توقعات متفائلة وأعمال مكثفة.. مباحثات نووية بين غروسي ومسؤولين إيرانيين وسط تحركات دبلوماسية إقليمية ودولية نشطة

انفوبلس..
إلى طهران وفي زيارة حاسمة تستمر يومين، وصل المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل غروسي، لبحث التعاون النووي مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية وسط توترات متصاعدة. ويأتي اللقاء مع المسؤولين الإيرانيين في ظل مساعٍ دبلوماسية مكثفة ومخاوف متزايدة بشأن مستقبل البرنامج النووي الإيراني.
ومساء أمس، وصل المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي، إلى العاصمة الإيرانية طهران في زيارة تستمر يومين يبحث خلالها التعاون بين الوكالة وإيران والقضايا الخلافية بين الجانبين. والتقى غروسي، مساء الأربعاء، مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الذي يزور موسكو اليوم لنقل رسالة من قائد الثورة الإسلامية السيد علي خامنئي إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقال غروسي، في تغريدة مساء الأربعاء عقب اللقاء مع عراقجي، إن هذا اللقاء كان "مهماً خلال زيارتي التي كانت في محلها". وأضاف غروسي، إن "التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتقديم ضمانات ذات مصداقية بشأن الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني ضروري في وقت هناك حاجة لدبلوماسية عاجلة فيه".
وقالت الخارجية الإيرانية في بيان، إن المباحثات بين عراقجي وغروسي تناولت آخر تطورات التعاون بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وطهران، مشيرةً إلى أن عراقجي أكد إرادة بلاده في استمرار هذا التعاون في إطار التزاماتها الحقوقية الدولية، داعيا الوكالة إلى ممارسة دورها "المهني والتقني في إطار مسؤولياتها من دون التأثر بالضغوط غير المبررة للأطراف للدولية".
كما دعا وزير الخارجية الإيراني، مدير الذرية الدولية إلى ضرورة اتخاذ "مواقف صريحة وشفافة" بشأن التهديدات بضرب المنشآت النووية الإيرانية "السلمية"، مُطلعاً ضيفه على تفاصيل الجولة الأولى من المباحثات بينه وبين المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف.
بدوره، رحب غروسي ببدء المفاوضات بين إيران وأميركا، معلناً "الدعم الكامل" للوكالة الدولية للطاقة الذرية لهذه المفاوضات، معرباً عن أمله في أن تستمر حتى الوصول إلى نتيجة، ومؤكداً أهمية استمرار التعاون بين طهران والوكالة.
وأكّد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، قبيل توجهه إلى طهران أهمية دور الوكالة في أي اتفاق نووي جديد مع إيران، واصفاً أي اتفاق معها من دون الوكالة بأنه “مجرد حبر على ورق” وعديم مصداقية. ليعبر بذلك عن مخاوفه من احتمال توصل طهران وواشنطن لاتفاق بعيداً عن المنظمة الدولية.
في الأثناء، قال نائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب أبادي، عضو فريق التفاوض الإيراني، مساء الأربعاء، للتلفزيون الإيراني، إنه إذا تم الاتفاق على الأطر فستبدأ كتابة النص، مشيراُ إلى أن التفاهم بشأن الأطر "صعب لكنه ليس مستحيلاً، ويتوقف ذلك على الطرف الآخر".
وأكد، إن الملف النووي الإيراني ورفع العقوبات هما موضوعا المفاوضات، مضيفاً أن "لا وجاهة للمخاوف بشأن البرنامج النووي الإيراني، لكننا مستعدون لبناء الثقة"، وموضحاً أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية "لم تقدم أي تقرير بشأن السلاح النووي الإيراني، وما دامت هناك رقابة للوكالة، فالمخاوف ليست في محلها ويريدون خلق الأزمات".
وتأتي زيارة غروسي إلى طهران فيما يعمل على إعداد تقرير شامل بشأن أنشطة إيران النووية وفق قرار أصدره ضدها مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وكان غروسي قد زار إيران خلال نوفمبر الماضي في زيارة أخرى بعد سلسلة زيارات "فاشلة" خلال السنوات الماضية.
