من “نور” إلى “خيام”: إيران تكسر احتكار الفضاء وتربك تفوق إسرائيل التكنولوجي

انفوبلس/..
في وقتٍ كانت فيه إسرائيل تُصنَّف ضمن النخبة الفضائية في الشرق الأوسط بفضل أقمارها الصناعية المتطورة والمدعومة تقنياً من الغرب، استطاعت إيران، بإمكانات محدودة وضمن بيئة من العقوبات والحصار، أن تفرض نفسها كلاعب صاعد في مجال الفضاء، من بوابة الصناعة المحلية والتخطيط الاستراتيجي بعيد المدى.
فمنذ عام 2009، حين أطلقت إيران أول أقمارها الصناعية “أميد”، بدأ مسارٌ فضائي غير تقليدي، قائم على الاكتفاء الذاتي والجهود الهندسية المحلية. وعلى الرغم من تعثر بعض التجارب في البدايات، فإن المسار العام للبرنامج الإيراني أثبت قدرته على التطور، وصولاً إلى الإنجاز الكبير المتمثل بإطلاق قمر “نور-1” عام 2020 عبر صاروخ “قاصد” الذي طوره الحرس الثوري الإيراني، تلاه القمر “نور-2” عام 2022، الذي يعمل في مدار منخفض ويقوم بمهام استطلاعية دقيقة.
ورغم أن إسرائيل سبقت إيران في دخول نادي الفضاء عام 1988 عبر قمر “أوفِك-1”، إلا أن معظم أقمارها اعتمدت على تقنيات غربية وإطلاقات خارجية، خاصة عبر شركات أوروبية. في المقابل، بنت إيران برنامجها من نقطة الصفر، ونجحت في دمج أقمار صناعية مثل “خيام-1” لأغراض الاستشعار عن بعد، لتعزيز سيادتها التقنية.
ما يُحسب لإيران اليوم أنها تملك القدرة على الإطلاق الذاتي من أراضيها عبر منصات مثل “سيمرغ” و”قاصد”، في حين لا تزال إسرائيل تعتمد على صواريخ إطلاق أجنبية، ما يضع علامة استفهام حول استقلاليتها التقنية الفعلية.
كما أن إسرائيل، التي تعتمد على الأقمار الصناعية مثل “أوفِك” و”TecSAR” و”Amos”، تُعاني اليوم من تحديات متزايدة تتعلق بالاختراق السيبراني واحتمالات تعرض بنيتها التحتية الفضائية للهجمات، في حين تعمل إيران على بناء منظومة أكثر تكاملاً وأكثر قدرة على التحمل ضمن سياق الحرب غير المتكافئة.
المثير أن إيران، وهي تطلق أقمارها من وسط العقوبات، نجحت في إيصال رسائل عسكرية استراتيجية واضحة، آخرها عبر استخدام أقمار الاستطلاع في عملية “الوعد الصادق 3” ضد الكيان الإسرائيلي، حيث اعتمدت على بيانات فضائية لتحديد الأهداف بدقة، ما يعني أن أقمارها تخدم اليوم منظومة الردع الإيرانية مباشرة.
وبينما تمتلك إسرائيل حالياً نحو 15 إلى 17 قمرًا صناعيًا أغلبها مخصص للتجسس والمراقبة، فإن إيران، رغم عددها الأقل (7–10 أقمار)، تستثمر بفعالية في الجوانب العسكرية والتقنية لتعويض الفارق الكمي بالتكامل الاستراتيجي.