أبعاد ودلالات.. ماذا يعني استعداد المقاومة العراقية للقتال مع حزب الله ضد الهجوم الإسرائيلي المحتمل؟
انفوبلس/ تقرير
تحول جديد تشهده الساحة الدولية في ظل الحرب الدائرة بالأراضي الفلسطينية المحتلة، إذ أعلنت فصائل المقاومة في المنطقة وخصوصاً العراقية منها، استعدادها للمشاركة إلى جانب حزب الله اللبناني في حال موافقته، لمواجهة أي عدوان إسرائيلي محتمل على لبنان، فكيف كانت ردة الفعل العربية والعالمية؟
زادت حدة التصعيد بين تل أبيب وحزب الله في الأسابيع الأخيرة ما أثار ضجة حول احتمالية اندلاع حرب شاملة، لاسيما مع إعلان جيش الاحتلال الاسرائيلي "المصادقة" على خطط عملياتية لـ"هجوم واسع" على لبنان.
ويحدث تبادل إطلاق نار يومي على الجبهة الشمالية منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لكن الوضع تدهور هذا الشهر بعد أن أدت غارة جوية إسرائيلية إلى استشهاد قائد عسكري كبير في حزب الله في جنوب لبنان. ورد حزب الله بإطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيرة المتفجرة على شمالي فلسطين المحتلة.
*فصائل المقاومة تستعد
نقلت وكالة "أسوشيتد برس"، عن مسؤولين من فصائل مقاومة ومحللين، أن آلاف المقاتلين بالمنطقة على استعداد للقدوم إلى لبنان للانضمام إلى حزب الله في معركته ضد "إسرائيل" إذا تصاعد الصراع المحتدم إلى حرب شاملة.
وعلى مدى العقد الماضي، قاتل مسلحون من لبنان والعراق وأفغانستان وباكستان معاً في الصراع السوري المستمر منذ 13 عاماً، ما ساعد على ترجيح كفة الميزان لصالح الرئيس بشار الأسد. ويقول مسؤولون من فصائل المقاومة إنهم قد يتحدون مرة أخرى ضد "إسرائيل"، وفقاً لوكالة "أسوشيتد برس".
وقال أمين عام حزب الله، السيد حسن نصر الله، في خطاب ألقاه، الأربعاء الماضي، إن قادة المقاومة في إيران والعراق وسوريا واليمن ودول أخرى عرضوا في السابق إرسال عشرات الآلاف من المسلحين لمساعدة حزب الله، لكنه قال إن حزب الله لديها بالفعل أكثر من 100 ألف مقاتل، مضيفاً: "قلنا لهم شكراً، ولكننا لدينا أعداد ضخمة".
نصر الله في تصريحاته، أوضح أن المعركة بشكلها الحالي لا تستخدم سوى جزء من القوة البشرية لحزب الله، في إشارة واضحة إلى المقاتلين المتخصصين الذين يطلقون الصواريخ والطائرات المسيرة.
لكن هذا قد يتغير في حالة نشوب حرب شاملة، وألمح نصر الله إلى هذا الاحتمال في خطاب ألقاه عام 2017 قال فيه إن مقاتلين من إيران والعراق واليمن وأفغانستان وباكستان "سيكونون شركاء" في مثل هذه الحرب، بحسب وكالة "أسوشيتد برس".
آلاف المقاتلين بالمنطقة سينضمون إلى حزب الله
مسؤولون من المقاومة اللبنانية والعراقية، قالوا إن آلاف المقاتلين بالمنطقة سينضمون إذا اندلعت الحرب على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، بحسب الوكالة الأمريكية التي نقلت عن مسؤول في فصيل مقاوم في العراق قوله: "سنقاتل جنباً إلى جنب مع حزب الله" إذا اندلعت حرب شاملة. ولفت مسؤول آخر، إلى وجود بعض المستشارين العراقيين في لبنان.
في السياق ذاته، قال مسؤول في المقاومة لبنانية تحدث أيضاً شريطة التكتم على هويته، إن مقاتلين من فصائل المقاومة العراقية، ولواء فاطميون الأفغاني، ولواء زينبيون الباكستاني، وجماعة الحوثي، يمكن أن يأتوا إلى لبنان للمشاركة في الحرب.
إلى ذلك، فقد شنت بعض فصائل المقاومة، بالفعل هجمات على "إسرائيل" وحلفائها منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وتقول إنها تستخدم "استراتيجية وحدة الساحات" وسوف تفعل ذلك. ولن يتوقفوا عن القتال إلا عندما تنهي "إسرائيل" هجومها على غزة.
