حديث عن نصف مليون أُسرة عراقية.. المُبعَدون عن الكويت يتظاهرون في بغداد للمطالبة بتعويضات.. تعرّف على تفاصيل هذا الملف
انفوبلس..
بتظاهرة غير مسبوقة، نظّمت "جمعية أهل الكويت لحقوق المُبعَدين" تظاهرة احتجاجية سلميّة، أمس الأربعاء، وسط بغداد قرب بوابة المنطقة الخضراء بجوار مبنى السفارة الكويتية للمطالبة بحقوقهم من أصول وأموال وعقارات المحجوزة هناك منذ 33 عام.
وعبّر أعضاء الجمعية المتظاهرين في بيان تلاه نائب رئيس الجمعية سعدون الغانم عن إصرارهم في مطالبهم التي تتلخص بحقوق استيقافات تقاعدية، وعقارات ومحال وآليات مصادَرَة ظلماً من قبل دولة الكويت بموجب أحكام عُرفية تخص المقيمين فيها منذ تأسيس الدولة إلى عام 1991، وأن الجمعية باشرت بجمع وكالات قانونية من المقيمين المُبعَدين لإقامة الدعاوى في المحاكم الدولية المختصة لاسترجاع الحقوق والتعويض عن التهجير القسري الذي تعرّضت له آلاف العوائل.
جاءت التظاهرة في ذكرى دخول الجيش العراقي لدولة الكويت في 2 آب عام 1990، وما يمثله هذا التأريخ من ظلم وحيف نالَ المبعَدين من الكويت من تداعيات تلك الأحداث التي دفع الجميع ثمنها باهضاً من مستقبل أبنائهم وعوائلهم، وأن الجمعية أخذت على عاتقها جمع أرشيف متكامل عنهم وعن مطالبهم، وبتواصل مستمر مع وسائل الإعلام والهيئات الدولية المختصة في مختلف أنحاء العالم للدفاع عن حقوقهم وتثبيتها.
ودعت الجمعية المبعَدين إلى تقديم وكالات تفويض قانونية لمقر الجمعية في خطوة أولى للمطالبة باسترداد الحقوق، وأن هناك خطوات تصعيدية أخرى في حال المماطلة والتسويف، من ضمنها استمرار المظاهرات والاعتصامات والتحرك باتجاه محكمة العدل الدولية في لاهاي لتفعيل الشكوى بواسطة محاميين دوليين معتمدين على أكثر من 160 ألف وثيقة رسمية تُدين دولة الكويت.
وبحسب أحد المتظاهرين فإن عدد الأُسر العراقية المبعَدة قسرياً من الكويت يفوق النصف مليون أُسرة.
المقيمون والبدون ذوو الأصول العراقية
المقيم السابق في الكويت وممثل البدون من ذوي الأصول العراقي فيها، خالد خصّاف الخفاجي، والذي عاد إلى العراق عام 1992، كشف في لقاء متلفز العديد من المعلومات الهامة الخاصة بهذه الفئة، وبيّن أن أزمتهم بدأت من غزو الكويت عام 1990.
وقال الخفاجي، إن أكثر من 80% من البدون ذوي الأصول العراقية والذين كانوا يخدمون في دوائر الدولة الكويتية لم يتمكنوا من الحصول على أي حقوق قبل مغادرتهم إلى العراق، وبعدها حصل ترحيل إجباري (غير رسمي) للعراقيين البدون.
الخفاجي، المولود في الكويت عام 1960 من أب عراقي رفض الحصول على الجنسية الكويتية في حينها، وبسبب ذلك لم يحصل أبناؤه على الجنسية الكويتية، لفت إلى أن تعامل الكويت مع المقيمين على أرضها ليس تعاملاً عادلاً وبالخصوص مع البدون، وبدرجة أقل مع الوافدين من أصحاب الجنسيات الأخرى.
وبحسب مصادر تاريخية كشفت عن تشكيل مليشيات كويتية لتنفيذ أحكام عرفية بحق كل من تعتقد السلطات أنه قد تعاون مع القوات العراقية الداخلة إلى الكويت ما أنتج العديد من المجازر التي استهدفت البدون وخصوصاً ذوي الأصول العراقية أو ممكن تشك السلطات أنهم من ذوي هذه الأصول.
