لائحة بحلفاء ترامب الأثرياء الذين هاجموا الرسوم الجمركية.. هل تواجه أميركا قطبا اقتصاديا جديدا؟

انفوبلس/ تقارير
ما زال جدل رسوم ترامب الجمركية محتدما، فالخطوة التي وُصفت بالانقلاب التجاري كانت لها ارتدادات عكسية على ترامب نفسه كون ردة فعل حلفائه الأثرياء لم تكن متوقعة بالنسبة له، شبكة انفوبلس أعدت لائحة من ايلون ماسك إلى جيمي ديمون واستعرضت موقفهم من تلك الرسوم مع شرح النسب المفروضة على الدول بينها العراق الذي احتل المرتبة الثانية عربيا بعد سوريا.
شرارة الخسائر
يوم الأربعاء الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية على جميع الدول بينها حلفاء وخصوم، بحد أدنى يبلغ 10 بالمئة، معتبرا ما حدث بأنه "يوم تحرير طال انتظاره، وإعلانا لاستقلال الاقتصاد الأمريكي، وسيعني في نهاية المطاف المزيد من الإنتاج المحلي ومنافسة أقوى وأسعار أقل للمستهلكين".
وقرر ترامب تطبيق رسوم جمركية بنسبة 34 بالمئة على الصين (بخلاف 20 بالمئة سابقة عقب وصول ترامب للسلطة)، و20 بالمئة على الاتحاد الأوروبي، و46 بالمئة على فيتنام، و24 بالمئة على اليابان، و26 بالمئة على الهند، و30 بالمئة على جنوب إفريقيا و37 بالمئة على بنغلاديش و17 بالمئة على إسرائيل و10 بالمئة على تركيا والنسبة نفسها على المملكة المتحدة.
بالنسبة للدول العربية كانت سوريا الأعلى نسبة بـ41 بالمئة، والعراق بـ 39 بالمئة والجزائر بـ 30 بالمئة، و10 بالمئة لكل من قطر والإمارات والسعودية ومصر والكويت والسودان واليمن ولبنان وجيبوتي وعُمان والبحرين والمغرب.
وكشف البيت الأبيض أن "الرسوم الجمركية الأساسية بنسبة 10 بالمئة التي فُرضت على جميع الدول ستدخل حيز التنفيذ في 5 أبريل/ نيسان في حين أن الرسوم الأعلى التي تم تحديدها بشكل خاص لبعض الدول ستُطبق اعتبارًا من 9 أبريل".
وفي جلسة الخميس، فقدت سوق الأسهم الأميركية قرابة 1.7 تريليون دولار مع افتتاح جلسة التداول، وفقاً لحسابات وكالة بلومبرغ.
وانخفضت أسهم شركة آبل الأمريكية التي تُصنّع معظم أجهزتها في الصين بنسبة 7.7 بالمئة عند الافتتاح، وتراجعت أسهم شركتي Lululemon Athletica ونايكي، اللتين ترتبطا بعلاقات تصنيعية بفيتنام، بنسبة 9 بالمئة على الأقل، بحسب قناة "سي إن بي سي" الأمريكية.
كما تراجعت أسعار النفط خلال تعاملات الخميس، بأكثر من 6 بالمئة، وفق المصدر ذاته.
انقلاب تجاري
وفي حديث لوسائل إعلام عالمية تابعتها شبكة انفوبلس، رأى خبير الاقتصاد الدولي وشؤون الطاقة بلندن، نهاد إسماعيل، أن "ترامب انقلب على القواعد التجارية بالعالم وليس انقلابا فقط بل شن حربا تجارية متعددة الجبهات يريد من خلالها تغيير الخريطة الاقتصادية والجيوسياسية بالعالم".
وأضاف: "سنرى ماذا سيفعل العالم معها وهل سيرد بالمثل أم لا"، معربا عن اعتقاده بأن "المستهلك الأمريكي سيكون الخاسر الأكبر".
وأوضح أن ترامب "تحدث بالأساس عن تلك الرسوم خلال حملته الانتخابية الرئاسية في ديسمبر/ كانون أول الماضي، والآن نحن بتفاصيل التنفيذ".
وأكد إسماعيل أن ثمة قلق كبير من مصاعب ستهدد العالم الذي يعتمد على التجارة الحرة والتبادل التجاري.
