روسيا مستعدة لجميع الخيارات.. تصعيد الدعم الغربي لكييف يستفز موسكو ويعقّد المشهد ويقرّب الحرب العالمية الثالثة
انفوبلس..
بتطور جديد في مسار الحرب الروسية الأوكرانية، سمحت الولايات المتحدة لكييف باستخدام أسلحتها لضرب أهداف داخل روسيا، وهو ما حدث فعلاً للمرة الأولى منذ بدء الحرب حيث استهدفت طائرة حربية أوكرانية هدفاً غربي روسيا الأمر الذي بدأ مرحلة جديدة في الصراع الروسي الغربي ومن شأنه في حال تفاقمه وعدم احتوائه أن يتطور إلى حرب عالمية ثالثة.
يوم أمس، قال مصدر عسكري أوكراني إن طائرة حربية أوكرانية أطلقت "للمرة الأولى" سلاحاً أصاب هدفا داخل روسيا.
وقال المصدر، إن "مركز قيادة روسيّة" أُصيب الأحد في منطقة بيلغورود غربي روسيا، وهي القريبة من الحدود مع شمال شرق أوكرانيا.
ولم يتضح على الفور نوع الذخيرة المستخدمة في الهجوم، بما في ذلك ما إذا كان سلاحا غربيا، أم لا، ولكن سماح كل من الولايات المتحدة وفرنسا مؤخرا للقوات المسلحة الأوكرانية باستخدام أسلحتها لضرب أهداف عسكرية داخل روسيا، يرجح احتمالية استخدام كييف للأسلحة الأمريكية.
وبموجب التوجيهات الجديدة التي وافق عليها الرئيس الأميركي، يمكن استخدام الذخائر الأميركية على الأراضي الروسية للمساعدة في الدفاع عن مدينة خاركيف في شمال شرق أوكرانيا.
وأضاف المصدر: "بينما لا يزال تقييم الأضرار مستمرا، تم تأكيد أنها إصابة مباشرة. هذه هي أول ذخيرة يتم إطلاقها جوا من قبل القوات الجوية الأوكرانية ضد هدف داخل روسيا".
وشنّت أوكرانيا عدة ضربات بطائرات بدون طيار في عمق الأراضي الروسية، لكن استخدام طائرة حربية لضرب أهداف داخل روسيا يُعد تصعيدا جديدا.
تصعيد غربي
وكانت إدارة الرئيس الأميركي قد منحت "سراً" أوكرانيا، الإذن بضرب الداخل الروسي باستخدام الأسلحة الأميركية، قبل 10 أيام، في تطور جديد في النزاع الروسي الأوكراني.
وبحسب تقرير "بوليتيكو"، رضخت الحكومة الأميركية للضغوطات الأوكرانية، وأعطت "الضوء الأخضر" للجيش الأوكراني، لاستخدام الأسلحة الأميركية لضرب النار في مناطق داخل روسيا، بالقرب من منطقة خاركيف فقط، حسبما قال مسؤول أميركي وشخصان آخران مطلعان.
وأكد مسؤول أميركي، إن "الرئيس بايدن وجه فريقه مؤخرا للتأكد من أن أوكرانيا قادرة على استخدام الأسلحة الأميركية لأغراض تبادل إطلاق النار في خاركيف، حتى تتمكن أوكرانيا من الرد على القوات الروسية التي تضربها أو تستعد لضربها".
ولم تسمح واشنطن لأوكرانيا، قبل قرار الخميس، باستخدام الأسلحة الأميركية الممنوحة، في القتال القريب داخل أراضي روسيا، تجنباً للتصعيد.
تهديد روسي سبق التصعيد
الأربعاء الماضي، هدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنشر "صواريخ تقليدية" على مسافة قريبة من الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين إذا سمحوا لأوكرانيا بتوجيه ضربات في عمق روسيا بأسلحة غربية بعيدة المدى.
