الحصبة في العراق بعد "نجاح" حملة التطعيم .. إحصاءات وأرقام ونسب وجداول منذ الانتشار حتى الآن
انفوبلس/ تقارير
بدأ من كركوك شمالا، لكنه سرعان ما انتشر في باقي المحافظات، عشرات الآلاف هي الإصابات، والوفيات مقلقة، الصحة أطلقت حملة وطنية للتطعيم لكنها كانت مبهمة، واليوم وبعد انتهاء هذه الحملة سلّطت انفوبلس الضوء عليها وعلى مرض الحصبة في العراق وإحصائياته وأبرز الفئات التي أُصيبت به ونسب الإصابة بالنسبة للملقحين وغير الملقحين، مع التقصي أيضا عن أسباب وصوله إلى المدارس.
*تذكير بالحملة الوطنية
قبل الشروع في التفاصيل، وكعادتها، تحرص انفوبلس على تذكير القارئ/ ة بخلفية بسيطة عن الموضوع كونها متناولةً هذا الحدث في بداياته، إذ أعلن وزير الصحة صالح الحسناوي في الرابع عشر من نيسان الماضي انطلاق الحملة الشاملة للقاح الحصبة في رياض الأطفال والمدارس الابتدائية، فيما أكد وزير التربية إبراهيم نامس الجبوري أن الحملة تستهدف نحو 7 ملايين تلميذ وتلميذة.
وبين الحسناوي، أن "هذه الحملة تقوم بها 9 آلاف فرقة مدربة من الرعاية الصحية الأولية وتستهدف 23 ألف مدرسة لتشكل كافة مدارس العراق من كردستان الى البصرة"، داعياً "أولياء الأمور الى إعطاء الموافقات لإدارات المدارس لأن أعداد الموافقين قليلة".
*نجاح الحملة الوطنية للتطعيم
وبعد نحو شهر من انطلاقها، أعلن وزير الصحة صالح الحسناوي، اليوم الاثنين، عن نجاح الحملة الوطنية للتطعيم ضد مرض الحصبة بنسبة تجاوزت 91% في عموم العراق .
وقال الحسناوي في مؤتمر صحفي عقده اليوم وتابعته "انفوبلس": إن "الحملة الوطنية ضد مرض الحصبة نجحت، بدعم مباشر من قبل رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني"، مبيناً أن "الحملة استهدفت أكثر من 7 ملايين تلميذ وطفل في المدارس ورياض الأطفال بعموم العراق من ضمنها إقليم كردستان واستهدفت أكثر من 23 ألف مدرسة وروضة".
وأضاف أن "الوزارة سخّرت كافة جهودها لتوفير المتطلبات اللازمة لإنجاح هذه الحملة من اللقاحات ومستلزماتها ومنذ يوم 14 نيسان الى نهاية الحملة التي استمرت لعشرة أيام فعلية نفذت أكثر من 92 ألف جلسة تلقيحية في عموم العراق ونفذها 27,759 موظفاً من الوزارة بالاضافة الى إسنادهم بـ 2,796 مشرفاً ميدانياً من مختلف المستويات وبلغ عدد التلاميذ الملقحين خلال الحملة 6,749,335".
*أصل اللقاحات ومدى أمنها
وبهذا الصدد، أوضح وزير الصحة، أن "جميع لقاحات البرنامج الوطني للتحصين هي لقاحات آمنة ومن مناشئ عالمية ومعتمدة من منظمة الصحة العالمية وتتبع وزارة الصحة إجراءات قياسية وبروتوكولاً صارماً لفحص وإطلاق اللقاحات للاستخدام"، لافتاً الى أن "الحملات الوطنية ليست بديلة عن جدول اللقاحات الروتيني الذي يعتبر الجزء الأساسي في بناء الجهاز المناعي للطفل ونوصي جميع الآباء والأمهات بالمبادرة بزيارة المراكز الصحية لإكمال لقاحات أطفالهم كونها حق من حقوق الطفل".
*بالأرقام.. إصابات ووفيات الحصبة
في آخر إحصائية رسمية، أكدت وزارة الصحة أنها سجلت أكثر من 27 ألف إصابة بمرض الحصبة، 96 بالمئة منها من غير الملقحين، و4 بالمئة هم من الملقحين الذين لم يكملوا الجرعتين"، في حين بينت أن "عدد الوفيات بلغ 43 حالة وفاة، 42 منهم غير ملقحين، وحالة واحدة فقط كانت امرأة ملقحة ولديها أمراض مزمنة".
