جيوش إلكترونية تروج لمقاطعة الانتخابات في محافظات الأغلبية وفرق تخريب تمزق صور الشهداء والمرشحين.. مَن يقف وراء هذه الموجة الفاشلة؟
انفوبلس/..
تشهد العاصمة بغداد، ومحافظات عراقية أخرى، حملات محمومة لتمزيق صور ويافطات المرشحين للانتخابات المحلية، الأمر الذي دفع القوات الأمنية إلى شن حملة اعتقالات طالت عددا من المسؤولين ومرتكبي هذه الأفعال.
وتداول ناشطون مجموعة من الصور ومقاطع الفيديو المصورة بالهواتف المحمولة، ظهور شبان يقومون بتمزيق صور المرشحين لانتخابات مجالس المحافظات المقرر إجراؤها في الـ18 من كانون الأول المقبل.
وتزامناً مع ذلك، برزت دعوات قادتها جيوش إلكترونية تروج لمقاطعة الاقتراع في المحافظات ذات الأغلبية الشيعية، وسط تساؤلات عن أهداف وغايات الجهات التي تقف وراء هذه الموجة الفاشلة.
*تحسُّن مرتقب
أكدت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، اليوم السبت، أن الفترة المقبلة ستشهد تحسناً بحماية المرشحين ودعاياتهم إثر توجيهات رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، فيما كشفت عن إلقاء القوات الأمنية القبض على متهمين بتمزيق الدعايات الانتخابية.
وقال رئيس الفريق الإعلامي في المفوضية، عماد جميل، إن "الأجهزة الأمنية تتابع أي اعتداء على الدعايات الانتخابية، لكن بعد تأكيد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، على ذلك، تم تشكيل لجنة أمنية عليا للحفاظ على الدعايات الانتخابية والمرشحين".
وأوضح جميل، إن "الحكومة والقوات الأمنية حريصتان على سلامة العملية الانتخابية، وأن توجيه رئيس مجلس الوزراء، سيقلل من مخالفات تمزيق الدعايات الانتخابية، لاسيما أن أعدادها ستزداد كلما اقتربت من اليوم المحدد للتصويت".
وأضاف: "سيكون هنالك تحسن في قضية حماية المرشحين أو الدعايات الانتخابية خلال الفترة المقبلة"، مشيراً إلى أن "الدعايات الانتخابية تعرضت للتمزيق بشكل واسع خلال الأيام الأخيرة، وهذه المخالفات شهدتها جميع المحافظات وهي لم تستهدف حزباً معيناً أو تحالفاً معيناً أو مرشحاً معيناً بل تقريباً كانت متساوية".
وأكد، إن "القوات الأمنية ألقت القبض على بعض العناصر التي قامت بتمزيق الدعايات الانتخابية".
وكان رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، قد أكد خلال ترؤسه الجلسة الحادية عشرة للهيئة العليا للتنسيق بين المحافظات، أن الحكومة وفرت للمفوضية كل ما تحتاجه في الانتخابات التي ستجرى الشهر المقبل، وهو ما أسهم باكتمال الإجراءات وإنجاز جدول الأعمال المخطط له من قبل المفوضية"، مشيراً الى أنه "تم تشكيل لجنة أمنية عليا لغرض ضمان الأجواء الآمنة المستقرة للبيئة الانتخابية للمرشحين وحملاتهم الانتخابية".
*توجيهات قضائية
ولم يكن مجلس القضاء الأعلى بعيداً عن مجريات الأحداث، إذ أصدر عدة توجيهات تصب في صالح حماية المرشحين وسير العملية الانتخابية بشكل عام.
وفي السابع من تشرين الثاني الجاري، وجه القضاء، محاكم التحقيق، التنسيق مع الجهات الامنية المختصة لإلقاء القبض على من يمزق الصور والدعايات الانتخابية للمرشحين لانتخابات مجالس المحافظات وفرض العقوبات بحقهم وفق القانون.
ثم عاد في يوم 12 من الشهر الحالي، ليصدر توجيهاً جديداً. وجاء في وثيقة مذيّلة بتوقيع فائق زيدان (رئيس المجلس)، أنه "بالنظر لقرب موعد إجراء انتخابات مجالس المحافظات وانطلاق الحملات الإعلامية الخاصة بالمرشحين لخوض هذه الانتخابات، اقتضى إسناد إجراءات هيئة الإعلام والاتصالات فيما يخص الأداء الإعلامي لبعض المؤسسات الإعلامية والضيوف الذين يظهرون من خلالها في حال مخالفة القانون من خلال القذف والسب المعاقب عليه بموجب أحكام المواد (433 و 434 و 435) من قانون العقوبات النافذ كذلك اتخاذ الإجراءات القانونية بحق من يتجاوز على المنشورات الدعائية للمرشحين والأحزاب".
*اعتقالات
ونفذت القوات الأمنية، اعتقالات طالت العشرات من الأشخاص الذين تولَّوا حملات لتشوية الدعايات الانتخابية في مناطق متفرقة من البلاد.
*مَن يقود الحملة؟
ومن المشكلات التي حصلت مؤخراً أيضاً، هي دعوات مقاطعة الاقتراع، خاصة بعد توجيه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، أنصاره بالمقاطعة، لينخرط أنصاره في عرقلة سير الحملة الانتخابية للمرشحين من خلال تمزيق لافتاتهم الدعائية.
ونظّم العشرات من أنصار الصدر مظاهرات ليلية في العاصمة بغداد وعدد من مدن جنوب البلاد، معبّرين عن رفضهم لإجراء الانتخابات المحليّة. وقام بعض المتظاهرين بتمزيق صور المرشحين ورفع شعارات مناهضة لهم وخصوصا لمن ينتمون منهم إلى الأحزاب المكوّنة للإطار التنسيقي الأكثر عداءً للصدر وتياره.
ورداً على حملات المقاطعة، حذر رئيس تحالف قوى الدولة الوطنية، عمار الحكيم، أمس الجمعة، من دعوات منع الناس لعدم المشاركة في الانتخابات.
وأشار الحكيم في المؤتمر الانتخابي لتيار الحكمة، إلى أن "العراق بحاجة لسياسة متوازنة تُبنى على أساس مصالح العراق وشعبه، داعيا إلى علاقة تكاملية بين المحافظات، واعتماد فرص العمل للشباب كمعيار لتحديد أولوية المشاريع".
وشدد على "ضرورة مشاركة واسعة وفاعلة وواعية في الانتخابات، مبينا أن المشاركة حق لكل فرد كما أن عدم المشاركة حق لكل ناخب".
وحذر الحكيم، من "دعوات عدم المشاركة ومنع الناس من المشاركة كونها ستخلق نتائج غير متوازنة في تمثيل المكونات الاجتماعية ولا سيما في المحافظات ذات التمثيل المكوناتي المتنوع، وحمّلنا دُعاة منع الناس من المشاركة، مسؤولية اختلال التوازن المكوناتي وحالة عدم الاستقرار التي ستترتب عليه".
*مخالفات
يرى الباحث في الشأن السياسي العراقي، زياد العرار، أن "عملية تمزيق صور المرشحين، هي مخالفات تُرتكب من قبل أشخاص مؤيدين لمرشح معين، أو بتوجيه من مرشحين، وهذا يدل على عدم فهم العملية الانتخابية والديمقراطية، وقد قامت المفوضية بوضع ضوابط ولوائح تنص على معاقبة المخالفين للشروط".
وأشار العرار، إلى أن "كل ما يجري من صراعات ومخالفات في العملية الانتخابية، تؤكد بأن مفهوم الانتخابات في الشارع العراقي، بسيط جداً".
واختتم العرار، حديثه بالقول، إن "الخطأ الكبير في مفهوم المجتمع العراقي، هو اعتقاده بأن العملية الديمقراطية هي الانتخابات، إلا أن الأخيرة هي جزء مقوم للديمقراطية، التي تبدأ بحرية الرأي وتنتهي بصندوق الاقتراع، لذا إننا بحاجة إلى برامج توعوية من خلال فعاليات مجتمعية وسياسية، لبرمجة فكر المواطن تجاه الديمقراطية الحديثة".