الحصر والحزم والترقيم.. التخطيط تستعد للمرحلة المقبلة من التعداد السكاني بعد نجاحه تجريبياً
انفوبلس..
كشفت وزارة التخطيط عن موعد المرحلة الثانية من التعداد السكاني بعد نجاح التعداد التجريبي وتعاون المواطنين بمستوى يفوق التوقعات، مؤكدة أن تلك المرحلة ستستمر لمدة شهرين وتتمثل بـ"الحصر والحزم والترقيم"، ويليها التعداد السكاني العام الذي يستغرق يومين ثم 5 أيام لاستكمال جميع البيانات.
صعوبات وتعاون
قال المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، إن “هناك أبعادا كثيرة تحققت من خلال التعداد السكاني (التجريبي)، تمثلت بالاستجابة الرائعة من قبل المواطنين، وهذا تشخيص مهم حيث كانت الاستجابة أكثر مما كنا نتوقع، من حيث التعاون والاستدلال بالبيانات الخاصة بأفراد الأُسر”.
وأضاف، إن “العامل الآخر تمثل بتوفير الأجواء الهادئة من قبل القوات الامنية، سواء للأسر او للباحثين الميدانيين، فضلا عن الدور الاعلامي الذي قدمته الحكومات المحلية على مستوى مديري النواحي والقائممقامين والمحافظين، وصولا الى الاندفاع الكبير لكوادر الوزارة الذين مارسوا عملهم رغم الصعوبات وقسوة الطقس”.
وأوضح الهنداوي، إن “هناك تحديات واجهت الكوادر، من بينها اتساع المساحات، لا سيما في الريف، حيث شمل التعداد التجريبي قرابة 40 قرية في عموم العراق”، لافتا الى أنه “في بعض المناطق واجهت الكوادر صعوبة في التنقل لعدم وجود طرق ممكن سالكة واضطرت الفرق قطع مسافات سيرا على الاقدام في ظل ارتفاع درجات الحرارة”.
واشار الى، أن “النتائج كانت ايجابية تحديدا في الجانب الفني وعملية تناقل البيانات وارسالها بشكل مباشر وسريع، ولم نسجل اشكالات”، موضحا ان “اختبار اداء الاجهزة اللوحية والتي تستخدم لأول مرة اثبتت نجاحها”.
المرحلة الثانية
وتابع الهنداوي، إن ”المرحلة المقبلة، في الـ20 من تموز ستبدأ فيها مرحلة الحزم والترقيم والحصر، وتستمر لمدة شهرين، وخلال الشهرين سنقوم بترقيم جميع المنازل والمباني وفق نظام المعلومات الجغرافية، وايضا حصر عدد افراد الاسر”، مشيرا الى ان “التعداد الذي سيستمر ليومين، يليهما من اربعة الى خمسة ايام لاستكمال جميع البيانات”.
التعداد التجريبي
وباشرت هيئة الإحصاء ونظم المعلومات الجغرافية في وزارة التخطيط، الجمعة 31 أيار 2024، أولى خطوات التعداد السكاني في العراق بعد تأجيله لأربع مرات متتالية خلال الـ27 عاما الماضية، بسبب الخلافات السياسية المحلية.
وانطلقت أولى خطوات التعداد السكاني المؤجل بسبب خلافات سياسية حول المذهب والدين، وهو ما جرى تجاوزه فعلياً بالإعلان عن بدء إجراءات الإحصاء التجريبي في الحادي والثلاثين من أيار، وتستمر مدة 14 يوما في 18 محافظة عراقية و86 منطقة.
وتوجّه الموظفون الذين يتولون عملية التعداد السكاني في العراق إلى المناطق لزيارة المنازل وإحصاء عدد الغرف والأفراد، وكذلك توجيه أسئلة عن معاش العائلة وعدد العاملين فيها، وعدد الذكور والإناث، بالإضافة إلى مسح الأمراض الموجودة.
آلية التعداد التجريبي
الخميس الماضي، كشف رئيس هيئة الإحصاء ونظّم المعلومات الجغرافية في الوزارة ضياء عواد كاظم عن آلية التعداد التجريبي للسكان، وقال إن "عملية التعداد التجريبي نجحت في جميع المحافظات بما فيها محافظات إقليم كردستان"، مبينا أن "التعداد شمل مشاركة أكثر من (1000) موظف في التعداد التجريبي موزعين بين العمل المكتبي والميداني في المحافظات كافة، بواقع (86) منطقة اختيرت في (41) محلة في الحضر و(45) قرية في الريف، جرى تقسيمها إلى (503) بلوكات، ويُضم كل بلوك (100) مبنى، أي بعدد (65390) مبنى مع الزيادة المتوقعة وعلى مدى (14) يوماً".
وأضاف أن "العمل بدأ يوم 31-5-2024، بحزم المحلات والقرى ومن ثم ترقيم المباني، ومُطابقتها مع الخرائط الإحصائية المرسومة من الصور الفضائية باستعمال نظّم المعلومات الجغرافية وأجهزة التابلت، بعدها جرى استيفاء استمارة الحصر والترقيم الالكترونية، اعتمادا على التطبيق الإلكتروني وتُرسل البيانات في اللحظة التي يتم فيها جمع البيانات في الميدان وتخزينها في مركز البيانات، ثم عملية تسجيل أفراد الأسرة والتي جرت بانسيابية عالية من دون أي مشكلة أو معوقات"، مشيرا الى أن "مُخرجات التعداد التجريبي تضمنت ترقيم حوالي (71) ألف مبنى، وإضافة حوالي ( 22 ) ألف مبنى، وحذف حوالي (8) آلاف مبنى، فيمّا بلغ عدد الأسر التي جُمعت منها البيانات (45) ألف و (277) أسرة".
وأكد أن "نسبة الذكور في رئاسة الأسرة شكلت (91%) ، والإناث (9%) كما بلغ عدد أفراد الأسر الإجمالي (273) ألف فرد، منهم (136) ألفاً و (599) فرداً من الذكور، يشكلون (50.1%) ، وعدد الإناث أكثر من (136) ألف يشكلن (49.9%)"، لافتا الى أن "متوسط حجم الأسرة بلغ (6) أفراد في جميع المحافظات، إذ سجلت المحافظات الجنوبية أعلى حجم للأسرة بمقدار (7) أفراد، فيّما كانت محافظة السليمانية الأقل بين المحافظات بمتوسط بلغ (4) أفراد".
وتابع أن "نتائج التعداد للمباني السكنية المملوكة للأسرة بلغت نسبتها (71%) ، ونسبة المباني المؤجرة (17%) ، فيما بلغ العدد الكلي للمباني أكثر من (61) ألف مبنى والتي كانت فيها مادة البناء من البلوك (45%) والطابوق (43%)"، مشيرا إلى أن "عدد المنشآت التي جرى حصرها وترقيمها (11) ألف و (585) منشأة، منها (614) منشأة حكومية، وأكثر من (7) آلاف منشأة خاصة وطنية، و (158) منشأة أجنبية مُقسمة بين عدد الذكور بنسبة (62%) والإناث (38%)".
وافتتح رئيس هيئة الإحصاء ونظّم المعلومات الجغرافية، غرفة عمليات التعداد العام للسكان والمساكن 2024.
كما استعرض مدير قسم تكنولوجيا المعلومات أحمد عبد الحسن آليات عمل غرفة عمليات التعداد والهدف من إنشائها، والتي جرى تجهيزها بأحدث الأجهزة الإلكترونية من الحاسوب والشاشات الرقمية، وأجهزة صوت ومكاتب ومنظومة إنترنت خاصة بالتعداد مع أجهزة أخرى مُصممة بنظام خاص لتنفيذ التعداد لغرض مُتابعة عمل العدّادين أثناء عملية إجراء العدّ والحصر والترقيم والحزم للسكان والمساكن، ورصد النتائج الخاصة بالتعداد.
تجاوز النقاط الخلافية
ولن يشمل التعداد، وهو الأول في العراق منذ 27 عاما، الطائفة أو المذهب، كما كانت تُصر بعض الأطراف السياسية الفاعلة في البلاد على ضرورة تصنيف الإحصاء العام للسكان حسب المذهب، إذ جرى حذف السؤال من الاستمارة الإلكترونية التي ستُملأ من قبل موظف التعداد الحكومي عبر الجهاز اللوحي "تابلت" المخصص لهذا الغرض.
ونُفذ التعداد التجريبي في 86 منطقة موزعة بين 18 محافظة واستمر لمدة 14 يوماً، وشارك فيه 764 موظفا من دائرة الإحصاء بوزارة التخطيط، على أن يبدأ التعداد العام شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل في عموم المدن والمحافظات العراقية في وقت واحد، وستشارك قوات الجيش والشرطة بتأمين عملية التعداد.
