوم".
كما أعرب الحزب الكردي عن أمله في أن تطلق أنقرة سراح زعيمه المحتجز منذ 1999 كي يتسنى له قيادة عملية نزع السلاح.
إلى ذلك، أكد أن هناك حاجة لوضع شروط سياسية وديمقراطية لإنجاح تلك العملية.
بدورها أعلنت قيادة العمال الكردستاني في جبل قنديل شمال العراق وقفا فوريا للنار.
خلفيات الدعوة
وفي خطوة غير متوقعة في أكتوبر/تشرين الأول 2024، فاجأ زعيم حزب الحركة القومية دولت بهتشلي، الجميع بمصافحته نواب حزب المساواة والديمقراطية الكردي "DEM"، موجهاً دعوة إلى أوجلان بالحضور إلى البرلمان ودعوة منظمة العمال الكردستاني بإلقاء السلاح، مقابل الاستفادة من "حق الأمل" أي العفو عنه.
وفي الوقت الذي سقطت هذه الدعوة مثل "القنبلة" على الأجندة السياسية التركية، لاسيما من زعيم تركي عارض دائماً وبشدة التفاوض مع المنظمة الكردية، بدأت المفاوضات مع حزب "DEM" بدعم من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي علّق قائلاً: "لا مكان للإرهاب وجانبه المظلم في مستقبل تركيا، نريد أن نبني تركيا خالية من الإرهاب والعنف معاً، ولا ينبغي التضحية بنافذة الفرصة التاريخية من أجل بعض الحسابات".
وفي 23 أكتوبر/تشرين الأول 2024، وبعد الدعوة التي وجهها بهتشلي مباشرة، أعلن ابن شقيق أوجلان، وهو عضو البرلمان عن ولاية شانلي أورفا عمر أوجلان، أنه التقى بعمه لأول مرة منذ 43 شهراً من عزلته.
ونقل عمر أوجلان رسالة من عمه، أنه "إذا أُتيحت الظروف، فإن لدي القدرة النظرية والعملية لنقل النزاع من ساحة العنف إلى المجال السياسي والقانوني".
وفي 28 ديسمبر/كانون الأول 2024، حدث أول لقاء بين وفد من حزب المساواة والديمقراطية الكردي، وأوجلان في سجنه بجزيرة إمرالي في بحر مرمرة، تلا ذلك اجتماع الوفد مع رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولمش، ورؤساء الأحزاب التركية بما فيهم دولت بهتشلي.
وفي 11 و12 يناير/كانون الثاني 2025، التقى الوفد الكردي بزعماء حزب الشعوب الديمقراطي المعتقلين فيغين يوكسيكداغ، وصلاح الدين ديمرتاش، وليلى غوفين وسلجوق مزراكلي.
وحدث اللقاء الثاني مع أوجلان في 22 يناير/كانون الثاني 2025، لينتقل بعدها الوفد الكردي إلى إربيل والسليمانية بالعراق في 15 و18 فبراير/شباط 2025، للقاء قادة إقليم كردستان العراق، حاملين معهم رسائل من أوجلان. كما نقل الوفد رسائل من أوجلان، إلى قيادات حزب العمال الكردستاني في جبل قنديل شمال العراق، وقوات سوريا الديمقراطية "قسد" في شمالي شرق سوريا، وكذلك فعالياته في أوروبا.
وخلال مؤتمره العام في 12 فبراير/شباط 2025، أعلن حزب المساواة والديمقراطية، أربعة عناوين تتعلق بحل القضية الكردية، وهي: إنهاء سياسة العزل ورفع العزلة عن عبد الله أوجلان، وعقد اجتماعي جديد ديمقراطي والاعتراف بحقوق الكرد، والعيش المشترك على أساس المساواة دون تمييز، والتخلي عن سياسات الحرب واعتماد لغة الحوار في منطقة الشرق الأوسط.
وفي 27 فبراير/شباط 2025، عقد اللقاء الثالث بين الوفد التركي وأوجلان، ليتم الإعلان لاحقاً من إسطنبول عن دعوته التاريخية.
ردود فعل تركية
لاقت دعوة أوجلان، ترحيباً من مختلف الأحزاب السياسية في تركيا، لاسيما في التحالف الحاكم، لكن أحزاب قومية مثل حزبي الجيد والنصر، هاجما العملية السياسية.
