أكثر من 14 ألف قطعة أرض للإيزيديين في سنجار.. ضربة تقصم ظهر الديمقراطي الكردستاني
حزب بارزاني سعي لتغيير ديموغرافي وضيق كثيراً على الأهالي
أكثر من 14 ألف قطعة أرض للإيزيديين في سنجار.. ضربة تقصم ظهر الديمقراطي الكردستاني
انفوبلس/..
بعد انتظار دام 49 عاماً، باشرت دائرة التسجيل العقاري في محافظة نينوى، في 2 نيسان الجاري، بإصدار سندات تمليك لـ 14 ألف وحدة سكنية في 11 مجمعاً ضمن نواحي “القيروان، سنوني، القحطانية”، التابعة لقضاء سنجار غرب المحافظة، تطبيقاً لقرار مجلس الوزراء رقم (364) المتضمن نقل عائدية الأراضي من أملاك الدولة إلى ساكنيها، فمنذ 5 عقود قامت الحكومة العراقية بتقطيع الأراضي، ومنحت أهالي المنطقة أحقية بناء وحدات سكنية فيها، على أن تبقى الأراضي ملكاً للدولة.
*تفاصيل
وفي هذا الصدد، قال محافظ نينوى عبد القادر الدخيل، خلال مؤتمر صحفي، "بدأنا بإصدار أول صورة قيد لأراضٍ حكومية يشغلها الايزيديون والعرب منذ 49 عاماً".
وأضاف خلال المؤتمر، "بتوجيه مباشر من رئيس الوزراء، سنقوم بتحويل ملكية الأراضي في مجمعات سنجار، من عقارات الدولة التابعة لوزارتي الزراعة والبلديات، إلى المستفيدين الذين يشغلونها".
وبين، أن "الأمر يشمل 14 ألف وحدة سكنية في 11 مجمعاً، موزعة كالآتي؛ 3 مجمعات في القحطانية، 6 مجمعات في سنوني، مجمعان في القيروان".
وأكد، أن "هذا الإجراء يأتي تطبيقاً لقرار مجلس الوزراء 364، وسيكون له مردود إيجابي كبير على استقرار المنطقة وعودة النازحين إليها".
*بداية الخطوة
أقدم مجلس الوزراء في خطوة إيجابية على حسم ملف تمليك الأراضي للايزيديين في قضاء سنجار بمحافظة نينوى، ممن لم تتملك أراضيهم السكنية منذ عام 1975.
وفي كانون الأول 2022، وافق مجلس الوزراء، على تمليك الأراضي السكنية والدور في مجمعات (خانصور (التأميم) ودوكري (حطين) وبورك (اليرموك) وكوهبل (الاندلس) ناحية الشمال/قضاء سنجار)، وتل قصب (البعث) ناحية القيروان/قضاء سنجار)، ومجمعات (تل عزيز (القحطانية) وسيبا شيخدري (مجمع الجزيرة) وكرزرك (العدنانية) ناحية القحطانية/قضاء البعاج) إلى شاغليها.
وبحسب قرار المجلس، يكون التمليك بالقيمة التي تقدرها لجان التقدير وفقا إلى أحكام المادتين (7، و8) من قانون بيع وإيجار أموال الدولة (21 لسنة 2013) المعدل، واستثناءً من أحكام المزايدة العلنية استناداً إلى أحكام المادة (40) من القانون المذكور آنفاً.
ويجري لاحقاً إطفاء بدل البيع على وفق قرار مجلس الوزراء (28 لسنة 2020).
فيما تتولى وزارتا (المالية والزراعة) أخذ الإجراءات القانونية اللازمة لتغيير الاستخدامات المختلفة للأراضي المشيد عليها الدور في مجمعات (زورافا (العروبة) ودهولا (القادسية) ناحية الشمال/قضاء سنجار، وتل بنات (الوليد) ناحية القيروان/قضاء سنجار) ويجري تمليكها بعد ذلك إلى شاغليها.
