تزايد استغلال مصابي "متلازمة داون" للتربّح ومشاهير العراق في قفص الاتهام
انفوبلس/..
يكرر مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي في العراق، خلال الفترة الأخيرة، استغلال الأطفال، أو الكبار، من المصابين بـ"متلازمة داون" في مواقف ساخرة، أو تصوير ردّات فعلهم، وأحياناً توريطهم في الحديث عن الخلافات السياسية، ما يثير استهجان ناشطي حقوق الإنسان.
يعيش المصابون بمتلازمة داون وذووهم صعوبات كبيرة، بسبب نظرة المجتمع العراقي الدونية لهم، فضلاً عن ضعف دور المؤسسات الصحية والاجتماعية المختصة برعايتهم وتأهيلهم، في حين يفاقم استغلالهم التعدي على حقوقهم، ونظرة الاستخفاف بهم.
تقول الناشطة إيناس العزاوي، إن "عدداً من الشخصيات المشهورة على مواقع التواصل، وتحديداً في تطبيق (تيك توك)، يستغلون المصابين بمتلازمة داون عبر التنمر عليهم، أو السخرية منهم. لم تهتم الحكومات العراقية طوال عقود بتلك الشريحة، كما لم تخصص مجالاً لإقرار قوانين تحميهم، أو توفر لهم الرعاية اللازمة، سواء من قبل ذويهم، أو الغرباء الذين يسعون إلى استغلالهم، وعدم وجود قانون يحميهم يؤدي إلى مزيدٍ من التجاوزات بحقهم".
ويقول الناشط في حقوق الأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة، علاء الكوتاوي، إن "ما لا يعرفه غالبية الناس أن المصابين بمتلازمة داون غالبيتهم موهوبون بالفطرة، ويمكنهم أداء مهام مثل الرسم والعزف، كما أنهم يتعاملون بود مع الآخرين، لكن هناك استغلالاً من قبل بعض المشاهير الذين باتوا يعتمدون على أقاربهم المصابين بالمرض للوصول إلى الناس عبر مقاطع مصورة مهينة".
وأضاف كوتاوي، أن "هناك حالات عديدة موثقة للتنمر على المصابين بمتلازمة داون، وحالات إجبار للأطفال المصابين على الرقص، أو إجبارهم على الحديث في مواضيع معقدة، أو الحديث عبر الهاتف مع آخرين، ومن واجب الشرطة المجتمعية التابعة لوزارة الداخلية ملاحقة ومعاقبة المسيئين، ومنع أي تجاوزات جديدة".
ولا يملك العراق سوى منظمة "مؤسسة المحاربين" (غير حكومية) لرعاية وتمكين المصابين بمتلازمة داون، لكنها برغم الجهود الكبيرة فإنها لا تملك القدرة على رعاية كل الحالات.
وتؤكد عضو المنظمة، نوارة العيداني، أن "التنمر على المصابين بمتلازمة داون شاع كثيراً خلال السنوات الماضية، خصوصاً مع عدم وجود قانون لحمايتهم رغم المطالبات الكثيرة من الناشطين في مجال حقوق الإنسان، وبعض المنظمات المعنية بحماية الطفولة وذوي الاحتياجات الخاصة، وهم يتعرضون للتنمر مع العلم أن الكثير منهم يملك مواهب عدة".
وأكملت الناشطة العراقية، أن "مؤسسة المحاربين طورت مواهب الكثير من المصابين، ومنحتهم الفرصة لإظهار أنفسهم بكل ثقة، وبات لدينا رسامون وعازفون وراقصون بل وممثلون مصابون بمتلازمة داون، ومن واجب الحكومة حماية هذه الشريحة، وغلق الطريق أمام من يستهين بها".
وأكد العضو السابق في مفوضية حقوق الإنسان العراقية، أنس العزاوي، أن "التنمر والإساءة إلى المصابين بمتلازمة داون وذوي الاحتياجات الخاصة كان من ضمن تقارير المفوضية المتكررة، وكانت هناك برامج عمل مكثفة، سواء مع وزارة العمل أو الجمعيات والمنظمات المحلية، وأشرنا في كثير من المؤتمرات إلى أهمية مكافحة هذه الظاهرة التي تزيد من شعورهم بالإحباط".
وأوضح أن "جزءاً من التعاون مع أفراد الشرطة المجتمعية ينصب على مكافحة حالات التنمر، وخصوصاً التنمر الرقمي المتمثل باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي لتوجيه النقد أو الإهانة، أو الدعايات التجارية لبعض المنتجات، كما أن ظهورهم بموافقة ذويهم في هذه الدعايات يتضمن جوانب سلبية، وبعض الأهالي يحاولون الدفع بأبنائهم للاندماج في المجتمع، وهذا أمر إيجابي، لكن السلبيات تأتي من إساءة استخدام المحتوى، أو استخدامه للتنمر، أو إثارة الضحك".
وبيَّنت المعالجة النفسية، نورا ماجد، أن "بعض المصابين بمتلازمة داون يولدون مع مشاكل صحية تحتاج إلى متابعة طبية مستمرة، وبالتالي فإن التنمر عليهم، أو توظيفهم كأدوات لتحقيق المشاهدات والتربّح عبر مواقع التواصل، قد يزيد من حالاتهم المرضية"، معتبرة، أن "المصابين يحتاجون إلى أن تعاملهم كما الناس الطبيعيين، وليس التنمر عليهم، أو وضعهم في مواقف صعبة بحجة أنها طريفة، وهذا يحتاج إلى انتباه الجهات الأمنية والرقابية والصحية، لأن في هذا السلوك تأسيساً لمرحلة جديدة من مراحل التنمر المتفشي في المجتمع العراقي".
وقال الخبير القانوني، علي التميمي، إن القانون العراقي يُعاقب مستغلي المصابين بمتلازمة داون من دون العودة إلى ذويهم، مؤكداً أن "من حق الأهل إقامة دعاوى ضد المؤسسات والأشخاص الذين يستغلون أصحاب متلازمة داون، والمطالبة بالتعويض".