مواسم الطرب لا تمحو "وهابية" النظام.. الحكومة السعودية تعاقب ناديا رياضيا بمدينة يسكنها الشيعة بسبب احتفال جماهيره بمولد الإمام علي (ع).. تعرف على التاريخ الطائفي للمملكة
انفوبلس..
يبدو أن التحول الفكري والثقافي والصورة النمطية التي تحاول المملكة العربية السعودية محوها وتغييرها وتصدير صورة جديدة للعالم عبر الانفتاح والمهرجانات والاستضافات لنجوم العالم، يبدو أن جميعها غير قادرة على تغيير الجوهر الديكتاتوري والطائفي لتلك الدولة والنظام الذي يسيطر عليها منذ تأسيسها، حيث يمثل استهداف الشيعة وكل ما هو شيعي داخل أراضيها أولوية للنظام مهما حاول تغيير جلده أو الادعاء بمغادرة النهج السابق القائم على ظلم واضطهاد شيعة المملكة، والتي كان آخرها حل إدارة نادٍ رياضي ينشط بمدينة شيعية بسبب ترديد جماهيره هتافات تحتفل بمولد الإمام علي "عليه السلام".
يوم أمس الجمعة، أعلنت وزارة الرياضة السعودية حل مجلس إدارة نادي الصفا بالمنطقة الشرقية وإحالة أعضائه إلى الجهات المعنية، وحرمان المخالفين من الانتساب للنادي أو أي أندية أخرى.
وقالت الوزارة في بيان: "إشارة لما تم بصدده من تجاوزات قامت بها رابطة جمهور نادي الصفا بمخالفة المادة (1/8) من اللائحة الأساسية للأندية الرياضية التي نصت على (الالتزام بالأنظمة واللوائح المعمول بها في المملكة)".
وأضاف البيان: وفقاً لما ورد في المادة (3/36) من اللائحة الأساسية للأندية الرياضية التي نصت على: (تحل الوزارة مجلس الإدارة للحالات الآتية: إذا ارتكب تصرفات أو ممارسات، أو أعمالاً تتنافى مع النظام العام، أو الآداب العامة أو الأنظمة المعتبرة)، ونظرا لعدم التزام نادي الصفا بالمنطقة الشرقية بالأنظمة واللوائح التي تحقق الأهداف السامية للرياضة، فقد قررت وزارة الرياضة ما يلي:
أولا: حل مجلس إدارة نادي الصفا اعتبارا من تاريخ إصدار القرار، وفقا للائحة الأساسية للأندية الرياضية.
ثانيا: حرمان المخالفين من الانتساب للنادي أو أي أندية أخرى، وإحالتهم إلى الجهات المعنية لاتخاذ ما يلزم.
واختتمت وزارة الرياضة قائلة: "تؤيد الوزارة على الجميع في هذا الصدد بضرورة الالتزام باللوائح والأنظمة الخاصة بالمنافسات الرياضية".
جماهير نادي الصفا وأثناء حضور مباراة لناديهم تصادفت مع ذكرى ولادة الإمام علي "عليه السلام" ردّدت شعارات الولاء والحب لآل البيت واستذكرت المولد الشريف وقصة الولادة المباركة بداخل الكعبة المشرّفة ضمن أهازيج جماهيرية، الأمر الذي استفز السلطات السعودية ودفعها إلى أخذ هذا القرار المجحف بحق إدارة النادي، مع توقعات بالتضييق خلال الفترة المقبلة بحق الجماهير وقد ترافقه حملات اعتقال بحق الأشخاص الظاهرين بمقطع الفيديو.
لمشاهدة مقطع الفيديو اضغط هنا
نبذة عن النادي
نادي الصفا السعودي هو أحد الأندية الرياضية في المملكة العربية السعودية، مقر النادي هو مدينة صفوى شرق المملكة العربية السعودية ذات الوجود الشيعي الكبير، وتُعد منشأة النادي أحد أبرز المنشئات في المنطقة وعلى مستوى المملكة، يشارك النادي في المنافسات المحلية بالمملكة العربية السعودية في عدة ألعاب، وهي: كرة القدم، ألعاب القوى، كرة اليد، كرة السلة، كرة الطائرة، السباحة، كرة المضرب، تنس الطاولة، الإسكواش وكمال الأجسام.
يُعد نادي الصفا من أبرز الأندية في المملكة على مستوى الألعاب المختلفة وفي الأنشطة الثقافية والاجتماعية، وقدم النادي العديد من الأبطال للمنتخبات المختلفة.
على مستوى المنافسات المحلية ينافس حاليا النادي في دوري الدرجة الثانية لكرة القدم على مستوى الفريق الأول، الدوري الممتاز لكرة اليد على مستوى الناشئين والشباب والفريق الأول، الدوري الممتاز لكرة الطائرة على مستوى الناشئين، الدوري الممتاز لكرة السلة على مستوى الناشئين والشباب.