وقال حزب العدالة والتنمية، على لسان نائب رئيس الحزب أفكان ألا، إن "جوهر النداء هو إلقاء السلاح وحل التنظيم الإرهابي لنفسه، نحن ننظر إلى النتيجة، وبالطبع سنرى في تركيا ما إذا كانت هذه النتيجة ستتحقق"، موضحاً أن "الإرادة القوية التي أبداها رئيسنا منذ البداية، وتصريحات بهتشلي، وضعت أمام شعبنا هدف 'تركيا خالية من الإرهاب'".
فيما نشر عضو مجلس حزب الحركة القومية نيفزات أونلوترك، صورة لأردوغان وبهتشلي مع تعليق: "تركيا بدون إرهاب لن تعد حلماً".
من جهته، قال زعيم حزب "ديفا" علي باباجان، فقد أعرب عن ترحيبه بدعوة أوجلان التاريخية، وقال: "سيكون تطوراً تاريخياً إذا ألقت المنظمة الإرهابية سلاحها وأنهت وجودها".
أما زعيم حزب المستقبل أحمد داود أوغلو فقال: "في ظل الظروف التي يهتز فيها النظام الدولي وتتعرض فيه منطقتنا لحلقة من النار، فإن كل دعوة تطلق وكل خطوة تتخذ من أجل تعزيز بنيتنا الداخلية وتطهير بلادنا بالكامل من الإرهاب هي إيجابية، وينبغي استخلاص الدروس من التجارب السابقة ووضع خارطة طريق ملموسة تركز على النتائج، تحت سقف البرلمان، وبمشاركة كافة المكونات السياسية".
ورغم ترحيبه بدعوة أوجلان، حذّر زعيم حزب الشعب الجمهوري أوغور أوزال، من ما وصفه "باستغلال مطالب المجتمع بالسلام والديمقراطية من قبل أي سلطة أو جهة لتحقيق أهدافها السياسية الخاصة".
وقال أوزال: "الدعوة لإلقاء السلاح وحل التنظيم الإرهابي خطوة مهمة، ونأمل أن يفي المخاطبون بهذه الدعوة بالمتطلبات وأن ينتهي إلى الأبد الإرهاب الذي أودى بحياة عشرات الآلاف، وتسبب بأضرار اقتصادية واجتماعية جسيمة".
وأضاف أوزال: "نحن نتمسك بموقفنا بأن القضية الكردية يجب أن يتم حلها بشفافية، تحت قبة البرلمان، وبإشراك كافة شرائح المجتمع"، مضيفاً: "تماشياً مع مبدأ 'السلام في الوطن والعالم' لمؤسس جمهوريتنا، فإننا نقف دائماً إلى جانب الجهود المبذولة من أجل السلام والديمقراطية".
أما حزب الجيد، فاعتبر زعيمه مساوات درويش أوغلو، أن ما جرى هدفه بقاء حزب العدالة والتنمية في الحكم، زاعماً أن "هذه العملية هي مساومة على البقاء في الرئاسة مدى الحياة مع التلاعب بمصطلح الشعب بغض النظر عن التسميات والحجج التي تقوم عليها".
من جهته، فقد أعلن حزب النصر الذي يقوده أوميت أوزداغ، أنه سيعمل على تقويض العملية.
مواقف دولية
رحبت كل من الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وإقليم كردستان في شمال العراق بنداء زعيم تنظيم "بي كي كي" عبد الله أوجلان لإلقاء التنظيم السلاح وحل نفسه.
ووصف متحدث مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض بريان هيوز في بيان، دعوة أوجلان بأنها "تطور مهم".
وقال: "نأمل أن يساعد ذلك في طمأنة حلفائنا الأتراك بخصوص شركاء الولايات المتحدة الأمريكية ضد داعش في شمال شرقي سوريا".
في سياق متصل، نقل بيان لمتحدث الحكومة الألمانية ستيفن هيبستريت عن المستشار أولاف شولتس ترحيبه بدعوة أوجلان.
وأشار البيان إلى أن عمليات "بي كي كي" الإرهابي تسببت في سقوط العديد من الضحايا، مؤكدًا أن دعوة أوجلان تقدم فرصة من أجل تجاوز العنف.
بدوره، أعرب رئيس إقليم كردستان في شمال العراق نيجيرفان بارزاني في بيان صادر عن رئاسة الإقليم، عن ترحيبه بالنداء، مؤكداً استعدادهم للعب أي دور لإنجاح هذه العملية.
وقال: "بهذه الطريقة فقط (الديمقراطية) يمكن تحقيق نتائج ونجاحات أفضل، وليس بالسلاح والعنف".
موقف كرد سوريا
وعقب إعلان الرسالة، قال قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي إن دعوة عبد الله أوجلان مؤسس حزب العمال الكردستاني لحل الحزب وإلقاء السلاح تتعلق بحزب العمال فقط ولا علاقة لها بسوريا.
