ليس انسحاباً عسكريا بل هروباً من الميدان.. ملامح هزيمة الكيان الإسرائيلي تبرز في غزة بعد انسحاب قواته من خان يونس.. سناريوهات محتملة للمستقبل.. تعرف عليها
انفوبلس..
أكثر من 6 أشهر على عملية طوفان الأقصى التي عرّضت الكيان الصهيوني إلى أزمة وتهديد وجودي أدخله وحكومته في حالة من الهستيريا، قام خلالها بكل ما يملك من قوة وبدعم أمريكي وغربي لا محدود على إبادة الفلسطينيين ومقاومتهم الإسلامية، وها هو يسحب قواته من خان يونس جنوبي قطاع غزة دون تحقيق أهدافه في تصرف وصفه مراقبون بأنه بداية الهزيمة، في وقت تتقدم فيه محادثات القاهرة لوقف إطلاق النار خطوة وتتراجع خطوتين بسبب معرقلات يضعها نتنياهو.
دون تحقيق أهداف
صحيفة هآرتس الإسرائيلية نشرت تحليلا قالت فيه إن جيش الاحتلال سحب قواته من خان يونس جنوب قطاع غزة ليلة السبت الماضية بدون تحقيق أهدافه الأساسية، وأكدت أن النصر الذي يسعى إليه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ليس قريبا كما يصفه.
وأضافت الصحيفة، إن جنود جيش الاحتلال يغادرون الجزء الجنوبي من غزة، و"إسرائيل" ليست أقرب بكثير من تحقيق أهداف الحرب، ويجب عليها الآن مواجهة المزيد من الاعتراضات من الغرب.
وبحسب الصحيفة، لم يعُد لدى الجيش الإسرائيلي أي قوات برية في جنوب قطاع غزة. ولا يزال إحدى فرق اللواء القتالية في الممر الذي يفصل شمال غزة عن جنوبها. وهناك عدد قليل من الألوية الأخرى المتمركزة خارج غزة وستدخل حسب الحاجة.
ويحاول جيش الاحتلال، ونتنياهو، تسليط الضوء الآن على إنجازات "وهمية" لحملة خان يونس متمثلة -كما يزعمون- بتدمير جزء كبير من كتائب عز الدين القسام الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في تلك المنطقة، وهو ما أسفر عن مقتل الآلاف من أعضاء حماس وضرب مواقع القيادة. ويتزامن هذا مع نشر إحصاءات للأشهر الستة الأولى من الحرب. (يعتقد الجيش أنه قتل حوالي 12 ألف مسلح، وهو ما يبدو مبالغا فيه).
وتشير الصحيفة إلى أنه حتى الآن، لم يتحقق الهدفان الرئيسيان لعملية خان يونس. ولا يزال اثنان من كبار مسؤولي حماس في غزة، يحيى السنوار ومحمد الضيف، طليقَين. كما لم يحدث أي انفراج في استعادة الإسرائيليين المحتجزين في غزة.
تصاعد المعارضة الغربية
وبحسب مراقبين فقد أَخلَت قوات الاحتلال قسراً معظم سكان شمال غزة، ثم خان يونس جنوبا. وإن انسحابها من خان يونس سيمكّن المدنيين من التحرك شمالا مرة أخرى إلى تلك المدينة. ومع ذلك، لا يبدو أن "إسرائيل" تأخذ التغيير في المواقف الغربية تجاه غزوٍ محتمل لرفح على محمل الجد. حيث لم تعُد إدارة بايدن تتردد في التعبير علناً عن معارضتها.
وخلال الأسبوعين الماضيين، تحدث مسؤولون إسرائيليون وأميركيون كبار عن خطط الجيش الإسرائيلي بشأن رفح. وتمت مناقشة التفاهمات المحتملة في محادثة مع وزير الدفاع يوآف غالانت.
وتقول هآرتس، إن اعتراضات الغرب لا تنبع فقط من المخاوف بشأن سكان رفح. هناك أيضا انتقادات متزايدة لسياسة المساعدات الإنسانية الإسرائيلية والضرر الذي تسببه لسكان غزة. وفي حين تنفي إسرائيل رسمياً وجود مجاعة في غزة، فإن المجتمع الدولي يزداد قلقاً.