تأسس نادي الصفا في عام 1368هـ الموافق 1948م كفريق رياضي بمسمى (فريق الصفا لكرة القدم)، وعندما أشرفت وزارة الداخلية على الفرق التي ازدادت آنذاك، قامت هيئة خاصة بزيارة مدينة صفوى وأقرت على اتحاد الفرق في ناد رياضي واحد في صفوى سُمي بـ(نادي الصفا)، ويتبع لمكتب رعاية الشباب بالدمام.
اضطهاد الشيعة
منذ الأزل يعاني السعوديون الشيعة من الاضطهاد بآليات وأحجام متفاوتة من قبل نظام المملكة لكنه لم يتوقف في أي فترة من الفترات، حيث إن ظلم أتباع هذا المذهب هو الثيمة البارزة لجميع مَن حكم المملكة منذ مؤسسها الأول وصولاً إلى محمد بن سلمان ولي العهد الحالي والحاكم الفعلي للسعودية.
ويشكل الشيعة حوالي 15 في المئة من سكان السعودية بحسب الإحصاءات الرسمية، ولكن عدة مصادر تؤكد أن النسبة الحقيقية أكبر من ذلك، ولطالما اشتكى الشيعة في السعودية من التهميش وعدم السماح لهم بممارسة شعائرهم بحرية، وبلغ التوتر الطائفي داخل السعودية أوجهاً خلال مظاهرات واحتجاجات عنيفة بالمنطقة الشرقية قبل ثماني سنوات، انتهت بإعدام رجل الدين الشيعي والمعارض البارز نمر النمر في عام 2016، مع عشرات آخرين أُدينوا ظلماً بالإرهاب وإثارة الاضطرابات.
حقوق الإنسان توثق خطاب الكراهية
قالت "هيومن رايتس ووتش" في تقرير لها عن السعودية نُشر في وقت سابق، إن بعض رجال الدين والمؤسسات السعودية يحرّضون على الكراهية والتمييز ضد الأقليات الدينية، بما في ذلك الشيعة.
ويوثق التقرير المؤلف من 48 صفحة، بعنوان "ليسوا إخواننا: خطاب الكراهية الصادر عن المسؤولين السعوديين"، سماح السعودية لعلماء ورجال الدين الذين تُعيّنهم الحكومة، بالإشارة إلى الأقليات الدينية بألفاظ مهينة أو شيطنتها في الوثائق الرسمية والأحكام الدينية التي تؤثر على صنع القرار الحكومي. في السنوات الأخيرة، استخدم رجال الدين الحكوميون وغيرهم، الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي للتشويه والتحريض على الكراهية ضد المسلمين الشيعة وغيرهم ممن لا يتفقون مع آرائهم.
قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "روّجت السعودية بقوة للرواية الإصلاحية في السنوات الأخيرة، ومع ذلك فهي تسمح لرجال الدين والكتب المدرسية الحكومية بتشويه سمعة الأقليات الدينية مثل الشيعة. يطيل خطاب الكراهية هذا من أمد التمييز المنهجي ضد الأقلية الشيعية، وتستخدمه - في أسوأ الحالات - جماعات عنيفة تهاجمهم".
وجدت هيومن رايتس ووتش أن التحريض، إضافة للتحيز المعادي للشيعة في نظام العدالة الجنائية والمناهج الدينية لوزارة التربية والتعليم، يلعب دورا أساسيا في فرض التمييز ضد المواطنين الشيعة السعوديين. وثقت هيومن رايتس ووتش مؤخرا إشارات مهينة للانتماءات الدينية الأخرى، بما في ذلك اليهودية والمسيحية والصوفية في منهاج التعليم الديني في المملكة.
كثيرا ما يشير رجال الدين الحكوميون – وهم جميعا من السنة – إلى الشيعة بصفتهم "الرافضة" و"الروافض"، ويُحقّرون معتقداتهم وممارساتهم. أدانوا أيضا الاختلاط والزواج بين السنة والشيعة. رد عضو حالي بـ "هيئة كبار العلماء" السعودية، وهي أعلى هيئة دينية في البلاد، خلال جلسة علنية على سؤال حول المسلمين الشيعة بالقول: "هم ليسوا إخواننا... هم إخوان الشيطان...".
خطاب الكراهية هذا قد تكون له عواقب وخيمة عندما تستخدمه جماعات مسلحة مثل "تنظيم الدولة الإسلامية"، المعروف أيضا باسم "داعش"، أو "تنظيم القاعدة" لتبرير استهداف المدنيين الشيعة. منذ منتصف 2015، هاجم داعش 6 مساجد ومبانٍ دينية شيعية في المنطقة الشرقية ونجران، ما أسفر عن مقتل أكثر من 40 شخصا. ورد في بيانات داعش الصحفية التي تبنّت هذه الهجمات، أن المهاجمين استهدفوا "معاقل الشرك"، والرافضة – المصطلحان المستخدمان في الكتب المدرسية الدينية السعودية – لاستهداف الشيعة.