وأضاف بوتين في أول اجتماع مباشر له مع كبار محرري وكالات الأنباء الدولية منذ بدء الحرب في أوكرانيا، إن "الغرب مخطئ إذا افترض أن روسيا لن تُقدم أبدا على استخدام الأسلحة النووية". وقال، إنه "لا ينبغي الاستخفاف بالعقيدة النووية للكرملين".
وعندما سُئِل عن تصريحات الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ التي دعا فيها إلى السماح لأوكرانيا باستخدام الأسلحة الغربية لضرب الأراضي الروسية، أشار بوتين، إلى الفروق بين الصواريخ المختلفة، لكنه حذر من أن السماح لكييف بضرب روسيا بأسلحة أكثر قوة هو تصعيد خطير يجرّ الغرب نحو حرب مع روسيا.
وأضاف الرئيس الروسي، إن موسكو تدرس نشر صواريخ مماثلة طويلة المدى وعالية التقنية قريبة بما يكفي لضرب الدول التي تسمح لأوكرانيا باستهداف الأراضي الروسية بمثل هذه الصواريخ.
ولم يذكر بوتين تفاصيل عن الموقع الذي يدرس إرسال مثل هذه الصواريخ إليه.
وتابع بوتين، "إذا رأينا أن هذه الدول تنجر إلى حرب ضد روسيا الاتحادية فإننا نحتفظ بالحق في التصرف بالطريقة نفسها، وبشكل عام هذا طريق يؤدي إلى مشاكل خطيرة للغاية".
وعندما سُئِل عن خطر نشوب حرب نووية، قال بوتين، إن العقيدة النووية الروسية تسمح باستخدام مثل هذه الأسلحة.
وتحدد العقيدة النووية الروسية المنشورة في عام 2020 الشروط التي بموجبها ينظر الرئيس الروسي في استخدام سلاح نووي، وبشكل أساسي يكون اللجوء إلى هذا رداً على هجوم بأسلحة نووية أو غيرها من أسلحة الدمار الشامل أو على استخدام الأسلحة التقليدية ضد روسيا "عندما يصبح وجود الدولة ذاته مهدداً".
وتسببت الحرب الروسية على أوكرانيا في عام 2022 بأسوأ انهيار في العلاقات بين روسيا والغرب منذ أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، وحذر الكرملين مراراً من تصاعد خطر نشوب حرب عالمية.
احتمالية دعم الخصوم
وبعد الأحداث الأخيرة، ذكر موقع "في زد" الروسي أن موسكو تفكر في إمكانية تزويد الدول -التي توجد في حالة صراع مع الدول الغربية- بأسلحة متطورة بعيدة المدى.
جاء ذلك على خلفية استمرار إمدادات الأسلحة الغربية لكييف، وهو ما يرى فيه الخبراء ردا فعالا من طرف موسكو.
وقال تقرير "في زد" إن الرئيس فلاديمير بوتين أشار خلال لقاء مع ممثلي وكالات الأنباء -على هامش منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي- إلى أن موسكو ستدرس الخيارات المتاحة للرد على قرار حلف الناتو بتزويد أوكرانيا بأسلحة بعيدة المدى لضرب روسيا، موضحا أن موسكو قد تتخذ إجراءات مماثلة كرد فعل.
وأشار بوتين إلى، أن بلاده قد تتخذ خطوات مماثلة، لكنه حذّر من أن هذا المسار قد يؤدي إلى مشاكل خطيرة.
وأضاف المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، إن هذه التصريحات وصلت قادة الدول الغربية، مشيرا إلى الانتشار الواسع لكلمات الرئيس بالصحافة الأميركية والأوروبية.
وبحسب الموقع الروسي، فإن الخبراء يرون أن لكل دولة من دول الناتو الرئيسية بالمنطقة نقاط ضعف يمكن استغلالها ضدها.
فمثلا، يمكن لروسيا زيادة إمدادات الأسلحة بعيدة المدى إلى سوريا حيث توجد القوات الأميركية بشكل غير قانوني، بحسب الموقع.
