مَن يدعمها؟ عمليات للتكفيريين في إيران.. كيف تواجه طهران استهداف أجهزتها الأمنية؟

انفوبلس/..
شهدت الأيام الأخيرة، في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، اشتباكات بين القوات المسلحة الإيرانية ومسلحين تابعين لما يسمى بـ"جيش العدل البلوشي"، أسفرت عن مقتل واعتقال مجموعة من المنتمين لهذه الجماعة الإرهابية، وسط تأكيدات من القوات الأمنية هناك بأنها على "دراية بتحركات الإرهابيين ومواقعهم".
*التفاصيل
أعلنت السلطات المحلية في تشابهار جنوب شرق إيران، الثلاثاء، (25 شباط 2025)، عن اندلاع اشتباكات عنيفة بين مسلحين من تنظيم جيش العدل البلوشي والقوات الإيرانية.
وقال علي رضا نورا، القائم بأعمال حاكم تشابهار في تصريح صحفي تابعته شبكة انفوبلس، إن المواجهات أسفرت عن مقتل شخص من مسلحي تنظيم جيش العدل واعتقال 6 أفراد من الجماعة الإرهابية،" مؤكدا أن "العملية الأمنية الواسعة التي تستهدف هذه الجماعة مستمرة بعد تحديد مواقع اختبائهم".
وأضاف، إن "مجلس الأمن في تشابهار يعمل بحزم لضمان أمن السكان ولن يسمح لأي جماعة إرهابية بزعزعة استقرار المدينة".
وبين، أن "العناصر التي اشتبكت معها القوات الأمنية تنتمي لجماعة (جيش الظلم) الإرهابية، "مشدداً على "ضرورة عدم التفاعل مع هذه الجماعات على وسائل التواصل الاجتماعي".
وأشار نورا إلى أن "القوات الأمنية كانت على دراية بتحركات الإرهابيين ومواقعهم، مما سمح بتنفيذ العملية بنجاح ودون وقوع خسائر في صفوف قوات الأمن".
وأكد نورا أن "القوات الأمنية تسيطر بالكامل على الوضع في تشابهار، داعيًا الزعماء الدينيين والشخصيات المؤثرة إلى إدانة هذه الهجمات الإرهابية.
وشارك في العملية الأمنية قوات المخابرات ووحدة "الشهيد فولادي" التابعة للحرس الثوري، وتمكنت من إحباط مخطط للجماعة الإرهابية كان يستهدف تعكير الأمن في المنطقة بالتزامن مع نهاية العام، وذلك بهدف إبعاد المستثمرين والسياح وعرقلة التنمية في تشابهار.
وتصف إيران الجماعات الانفصالية البلوشية أبرزها (جيش العدل) و(جند الله) على أنها جماعات إرهابية وهي جماعات مسلحة تنشط على الشريط الحدودي بين إيران وباكستان.
وفي 7 من أبريل/نيسان الماضي، تعرضت مراكز أمنية لهجوم من قبل جيش العدل وأسفرت تلك المواجهات عن مقتل 16 شخصاً من قوات الجيش والشرطة والحرس الثوري.
وكان تنظيم جيش العدل أعلن في 26 من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي مسؤوليته عن قتل 10 من رجال الشرطة بعد استهدافهم في منطقة "جوهر كوه" بمدينة تفتان.
*جيش العدل
جماعة إيرانية معارضة مسلحة تنشط في محافظة سيستان وبلوشستان، تقول إنها تقاتل القوات الإيرانية لاستعادة حقوق البلوش و"أهل السنة"، وتصنفها طهران جماعة إرهابية. تتلقى الدعم بطريقة خفية من الولايات المتحدة. تأسست بعد عامين من إعدام زعيم حركة "جند الله" البلوشية عبد المالك ريغي في يونيو/ حزيران 2010.
تأسست جماعة "جيش العدل" عام 2012 في محافظة سيستان وبلوشستان، وذلك بعد عامين من إعدام السلطات الإيرانية زعيم حركة "جند الله" البلوشية عبد المالك ريغي في يونيو/ حزيران 2010.
وبعد تعيين عبد الرحيم ملا زاده أميرا لجماعة "جند الله"، أعلن هذا الأخير وعبد الرحيم ريغي -شقيق عبد الملك- تأسيس "جيش العدل" عبر توحيد الفصائل والحركات المسلحة التي تخوض حرباً ضد السلطات الإيرانية.
وتمت مبايعة ملا زاده أميراً لجيش العدل نهاية العام 2012، وكان يصدر بياناته باسم صلاح الدين فاروقي، وهو من أبرز القادة فی بلوشستان، وكان قبل ذلك قائداً في "جند الله".
*اسم جديد لجماعة "جند الله"
في المقابل، يرى مراقبون أن جيش العدل اسم جديد لجماعة جند الله، وهو تنظيم سُني معارض تأسس عام 2003، مقره بلوشستان في جنوب شرق إيران، ويقول إنه يحارب من أجل حقوق السُنة في البلاد.
يُشار إلى أن منطقة سيستان وبلوشستان حكمتها السلالات المغولية المتعاقبة، وصولا إلى اجتياحها خلال القرن السادس عشر من الصفويين، وانتهاءً بالاستعمار البريطاني الذي فصل المنطقة عن أفغانستان وألحقها نهائيا بالأراضي الإيرانية، وهو ما أثار الكثير من النزاعات السياسية ذات الخلفية العِرقية والطائفية.
*الهيكلة
يتشكل "جيش العدل" من ثلاث كتائب تحمل أسماء ثلاثة من عناصر الجماعة الذين قُتلوا في مواجهات عسكرية مع قوات الأمن الإيرانية، أو أُعدموا من قبل الدولة في السجن، وهم: عبد الملك ملا زاده، نعمت الله توحيدي، والشيخ ضيائي، بالإضافة إلى كتيبة أمنية تقوم بمهام الرصد والاطلاع.