وقال مدير عام الصحة العامة في الوزارة رياض عبد الأمير الحلفي للوكالة الرسمية، إن "نسبة موافقة أهالي التلاميذ على إعطاء لقاح الحصبة لأبنائهم متفاوتة، تتراوح بين الـ 60 و70 و90 بالمئة، لذلك لدينا رغبة في أن تسجل المدارس نسباً عالية من الموافقة خلال العشرة أيام من حملة اللقاح"، داعياً الأهالي إلى "الموافقة على تلقيح أبنائهم في المدارس للحفاظ على صحتهم وحياتهم من خطورة مرض الحصبة".
وأكد الحلفي، أن "مناشئ لقاح الحصبة من شركات عالمية، وهي معتمدة ضمن جدول لقاحات الأطفال في المراكز الصحية"، مبيناً أن "وزارة الصحة قررت إعطاء اللقاحات في المدارس ضمن حملاتها الصحية، لوجود نسبة كبيرة من غير الملقحين، فضلاً عن سرعة انتشار المرض بين طلبة المدارس".
*سبب انتشار المرض
في الوقت الذي تثار فيه تساؤلات عن أسباب انتشار المرض، وإن كانت العودة طبيعية أم استثنائية، قالت وزارة الصحة على لسان الطبيبة ربى فلاح، من إعلام الوزارة، إن مرض الحصبة "متوطن" وظهوره "ليس طارئا"، لكن الزيادة في الإصابات ظهرت قبل عام تقريبا.
وبيّنت فلاح، أن أسباب ذلك تعود إلى عدم أخذ اللقاح، وعدم التزام بعض الأسر بالجدول الوطني لحصول أطفالهم عليه.
وأكدت أن "اللقاح الذي تم استخدامه في عملية التطعيم آمن ومعتمد من قبل منظمة الصحة العالمية، ومن مناشئ عالمية رصينة، وهدفنا الأساسي هو بناء مجتمع متعاف صحيا".
وأوضحت أن "محافظة المثنى (جنوب) كانت الأكثر إقبالا على تلقي اللقاح، وفاق عدد الملقحين في المحافظة ما نسبته 97 بالمئة لغاية اليوم الـ9 من الحملة".
الطبيبة دعت المواطنين إلى "عدم الالتفات إلى الشائعات التي تتحدث بأن اللقاح يهدف إلى نشر الأمراض، وهي أحاديث مضللة وعارية عن الصحة كليا"، مستهجنة دوافع الحديث عن ذلك.
ولفتت إلى أن "مرض الحصبة من الأمراض سريعة العدوى والانتشار، لذلك فقد شملت المطاعيم الحصبة والحصبة الألمانية وكذلك النكاف".
النجف وذي قار تسجلان "أدنى" معدل إصابات
وبحسب جداول توزيع المرض وانتشاره، فقد جاءت محافظة النجف والمثنى في المراتب الأخيرة كأدنى محافظات تسجيل للإصابات، بينما جاءت ديالى في المقدمة بعشرات الإصابات.
وبهذا الصدد، أكد مدير قسم الصحة العامة في محافظة النجف الأشرف، قيس زوين، أن "مرض الحصبة المتفشي بالوقت الحالي هو نتيجة موجة عالمية لا تقتصر على العراق فقط، وإنما دول العالم جميعاً تعاني منه، حيث أن طبيعة هذا الفيروس تنتشر كل 4 سنوات وتأتي بطور جديد".
وتابع زوين، أن "النجف لم تسجل لغاية الآن أي وفيات بهذا المرض بعكس المحافظات الأخرى، ولا حتى أعراضاً قوية لدى المصابين، لكن هناك مؤشرات على ارتفاع كبير بالإصابات بين صفوف مواطني المحافظة".
من جانبه، أكد مدير قسم الصحة العامة بذي قار، محمد كشاش، أن "الموقف في ذي قار قياساً بالمحافظات الأخرى أقل من حيث الإصابات، حيث أن المرض في الوقت الحالي هو وباء عالمي".
وبين كشاش، أن "تفشي الوباء في طريقه نحو النزول بعدما كان يسير بطريقة تصاعدية في المحافظة، حيث سجلت ذي قار الأسبوع الماضي فقط 18 إصابة بالمرض وهي صاحبة الرقم الأقل بعدد المصابين بين المحافظات الأخرى". وكشفت مصادر مطلعة في المحافظتين لوكالة شفق نيوز، عن "عدد المصابين بمرض الحصبة، حيث تشير الإحصائيات إلى تسجيل أكثر من 500 إصابة خلال الفترة الماضية في المحافظتين".