وتدور الخلافات بين إيران والوكالة الدولية بشأن موقعين اثنين مشتبه بهما في ممارسة أنشطة نووية غير معلنة من أصل أربعة، وقالت طهران خلال سبتمبر/أيلول الماضي إنها تقلصت إلى موقعين، فضلا عن طلب الوكالة منها زيادة عمليات التفتيش والشفافية وتركيب المزيد من كاميرات المراقبة في ظل تقدم كبير شهده البرنامج النووي الإيراني منذ الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي عام 2018.
وفي الأول من إبريل/نيسان الجاري، أجرى غروسي مباحثات هاتفية مع عراقجي بشأن برنامج إيران النووي، وذلك على خلفية تصاعد التوتر بين طهران والغرب، وخصوصاً الولايات المتحدة، بشأن هذا البرنامج، وسط تهديدات متصاعدة بشن ضربات جوية على المنشآت النووية الإيرانية لتعطيله.
وقالت الخارجية الإيرانية، إن غروسي ناقش مع وزير خارجية إيران آخر تطورات التعاون الثنائي بين الوكالة الدولية وطهران. كما أطلع عراقجي مدير الوكالة على "آخر التطورات والاتصالات الدبلوماسية بشأن البرنامج النووي الإيراني السلمي"، مشيراً إلى تعاون بلاده مع الذرية الدولية. ودعا غروسي والوكالة الدولية إلى "اتخاذ موقف صريح وشفاف" بشأن التهديدات باستهداف المنشآت النووية الإيرانية "السلمية". وأكد أن "الجمهورية الإسلامية الإيرانية ستتخذ أي تدابير لازمة لحماية برنامجها النووي في ظل استمرار هذه التهديدات".
من جهته، قال غروسي في حينه إنه سيجري مشاورات مع بقية الأطراف لـ"خلق فضاء مناسب لأجل المساعدة في حل القضايا الموجودة"، مقدماً طلباً لزيارة طهران في هذا الإطار. وذكر بيان الخارجية الإيرانية، أن عراقجي وافق بشكل مبدئي على زيارة غروسي مع اتفاقهما على بحث تفاصيل الزيارة وإتمامها بغية "إنجاح الزيارة".
وقبل زيارته الحالية لإيران، قال جروسي لصحيفة "لوموند" الفرنسية إن "الوكالة ترغب في المشاركة بالحوار الذي بدأ في عُمان بين إيران والولايات المتحدة بشأن القضية النووية الإيرانية".
وبشأن دور الوكالة على طاولة المفاوضات أوضح: "لسنا طرفاً في الحوار الثنائي بين عراقجي وويتكوف"، مضيفاً: "يتعين علينا إبداء رأينا في أي اتفاق محتمل، لأننا من سيتحقق منه، لذلك، بدأنا تبادلات غير رسمية معهم، ولكن بمجرد التوصل إلى نص يتضمن أحكاماً ملموسة، سنُبدي رأينا في الإجراءات ونطاق الضوابط الواجب تطبيقها".
وتأتي الجولة الأحدث من الاجتماعات أيضاً في ظل سعي الإدارة المتواصل لاستكشاف ما إذا كان بإمكان واشنطن وطهران إبرام اتفاق دائم بشأن البرنامج النووي الإيراني.
وكانت إيران قد عبّرت عن رفضها لـ"تغيير قواعد اللعب"، في المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة، محذّرة من أن ذلك قد يفسَّر على أنه "انعدام للجدية، ولحسن النية"، لافتةً إلى أنها لا تزال في وضع "اختبار النوايا"، في إشارة محتملة إلى تصريحات ويتكوف، التي قال فيها إن ترامب لن يعقد اتفاقاً مع إيران "لا يُرسي السلام في الشرق الأوسط".
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، عبر منصة "إكس"، إن "تغيير قواعد اللعب، غير عادل ومخالف"، محذراً من أن تغييراً كهذا في الدبلوماسية، من شأنه "إفشال أي بادرة".
وتابع بقائي: "أي تغيير مخاطرة في سبيل إفشال أي بادرة، وقد يُنظر إليه على أنه انعدام للجدية، ناهيك عن حسن النية"، معتبراً أن إيران "لا تزال في وضع جسّ النبض".