ويتفق قاسم قصير، الخبير في شؤون حزب الله، مع أن القتال الحالي يعتمد في معظمه على التكنولوجيا المتقدمة مثل إطلاق الصواريخ ولا يحتاج إلى عدد كبير من المقاتلين، لكنه يرى أنه إذا اندلعت حرب واستمرت لفترة طويلة، فقد يحتاج حزب الله إلى دعم من خارج لبنان.
وأضاف: "التلميح إلى هذا الأمر قد يكون (رسالة) مفادها أن هذه أوراق يمكن استخدامها"، كما أن إسرائيل تدرك أيضاً احتمال تدفق مقاتلين أجانب، بحسب "أسوشيتد برس".
*حرب متعددة الجبهات
من جهته، قال عيران عتصيون، الرئيس السابق لتخطيط السياسات في وزارة الخارجية الإسرائيلية، في حلقة نقاشية استضافها معهد الشرق الأوسط ومقره واشنطن، إنه يرى "احتمالاً كبيراً" لحرب متعددة الجبهات.
وأضاف، إنه من الممكن أن يكون هناك تدخل من قبل الحوثيين والفصائل العراقية و"تدفق هائل للجهاديين من (أماكن) بما في ذلك أفغانستان وباكستان" إلى لبنان وإلى المناطق السورية.
فيما قال المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، دانيال هغاري، إنه منذ أن بدأ حزب الله هجماته على "إسرائيل" في 8 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أطلق أكثر من 5000 صاروخ وقذائف مضادة للدبابات وطائرات مسيرة باتجاه "إسرائيل". كما أضاف، إن "هجمات حزب الله المتزايدة تقودنا إلى حافة ما يمكن أن يكون تصعيداً أوسع نطاقاً".
وبحسب الوكالة الأمريكية، فإن مسؤولي حزب الله يقولون إنهم لا يريدون حرباً شاملة، لكنهم مستعدون لها إذا حدثت. حيث قال نائب زعيم حزب الله، نعيم قاسم، في خطاب ألقاه الأسبوع الماضي: "لقد اتخذنا قراراً بأن أي توسع، مهما كان محدوداً، سيواجه توسعاً يردع مثل هذه الخطوة ويكبّد إسرائيل خسائر فادحة".
وما جاء في تقرير الوكالة الامريكية، أكده كاظم الفرطوسي المتحدث باسم كتائب سيد الشهداء، حيث قال إن فصائل المقاومة العراقية ستدخل في أي حرب تندلع بين حزب الله اللبناني و"إسرائيل".
وذكر الفرطوسي، إن "الحرب الجارية في غزة وكذلك في لبنان ما بين حزب الله والكيان الصهيوني، هي حرب محور واحد، والعراق جزء من هذا المحور"، مردفا بالقول "نحن في الفصائل العراقية ضمن هذه الحرب، ونحن داخلون بهذه الحرب فعلا، ولا نحتاج للدخول فيها، فنحن جزء منها".
وبين، إن "الفصائل العراقية تعمل على استهداف الكيان الصهيوني بشكل شبه يومي، وبشكل متعدد، ونحن مع فلسطين في حربها ومع حزب الله في حربه"، مشددا على أنه "إذا ما أقدمت حكومة الكيان الغاصب على أي جنون مع حزب الله في لبنان، فستكون هناك مقبرة كبيرة لهذا الكيان، والجميع سوف يشارك في دفنه بها".
الفرطوسي يكشف أيضاً، أنّ لدى حزب الله الإمكانات العالية والتجهيز الكامل والتسليح النوعي وأعداداً كبيرة من المقاتلين، كل ذلك كفيل بصدّ أكبر عدوان مهما كانت إمكانات العدو"، مضيفاً: "ومع ذلك، وفي حال تطلّب الأمر وجود المجاهدين من العراق في جنوب لبنان، سنكون في أول الخطوط المتصدّية للعدوان الصهيوني، كون هذه قضية إسلامية وعربية تذوب فيها كل الخصوصيات والحدود".
وفي كلمة متلفزة تابعتها شبكة "انفوبلس"، قال الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق الشيخ قيس الخزعلي، إنه في حال وسّع الكيان الغاضب عملياته وهاجم لبنان وحزب الله واستمرت الولايات المتحدة الامريكية في دعمه، نقولها بشكل واضح ولتعلم أمريكا إنها تكون قد جعلت كل مصالحها في المنطقة وفي العراق خصوصا محل استهداف ومحل خطر، وحينها لن ينفعها هذا الكيان الغاصب وهذه الحكومة المتطرفة وهذا النظام النازي.