*كيف وصل المرض لطلاب المدارس؟
ازدادت الاصابات بمرض الحصبة مؤخراً في مختلف محافظات العراق، حيث وصل الوباء إلى طلاب المدارس، وسط تساؤلات عديدة عن سرّ ذلك الانتشار.
وبهذا الصدد، قال المتحدث باسم وزارة الصحة سيف البدر، إن "ظاهرة انتشار مرض الحصبة بين طلاب المدارس ليست دقيقة ولكنها مجرد موجة وبائية في كل بلدان العالم والعراق وفي كل بضع سنوات تكون هناك زيادة في أعداد الاصابات".
وأضاف، أن "الوضع الصحي حتى اللحظة هو تحت السيطرة، والغالبية العظمى من المرضى يتماثلون للشفاء خلال أيام قليلة"، مشيراً إلى أن "هناك حالات نادرة تصبح لديها مضاعفات وربما تؤدي إلى الوفاة".
*هل سيستمر المرض؟ وما هو خلل التطعيم في العرق؟
بدورهم، قال أطباء تعليقا على انتشار المرض، إن "مرض الحصبة من الأوبئة القديمة، وكان منتشرا في البلاد قبل عقد من الزمن".
وأضافوا، أن الحصبة "من الأمراض المعدية التي يمكن السيطرة عليها باللقاحات، وتظهر مثل هذه الأوبئة نتيجة خلل ما في عملية التطعيم".
وأرجعوا، "خلل التطعيم إلى الأحداث التي ظهرت في العراق خلال السنوات الـ10 الأخيرة، من تهجير وحرب ضد عصابات تنظيم داعش الإرهابي، وظهور وباء كورونا (2019)".
وأوضح الأطباء، أن "تلك الأسباب كانت وراء تلكؤ بعض العوائل في الحصول على اللقاحات، وبخاصة الحصبة، ومنع ظهورها يحتاج إلى أن تكون نسبة الملقحين فوق 80 بالمئة".
واعتبروا، أن "الموجة الحالية للحصبة شبه ماضية للانتهاء، كون بدايتها كانت في سبتمبر/ أيلول الماضي، واليوم كأطباء في العيادات الخاصة نرى بأن الحالات أصبحت قليلة جداً مقارنة بالسابق".
الطبيب الرديني أكد أن "وزارة الصحة عملت بشكل كبير على حملة اللقاح، وقد نجحت بشكل كبير، وبخاصة بين طلبة المدارس، لأنهم الأكثر عرضة للإصابة جراء الاحتكاك في الفصول الصفية".
وشدد على أن "مرض الحصبة حالياً مسيطر عليه بالعراق، وهناك تراجع ملحوظ بالموجة، والعمل جار على مواجهة الانتشار في المدن التي تعرضت لبعض الظروف التي ذكرتها سابقا".
*أعراض المرض ومؤشراته
وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن الحصبة مرض شديد العدوى سببه فيروس ينتشر بسهولة عندما يتنفس شخص مصاب بعدواه أو يسعل أو يعطس، ويمكن أن يسبب مرضا وخيما ومضاعفات تؤدي في بعض الأحيان إلى الموت.
وأشارت المنظمة إلى أنه مرض يمكن أن يصيب أي شخص، ولكنه أكثر شيوعا بين الأطفال.
وتصيب الحصبة الجهاز التنفسي، ثم تنتشر في جميع أنحاء الجسم. ومن أعراضها الحمى العالية والسعال وسيلان الأنف وانتشار الطفح الجلدي في جميع أنحاء الجسم.
وتؤكد المنظمة على أن "التلقيح هو أفضل سبيل للوقاية من الإصابة بالحصبة أو نقلها إلى أشخاص آخرين، علما بأن اللقاح المضاد لها مأمون ويساعد الجسم على مكافحة الفيروس".
وأشارت التقديرات إلى أن عام 2022 شهد وفاة نحو 136 ألف شخص حول العالم بسبب الحصبة، معظمهم أطفال دون سن الخامسة، رغم توفر لقاح آمن.
وأدت التطعيمات المعجلة التي اعتمدتها البلدان وشركاء دوليون آخرون، إلى الحيلولة دون وقوع وفيات قُدّر عددها بنحو 57 مليون وفاة بين عامي 2000 و2022، وفق المصدر ذاته.
وتظهر مؤشرات مرض الحصبة وأعراضه الأولية بعد التعرض للفيروس بفترة تراوح بين 10 و14 يوماً، وعادة ما تشمل مؤشرات المرض الحمى والسعال الجاف، إضافة إلى طفح جلدي يتكون من بقع كبيرة مسطحة، وكثيرا ما تكون متصلة معا.