استفتاء انفوبلس.. التطبيقات الخدمية تحت مجهر الجمهور… من يقود التجربة الرقمية العراقية؟
انفوبلس..
في ظل التحوّل المتسارع نحو الخدمات الرقمية واعتماد المواطنين المتزايد على التطبيقات الذكية في تفاصيل حياتهم اليومية، أعلنت شبكة انفوبلس نتائج استفتائها الجماهيري لاختيار أفضل تطبيق خدمي عراقي لعام 2025. الاستفتاء، الذي شهد تفاعلاً واسعاً، لم يقدّم مجرد ترتيب رقمي، بل عكس بوضوح طبيعة العلاقة بين المستخدم العراقي وهذه التطبيقات، ومستوى الثقة، وحدود الرضا، وتوقعات المستقبل في سوق يتّسع بسرعة ويتحوّل إلى ساحة تنافس حقيقية.
كشفت النتائج النهائية للاستفتاء الذي أجرته شبكة انفوبلس عن تصدّر تطبيق تكسي بلي المشهد الخدمي الرقمي العراقي لعام 2025، بعد حصوله على نسبة 51% من مجموع الأصوات، في نتيجة تعبّر عن حضور طاغٍ وثقة شعبية واضحة، مقارنة ببقية التطبيقات المشاركة في الاستفتاء.
وشارك في التصويت 1246 مستخدماً، ما يمنح النتائج ثقلاً معنوياً مهماً، خصوصاً أن الاستفتاء استند إلى تجربة المستخدم المباشرة، وليس إلى تقييمات فنية أو بيانات ترويجية. وهو ما يجعل هذه الأرقام مؤشراً على الواقع اليومي للتعامل مع التطبيقات الخدمية، لا مجرد انعكاس لحملات تسويق أو شهرة عابرة.
وجاء تطبيق سوبر كي في المرتبة الثانية بنسبة 42%، محافظاً على موقع متقدم يعكس قاعدة مستخدمين واسعة، وقدرة على المنافسة في سوق شديد الحساسية، يعتمد على السرعة، وتنوّع الخدمات، وسلاسة الاستخدام. هذا التقارب النسبي بين التطبيقين المتصدرين يؤشر إلى أن المنافسة لم تُحسم بشكل نهائي، وأن الجمهور ما زال يوازن بين أكثر من خيار وفق احتياجاته اليومية.
في المقابل، أظهرت النتائج تراجعاً واضحاً لبقية التطبيقات المشاركة، إذ حصل تطبيق طلباتي على نسبة 5% فقط، بينما جاءت تطبيقات سندباد وسواك بنسب هامشية لم تتجاوز 0%، في حين نال تطبيق IQ Cars نسبة 2% من الأصوات، وهي أرقام تعكس فجوة كبيرة في الحضور الجماهيري ومستوى التفاعل مقارنة بالمتصدرين.
-
استفتاء انفوبلس.. التطبيقات الخدمية تحت مجهر الجمهور… من يقود التجربة الرقمية العراقية؟
وتشير قراءة أولية لهذه النتائج إلى أن المستخدم العراقي بات أكثر انتقائية في تعامله مع التطبيقات الخدمية، وأكثر ميلاً إلى الاعتماد على تطبيق واحد أو اثنين يلبّيان احتياجاته الأساسية، بدلاً من تجربة عدد كبير من المنصات. وهو ما يفسّر تركز الأصوات في تطبيقين رئيسيين، مقابل تشتت محدود لبقية الخيارات.
ويرى متابعون للشأن الرقمي أن تصدّر “تكسي بلي” يعود إلى مجموعة عوامل متراكمة، أبرزها الانتشار الواسع، وسهولة الاستخدام، والاستجابة السريعة، إضافة إلى ترسيخ صورة ذهنية لدى المستخدم بوصفه تطبيقاً عملياً يمكن الاعتماد عليه في التنقّل والخدمات المرتبطة به. في حين أن “سوبر كي” استطاع أن ينافس بقوة من خلال تنوّع خدماته وقدرته على ملامسة احتياجات يومية مختلفة.
في المقابل، تعكس النتائج الضعيفة لبقية التطبيقات حجم التحديات التي تواجهها في بناء الثقة، أو توسيع قاعدة المستخدمين، أو حتى الحفاظ على حضورها في ظل سوق سريع التغيّر، لا يمنح فرصاً طويلة للتجربة والخطأ.
وتؤكد شبكة انفوبلس أن هذا الاستفتاء يأتي ضمن سياق عملها الهادف إلى قياس نبض الشارع، وتسليط الضوء على القطاعات التي باتت تمس حياة المواطن بشكل مباشر. فالتطبيقات الخدمية، بحسب القائمين على الاستفتاء، لم تعد ترفاً تقنياً، بل أصبحت جزءاً من البنية اليومية للحياة الحضرية، من التنقّل والتسوّق إلى الخدمات المنزلية وغيرها.
كما شددت الشبكة على أن نتائج الاستفتاء لا تمثل حكماً نهائياً أو تصنيفاً مهنياً متخصصاً، بل قراءة جماهيرية تعكس الانطباع العام وتجربة المستخدم، وهو ما يمنحها قيمة مختلفة عن التقارير الرسمية أو الدراسات الأكاديمية.
ويرى خبراء في الاقتصاد الرقمي أن هذه النتائج تحمل رسائل واضحة لشركات التطبيقات، مفادها أن المستخدم العراقي بات أكثر وعياً وأقل تسامحاً مع الأعطال، أو ضعف الخدمة، أو التعقيد في الاستخدام. كما أن الولاء للتطبيق لم يعد مضموناً، بل مرتبطاً بتجربة يومية متراكمة، يمكن أن تنهار عند أول إخفاق كبير.
ويشير هؤلاء إلى أن السوق العراقية، رغم حداثة تجربتها الرقمية مقارنة بدول أخرى، تُظهر نضجاً سريعاً في سلوك المستخدم، الذي بات يقارن، ويقيّم، ويعبّر عن رأيه علناً، سواء عبر الاستفتاءات أو التعليقات أو التقييمات الرقمية.
اللافت في هذا الاستفتاء هو حجم التفاعل الذي رافقه، سواء من حيث عدد المصوّتين أو التعليقات التي تجاوزت المئات، وتنوّعت بين الإشادة والانتقاد والمقارنة المباشرة بين التطبيقات، وهو ما يعكس حيوية النقاش العام حول جودة الخدمات الرقمية، وارتفاع سقف التوقعات.
وتندرج هذه الفعالية ضمن مشروع أوسع تعمل عليه شبكة انفوبلس، يقوم على تنظيم استفتاءات دورية في مجالات متعددة، من التعليم والصحة إلى المطاعم والبودكاست والخدمات الرقمية، في محاولة لتحويل الإعلام من ناقل للخبر إلى منصة تفاعلية، يكون فيها الجمهور شريكاً في صناعة المحتوى.
وفي المحصلة، تعكس نتائج استفتاء “أفضل تطبيق خدمي عراقي لعام 2025” واقعاً رقمياً واضح المعالم: تطبيقات قليلة استطاعت أن تحجز مكانها في ثقة المستخدم، فيما تجد تطبيقات أخرى نفسها أمام اختبار صعب لإعادة التموضع أو الخروج من المنافسة. وبين هذا وذاك، يبقى صوت الجمهور هو الحكم النهائي، والعامل الحاسم في رسم مستقبل السوق الرقمية العراقية، التي تبدو مقبلة على تحولات أعمق وأكثر تنافسية في السنوات المقبلة.