وستؤدي الضربة التي شنتها طائرة مسيّرة الأسبوع الماضي على قافلة إغاثة تابعة لمنظمة المطبخ العالمي المركزي، وهو ما أسفر عن مقتل 7 موظفين أجانب، إلى مزيد من الضغط على إسرائيل لإزالة العقبات التي تحول دون توزيع المساعدات.
تحليلات الصحف العالمية للانسحاب
إلى ذلك، طرحت صحف ومواقع عالمية في تحليلات وتقارير، تساؤلات، حول قرار الجيش الإسرائيلي سحب قواته من جنوب قطاع غزة، وركزت بعضها على الوضع في غزة وما تنذر به الأشهر الستة المقبلة، مشددة على ضرورة تكثيف الغرب ضغوطه على إسرائيل لوقف الحرب الآن.
وحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، فإن قرار الجيش الإسرائيلي سحب قواته من جنوب غزة، يثير تساؤلات حول خططه الحربية المقبلة، وذكّرت أن مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عادوا إلى مناطق سبق لإسرائيل أن ادّعت إحكام السيطرة عليها.
وقالت الصحيفة، إن قرار الانسحاب حيّر حتى كبار المسؤولين في البيت الأبيض مثل جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي.
وأشارت "هآرتس" في تحليل إلى احتمالات قد تكون وراء قرار الانسحاب من جنوب غزة، منها ما هو مرتبط بصفقة أصبحت وشيكة مع حماس، مضيفة أنّ هناك تفسيرات أخرى منها: "أنّ الانسحاب يمهّد لعملية كبرى في رفح، وثمَّة احتمال أيضا بأنّ الانسحاب يهدف فقط إلى إطالة أمد الحرب، لخدمة حسابات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الشخصية".
أما "جيروزاليم بوست" فوصفت الانسحاب من جنوب غزة بأنّه مذهل، وتساءلت بدورها: "هل هو استجابة للضغوط الأميركية أم تحوّل بخصوص الرهائن؟" وقالت الصحيفة "إن إسرائيل ستحتاج الآن إما إلى إستراتيجية جديدة أو لتقديم تنازلات أكبر لحماس لاستعادة مزيد من الرهائن".
ومن جهة أخرى، حذّرت افتتاحية "الإندبندنت البريطانية" من "أنّ الوضع في غزة ينذر بأنّ الأشهر الستة المقبلة ستكون قاتمة على الفلسطينيين مثلما كانت الأشهر الماضية"، ما يتطلب وفق الصحيفة تكثيف الغرب ضغوطه على رئيس الوزراء الإسرائيلي لإجباره على وقف الحرب الآن.
وأضافت الصحيفة: "إن البداية يجب أن تكون بتقليص مبيعات السلاح لإسرائيل". ورأت أن فرص السلام لا تزال ممكنة رغم أن تاريخ المنطقة حافل بالحروب.
وسلّط موقع "ميديابارت" الفرنسي الضوء على الصعوبات التي تواجهها الجهات الحقوقية في توثيق جرائم الحرب الإسرائيلية على غزة، وبما أن القطاع مغلق أمام العالم، فالتوثيق يتم عن بُعد.
أما النشطاء الفلسطينيون الموجودون على الأرض فمذهولون من حجم الدمار وفداحة الخسائر البشرية التي سبّبها الجيش الإسرائيلي، وفق الموقع الذي ينقل عن أحدهم القول إنهم فقدوا كلّ القدرة على العمل والتوثيق، خلافا للحروب السابقة على غزة.
إعلان الهزيمة
وبحسب مراقبين، فإن إعلان قيادة الجيش الإسرائيلي اليوم سحب الفرقة 98 بألويَتها الثلاثة من مدينة خان يونس، وبعد أربعة أشهر من القتال المُتواصل في المدينة، هو اعتراف صريح وميداني بالهزيمة، وأي تفسيرات أخرى مثل تعزيز الجبهة الشماليّة مع لبنان تَوقُّعًا لتوسيع الحرب، أو الاستِعداد لاجتِياح مدينة رفح تظل مُعظمها مقصودة من قِبَل المُتحدّثين الإسرائيليين وإعلامهم للتّغطية على هذه الهزيمة ومُحاولة إنكارها.
الخبرُ اليقين عند كتائب عز الدين القسّام، الجناح العسكريّ لحركة “حماس”، التي أعلنت عن مقتلِ 14 جُنديًّا إسرائيليًّا يوم السبت الماضي في مُواجهاتٍ من المسافةِ صِفر مع الجيش الإسرائيلي وقوّاته في المدينة، حيث نجحت في نَصبِ الفِخاخ لقوّاته، وتصفية الجُنود بين قتيلٍ وجريح، وتدمير أعداد كبيرة من الدبّابات وحامِلات الجُنود المُدرّعة، وعزّزت الكتائب بيانها بفيديوهات بالصّوت والصّورة أعدّها إعلامها العسكريّ المُتطوّر جدًّا.
إنّه ليس انسحابًا، وإنّما هُروبًا من ميادين القِتال، تقليصًا للخسائر، ويأسًا من تحقيقِ أيّ انتصارٍ على كتائب المُقاومة التي تُقاتل دفاعًا عن أرضِها، وثأرًا لضحايا شعبها الذين استُشهد منهم أكثر من 33 ألفًا، وأُصيب ما يَقرُب من المئة ألف منهم في حرب الإبادة التي يشنّها الجيش الإسرائيلي اعتِقادًا مِنه أنّ هذه الإبادة يُمكن أنْ تدفع المُقاومة وحاضِنتها الشعبيّة المُلتهبة فِداءً ووطنيّة إلى رفعِ رايات الاستِسلام
بنيامين نتنياهو ما زال يُواصل “هوايته” في الكذب والتّضليل، بقوله إنّه سيُواصل الحرب حتّى تحقيق جميع أهدافها في القضاء على حركة “حماس” وفصائل المُقاومة الأُخرى، واستِعادة “الرّهائن” وأكّد أنه نجح في اغتِيال مُعظم، أو كُل، أعضاء القيادتين السياسيّة والعسكريّة للحركة، ولا بُدّ أنّ رُموز هذه القيادة الأبرز مِثل المُجاهِدِين يحيى السنوار، ومحمد الضيف، ومروان عيسى، يضحكون سُخريةً في نفقهم القيادي تحت أحد المُستوطنات الإسرائيليّة، عند استِماعهم لمِثل هذه التّصريحات المكررة، ولا نستبعد أن يُرسل المُجاهد السنوار فردة حذائه الأخرى إلى نتنياهو كهديّة عبر أحد أعضاء وفد الحركة المُفاوض في القاهرة لإيصالها إليه عبر الوُسطاء العرب في القاهرة أو الدوحة.
دولة الاحتِلال التي استدعت 360 ألف جُنديّ احتياط للانضِمام إلى جيشها الرسميّ الذي لا يقلّ تِعداده عن 250 ألفًا، علاوةً على عشَرات الآلاف من كوادر الأجهزة الأمنيّة لتحقيقِ نصرٍ سريع في بداية الاجتِياح للقطاع لم يبقَ لديها فيه إلّا لواء واحد (نحال) لقطع الطّريق بين شِمال مدينة غزة وجنوبها، ولا نعتقد أنّ بقاء هذا اللّواء سيطول، وسيهرب قادته وجُنوده مثلما هرب نظراؤهم في خان يونس في الأيّام أو الأسابيع المُقبلة على الأكثر.
دُخول القطاع بالدبّابات والمُدرّعات عمليّة سهلة جدًّا، جرّبها إرييل شارون قبل نتنياهو وغالانت، وكانت الهزيمة مُؤكّدة، لأنّ القطاع لم يدخله غازٍ على مَرّ عُصور التّاريخ إلّا وخرج منه مهزومًا، مذلولًا، مُثْخَنا بالجِراح، وحواري قطاع غزة وأزقّتها الضيّقة تشهد على ذلك، وهذا ما يُفَسِّر إقدام نتنياهو وجيشه على نَسفِها في جميع الاقتِحامات للقطاع في مُحاولةٍ يائسةٍ لنسفِ هذا الإرثِ العظيم.