وعن أولى تداعيات القرار، قال: "رأينا الخسائر الأمريكية عقب القرار والتي سجلت بأسواق المال نحو تريليوني دولار في يوم واحد الخميس وينتظر أن تنعكس الرسوم لاحقا على المستهلك الأمريكي والمزارعين والصناع".
ويعتقد إسماعيل أن الحرب التجارية بدأت مع دخول ترامب البيت الأبيض من خلال التصعيد ضد الصين، وستتعمق بالتأكيد حال حدثت تطورات واتسعت الردود بالمثل.
وكان ترامب وقع في 1 فبراير/شباط مرسوما يقضي بفرض تعرفة جمركية بنسبة 10 بالمئة على الواردات القادمة من الصين، ودخل هذا القرار حيز التنفيذ في الرابع من الشهر نفسه.
مليارديرات وحلفاء ترامب
بعد معرفة أصل الحدث ونسب الرسوم، ستركز انفوبلس في هذا التقرير على حلفاء ترامب الأثرياء الذين عارضوا هذه الخطوة وبدأت ردة فعلهم وكأنها انقلاب على الرئيس الأميركي.
ودعا هؤلاء علناً إلى توخي الحذر في الوقت الذي تؤدي فيه الرسوم الجمركية التاريخية التي فرضها الرئيس إلى انهيار أسواق الأسهم العالمية.
وبحسب تحليل نُشر في موقع أكسيوس الإخباري، كتبه جيم فانديهي ومايك ألين، المؤسسان والرئيسان التنفيذيان للموقع، يشير المقال إلى أن أصواتاً نافذة من حلفاء ترامب الاقتصاديين بدأت تعلن صراحة عن قلقها من سياساته التجارية، وسط مخاوف متزايدة من تداعيات كارثية على الاقتصاد الأمريكي.
إيلون ماسك
إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم والرئيس التنفيذي لشركة "تسلا"، تعرّض لأكبر خسارة بفارق كبير، حيث خسر نحو 31 مليار دولار من صافي ثروته بين يومي الخميس والجمعة الماضيين بسبب الانخفاض الحاد في أسهم "تسلا".
ومع استمرار النزيف، أصبحت "سبيس إكس" – شركته الخاصة في مجال الفضاء – تمثل الجزء الأكبر من أصوله، بعد أن فقد ما مجموعه 130 مليار دولار من ثروته منذ بداية العام، رغم احتفاظه بلقب الأغنى عالمياً بصافي ثروة يُقدَّر بـ302 مليار دولار.
فكان من أوائل من وجّهوا سهام النقد، مهاجماً مستشار البيت الأبيض للتجارة بيتر نافارو، واصفاً شهادته الاقتصادية من هارفارد بأنها "أمر سيئ، لا جيد". وفي حدث سياسي في إيطاليا يوم السبت، دعا ماسك بوضوح إلى مزيد من التجارة الحرة، وتوقّع ماسك "وضعاً خالياً من التعريفات الجمركية" بين الولايات المتحدة وأوروبا.
وردّ نافارو في برنامج "صنداي مورنينغ فيوتشرز" على قناة فوكس، قائلاً إن ماسك "لا يفهم" كيف تقوم الدول الأخرى "بالغش". وأضاف نافارو: "إنه ببساطة يحمي مصالحه الخاصة، كما يفعل أي رجل أعمال".
بيل أكمان
بينما بيل أكمان، المستثمر الملياردير ومدير صندوق التحوط، الذي كان في السابق مانحاً للحزب الديمقراطي، ثم تحوّل إلى أحد المتحمسين لحملة "جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى"، على الرغم من هذا التحول، فقد عبّر عن قلقه العميق من نهج ترامب الجمركي، محذّراً من أن الولايات المتحدة تقف على أعتاب "شتاء اقتصادي نووي من صنع أيدينا".
وعلى منصة "إكس"، وجّه أكمان انتقادات لاذعة لسياسة الرسوم الجمركية المفروضة على الحلفاء والخصوم على حد سواء. فكتب أكمان: "من خلال فرض رسوم جمركية ضخمة وغير متناسبة على أصدقائنا وأعدائنا على حد سواء، وبالتالي إطلاق حرب اقتصادية عالمية ضد العالم بأسره في وقت واحد، فإننا بصدد تدمير الثقة ببلدنا كشريك تجاري".
كما هاجم أكمان وزير التجارة هوارد لوتنيك، واصفاً إياه بأنه "غير مبالٍ بانهيار سوق الأسهم والاقتصاد"، مضيفاً أن لوتنيك وشركته "كانتور فيتزجيرالد" (Cantor Fitzgerald) قد حققا أرباحاً من خلال ملكيتهما لأصول الدخل الثابت.
وحث أكمان الإدارة الأمريكية على "إعلان مهلة مدتها 90 يوماً" بشأن الرسوم الجمركية المتبادلة التي فُرضت الأربعاء، لإعادة فتح باب التفاوض قبل أن تتفاقم التداعيات.
وحذّر أكمان من أن الأعمال التجارية هي "لعبة ثقة"، و"نحن بصدد تدمير الثقة في بلدنا كشريك تجاري، ومكان لممارسة الأعمال التجارية، وسوق لاستثمار رأس المال".
ستانلي دراكنميلر
لم يكن بيل أكمان وحده من دق ناقوس الخطر، فقد انضم إليه أيضاً الملياردير ستانلي دراكنميلر، الذي نادراً ما ينشر تغريدات على تويتر، ليعلن تحفظه على نهج التعريفات الجمركية لإدارة ترامب. في تعليق له على مقابلة سابقة أجراها على قناة CNBC، أوضح دراكنميلر أنه لا يؤيد فرض رسوم تتجاوز 10%، وأشار إلى أن البقاء ضمن نطاق 10% يجعل المخاطر مقبولة مقابل الفوائد المحتملة، لكن ترامب يتجاوز هذا الحد في معظم سياساته التجارية الآن.
وكان دراكنميلر قد اعتقد سابقاً أن إعادة انتخاب دونالد ترامب قد أحدثت تنشيطاً للحماس التخميني في الأسواق وزيادة كبيرة في التفاؤل داخل الشركات. إذ قال دراكنميلرحينها في مقابلة مع قناة CNBC: "لقد كنت أعمل في هذا المجال منذ 49 عاماً، وربما نكون قد انتقلنا من الإدارة الأكثر عداءً للأعمال إلى النقيض تماماً".
كين جريفين
كين جريفين، الملياردير المعروف وأحد المانحين الكبار للحزب الجمهوري، وجّه انتقادات حادة للرئيس دونالد ترامب بسبب سياساته الجمركية الأخيرة، واصفاً إياها بأنها "خطأ سياسي كبير". خلال فعالية بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس جامعة ميامي، دعا جريفين إلى التراجع عن هذه السياسات العدوانية، مشيراً إلى أن تأثيرها سلبي، حتى لو كان الهدف منها هو عودة الوظائف إلى الولايات المتحدة، وهو أمر يستغرق عقوداً لا أسابيع أو سنوات.
وفقاً لتقرير نشرته بلومبرغ، ذكر جريفين أن العائلات التي تكسب حوالي 50 ألف دولار سنوياً ستواجه ارتفاعاً في التكاليف بنسب تصل إلى 20%، و30%، و40% على السلع الأساسية مثل البقالة وأجهزة المنزل كمحمصات الخبز والمكانس الكهربائية وحتى السيارات الجديدة.
وعلى الرغم من تبرعه بأكثر من 100 مليون دولار للجان العمل السياسي الجمهورية خلال الدورة الرئاسية الأخيرة، لم يتبرع جريفين مباشرة لحملة ترامب، وفقاً لبيانات منOpenSecrets. كما سبق أن حذّر في فبراير/شباط من أن هذه الرسوم الجمركية لن تكون مفيدة على طاولة المفاوضات، مشيراً إلى أنها ستؤدي إلى فقدان الثقة العالمية بالولايات المتحدة وتقليل قدرتها التنافسية.
كين لانجون
فيما وجّه المؤسس المشارك لشركة هوم ديبوت وأحد المتبرعين البارزين للحزب الجمهوري، كين لانجون، انتقادات حادة لنطاق وتوقيت الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب. في مقابلة أجراها مع صحيفة فايننشال تايمز يوم الاثنين، وصف لانجون سياسات ترامب الجمركية بأنها "هراء"، مشيراً إلى أن الرئيس "تلقّى نصيحة سيئة"، الأمر الذي أدى به إلى تطبيق تعريفات جمركية بنسبة 10% على جميع المنتجات، بالإضافة إلى فرض رسوم متفاوتة حسب كل دولة.