ووفق القرار الصادر من رئيس مجلس الوزراء، فإنه تتألف لجنة من محافظة نينوى، والأمن الوطني، والبلديات، والزراعة، والمالية لوضع الضوابط وتحديد المشمولين.
في عام 1975، وضمن السياسات التمييزية التي اتبعها النظام السابق عقب إنهاء الحركة الكردية وتوقيع اتفاقية الجزائر عام 1975، تم ترحيل العراقيين الأيزيديين من 146 قرية تقع ضمن منطقة جبل سنجار، وتم تدمير تلك القرى عن طريق هدم المنازل وردم الآبار والينابيع بالسمنت المسلح، وتجريف الأراضي والبساتين، ثم القيام بتجميع السكان المرحلين في 11 مجمعا قسريا تم إقامتها في شمال وجنوب جبل سنجار، ومنع المرحلين من الاقتراب من قراهم المهدمة مجددا.
المجمعات القسرية الـ11 تم إنشاؤها، بموجب تصاميم أساسية بإشراف لجان شُكلت حينذاك، وتم توزيع قطع أراض سكنية للسكان المرحلين، بمساحة 450 مترا مربعا لكل عائلة، وبقياس 15* 30 مترا، إذ تم منح كل عائلة مبلغا من المال قدره 400 دينار عراقي، بهدف بناء منازل لهم (من اللبن والأعمدة الخشبية والحصران) ضمن تصميم موحد وضعته اللجان المعنية حينذاك لكل المنازل. ولكن دون تسجيل تلك القطع في سجلات التسجيل العقاري رسميا.
وبعد مرور 47 عاما من تجاهل تمليك الاراضي التي أُقيمت عليها الدور في المجمعات الأيزيدية لشاغليها، قرر مجلس الوزراء في جلسة الأمس التصويت على تمليك جزء من تلك الأراضي.
أما فيما يخص الأضرار الناشئة عن قرار ترحيل الايزيديين من قراهم عام 1975، فقد نتج عن عملية تدمير القرى الأيزيدية وترحيل سكانها الى المجمعات القسرية من قبل النظام السابق في عام 1975، أضرار بالغة على مختلف المستويات، وخصوصا الاقتصادية والاجتماعية،.
وتمثلت الأضرار، تعرض الايزيديون في منطقة سنجار الى ضرر اقتصادي بالغ، فعلى الرغم أن حياتهم كانت تعتمد حينذاك على الزراعة وتربية المواشي، لكنهم حُرموا من زراعة أراضيهم وبساتينهم في القرى التي كانوا يمتلكونها والتي دُمرت من قبل النظام السابق، ومُنعوا أيضا من إدخال مواشيهم الى داخل المجمعات القسرية، إلا بحدود الاستعمال العائلي المحدود، وهو ما تسبب في فقدانهم بالكامل لمقدراتهم الاقتصادية في الزراعة وتربية الحيوانات، واضطرارهم للجوء الى العمل كفلاحين بالأُجرة أو رعاة أغنام لدى الملاك في المناطق القريبة من سنجار، أو في مناطق تابعة لمحافظات أخرى. لتأمين أرزاق عوائلهم، لهذا، تردت الأوضاع الاقتصادية للايزيدين في سنجار وأصبحوا من أكثر المجتمعات العراقية في سنجار فقراً.
ونظرا لأن الايزيديين لا يمتلكون سندات ملكية لمنازلهم، فإنهم لم يتمكنوا على مدى 47 عاما من الحصول على أي نوع من أنواع القروض العقارية او القروض التي تتطلب وجود سندات ملكية، وامتد الأمر الى عدم تمكنهم من الحصول على قروض زراعية بكفالة سند الملكية لشراء الجرارات الزراعية وغيرها، وهو ما أفقدهم حقاً يتمتع به الفلاحون في باقي مناطق العراق.
