6 أيام غيّرت المعادلة.. كيف كسرت إيران الهيبة الإسرائيلية في أول أسبوع من الحرب؟

انفوبلس/..
في اليوم السادس من عمر الحرب بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والكيان الصهيوني، لم يعد الحديث يدور حول ضربات متبادلة، أو عمليات ردع متوازنة، بل باتت أغلب المؤشرات الميدانية والسياسية والاقتصادية تؤكد أن إيران تمكنت من قلب المعادلة الإقليمية لصالحها، محققة تقدماً نوعياً في إدارة الصراع، سواء على مستوى الأرض أو السماء أو حتى السرد الإعلامي العالمي.
ومنذ الضربة الأولى التي افتتحت بها إيران عملية "الوعد الصادق 3"، وأعلنت من خلالها دخول الحرب رسمياً، بدت طهران كأنها جاهزة لسيناريو طويل النفس، مختلف كلياً عن نمط الاشتباك التقليدي الذي اعتادت عليه إسرائيل. ما لم يكن متوقعاً هو أن تكون الضربة الافتتاحية أكثر من مجرد رد، بل إعلان هيمنة وتفوق استخباراتي وتكنولوجي، عبر استخدام منظومات صاروخية من بينها "سجيل، واستناداً إلى بيانات دقيقة من الأقمار الصناعية الإيرانية التي يرصد بعضها حركة إسرائيل الجوية والبرية.
*الرد الصاعق
فور إعلان القيادة العسكرية الإيرانية انطلاق العملية، استهدفت الصواريخ الإيرانية قواعد جوية ومفاعلات نووية ومراكز قيادة عسكرية إسرائيلية، أبرزها في حيفا، تل أبيب، بئر السبع، والضفة الغربية. وبلغت الضربة من الدقة ما دفع وسائل إعلام إسرائيلية إلى الاعتراف بأن “إيران لا تطلق فقط الصواريخ، بل تطلق معلومات، وذكاءً استراتيجياً مذهلاً”.
ومنذ الليلة الأولى، نجحت إيران في شلّ حركة الطيران المدني والعسكري الإسرائيلي لمدة 48 ساعة، وهو تطور غير مسبوق. كما أدت الصواريخ الفرط-صوتية إلى فشل القبة الحديدية وصواريخ “حيتس” في اعتراض كثير منها، خاصة تلك التي اتبعت مسارات غير تقليدية.
الرد الإيراني على القصف الإسرائيلي كان سريع وواسع، ما جعل تل أبيب في حالة ذهول وصدمة تستجدي المساعدة الامريكية.
*الجبهة الداخلية الإسرائيلية: الذعر، الهروب، والانكماش الاقتصادي
تحت وطأة الضربات الدقيقة، عاش الداخل الإسرائيلي أسوأ أيامه منذ نشأة الكيان عام 1948. فالملاجئ امتلأت، والطرق الرئيسية أُغلقت، والمرافق الحيوية تعطلت. وأُعلن عن إجلاء آلاف الإسرائيليين من مناطق حيوية بينها مدن ساحلية ومناطق صناعية استراتيجية. كما عانى الاقتصاد من شلل كامل في ثلاثة قطاعات رئيسية: الطيران، السياحة، والبورصة.
وتراجعت سوق تل أبيب بنسبة فاقت 14% في أسبوع واحد، بينما سجل الشيكل الإسرائيلي أدنى مستوى له أمام الدولار منذ عقدين. وقدرت صحيفة “ذي ماركر” الاقتصادية الإسرائيلية أن الخسائر المباشرة للاقتصاد الإسرائيلي تجاوزت 9 مليارات دولار خلال الأسبوع الأول فقط.
*الدعم الشعبي والإعلامي: إيران تربح معركة الرواية
بالتوازي مع العمليات الميدانية، شنت إيران هجوماً إعلامياً موازياً لا يقل أهمية عن الهجوم العسكري. وأظهرت غرفة العمليات الإعلامية تنسيقاً محكماً بين وسائل الإعلام، وحسابات النشطاء، والمنصات الرسمية، أدت إلى سيطرة نسبية على رواية الحرب في وسائل الإعلام الإقليمية والدولية.
وظهر الإعلام الإسرائيلي مرتبكاً ومضطرباً، يتردد بين الاعتراف بالخسائر والتهوين منها. بينما تفوقت إيران في بث مشاهد مباشرة للقصف، وصور أقمار صناعية تُظهر دقة الإصابة، ورسائل سياسية بلغة واثقة وثابتة.
*القبة الحديدية.. تسقط رمزياً
كل المنظومة الدفاعية الإسرائيلية وقفت عاجزة أمام الصواريخ الايرانية، ما يُعد نكسة كبرى لمنظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية التي طالما تم الترويج لها باعتبارها من الأحدث عالمياً.
وأظهرت مقاطع مصورة بثتها قنوات عالمية كيف أن منظومات الاعتراض الإسرائيلية عجزت عن مجاراة صواريخ إيرانية تتخذ مسارات عالية المناورة. ما أدى إلى سقوط عشرات الصواريخ في قلب المدن الإسرائيلية دون أن يتم اعتراضها.
*الموقف الدولي: انقسام غربي
لم يأتِ الرد الغربي كما كانت تتوقع إسرائيل. فباستثناء بيانات أمريكية وأوروبية تندد بـ”تصعيد الطرفين”، لم تُقدِم أي دولة كبرى على دعم مباشر للكيان الصهيوني. ويرى مراقبون أن واشنطن تتجنب التورط المباشر في صراع لا تملك فيه عنصر التفوق المضمون.
كما سُجّل انقسام في المواقف الأوروبية، إذ تحفظت بعض الدول على دعم أي تدخل عسكري ضد إيران، فيما دعت الصين وروسيا إلى وقف فوري لإطلاق النار، مع تحميل إسرائيل مسؤولية استفزاز المنطقة عبر اغتيالاتها وجرائهما.
في الحروب الكبرى، لا تُقاس الانتصارات بعدد الصواريخ أو الضحايا، بل بمن يفرض المعادلة ويملك زمام المبادرة ويصمد في الوعي العام. إيران، خلال أسبوع واحد فقط، استطاعت أن تخرج من موقع “الدولة المستهدفة” إلى موقع “الدولة المهاجمة”، بل القادرة على إدارة حرب متقدمة تقنياً واستراتيجياً على أكثر الكيانات عسكرياً في الشرق الأوسط. ما جرى خلال الأيام السبعة الأولى ليس مجرد جولة، بل بداية لتحول استراتيجي في ميزان القوى الإقليمية، يضع إيران في موقع من يُرسم السياسات لا من يتلقاها.