ويرهن حزب الله اللبناني وقف القصف بإنهاء إسرائيل حرباً تشنها بدعم أمريكي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ما أسفر عن أكثر من 123 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء.
في المقابل، كتبت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، إن المقاومة الإسلامية كتائب حزب الله وحركة النجباء قد أعلنا استعدادهما للمشاركة إلى جانب "حزب الله" في حال موافقته، لمواجهة أي عدوان إسرائيلي محتمل على لبنان.
ونقلت الصحيفة عن مصادر في "المقاومة الإسلامية" في العراق، أن هذين الفصيلين المسلحين أدليا بهذا الموقف خلال اجتماع بين فصائل المقاومة العراقية ووزير الخارجية الإيراني بالإنابة علي باقري كني. ولفتت المصادر إلى أن باقري كني تحفظ على مشاركة فصائل عراقية إلى جانب "حزب الله"، وذلك تلافياً لتوسيع ساحة الحرب في المنطقة في الوقت الراهن.
كما نقلت وسائل إعلام عربية، عن قيادي في المقاومة العراقية، قوله إن غالبية الفصائل المسلحة المرتبطة بما سمّاه "محور المقاومة"، بدأت استعداداتها العسكرية واللوجستية والفنية لوضع خطة المشاركة في الحرب اللبنانية حال قررت "إسرائيل" شن الهجوم على جنوب لبنان.
وأضاف القيادي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن فصائل عديدة أبدت استعدادها للقتال في لبنان، لـ"دوافع عقائدية"، وكذلك "رد جميل حزب الله" عندما وقف إلى جانب العراق في الأيام الأولى من حربه مع "داعش" الإرهابي عام 2014.
ويوم أمس، أعلنت المقاومة الإسلامية في العراق، أنّ مجاهديها استهدفوا هدفاً حيوياً في سواحل البحر الميت، بواسطة الطيران المسيّر، بحسب بيان ورد لشبكة "انفوبلس". كما أعلنت ايضاً، ضربها هدفاً حيوياً في أم الرشراش "إيلات"، جنوب فلسطين المحتلة، بواسطة الطيران المسيّر أيضاً.
وكانت المقاومة الإسلامية العراقية قد نفذت عمليتين مشتركتين مع القوات المسلحة اليمنية، استهدفتا سفناً في ميناء حيفا المحتلة، وسفينةً في البحر الأبيض المتوسط خلال توجهها إلى الميناء نفسه، بحسب ما أعلنه المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد يحيى سريع.
والمقاومة الإسلامية في العراق، تشكيل عسكري واسم عام يضم عددا من فصائل المقاومة العراقية، ظهر عقب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2023، وتُعدّ جزءاً أساسياً من جبهات الإسناد التي تعمل عليها أطياف محور المقاومة لتأكيد وحدة الساحات ومنع الاحتلال من الاستفراد بالمقاومة الفلسطينية والشعب في غزة.
ومع بدء العدوان الصهيو - أمريكي على قطاع غزة، شرعت المقاومة في العراق باستهداف المصالح الأمريكية في العراق والمنطقة، إضافةً إلى استهداف المراكز الحيوية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
*موقف حكومة السوداني
من جهتها بدأت الحكومة العراقية بقيادة محمد شياع السوداني، حراكًا للحد من تداعيات الحرب في لبنان على العراق، وسعت بشكل مباشر أو عبر وسطاء لإقناع الفصائل المسلحة بعدم الانجرار وراء حرب لبنان حال اندلاعها.
مصدر بدرجة مستشار داخل حكومة السوداني، كشف، عن "رسائل عديدة أرسلها رئيس الوزراء لقيادات الفصائل المسلحة من جهة، وطهران من جهة أخرى، تقضي بعدم السماح لأحد لجر العراق إلى حرب قد تشمل المنطقة برمتها".
وأضاف، إن "حكومة السوداني سعت خلال الفترة الماضية إلى تهدئة التوترات الأمنية في العراق والمنطقة، عبر انفتاحها على المحيط الإقليمي العربي من جهة وواشنطن من جهة أخرى، وأقنعت الفصائل بوقف عملياتها في كل من العراق وسوريا على حد سواء".