وعلى الرغم من أن سنجار هي الموطن التاريخي للعراقيين الايزيديين، لكن كل الأهالي الايزيدين تقريبا (وعددهم في المنطقة كان يتجاوز 270 ألف ايزيدي قبل دخول داعش الى المنطقة في 2014) لا يمتلكون ما يوثق ملكيتهم في المنطقة (باستثناء الايزيديين الساكنين في مركز قضاء سنجار ونسبتهم لا تتجاوز 8 – 10%، من عدد السكان)، وهو ما أثَّر سابقا وما زال يؤثر بشكل متواصل على إحساساهم بالانتماء للمنطقة التي يعيشون فيها، وعدم إحساس الغالبية منهم بأنهم مواطنون عراقيون، يتساوون في الحقوق والواجبات مع باقي أبناء الدولة العراقية.
*اجتماع مع الأمم المتحدة
الحكومة الحالية حسمت ملف الأراضي، بعد أيام فقط من اجتماع جمع رئيس الوزراء مع المعنيين بالملف والذي يضم أعضاء من برنامج الأمم المتحدةHABITAT وخبراء عراقيين.
ووعد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، بحل مشكلة تواجه المكون الايزيدي. جاء ذلك خلال استقباله وفد برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية/UN HABITAT، برئاسة مدير البرنامج في العراق وائل الأشهب، بحسب بيان رسمي.
وشهد اللقاء مناقشة أوضاع المهجّرين من العراقيين أبناء الديانة الإيزيدية، وأهم المعوّقات التي تحول دون استكمال استقرارهم في مناطقهم التاريخية.
وتسلّم السوداني خلال اللقاء، خلاصة دراسة أعدّها البرنامج شملت إحصاء السكّان الايزيديين من الذين سَبق لهم أن تسلموا أراض سكنية بعدد 14 ألف قطعة أرض منذ عام 1975، ولم تملّك لهم نظامياً لغاية الآن، وحالت سياسات النظام المُباد دون استكمال مُلكيتهم.
كما بيّن السوداني أهمية هذا الإجراء، وأن الحكومة تعكف على وضع حلٍ شاملٍ ودائم لهذه القضية، عبر عرضها على مجلس الوزراء واتخاذ القرار اللازم بشأنها.
وأكد، أن "سنجار والمأساة التي تعرّض لها المكوّن الإيزيدي العراقي الأصيل، حاضرة في الأذهان ومقدّمة في المنهاج الوزاري، من أجل إنصاف جميع من تعرّض إلى الظلم ووحشية الإرهاب".
*قرار يقصم ظهر الديمقراطي الكردستاني
طوال السنوات الـ14 الماضية، عمل الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس الاقليم مسعود بارزاني على تغيير ديموغرافية قضاء شيخان وسنجار التابع لمحافظة نينوى عبر استيلائه بالقوة على عشرات الآلاف من الأراضي الزراعية، وتجريفها وتحويلها الى سكنية، وتوزيعها على العوائل الكردية التي تقطن قرى بائسة في زاخو بمحافظة دهوك أقصى شمال العراق، بحسب مصدر إيزيدي مطلع.
ويعتبر قضاء “شيخان” عاصمة الإمارة الإيزيدية القديمة، وأغلب سكانه من الإيزيديين (حوالي 100 ألف نسمة في 2003)، فيما يُقدر عددهم في جميع أنحاء العراق بين (500 و600 ألف نسمة) يتركزون في مناطق سنجار وشيخان وتلكيف وبعشيقة وبحزاني التابعة إداريا لمحافظة نينوى في الشمال العراقي.
ويروي مصدر ايزيدي رفيع المستوى رفض الكشف عن هويته القصة الكاملة لهذا التغيير الديموغرافي، بالقول إن “الأراضي الزراعية التي تم الاستيلاء عليها من قبل الحزب الديمقراطي داخل قضاء شيخان بلغت 24 ألف قطعة أرض، كانت تعود لوجهاء في القضاء من أتباع الديانة الايزيدية، وهم كل من (خليل خلو خضر واسماعيل سيلو علي، والبير حيدر وحازم حيدر المجيبر)”.
وأضاف المصدر، إن “حصة القيادي في الحزب هوشيار زيباري (وزير الخارجية العراقية السابق)، من هذه الصفقة كانت أكثر من 500 قطعة، بينما كانت حصة القياديَّين الآخرَين (بشار عبد الله شريف، وبشار مشور اغا) 1000 قطعة”، مشيرا الى أن “الحزب منح أيضا 1000 قطعة لاثنين من قيادييه وهما المدعوان (فريق فاروق وعلي عوني)”.