كما يمكن أن تستفيد روسيا من دعمها لقوات أنصار الله في اليمن الذين يستهدفون القواعد والمعدات الأميركية.
وأضاف التقرير، إن مناطق أخرى قد تكون ذات أهمية مثل العراق، حيث توجد قواعد أميركية يمكن استهدافها.
وأكد، إن لكل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا "نقاط ضعف" يمكن استغلالها ضدهم، مشددا على أن موسكو لن تدخر جهدا في تحقيق ذلك إذا ما أصرَّ الغرب على إمداد أوكرانيا بسلاح متطور يضر بالمصالح الروسية.
واشنطن تدفع باتجاه التصعيد
وأثناء ذلك، تستمر التحركات الأمريكية بمسار مصادرة الأصول الروسية المجمدة ومنحها لأوكرانيا، وبعد أيام من اعتذار الرئيس الأميركي جو بايدن للرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، عن تأخير التمويل الأميركي لكييف، قال السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام أمس الأحد، إنه يدفع من أجل الاستيلاء على الأصول الروسية لتقديم مساعدات إضافية لأوكرانيا.
وأضاف: "هناك 300 مليار دولار موجودة في أوروبا من أصول الثروة السيادية الروسية التي يجب أن نستولي عليها ونعطيها لأوكرانيا. لدينا أموال روسيّة في أميركا علينا الاستيلاء عليها". وأوضح في مقابلته على شبكة "سي بي إس" الأميركية : "يجب أن نجعل روسيا دولة راعية للإرهاب بموجب القانون الأميركي".
وتابع: "عندما اقترحتُ ذلك على الرئيس زيلينسكي، أضاء شجرة عيد الميلاد. إن جعل روسيا دولة راعية للإرهاب بموجب القانون الأميركي سيكون بمثابة ضربة كبيرة لروسيا".
ويُعد غراهام من أبرز أعداء روسيا منذ فترة طويلة، وأحد أشد المؤيدين لأوكرانيا في مجلس الشيوخ بين حزبه. وخلال أشهر من الجدل في الكونغرس حول حزمة مساعدات خارجية بقيمة 95 مليار دولار لإسرائيل وأوكرانيا وتايوان، كان غراهام جزءًا من حفنة من الجمهوريين الذين قلبوا معارضتهم السابقة لمشروع القانون.
وشدد على أن "لدينا فرصة لإعادة ضبط هذه الحرب" الآن بعد أن تقدم الولايات المتحدة مساعدات كبيرة لأوكرانيا، بما في ذلك حزمة جديدة بقيمة 225 مليون دولار من المساعدات العسكرية أعلن عنها الرئيس جو بايدن يوم الجمعة.
وأصدر البيت الأبيض خارطة طريق مشتركة يوم السبت تلتزم بدعم جهود مجموعة السبع للاستفادة من أرباح الأصول الروسية المجمدة لمساعدة أوكرانيا.
ومع ذلك، أقرَّ غراهام بأنه من غير المرجح أن توقع إدارة بايدن على اقتراحه بتصنيف روسيا كدولة راعية للإرهاب.
وشدد قائلا، "إما أن نساعد أوكرانيا أو لا نفعل ذلك. لقد حان الوقت الآن لمنحهم طائرات إف-16، والسماح لهم بالتحليق بالطائرات واستخدام المدفعيات بعيدة المدى لضرب أهداف داخل روسيا، ويجب ملاحقة أصول بوتين، أينما كانت وفي جميع أنحاء العالم".
وأعرب السيناتور عن أمله في أن تستعيد أوكرانيا "الزخم العسكري" هذا الصيف وانتقد مدى "بطء" و"تردد" الولايات المتحدة في تقديم الدعم لأوكرانيا.
وقال غراهام: "إذا طاردنا الأصول التي يمتلكها بوتين في جميع أنحاء العالم، وأخذنا أمواله المسروقة من الشعب الروسي وساعدنا الضحايا في أوكرانيا، أعتقد أن ذلك سيفعل الكثير لإنهاء هذه الحرب".