أدان مفتي السعودية السابق عبد العزيز بن باز، الذي توفي عام 1999، الشيعة في فتاوى عديدة. كما بقيت فتاوى ابن باز وكتاباته متاحة للعموم على الموقع الإلكتروني لـ "اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء".
يستخدم بعض العلماء لغة تآمرية عند مناقشة موضوع الشيعة، فينعتونهم بالطابور الخامس الداخلي التابع لإيران، وبأنهم خونة بطبيعتهم. كما تسمح الدولة لرجال الدين الآخرين بتوظيف وسائل الإعلام ومتابعيهم الكثر على وسائل التواصل الاجتماعي – الذين يعد بعضهم بالملايين – لوصم الشيعة، مع الإفلات من العقاب.
التحيز ضد الشيعة يمتد إلى النظام القضائي الذي تتحكم فيه المؤسسة الدينية، ويُخضع الشيعة في كثير من الأحيان لمعاملة تمييزية أو تجريم تعسفي لممارساتهم الدينية. في عام 2015 مثلا، حكمت محكمة سعودية على مواطن شيعي بالحبس شهرين و60 جلدة لاستضافة صلاة جماعة خاصة في منزل والده. في عام 2014، أدانت محكمة سعودية رجلا سُنياً بتهمة "مجالسة الشيعة".
يستخدم المنهاج الديني في وزارة التربية السعودية "التوحيد"، الذي يُدرّس في المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية، لغة مبطنة لوصم الممارسات الدينية الشيعية بأنها شرك أو غلوّ في الدين. توجّه كتب التربية الدينية السعودية هذه الانتقادات على وجه الخصوص لممارسة الشيعة والصوفية في زيارة المقامات والأضرحة، وكذلك التوسل أو طلب الشفاعة. تنص الكتب الدراسية على أن هذه الممارسات، والتي يراها كل من سُنة السعودية وشيعتها على أنها شيعية، تجعل صاحبها خارجا عن الإسلام وعقابها الخلود في النار.
يطالب "القانون الدولي لحقوق الإنسان" الحكومات بحظر "أية دعوة للكراهية القومية أو العِرقية أو الدينية والتي تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف". تفاوت تنفيذ هذا الحظر، بينما استُخدم أحيانا كذريعة لتقييد الخطاب القانوني أو استهداف الأقليات. يجب أن تُتخذ أية خطوات لمكافحة خطاب الكراهية في حدود الضمانات العامة لحرية التعبير.
لمعالجة هذه المشكلة، اقترح الخبراء في السنوات الأخيرة اختبارا لتحديد إمكانية تقييد أي خطاب معين بصورة قانونية. بموجب هذه الصيغة، فإن الخطاب الذي وثقته هيومن رايتس ووتش لعلماء الدين السعوديين يرقى أحيانا إلى مستوى خطاب الكراهية أو التحريض على الكراهية أو التمييز، لا تتعدى تصريحات أخرى هذا الأمر، لكن على السلطات أن تنكرها علنا وتتصدى لها، وبالنظر إلى تأثير وأعداد متابعي هؤلاء العلماء، فإن تصريحاتهم تُعد نظاما تمييزيا ضد المواطنين الشيعة.
كما صنّفت "اللجنة الأمريكية للحريات الدينية"، السعودية، مرارا على أنها "دولة تثير قلقا خاصا"، وهو أعلى تصنيف للدول التي تنتهك الحرية الدينية. يسمح "قانون الحرية الدينية الدولية" لعام 1998 للرئيس الأمريكي، بإصدار إعفاء إذا كان من شأنه أن "يخدم مقاصد قانون الحرية الدينية الدولية" أو إذا "تطلبت المصلحة العليا للدولة ممارسة مثل هذا الإعفاء"، أصدر الرؤساء الأمريكيون إعفاءً للسعودية منذ العام 2006.
وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، إنه "على الحكومة الأمريكية أن تلغي فورا الإعفاء الممنوح للسعودية، والعمل مع السلطات السعودية على وقف التحريض على الكراهية والتمييز ضد المواطنين الشيعة والصوفيين والمنتمين لأديان أخرى. على الولايات المتحدة أن تضغط كذلك من أجل إزالة جميع الانتقادات وأشكال وصم الممارسات الدينية الشيعية والصوفية، فضلا عن ممارسات الديانات الأخرى، من المناهج التعليمية السعودية الدينية".
وأضافت ويتسن: "رغم سجل السعودية الضعيف في مجال الحريات الدينية، حَمَت الولايات المتحدة، السعودية، من العقوبات المحتملة بموجب القانون الأمريكي،على الحكومة الأمريكية أن تطبق قوانينها لمحاسبة حليفتها السعودية".