ورحب عبدي بـ"الإعلان التاريخي" من أوجلان الذي "يدعو إلى إنهاء الحرب في تركيا وفتح الطريق أمام عملية سياسية سلمية"، و"فرصة لبناء السلام ومفتاح لفتح علاقات صحيحة وبناءة في المنطقة".
ونقلت رويترز عن عبدي قوله إن "أوجلان أرسل لنا بشأن إعلانه وكان إيجابيا ويؤكد أهمية السلام والأمن بالمنطقة"، وأكد أن إعلان أوجلان المسجون منذ فترة طويلة لا ينطبق إلا على حزب العمال الكردستاني ولا "يتعلق بنا في سوريا".
وأضاف "إذا تحقق السلام في تركيا فهذا يعني أنه لا مبرر لمواصلة الهجمات علينا هنا في سوريا".
منظومة المجتمع الكردستاني
خلال السنوات الأخيرة جرى طرح اسم "منظومة المجتمع الكردستاني KCK" في العديد من فعاليات حزب العمال لتكون واجهة يخفي خلفها حزب العمال بعض بياناته وعملياته المسلحة.
وهي منظمة سياسية كردية، تعمل كمجموعة شاملة لجميع الأحزاب السياسية الكونفدرالية الديمقراطية في ما يسمى بـ"كردستان الكبرى"، بما في ذلك حزب العمال الكردستاني (PKK) وحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) وحزب الحياة الحرة الكردستانية (PJAK) وحزب الحل الديمقراطي الكردستاني (باديك).
وعلى الرغم من أن عبد الله أوجلان هو قائد المجموعة التمثيلي، إلا أنه بسبب سجنه، يقود المنظمة مجلس يسمى "المؤتمر الشعبي الكردستاني" (Kongra-Gel)، والذي يعمل بمثابة الهيئة التشريعية للمجموعة. ورئيس Kongra-Gel هو زبير أيدر.
تنتخب الجمعية مجلسا تنفيذيا من 31 عضوا. أول رئيس لهذا المجلس التنفيذي كان مراد كاريلان، بينما كان جميل باييك نائب رئيس المجلس التنفيذي. في الجمعية العامة لحزب العمال الكردستاني، وفي يوليو 2013، أعيدت هيكلة القيادة التنفيذية لـ KCK. وبدلاً من الوضع القديم لرئيس واحد، تم تنفيذ نظام الرئاسة المشتركة المزدوجة، مع تخصيص أحدهما للرجل والآخر للمرأة. تولى جميل بايك وبيز هوزات هذه المناصب الجديدة، في حين تم تعيين كارايلان قائدا عاما لقوات الدفاع الشعبي (HPG)، الجناح المسلح الرسمي لحزب العمال الكردستاني.
هناك العديد من الأقسام الفرعية لـ KCK: المركز الإيديولوجي، المركز الاجتماعي والثقافي، المركز السياسي، مركز البيئة، المركز الاقتصادي ومركز المجتمع الحر. يحتوي كل مركز على العديد من اللجان المسؤولة عن تنفيذ قرارات Kongra-Gel. هناك أيضا مركز حماية الشعوب المستقلة الذي
وفقًا للمادة 21 من تفاصيل عقد KCK ، فإن التجمعات الإقليمية تتوافق مع الخصائص الجغرافية والإثنية الثقافية للبلدان التي تعمل فيها. في نطاق تشكيل KCK ، تم تقسيم تركيا إلى أربع مناطق-أقاليم. هذه هي، تشوكوروفا (إحدى المقاطعات في الجزء الشرقي من البحر الأبيض المتوسط لتركيا)، وعميد (في ديار بكر، إحدى المقاطعات في جنوب شرق الأناضول)، وسرهات (إرزوروم، إحدى المقاطعات في الجزء الشرقي من تركيا) ومنطقة بحر إيجه. هناك أيضًا تجمعات حضرية، وتشكيلات تتبع المجالس الشعبية التي تعمل في المدن، ومنظمات المدن والأحياء التي هي المجموعات التي تنفذ الأعمال في المدن والأحياء.
هذا المركز مسؤول عن منح التدريب للقوات المسلحة من أجل توفير الأمن لمواطني المجتمعات الكردستانية KCK.
بعض القوات المسلحة داخل KCK هي قوات الدفاع الشعبي (HPG) ووحدات النساء الأحرار (YJA) ووحدات الحماية المدنية (YPŞ) ووحدات حماية الشعب (YPG) ووحدات حماية النساء (YPJ).