مصير "مجهول" للأدبية والأكاديمية السورية رشا ناصر العلي بعد اختطافها.. ما الذي يحدث في حمص واللاذقية؟

انفوبلس/ تقرير
في الأيام الماضية، شغلت قضية اختطاف الدكتورة رشا ناصر العلي، أستاذة الأدب العربي في جامعة حمص وعضو اتحاد الكتاب العرب، على يد مجموعة مسلحة، شغلت الرأي العام الثقافي والأكاديمي في سوريا، مع تضارب الأنباء حول مصيرها، مما أثار موجة واسعة من الحزن والغضب بين المثقفين والجمهور على حد سواء، فما الذي يحدث في حمص واللاذقية بالضبط؟
*تفاصيل الاختطاف
تعرّضت الأكاديمية والناقدة السورية رشا ناصر العلي، أستاذة الأدب العربي في جامعة حمص وعضو اتحاد الكتّاب العرب، لعملية اختطاف على يد مجموعة مسلحة، الاثنين الماضي، أثناء توجهها من منزلها في مساكن الادخار إلى الجامعة وسط مدينة حمص، وسط سوريا، وأدانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان عمليات الخطف والاعتقال التعسفي، مشيرة في تقريرٍ لها، الأربعاء، إلى أنها "لم تتمكن من معرفة الجهة التي اختطفت الدكتورة رشا ناصر العلي".
وقبيل حادثة الاختطاف، وُجهت اتهامات للدكتورة رشا ناصر العلي عبر وسائل التواصل الاجتماعي بمحاربة الطالبات المحجبات في جامعة حمص، إذ إن الاتهامات التي وُجهت لها تُشير إلى تقديم العلي شكاوى وتقارير كيدية ضد بعض الطالبات تسببت بإلحاق الضرر بهن خلال فترة نظام الأسد. هذه الاتهامات أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط الجامعية والمجتمعية، ما قد يلقي بظلاله على ملابسات حادثة الاختطاف.
وتُعد الدكتورة رشا، بنت المحامي ناصر أحمد العلي، المعروف بمعارضته للنظام السابق منذ عام 1971، تُعد واحدة من أبرز الأكاديميات السوريات في مجال النقد الأدبي، وحصلت على شهادة البكالوريوس في اللغة العربية من جامعة البعث عام 1997، ونالت درجتي الماجستير والدكتوراه في النثر الحديث من جامعة عين شمس المصرية عامي 2004 و2009.
وقدّمت العلي العديد من المؤلفات النقدية، من بينها "الأنساق الثقافية في مسرح سعدالله ونوس" (2008)، و"ثقافة النسق في السرد النسوي المعاصر" (2011)، و"تقنيات قراءة السرد الروائي/ ما قبل النص" (2012). كما نشرت أبحاثاً ودراسات أدبية في مجلات عربية ودولية مرموقة.
وأثار اختطاف العلي استنكاراً واسعاً، حيث أصدر اتحاد الكتّاب العرب بياناً يُدين العملية ويدعو الجهات المختصة إلى التحرك العاجل لإطلاق سراحها وضمان سلامتها. لتضاف الحادثة إلى سلسلة التحديات التي تواجه المثقفين والأكاديميين في سوريا وسط الظروف الراهنة.
بعد أيام على اختطافها على يد مجموعة مسلّحة في مدينة حمص، تضاربت المعلومات اليوم الأحد، عن مصير الأكاديمية والناقدة السورية رشا العلي. فعقب تداول أنباء عن العثور على جثّتها، نفى مقرّبون من العائلة تلقّيهم أي معلومات مؤكدة في هذا الشأن.
وكان الكاتب والمخرج السوري عماد النجّار قد أثار خبر العثور على جثة العلي عبر "فايسبوك" بالقول: "بعد أيام من اختطافها، تم العثور على جثة الدكتورة رشا ناصر العلي مقطوعة الأصابع... السلام لروح الدكتورة رشا والعزاء لأهلها، والعار على سفلة المعهرة الثورية من المثقفين المهللين للنصر، والجحيم لنا كسوريين ما لم نعمل بكل قوّتنا لإنهاء هذه المقتلة المهزلة ".
لكن النجار قال على "فيسبوك" إن رسالة وصلته تحمل نفياً من عائلة العلي بالعثور على جثة ابنتهم. وقال: "أنا لا أعرف الصديق الذي أرسل الرسالة.. ولكن خبر إيجاد جثتها مقطوعة الأصابع وصلني من أكثر من ستة مصادر مختلفة من المدينة، ومن أشخاص أعرف بعضهم بشكل شخصي".