الخفاجي تحدث عن تهمة "المتعاون" التي قُتل واعتُقل على أساسها العديد من البدون بعد انسحاب العراق، مؤكداً وجود أحكام عسكرية نُفذت حينها بحق المتهمين.
وبشأن عدد العراقيين المقيمين في الكويت قبل الغزو، كشف الخفاجي عن خبر كان قد قرأه في صحيفة كويتية رسمية عام 1989، وهو العام الذي سمح فيه العراق بدفع البدل النقدي عن التجنيد الإلزامي في الجيش، وبيّن أن عنوان الخبر كان: "300 ألف عراقي مقيمين في الكويت يدفعون البدل النقدي في السفارة العراقية"، وهذا العدد يمثل فقط المشمولين بالتجنيد، يزيد عليه غير المشمولين وصغار السن والذين تخلّفوا عن دفع البدل، ويشر الخفاجي إلى أن العدد الكلي يفوق الـ500 ألف.
وبحسب المصادر، فإن أكثر من 80% تم ترحيلهم قسرياً أو غادروا الكويت طوعياً بسبب خوفهم من انتقام السلطة بحقهم وعادوا إلى العراق دون الحصول على شيء من حقوقهم أو أملاكهم التي تمت مصادرتها من قبل الحكومة الكويتية.
وفي ما يخص التعويضات، كشف الخفاجي أن الكويت عوّضت جميع المتضررين عدا البدون من ذوي الأصول العراقية والمقيمين العراقيين، معتبرة إياهم شركاء بما حدث لها وإن كانوا يستحقون تعويضات فعلى العراق أن يدفعها.
مَن هم البدون؟
هم أشخاص غير محدّدي الجنسية يُطلق عليهم في كثير من الأحيان تسمية (البدون)، وحسب تسمية الحكومة الكويتية الرسمية "مقيم بصورة غير قانونية".
وهم فئة سكانية تقيم في الكويت بصورة غير قانونية -حسب اعتبارات الحكومة الكويتية- ولا يحملون الجنسية الكويتية أو جنسية غيرها من الدول. وقد خدم غالبية «البدون» في سلكي الجيش والشرطة في الكويت قبل إقدام العراق على غزو الكويت.
وبلغت أعداد البدون ذروتها قبل الغزو العراقي للكويت حيث وصل تعدادهم وفقا للتقديرات الرسمية إلى نحو 350 ألف نسمة، إلا أن هذا العدد انخفض بعد تحرير الكويت عام 1991 ليصل إلى حوالي 225 ألف نسمة.
وتعتبر قضية البدون من القضايا المؤثرة بشكل كبير على سجل الكويت في حقوق الإنسان.
أُطلقت هذه التسمية على عليهم كونهم لا يحملون أي جنسية أي «بدون جنسية»، بمعنى آخر عديمو الجنسية أو غير محددي الجنسية. ويعود السبب الرئيسي في تسمية فئة البدون في هذا الاسم إلى الفترة التاريخية ما بين 1960 حتى عام 1979 حيث تدرّج اسمهم في الوثائق الرسمية من «غير كويتي» ثم «بدون جنسية» ثم «مقيم بصورة غير شرعية».
تعداد البدون في الكويت
يحمل أكثر من 49 ألفاً من فئة غير محددي الجنسية إحصاء سنة 1965 ويبلغ تعداد فئة غير محددي الجنسية في الكويت طبقا لبيانات هيئة المعلومات المدنية 220 ألف نسمة في يونيو 1985 في حين يعتقد البعض أن العدد الحقيقي هو أربعة أضعاف هذا العدد أي حوالي 400 ألف نسمة قبل غزو الكويت.
ثم انخفض تعدادهم إلى حوالي 118 ألف نسمة وفقا لآخر الإحصائيات في إبريل 1991 في حين يُقدر تعداد من بقي من البدون في نهاية التسعينيات داخل الكويت ب 120 ألف نسمة منهم 55% من دون سن الخامسة عشرة، ويصل معدل الإعالة في عائلاتهم إلى 7 أفراد في المتوسط، وتبلغ نسبة من هم دون التعليم المتوسط 87% حاليًا، إذ ازدادت نسبة الأمية في صفوفهم بعد عام 1990. بينما تقدر منظمة مراقبة حقوق الإنسان (هيومن رايتس ووتش) عددهم في تقرير عام 2000 ب 120 ألف نسمة، كما يوجد عدد كبير منهم في المهجر في أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا.