حالة عدم تفاؤل ومستقبل قاتم.. قطاع التعليم في كردستان مهدد والطلبة المتضرر الأول
الوضع على حافة الهاوية
حالة عدم تفاؤل ومستقبل قاتم.. قطاع التعليم في كردستان مهدد والطلبة المتضرر الأول
انفوبلس/..
يمر مشهد التعليم بمختلف المراحل في إقليم كردستان العراق بـ"نكسة" جراء سياسات الأحزاب الكردية الحاكمة وبالتحديد تلك التابعة للبارزانيين، فما نتج عنها من أخطاء أربكت قطاعات مختلفة يتصدرها ملف التعليم، وسط تحذيرات من أن تلك السياسات والأزمات التي يشهدها الإقليم قد تؤثر بشكل سلبي كبير على مستقبل الطلبة.
وغالباً ما يتظاهر المدرسون والمعلمون دائما أمام مقرات الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في الإقليم، ودعا الحزب المتظاهرين مرات عدة إلى عدم التظاهر أمام مقرات حزبه، غير أنه فشل في ردهم، وقد توسعت هذه التظاهرات حتى وصلت إلى ساحة التحرير في بغداد، كما لم تسلم الطرق الخارجية في الإقليم من القطع أيضا من قبل المحتجين.
*كم من السلبيات
يقول ريبوار خالد، مدير إحدى المدارس الحكومية في السليمانية، إن “المعوقات أمام التعليم في إقليم كردستان جمّة، فالبنى التحتية قديمة ولا تعيينات للخريجين من قطاع التربية فضلاً عن قلة التخصيصات المالية للمدارس”.
ويضيف خالد، إن “هناك عدم تفاؤل وفقدان أمل لدى الطالب، من رؤية المستقبل قاتماً أمامه”، مشددا على أن “عدم تعيين الخريجين مشكلة، فالتربية والتعليم تتأثر بالأوضاع السياسية والاقتصادية في الإقليم، والأزمة المالية التي يمر بها أثّرت بشكل مباشر على الطلبة، فهو لا يجني ثمار دراسته وتخرجه ولا يجد الوظيفة المناسبة، ما عدا السلك العسكري الذي يعتمد على الواسطة أيضا”.
ويلفت إلى، أن “أزمة الرواتب أثّرت على أداء المعلمين أيضا، فلم يعُد لدى الكثير من المعلمين الرغبة في التدريس في ظل تسلم رواتبهم كل شهرين مرة واحدة، ولم يباشر المعلم عمله إلا في الشهر الحادي عشر من العام الدراسي الحالي، فقد شهدت السليمانية إضراباً وتظاهرات للمعلمين لعدة أشهر”، لافتا إلى أن “إدارة المدرسة لا تستطيع معاقبة أو إجبار المعلم على الدوام”.
ويضيف مدير إحدى مدارس الإقليم، أن “الجهات المعنية يجب أن تعطي المعلم حقه وتطالبه بالواجبات، أما في حال عدم صرف الرواتب بالشكل الصحيح فإن المعلم لن يكون قادرا على تأدية واجباته بشكل كامل”، مؤكدا أن “حل مشكلة الرواتب وصرفها بشكل شهري سيُحدِث تغييرا كبيرا في مسيرة التعليم وأداء المعلمين والمدارس”.
ويشدد خالد على، أن “هذه الأزمات ستكون لها تداعيات مستقبلية على الأجيال المقبلة لأنهم محرومون من التعليم، فضلا عن أننا نواجه مصاعب في العملية التعليمية، وهذا لا يؤثر فقط على تحصيلهم الدراسي وتعليمهم إنما على تربية الطلبة بشكل عام”، كما يؤكد على “الحاجة لبناء مدراس جديدة وترميم المدارس القديمة”.
ويواجه العاملون في القطاع الحكومي بإقليم كردستان، بما فيهم الفئة التدريسية، مصاعب اقتصادية، بسبب التوقف عن توزيع رواتب كاملة واحتفاظ السلطات بقسم منها كمدخرات لهم، الأمر الذي دفع لتنظيم سلسلة من الاحتجاجات منذ أعوام وما زالت مستمرة في السليمانية وحلبجة وإدارتي كرميان ورابرين، كما أن قسماً من المعلمين ما زالوا يقاطعون الدوام الرسمي.
*على حافة الهاوية
من جهتها، تؤكد الكاتبة والباحثة التربوية فوزية صالح، إن “قطاع التربية والتعليم في الإقليم، يعاني من أزمة حقيقية عميقة، بسبب مقاطعة المعلمين للعمل بداية العام الدراسي في جميع المراحل التعليمية، كما أن هناك أسبابا أخرى سابقة متمثلة في الأزمات التي عاشها الاقليم طيلة العقد الماضي ولعل أبرزها الحرب على الإرهاب، ما أثر على شتى مجالات الحياة في الإقليم والعراق بشكل عام”.
وتضيف صالح، أن “المجتمع في كردستان اليوم بات يتكون من طبقتين، إحداها فقيرة والأخرى رأسمالية، والظروف التي مر بها الإقليم كانت لصالح الطبقة الثانية، حيث توجهت لتأسيس وبناء مدارس ومعاهد وكليات أهلية، وذلك من أجل مصالح مالية”.