وفي سياق متصل بحوادث اختطاف الشخصيات الأكاديمية والطبية، تعرض الدكتور قصي نصر الزير، طبيب الأطفال ورئيس لجنة التدريب والتأهيل في البورد السوري، لعملية اختطاف نفذتها مجموعة مسلحة مجهولة الهوية الأحد 19 يناير/ كانون الثاني الجاري، حيث داهمت المجموعة عيادته الواقعة في منطقة مزة جبل بمدينة دمشق، واقتادته إلى جهة مجهولة.
ويُعد الدكتور قصي، المنحدر من قرية تل الدرة بريف حماة الشرقي، من الشخصيات البارزة في المجال الطبي، وكان له دور كبير في تدريب وتأهيل الكوادر الطبية ضمن البورد السوري.
وبحسب تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان، أشارت إلى أنه لم تتوفر حتى الآن معلومات حول الجهة المسؤولة عن اختطافه، في حين أدانت الشبكة عمليات الخطف والاعتقال التعسفي التي تستهدف المدنيين والكوادر المهنية في سوريا.
تأتي هذه الحوادث في ظل ظروف أمنية متوترة، مما يزيد من المخاوف على سلامة الأكاديميين والأطباء في البلاد.
وكانت مجموعة تابعة لجهاز الأمن العام قد اعتقلت قبل أيام الأستاذ الجامعي سلطان الصلخدي من جامعة الشام الخاصة، وسط العاصمة دمشق، وذلك بعد شكوى كيدية عن رشوة من إحدى طالبات الجامعة، وبعد التحقيق تبين أن الادعاء كاذب وأُطلق سراحه، والصلخدي ينحدر من مدينة جاسم بريف محافظة درعا الشمالي، ومعتقل سابق لدى نظام الأسد.
ماذا يجري في حمص واللاذقية؟
بحسب مصادر سورية، فإن "عصابات الجولاني" حاولت إخفاء حقيقة الجرائم التي ارتكبتها خلال الـ72 ساعة الماضية في مدينة حمص، والتي راح ضحيتها أكثر من 70 شخصاً، أغلبهم من الطائفة العلوية.
وذكرت المصادر، أن "الساعات الماضية شهدت إعدامات ميدانية نفذتها عصابات الجولاني بحق مدنيين، حيث عُثر على الضحايا مكبّلي الأيدي ومقتولين في الطرقات"، مشيرة إلى أن "الفيديوهات وشهادات العيان تؤكد أن المعتقلين كانوا بأيدي العصابات قبل إعدامهم".
وأضافت، أن "عصابات الجولاني تحاول التستر على جرائمها من خلال الادعاء بعدم مسؤوليتها عما حصل، وفرض حظر تجوال وتهديد الإعلاميين والناشطين الذين يسلطون الضوء على هذه الانتهاكات"، مشيرة الى أن "ما جرى يمثل حلقة جديدة في سجل الجرائم التي ترتكبها تلك العصابات بحق الأقليات الدينية والطوائف المختلفة في سوريا".
ولا تزال محافظة حمص، أكبر المحافظات السورية، تتصدر المشهد لليوم الثاني على التوالي، بعدما شهدت اضطرابات أدت لسقوط قتلى وجرحى، وفجّرت غضباً. كما نظم سوريون ينتمون للطائفة المرشدية أيضا احتجاجات بالقرب من قيادة الشرطة في اللاذقية، احتجاجا على الإساءة التي تعرض لها أبناء قرية مريمين في ريف حمص، والاعتداء على الرموز الدينية والمقابر في القرى المرشدية، وتصفية أربعة مواطنين، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وفي وقت سابق، أفاد المرصد بأن مسلحين مجهولين يرتدون الزي العسكري اقتحموا قرية فاحل في ريف حمص الغربي، وأعدموا ميدانيا 13 شخصا، كما اعتقلوا 53 آخرين، وسط مخاوف من إعدامهم، فيما سادت حالة من الذعر.
كما شيّع آلاف من سكان قرية ساحلية في غرب سوريا، ثلاثة مدنيين قُتلوا على أيدي مقاتلين متحالفين مع الإدارة الجديدة، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان وأحد المشيّعين. وأثارت الجريمة، غضباً بين سكان محافظة اللاذقية التي ينتمي إليها الرئيس السوري السابق بشار الأسد.
لا يكاد يمر يومٌ إلا ويتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مشاهدَ مصورة، توثق ارتكاب انتهاكات في أغلب المناطق السورية بعد سقوط نظام بشار الأسد، ومدينة اللاذقية غربي سوريا واحدةٌ من المناطق التي تشهد انفلاتاً أمنياً وأعمالَ عنفٍ وانتهاكات، بحق شريحةٍ واسعةٍ من سكانها.
يُذكر أن عصابات الجولاني، المصنفة على لوائح الإرهاب الدولي، تسيطر على مناطق في سوريا منذ ديسمبر الماضي، وترتكب انتهاكات جسيمة بحق المدنيين والأقليات.