المُقاومة الفِلسطينيّة في قطاع غزة لم تُدِر الحرب الميدانيّة ضدّ الاحتلال بكفاءةٍ عالية، ودهاءٍ ليس له مثيل لدى مُعظم الجُيوش العربيّة المُتكرّشة فقط، وإنّما كانت إدارتها للمُفاوضات لا تقلّ حنكةً ودهاء أيضًا، ودليلنا أنها تمسّكت بشُروطها كاملة بالانسِحاب، ووقفٍ كامِلٍ للحرب، وإعادة الإعمار، طَوال الأشهر الستّة الماضية، ولهذا لا يحتاجون إلى نصائح أحد، ولكن ربّما يُفيد التّذكير، وليس النّصح، بأنّ جولة المُفاوضات التي يجري إحياؤها في القاهرة اليوم، بحُضور قادة مُخابرات أمريكا، ومِصر، ودولة الاحتِلال، وإمارة قطر، بهدف الوصول إلى اتّفاقٍ سريع قبل عيد الفطر المُبارك، تهدف إلى إلقاءِ طوق النّجاة، ليس لنتنياهو فقط، وإنّما لدولة الاحتِلال، استِباقًا للرّد الإيرانيّ على جريمة قصف القنصليّة الإيرانيّة في دِمشق، وتصاعُد احتِمالات دُخول “حزب الله” وصواريخه الدّقيقة، وكتائب الرّضوان إلى أرضِ المعركة، واقتِحام الجليل في توازٍ مع الرّد الإيراني المُباشِر المُحتَمل، ومُشاركة أذرع المُقاومة الأُخرى، ولهذا نأمَل أنْ يتنبّه المُفاوض الحمساوي إلى هذه المسألة، وإنْ كُنّا نُؤمِنُ بالمقولة الدّارجة “لا توصّي حريص”.
وختم المراقبون حديثهم بالقول: بعد إكمال “حرب النّصر” والكرامة في غزة شهرها السّادس بالتّمامِ والكمال، ودُخولها السّابع، يتسارع انهِيار الكيان الإسرائيلي على كُلّ الأصعدة باعترافِ صُحفه ومُفكّريه وخُبرائه وجِنرالاته، ويقترب أجَلُ نتنياهو السياسي وحُكومته، ولا نتردّد في تهنئة شعبنا، وأمّتنا، والأشقّاء الشُّرفاء في العالم بالنّصر العظيم الذي تنبّأنا به مُنذ اليوم الأوّل لاقتِحام الجيش الإسرائيلي ودبّاباته للقطاع الصّامد ومُقاومته الجبّارة.
مفاوضات القاهرة
إلى ذلك، قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إنها تسلمت خلال جولة المفاوضات الأخيرة في القاهرة الموقف الإسرائيلي، مشيرة في الوقت ذاته إلى استمرار "تعنت" الاحتلال وعدم استجابته لأي من المطالب الفلسطينية.
وقالت الحركة، في بيان نشرته على حسابها في منصة تليغرام، إن الحركة تسلمت الموقف الإسرائيلي خلال جولة المفاوضات الأخيرة في القاهرة بعد جهود الوسطاء في مصر وقطر وأميركا.
وأضافت أنها تقدر الجهود الكبيرة التي بذلها الوسطاء، لكن رغم حرص الحركة على التوصل لاتفاق يضع حدا للعدوان الإسرائيلي على غزة، فإن "الموقف الإسرائيلي ما زال متعنتا ولم يستجب لأي من مطالب شعبنا ومقاومتنا".
لكنها أكدت مع ذلك أن قيادة الحركة "تدرس المقترح المقدم بكل مسؤولية وطنية، وستبلغ الوسطاء بردها حال الانتهاء من ذلك".
ثلاث مراحل
وكانت مصادر مطلعة قد قالت، في وقت سابق أمس الاثنين، إن الوسطاء عرضوا مقترحا جديدا في جولة المفاوضات الأخيرة بالقاهرة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة من 3 مراحل.
وأضافت أن المرحلة الأولى تضمن عودة النازحين المدنيين غير المسلحين إلى شمال القطاع دون تحديد أعدادهم، كما تضمن قبول إسرائيل فتح شارعي الرشيد وصلاح الدين وتمركز قواتها على بعد 500 متر منهما.
وأردفت المصادر أن هذه المرحلة تضمن أيضا إدخال 500 شاحنة مساعدات يوميا إلى قطاع غزة، بما في ذلك الشمال.
كما تضمن إفراج إسرائيل عن 900 أسير فلسطيني، بينهم 100 من ذوي أحكام المؤبد مقابل الإفراج عن 40 أسيرا إسرائيليا حياً من كل الفئات.
أما المرحلة الثانية فتتضمن إطلاق سراح كل الأسرى الإسرائيليين والانتهاء من مفاوضات العودة للهدوء المستدام، في حين لم يتضمن المقترح عدد الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم بالمرحلة الثانية أو انسحاب إسرائيل.
وتتضمن المرحلة الثالثة الإفراج عن جثث الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة.