تواطؤ حكومي وسياسي.. الفساد ينخر قطاع الصيدلة في العراق
انفوبلس/..
لم يكن قطاع الصيدلة في العراق بعيداً عن الفساد الذي اخذ يجوب مختلف القطاعات، والأمر الذي لا يختلف عليه اثنان، أن هذا الفساد لم يكن ليحدث لولا وجود تواطؤ من قبل جهات حكومية وأحزاب سياسية أحكمت قبضتها على كل متعلقات الوضع الطبي داخل البلاد.
وبحسب مسؤولين في نقابة الصيادلة رفضوا ذكر أسمائهم لأسباب خاصة، فإن العراق "فقد السيطرة على صناعة واستيراد الأدوية، وهناك 70% إلى 80% منها تصل البلاد مغشوشة أو مهرّبة".
*التهريب
يقول عضو مجلس النواب، باسم خشان، إن "عمليات تهريب الأدوية أحياناً تدخل من منافذ رسمية لكن من دون علم وزارة الصحة، وذلك يجري حين يتم إخفاء الأدوية المهربة مع مركبات أخرى، حينها تدخل الشحنة بشكل رسمي".
ويتهم خشان "مافيات لم يسمها بالسيطرة على قطاع الأدوية الصحية في العراق".
ويؤكد، أن "ما يدخل إلى العراق من أدوية بشكل رسمي لا يتجاوز 30 في المئة فقط"، محذراً من خطورة الأدوية الفاسدة على صحة العراقيين.
*أخطر أنواع الفساد
يقول زهير الفتلاوي، في مقال نشره بأحد المواقع العراقية، أن "نقابة صيادلة العراق اصبحت من أعرق المؤسسات النقابية في الفساد والمتاجرة بالسموم وتسويق الادوية الفاسدة من المذاخر الى الصيدليات".
ويلفت إلى أن "غياب تطبيق المعايير أدى إلى فوضى في قطاع الادوية استغلتها نقابة الصيادلة فضلا عن فوضى القطاع الدوائي بوزارة الصحة ووجود بيروقراطية قاتلة في قسم تسجيل الادوية الطبية في الوزارة وعدم جدية المسؤولين في التعامل مع هذه القضايا الخطيرة إضافة الى التغيير المستمر في شروط التسجيل مما يدفع الشركات إلى اتباع أساليب غير مشروعة".
ويؤكد، أن "ملف الفساد الصحي أصبح لا يطاق، فالصيدليات اليوم باتت مسرحاً لأحد أخطر أنواع الفساد.. الصيدليات الوهمية حدث ولا حرج. الصيدليات للمسؤولين في النقابة دخلت في متاهة تحقيق الربح بأي وسيلة".
*تأجير إجازة المهنة
ويشير الفتلاوي إلى مشكلة (تأجير او بيع) اجازة ممارسة مهنة الصيدلة من قبل بعض الصيادلة، "بذلك، يُفتح الباب أمام تحويل المهنة الى تجارة بشتى الوسائل، في ظل غياب الرقابة من قبل الهرم النقابي، وهناك اتهامات لوزارة الصحة بهذا الاهمال الجسيم وسرقة الادوية من المستشفيات الحكومية وبيعها في الصيدليات الاهلية"، متسائلاً: "أين اجراءات مجلس الوزراء وهيئة النزاهة، ووزارة الصحة ومن يعنيه هذا الامر الخطير للغاية".
*محاربة
جواد الموسوي، عضو لجنة الصحة والبيئة في الدورة البرلمانية السابقة، يقول، إنه "لا توجد أي سيطرة نوعية على عملية صناعة الأدوية داخل العراق أو استيرادها إلى البلاد".
ويشير إلى أن مصنع "أدوية سامراء" العراقي يُعدّ أحد أكبر المصانع في الشرق الأوسط، والأدوية المنتجة فيه رصينة وجيدة جداً لكنه "يعاني مشاكل عدة ومحاربة من بعض الشخصيات" التي لم يذكرها.
*المتنفذون يسيطرون
وفي وقت ماض، نقل تقرير لصحيفة واشنطن بوست عن مسؤولين عراقيين سابقين وحاليين رفضوا الكشف عن اسمائهم، القول إن "الفساد مستشر في العراق، والأموال المخصصة لكل شيء من توفير أدوية الى انشاء مستشفيات يتم الاستحواذ عليها من متنفذين في وزارة الصحة ورجال اعمال، ومجاميع سياسية".
وفي مايو (أيار) الماضي، يبين وزير الصحة السابق جعفر علاوي، أن حجم أموال الأدوية التي تُهرَّب إلى العراق تُقدَّر بما بين 5 إلى 7 مليارات سنوياً. وأضاف في مقابلة تلفزيونية، إن الوزير الذي سبقه (علاء العلواني) استقال من منصبه بسبب ضغوط ومساومات كبيرة.
*تعديل القانون
من جانبه، قال الخبير القانوني علي التميمي، إن "قانون مزاولة مهنة الصيدلة رقم 40 لسنة 1970 يعاقب في المادتين 50 و51 بالحبس على الغش في بيع الأدوية أي بيعها منتهية الصلاحية".
ونوه، إلى "أهمية تطبيق المادة 4 من قانون مكافحة الإرهاب رقم 13 لعام 2005 على بائعي الأدوية منتهية الصلاحية، خاصة وأن بيعها يعد إرهاباً عاماً ورعباً وإشاعة الموت، فالقصد الجنائي من الجريمة يدل على قتل مع سبق الإصرار والترصد وفق المادة 406 من قانون العقوبات العراقي".
وأضاف التميمي، أن "قانون مزاولة مهنة الصيدلة بحاجة إلى مراجعة وتعديل وتطبيق لأن العراق عام 1970 ليس كما هو الآن، بالإضافة الى الأسعار الخيالية للأدوية التي تعد فساداً وقتلاً للفقراء".