وزاد بالقول، إن “الحزب أعطى 22 دونما من هذه الأراضي الى قياديَّين في تنظيمه هما كل من رشيد خنسي (وزير في حكومة اقليم كردستان)، وصالح كرافس، كما منح 200 قطعة الى أحد أعضائه المدعو (عبد الكريم زركي)”، مبينا أن “هذه الصفقة تمت بالتعاون مع قائممقام شيخان (حسّو نرمو حسين) والذي انتحر في ظروف غامضة بتاريخ 12 كانون الثاني يناير 2013”.
وأوضح المصدر، إن “حزب بارزاني استولى بتاريخ 6/4/2003 على أكثر من 65 مبنى حكوميا في القضاء، وسجلها بشكل رسمي بأسماء قياديين في تنظيمه”.
ولم يكتفِ الحزب بالاستيلاء على أراضي شيخان، بل إنه كان يطمع بالأراضي القريبة من القضاء، ومنها أراضي قرية بيرستك، إذ إنه وفقا للمصدر “استولى على ألف و700 قطعة أرض في هذه القرية القريبة من شيخان، عبر تحايله على أصحابها بحجة الرغبة في ضمها الى بلدية القضاء بشكل رسمي، إلا أنه حولها الى ملكية أعضائه، دون أن يعلم أصحابها وقام بطردهم بالقوة منها”، مبينا أن “300 قطعة في قرية بيرستك قام بتوزيعها على الكرد في قرى ديربون البائسة بمدينة زاخو شمال العراق”.
وأظهر المصدر، “قيام الحزب الديمقراطي بمنح الأراضي التي استولى عليها الى عوائل كردية من أجل إحداث تغيير ديموغرافي في القضاء ذي الأغلبية الايزيدية”، لافتا الى أن “التوزيع يتم بالشكل التالي، من مجموع 100 قطعة أرض يتم توزيع 90 قطعة أرض للكرد و10 فقط للمسيحيين و الايزيديين، أما العرب فهم ممنوعون من الحصول على أية قطعة أرض في هذا القضاء، وذلك بهدف تكريد القضاء الذي يوصف بأنه عراق مصغر بدون مشاكل تذكر”.
ونبَّه الى، أن “أكثر الأراضي تم توزيعها على أتباع الحزب الديمقراطي الكردستاني في قرى دوشفان وشف شيرين وراس العين ومناطق اخرى في شمال العراق”، مستدركا “المستفيدون من هذه الاراضي تم تغيير وثائق محل سكناهم من دهوك الى القضاء المذكور، وبدأوا بتزوير سندات وعقارات القضاء”.
ولفت الى، أنه “تم إجبار الكثيرين على البيع بأسلوب المحاربة والتهديد، الأمر الذي دفع الايزيديين الى مغادرة القضاء بسبب السياسات الممنهجة من قبل الحزب المذكور، وبذلك خسر الايزيديون أهم مركز لهم بعدما كانوا يشكلون أكثر من 90 بالمائة من سكنته، والبقية من المسيحيين”، مشيرا الى أن “الديمقراطي الكردستاني أحدث مشاكل دينية في المنطقة، ما أدى إلى هجرة ايزيدية إلى خارج البلاد، بحيث أصبحت المنطقة ذات أغلبية كردية مسلمة”.
وأضاف، “الآن وبعد كل ما جرى لا يمثل الايزيديون سوى 20 بالمائة في هذا القضاء بعد أن اجتاح القضاء سكان خمس قرى من كمب اتروش الكردية، واستيلائها على الاراضي الايزيدية، علما أن القانون لا يُجيز لأحد التلاعب بملكية الأراضي الزراعية او إقامة مبانٍ عليها، لكن تم توزيعها على أشخاص وتحولت مساحات شاسعة الى مدينة مجاورة للمدينة القديمة”.