وفي تعليقه على الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضتها الإدارة الأمريكية على الصين، والتي وصلت إلى 34%، وصفها بأنها "عدوانية للغاية ومبكرة للغاية". وأكد لانجونأن هذه الرسوم قد حالت دون إجراء "مفاوضات جادة" مع الصين، ما يعرقل إمكانية التوصل إلى اتفاقات ناجحة مع هذه القوة العظمى.
دانيال إس. لوب
المستثمر الملياردير دانيال لوب، الذي كان يعتقد قبل الانتخابات أن الجمهوريين قادرون على قيادة الحكومة في البيت الأبيض، رأى أن سياسات الحزب الجمهوري ستساهم في تعزيز الأسواق المالية في الولايات المتحدة في حالة وصول دونالد ترامب إلى السلطة بعد الانتخابات الأمريكية.
شارك مدير صندوق التحوط دانيال لوب تعليقاته على وسائل التواصل الاجتماعي، معتبراً أن هناك أخطاء مفاهيمية وعملية محتملة في سياسة التعريفات الجمركية. وكتب يوم السبت: "سيكون هذا بمثابة اختبار لحُكم الإدارة مقابل أيديولوجيتها في كيفية حل هذه المسألة خلال عطلة نهاية الأسبوع أو الأيام المقبلة".
جيمي ديمون
فيما حذّر الرئيس التنفيذي لبنك جي بي مورغان، أكبر بنك في الولايات المتحدة، جيمي ديمون، في رسالة سنوية يوم الاثنين، من أن الرسوم الجمركية ستؤدي إلى زيادة التضخم وإبطاء النمو في الاقتصاد الأمريكي الذي يعاني من الضعف بالفعل، بحسب ما ذكر موقع أكسيوس.
وكلما تم حل المشكلة بشكل أسرع، كان ذلك أفضل، كما كتب، محذّراً من التأثيرات السلبية التي يصعب عكسها والتي تتفاقم مع مرور الوقت. وأضاف: "في الأمد القريب أرى أن هذا بمثابة قشّة إضافية كبيرة على ظهر البعير".
ويُذكر أن ديمون كان غامضاً بشأن ميوله السياسية في العلن قبل الانتخابات، لكنه أوضح دعمه لهاريس في الخاص، وفقاً لما كتبته صحيفة التايمز. وقال حينها إنه قد يفكر في دور في إدارتها – على الأرجح وزير الخزانة. بينما صرّح ترامب حينها لصحيفة بلومبرغ بيزنس ويك خلال الصيف بأنه "سيفكر" في عرض منصب وزاري على ديمون إذا انتُخب.
قطب اقتصادي جديد
إلى ذلك، توقع استاذ الاقتصاد في الجزائر، مراد كواشي"زيادة التحالفات الاستراتيجية ضد الولايات المتحدة مع انتظار ردود فعل من الاتحاد الأوروبي لا سيما فرنسا - فضلا عن الصين والهند واليابان - مما يجعلنا أمام احتمال تشكل قطب اقتصادي جديد يزيد التبادل التجاري وينافس الولايات المتحدة".
وأكد أن سير ترامب في استراتيجية "أنا وبعدي الطوفان" مقدما مصالح بلاده دون مراعاة مصالح الدول الأخرى "يجعلنا أمام نظام اقتصادي عالمي جديد قد ينشأ بناء على تلك الاستراتيجية".
ولم يستبعد كواشي، تعمق الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين باعتبار أن الأخيرة هي أكبر مصدر للسلع والخدمات بنحو 3.7 تريليونات دولار بينما واشنطن تقف عند حاجز 3 تريليونات دولار.
ولفت إلى أن "الرسوم كانت إحدى الطرق الملتوية للضغط على الاقتصاديات التي تنافس الولايات المتحدة وتلك لعبة تأثيرها سيأكل الأخضر واليابس ويمس الاقتصادين العالمي والأمريكي".
ويتوقع كواشي أن يكون تأثير الرسوم على الدول العربية محدودا نظرا لمحدودية صادراتها للولايات المتحدة، مرجحا أن تدفع تلك القرارات هذه الدول للبحث عن أسواق جديدة لصادراتها على محدوديتها.