وتتابع الباحثة التربوية، أن “الأغنياء توجهوا إلى تحويل أبنائهم للمدارس الأهلية، وترك الدراسة الحكومية، وهو ما أدى إلى انخفاض وتباطؤ المستویات العلمیة والمعرفية”، لافتة إلى أن “المعلمين في المؤسسات الخاصة يتم تعيينهم بالعقود وليس بالضرورة أن يكون التعيين على أساس المهنية والمستوى التعليمي لهم”.
وعن أزمة الرواتب والإضراب، ترى صالح أن “مقاطعة المعلمين جعلت قطاع التربية والتعليم على حافة الهاوية، والضحية الأولى هم الطلبة الذين حُرِموا من تلقي تعليمهم بشكل كاف هذا العام، وهو ما دفع الآباء الواعين إلى إدخال أبنائهم في دورات تقوية حتى يحافظوا على المستوى التعليمي، حيث كانوا يواجهون ضياع العام الدراسي”.
*شواغر
في موازاة ذلك، يشير المشرف التربوي في محافظة السليمانية أرسلان صلاح، إلى أن “قطاع التربية والتعليم في الإقليم يعاني من جملة مشكلات وعقبات، أهمها قلة الكادر التربوي والتعليمي في عدة اختصاصات، فمنذ 2014 لم تقُم حكومة الإقليم بتعيين الخريجين وهذا يؤدي إلى وجود شواغر في الكوادر تقوم الحكومة بملئها بالمحاضرين”.
كما يتحدث عن “مشكلة الأبنية المخصصة للمدارس، فهي قديمة وتعاني من الإهمال، وغير مناسبة للعملية التربوية، خاصة من ناحية الخدمات من كهرباء وماء ومرافق صحية، وتفتقد للساحات المناسبة لرياضة وقاعات التربية الفنية، والمختبرات العملية والمكتبات”.
وعن توجه الأهالي إلى المدارس الخاصة بدلا من الحكومية، يعزو أرسلان، السبب، في ذلك لوجود اهتمام خاص بالطالب من الناحية التعليمية والترفيهية”، معرباً عن اعتقاده أن “حكومة الإقليم هيّأت الأرضية لوجود مدارس خاصة ليكون هناك إقبال شديد عليها من الأهالي”.
وتبلغ رسوم الدراسة في المدارس المحلية الخاصة بين 1500 إلى 2000 دولار سنويا، بينما المدارس الخاصة الدولية تتراوح ما بين 3000 إلى 4500 دولار سنويا، وهو ما قد يفوق قدرة الكثير من أهالي الطلبة.
*سجال المعلمين والتربية في الإقليم
وفي 3 تشرين الأول من 2023، ردّ اتحاد معلمي كردستان فرع السليمانية، على بيان وزارة التربية في حكومة الإقليم الذي دعا الى إنهاء اضراب المعلمين المحتجين على عدم صرف رواتب أشهر تموز وآب وأيلول.
وقال الاتحاد في بيان، إن "هذه اللامبالاة من جانب الحكومة ستؤدي إلى توسيع المخاوف والمسافة بين (الحكومة والمعلمين) وزيادة الشلل في قطاع التعليم".
وأضاف، "كنا ننتظر من حكومة إقليم كوردستان تنفيذ مطالب المعلمين ومعالجة مشكلة الرواتب المدخرة والمقللة في السنوات الثماني الماضية وتوزيع رواتب الشهرين (الـ7 و 8) معا".
وطالب فرع السليمانية لاتحاد معلمي كردستان حكومة الإقليم بصرف رواتب المعلمين للشهرين (8 و9) لتصحيح الأوضاع والمصالحة العامة".
وطالبت وزارة التربية في حكومة إقليم كردستان قبل ذلك، المدرسين والمعلمين الذين قاطعوا الدوام بالبدء بالعملية التربوية بأسرع وقت ممكن لأن تجارب المقاطعة في الأعوام الماضية ألحقت الضرر بالتلاميذ والطلبة فقط.
وجاء في بيان للوزارة، إن الرواتب حق أساسي للاساتذة والموظفين والوزارة تشكر الدور المخلص الذي يمارسه المدرسون والمعلمون ويعلم الجميع الاوضاع المالية الحالية في كوردستان وأسباب حصولها، لافتا الى ان العملية التربوية بدأت منذ اكثر من اسبوعين إلا أنه لم يباشر بالدوام في بعض المناطق.
وأشار البيان الى، أن حكومة الاقليم تواصل مساعيها لاستحصال المستحقات المالية لكوردستان من الحكومة العراقية الاتحادية، مطالبا بالمباشرة بالدوام في تلك المناطق بأسرع وقت ممكن لأن نتائج المقاطعة في الأعوام الماضية ألحقت الضرر بالدوام وليس هناك أي مجال لتغيير البرنامج السنوي للعملية التربوية والتعليمية.
ونوه البيان الى، أنه تم إبلاغ جميع المديريات العامة للتربية المعنية أن يقوموا بأسرع وقت ممكن والبدء في العملية التربوية والتعليمية في الأوساط الدراسية.
*قرار الاتحادية
وكانت المحكمة الاتحادية قررت في شباط / فبراير الماضي، إلزام كل من محمد شياع السوداني رئيس مجلس الوزراء الاتحادي، ورئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني بتوطين رواتب الموظفين والعاملين في القطاع العام لدى المصارف الاتحادية، وهو ما وجد اعتراضا من قبل حكومة الإقليم، لكن بدا الموظفون هناك أكثر ارتياحاً لهذا القرار.