تفاصيل التعداد
الخبير الفني بوزارة التخطيط العراقية طه الحيالي أوضح أن "الإحصاء سيشمل الأمور الحياتية والاجتماعية والاقتصادية للعراقيين، وهو إجراء عملي لمعرفة عدد سكان العراق الدقيق، ووضع كل محافظة واحتياجات كل منطقة، بحيث يكون تخطيط الدولة مستقبلا مبنيا على أسس علمية ودقيقة وليس تخمينية"، مبينا أن "الإحصاء لن يشمل عدد العراقيين المذهبي، ولا علاقة له بانتماء أو تفكير الفرد العراقي".
وتمثل خطوة إلغاء الطائفة أو المذهب والانتماء الديني علامة مهمة للعراقيين الذين يطالبون باعتماد معيار المواطنة والمدنية في الدولة العراقية، ويُعد التعداد السكاني في العراق ملفاً سياسياً شائكاً، أكثر من كونه إجراء تنظيمياً، بسبب ارتباطه بالانتخابات والطائفية التي قامت عليها العملية السياسية منذ زمن الدكتاتورية.
ويعتمد العراق حاليا في نظام الانتخابات على أن لكل 100 ألف شخص نائباً، ويمنح تقديرات السكان بشكل تقريبي لكل دائرة انتخابية، وفقاً لبيانات وزارة التجارة.
ويُقدر حاليا العدد الإجمالي لسكان العراق ممن يعيشون داخله بـ43 مليون نسمة، في حين تبلغ أرقام عراقيي المهجر أكثر من 6 ملايين يتوزعون على نحو 40 دولة.
تأجيلات متكررة
وآخر تعداد سكاني أجراه العراق كان في عام 1997، واستُثنت منه محافظات إقليم كردستان الثلاث (أربيل، السليمانية، دهوك) لأنها كانت خارج سيطرة النظام العراقي في ذلك الوقت، وأظهر أن عدد السكان يبلغ 22 مليون نسمة.
ويجرى التعداد السكاني في العراق مرة واحدة كل عشر سنوات، وكان من المفترض أن يجرى عام 2007، لكنه تأجل إلى العام 2009 بسبب الظروف الأمنية، ثم تأجل عشر سنوات بسبب المشاكل الأمنية ودخول تنظيم "داعش"، وفي 2019، أُرجئ مُجدداً بسبب خلافات سياسية تخص المناطق المتنازع عليها وعدم وجود تخصيصات مالية وجائحة كورونا.
في وقت تواصل وزارة التخطيط العراقية استعداداتها لإجراء التعداد العام للسكان والمساكن في العراق يوم الـ20 من نوفمبر 2024.
الاستعدادات التقنية والتكنولوجية
المتحدث باسم الوزارة عبدالزهرة الهنداوي، أكد في تصريح صحافي، أن "بعض الاستعدادات اكتملت وبعضها الآخر سيكتمل بحسب التوقيتات الزمنية للخطة خلال ما تبقى من المدة التي تفصلنا عن موعد تنفيذ التعداد العام للسكان".
ونوه إلى أن "المتطلبات الفنية واللوجستية اكتملت تقريباً وهي المتمثلة بالتعاقد مع شركة عالمية لتصنيع الأجهزة اللوحية (التابلت)، وبدأت الشركة المعنية بالتصنيع واستلمت أول وجبة من هذه الأجهزة مطلع مايو (أيار) الجاري، وستستخدم هذه الأجهزة في تنفيذ التعداد التجريبي الذي سينفذ قبل نهاية الشهر الجاري".
وأضاف، أنه "هناك شركات أخرى تم التعاقد معها، وهي تواصل عملها في ما يتعلق بإنشاء مراكز للبيانات وللاتصالات وكذلك التطبيقات والبرامجيات، وتم إكمال الصور الفضائية والخرائط للوحدات الإدارية على مستوى المحافظة والقضاء والناحية والقرية، وسيربط نظام الاستمارة بنظم المعلومات الجغرافية لتكون حركة العداد وفقاً لهذا النظام بالوصول إلى المسكن أو المكان المحدد للعداد".
وأكمل أن "عمليات تدريب العدادين ستبدأ خلال العطلة الصيفية المقبلة، إذ سينخرط العدادون وهم من الكوادر التعليمية والتدريسية في وزارة التربية في دورات تدريبية مكثفة لتعلم كيفية ملء الاستمارة واستخدام الأجهزة اللوحية وغيرها من التفاصيل. كما ستتم عمليات الحزم والترقيم والحصر التي تستمر لمدة شهرين (أغسطس / آب وسبتمبر / أيلول 2024). هذه العملية تتضمن ترقيم جميع الدور والمباني والمنشآت في عموم العراق، وعند إكمال هذه المراحل والعمليات ستكتمل الاستعدادات لتنفيذ التعداد العام للسكان والمساكن في موعده المقرر في الـ20 من نوفمبر 2024".