ولقائد "جيش العدل" علاقات وثيقة بقبائل البلوش في منطقة بلوشستان الباكستانية وتربطه ببعضهم صلة قرابة وعاش بضع سنوات بينهم. ويعتبر فاروقي القائد والعقل الاستراتيجي للجماعة في بلوشستان.
*هجوم راسك
15 كانون الأول 2023، قال مسؤول الشؤون الأمنية والعسكرية في بلوشستان إيران، إن 11 شخصا استُشهدوا في هجوم على مقر الشرطة في راسك بمحافظة بلوشستان إيران.
وأضاف المسؤول، إن عددا من "كبار الضباط" لقوا حتفهم. في حين أكد المتحدث باسم قوة الشرطة الإيرانية سعيد منتظر المهدي خبر الهجوم على المقر في راسك، مضيفا أنه أسفر عن استشهاد عدد من المهاجمين وقوات الشرطة.
*تبنّي "جيش العدل" الهجوم
وأعلنت جماعة "جيش العدل" البلوشية في بيان لها، مسؤوليتها عن هذا الهجوم، وقالت إن قواتها هاجمت هذا المقر في الساعة الثانية من صباح يوم الجمعة.
وقبل ذلك أفاد موقع "حال وش" عن سماع دوي انفجار مروع واشتباكات عنيفة بمقر قوة الشرطة في مدينة راسك بمحافظة بلوشستان إيران.
وبحسب التقرير، فإن طائرات استطلاع عسكرية مسيّرة صورت وحلّقت فوق سماء مدينة راسك. وبحسب هذا التقرير فإن أصوات إطلاق النار استمرت لأكثر من خمس ساعات بعد الهجوم على مقر قوة الشرطة.
وأضاف موقع "حال وش" نقلاً عن مصادر محلية، أن "الأجواء في راسك أمنية للغاية، وقد انتشرت قوات عسكرية في أنحاء متفرقة من المدينة والتلال المحيطة بها". كما ضعف الوصول إلى الإنترنت بشكل كبير.
ووفقا لهذا التقرير، فبعد ثلاث ساعات من بدء الاشتباك الشديد، تعرضت القوات المساعدة المرسلة إلى مقر الشرطة للهجوم أيضاً.
*الدعم الأميركي والغربي لريغي
في عام 2010، أشار المدّعي العام في إيران غلام حسين محسني اجئي الى اعتقال الإرهابي عبد الملك ريغي وأكد أنه كان مدعوماً من قبل بعض أجهزة الاستخبارات الكبيرة في العالم .
وأضاف محسني اجئي في تصريحات: "هذا الإرهابي لم يكن قائداً لزمرة إرهابية فقط بل كان مدعوماً من قبل الأجهزة الاستخبارية لبعض البلدان الكبرى في العالم مثل أميركا وبريطانيا والصهاينة كما حصل على دعم بعض البلدان العربية خلال الأعوام الأخيرة".
وتابع: "عملت الأجهزة الاستخبارية الغربية على إقامة علاقات بين عناصر (جند الله) وإرهابيين آخرين مثل زمرة خلق ودعمتهم بمختلف الإمكانيات والأجهزة مما أدى الى عرقلة جهود إيران الرامية الى اعتقالهم عدة مرات".
وتصنف إيران هذا التنظيم الذي تطلق عليه تسمية "جيش الظلم" جماعة إرهابية، وتقول إنه يتلقى دعماً من الولايات المتحدة وإسرائيل عدوتيها اللدودتَين، ومن السعودية والإمارات كذلك.
وعلى الصعيد نفسه، أشار عدد من رؤساء القبائل ووجهاء طوائف البلوش الى علاقات عبدالملك ريغي مع الاستكبار العالمي، وقالوا: إن "اعتقال هذا الإرهابي المجرم جلب معه الفضيحة للدول التي تدّعي دعم حقوق الانسان والتي كانت تدعم هذا الإرهابي".
وقال رئيس طائفة براهوئي: إن اعتقال عبد الملك ريغي جلب الفضيحة للاستكبار العالمي ولاسيما أميركا وبريطانيا وسائر الجهات التي كانت تدعمه.
*أبرز العمليات الإرهابية
ـ نفذت جماعة "جيش العدل" - حسب موقعها على تويتر- عدة هجمات ضد قوات الأمن الإيرانية، ففي 23 أكتوبر/ تشرين الأول 2013 قتلت 14 من الحرس الثوري الإيراني، وفي 26 نوفمبر/ تشرين الثاني التالي أكدت الجماعة إسقاطها مروحية.
ـ وفي 23 مارس/ آذار 2014 أعدمت عنصرا من الحرس الثوري الإيراني، وفي 6 فبراير/ شباط 2016 خطفت خمسة إيرانيين قرب الحدود مع باكستان وجرى نقلهم إلى باكستان.
ـ غير أن أبرز العمليات كانت يوم 26 أبريل/ نيسان 2017 في منطقة مير جاوه، حيث استُشهد عشرة من عناصر الحرس الثوري بينهم ثلاثة ضباط، وتبنّت الجماعة الإيرانية المعارضة المسؤولية عن الحادث.
ـ وفي أبريل/ نيسان 2017 حذرت إيران من أنها ستضرب قواعد مَن وصفتهم بالإرهابيين إذا لم تتصدَّ باكستان لهم، جاء ذلك بعد أيام من هجوم شنّته جماعة "جيش العدل" أسفر عن استشهاد عدد من عناصر حرس الحدود الإيراني.