الروتين يقتل العراقيين.. ما هي أصعب معاملة حكومية من ناحية الإجراءات المعقدة؟
تعرف على التفاصيل المضحكة المبكية
الروتين يقتل العراقيين.. ما هي أصعب معاملة حكومية من ناحية الإجراءات المعقدة؟
انفوبلس/..
تعيش دوائر الدولة العراقية أجواء روتينية لا نبالغ إن وصفناها بالقاتلة، الأمر الذي يؤثر سلباً على كفاءة الخدمات الحكومية ويُبطئ التقدم والتطوير، حيث يُعد هذا الوضع الإداري الذي يعتمد على الإجراءات البيروقراطية المعقدة والتأخير في اتخاذ القرارات، سببا رئيسيا في إرباك حياة المواطنين وتعطيل العمل الحكومي.
وتتنوع وتتعدد المعاملات في العراق التي تشهد إجراءات روتينية مُملّة، لكن تتصدرها معاملات النقل للموظفين من دائرة إلى أخرى أو من محافظة الى أخرى، وكذلك معاملات بيع العقار وإصدار البطاقة الوطنية (الموحدة) وغيرها.
*شكاوى متكررة
وتشير الشكاوى المتكررة من قبل المواطنين إلى تأخر في تقديم الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والإسكان، ويعود هذا التأخير إلى إجراءات تصديق الوثائق والتصديقات الرسمية التي تأخذ وقتا طويلا، وتزيد من معاناة الأفراد الذين يعانون من الحاجة الماسّة إلى هذه الخدمات.
ويرى تحسين الموسوي، مدير عام سابق في إحدى الوزارات، أن “التأخر في المعاملات يكبّد البلد خسائر جمّة، وهو ما يتوجب إنهاء تلك الظاهرة، التي تنخر في جسد الدولة العراقية”، مشيراً إلى أن “التأخير في المعاملات يعود في الأساس الى الابتزاز والسمسمرة، ورغبة الكثير من الموظفين بانتزاع أكبر قدر ممكن من أموال المواطنين”.
وقال الموسوي، إن “الحل لهذه المعضلة الخطيرة، هو في الحوكمة الالكترونية، وتحويل المدفوعات رقمياً، وتفعيل الرقابة وتقليل خطوات المعاملات، لكن يبدو أن القوى السياسية مستفيدة من هذا الوضع، وهي تهدف لضرب اقتصاد البلاد”.
ويرى مختصون، أن الروتين الإداري يتسبب في تباطؤ عمل القطاعات الحكومية، حيث يعيق اتخاذ القرارات السريعة والمرونة في التنفيذ، كما يجد المسؤولون صعوبة في مواكبة التحولات السريعة في المجتمع وتلبية احتياجاته بفعالية.
*حيل تلاعب
ويُعد الفساد والتلاعب بالإجراءات الإدارية أموراً تتعاظم في ظل هذا الروتين الإداري، حيث يجد بعض المسؤولين طرقا وحيلاً لتحقيق مكاسب شخصية على حساب مصلحة العامة، يشكل هذا الواقع تحديا كبيرا يجب مواجهته بشكل جاد من قبل الجهات الرقابية.
ويقول مواطنون، إن إنجاز أي معاملة في دوائر الدولة يحتاج الى مراجعات كثيرة، وانتقال من مكان لآخر في ظل زحام الشوارع، والوقوف في طوابير طويلة عدة لساعات، فضلاً عن إنفاق مبالغ مالية كبيرة.
وتعاني أغلب الدوائر الحكومية بشكل يومي من تكدس بشري بفعل ضيق مساحات بناياتها، وخصوصاً دوائر التقاعد والضرائب والأحوال المدنية، ما يؤدي أحياناً إلى شجار أو تدافع بين المراجعين، ويتعرض بعضهم إلى حالات إغماء أثناء انتظارهم في الطوابير الطويلة لإنجاز معاملاتهم.
يشار إلى أن الحكومة العراقية كانت قد وعدت مرارا بالتخلص من روتين المعاملات وحلقاته الزائدة، واعتماد إجرائها إلكترونيا، إلا أن تلك الوعود لم تتحقق.
ويؤكد مسؤول في مجلس الوزراء، اشترط عدم ذكر اسمه، أن الحكومة مازالت تعمل على إنجاز التحول الرقمي في دوائر الدولة، إلا أنه يستغرق وقتاً، مبيناً أن "بعض المعاملات لا يمكن أن تُنجز إلكترونياً لاسيما التي نحتاج فيها إلى فحص طبي ومقابلات مباشرة، لكن الوزارات مسؤولة عن تنظيم ذلك وتوفير أماكن لإجرائها تتناسب مع الأعداد، وأن توزع على المحافظات".
ويوضح، أن "هناك سوء تنظيم لدى الوزارات بإجراء المعاملات. نسعى للتخلص من ذلك، ونعمل على برامج ستحقق نقلة نوعية بالتحول إلى المعاملات الإلكترونية".
*الزهيري قُتل بسبب إجراءات المعاملات
وفي وقت سابق، ندَّد طيف واسع من المواطنين بحادثة مقتل الدكتور في كلية طب الأسنان بجامعة بابل علاء الزهيري، منتقدين الإجراءات المعقدة لمعاملات النقل الخارجي الخاصة بالموظفين ومعتبرين أنها تسببت بمقتله.
المنددون سلطوا الضوء على إجراءات النقل الخارجي، حيث إنها تمثل حلقة معقدة يدور فيها الموظف لسنوات عديدة من خدمته في الوظيفة.
عملية النقل الخارجي للموظف تعتمد بشكل مباشر على الموازنة التي من المفترض أن تُقر بداية السنة وتأتي تعليمات تنفيذها منتصف السنة، لكن واقع الموازنات في العراق يتأخر إلى منتصف السنة، وبعدها يحق للموظف أن يروج معاملة نقله.
المعقد في الموضوع أن إجراءات معاملة النقل الخارجي تستغرق 8 أشهر تقريباً، لذلك حين الوصول إلى شهر 12 تنتهي السنة المالية، وتصبح معاملة النقل بدون غطاء مالي.
الزهيري تم إقناعه من قبل بعض معارفه بإمكانية النقل عن طريق دفع مبلغ 20 ألف دولار، لكنه لم يكن يعلم أنهم عصابة نصب واحتيال، حتى فشلت معاملة النقل وطالبهم بإرجاع المبلغ ما دفعهم إلى خطفه وابتزاز عائلته ثم قتله.
المواطنون أكدوا أن عصابات الابتزاز والمساومة منتشرة في الكثير من دوائر الدولة، وهي التي تتحكم اليوم بكل مصائر الموظفين، النقل بثمن، التوزيع في الأماكن المرغوبة بثمن، إجازة الخمس سنوات بثمن، الإجازة الدراسية، الإيفاد، مكافأة التقاعد، حيث إنهم لم يتركوا أي منفذ يمكنهم الحصول على المال أو (أشياء أخرى) من خلاله ولم يستغلوه.
لافتين إلى أن توغل هذه المافيات اليوم وصل إلى حد الخطف والاغتيال، وأنها جرس إنذار لما قد تصل إليه هذه العصابات الإجرامية في المستقبل القريب.