"خفايا" صراع المافيا السويدية ببغداد.. زعيم عصابة كلّف مأجورا بمليون دولار لاغتيال "بنزيما" مصطفى الجبوري في العامرية
انفوبلس/ تقرير
لا تزال تتكشف، تفاصيل جديدة عن عملية الاغتيال "المُريبة" التي حدثت في منطقة العامرية غرب العاصمة بغداد الشهر الماضي، والتي راح ضحيتها العراقي مصطفى الجبوري الملقب بـ "بنزيما"، والذي يحمل الجنسية السويدية أيضاً، على يد شبكة إجرامية سويدية زعيمها يدعى راوة مجيد "الثعلب الكردي"، ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على آخر مستجدات الجريمة.
*تفاصيل الاغتيال
وفي الثامن من شهر كانون الثاني الماضي، أفادت مصادر أمنية، بحدوث جريمة قتل ضمن منطقة العامرية غربي العاصمة بغداد. وقالت المصادر لـ"انفوبلس"، إنه "في تمام الساعة الثالثة والنصف من ظهر يوم الاثنين حدثت جريمة قتل ضمن منطقة العامرية غربي العاصمة بغداد، حيث فتح مسلح يستقل دراجة نارية يُعتقد أنه عامل دليفري، نيران سلاحه باتجاه عجلة مدنية (صاحب مكتب عقار يستقل سيارة نوع مارسيدس سوداء اللون) ما أدى إلى مقتل صاحب العجلة".
وأضافت المصادر وقتها، إنه "على الفور تم تشكيل فريق عمل أمني للتحقيق وتمكنت شرطة بغداد (الكرخ) من القبض على القاتل ضمن تقاطع العامرية بعد مطاردته وتطويق المنطقة"، لافتا الى أن المقتول يدعى مصطفى الجبوري ويُلقب بـ "بنزيما"، مواطن عراقي يسكن في بغداد تولد 1989".
ولم تُفصح القوات الأمنية وقتها عن تفاصيل القصة، لكن تكشّفت بعضٌ من التفاصيل، أولها على لسان شاهد عيان ظهر في مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، أشار الى أن الجاني كان يتحدث بلغة غير عربية بل أجنبية، ويحمل مسدسا وغدارة أثناء عملية اعتقاله.
وكان مشهد مقتل الشاب الجبوري في سيارة "فارهة" في وضح النهار يحمل الكثير من الأسرار، حيث لم تمر ساعات على اغتياله حتى بدأت تتكشف الحقائق عن هوية "قتيل تقاطع العامرية".
كما ظهرت أحاديث بعدها، عن أن مصطفى الجبوري، هو عراقي يحمل الجنسية السويدية، ومرتبط بزعيم مافيا شهير في السويد يدعى رواء مجيد. وانطلاقا من هذه المعلومات، أجرت "انفوبلس" بحثا معمقا عن مجيد، الذي اتضح أنه زعيم مافيا شهير وخطير جدا السويد، ويلقب بالثعلب الكردي، حيث إنه عراقي من أصل كردي ومولود في إيران.
وحسب المعلومات التي تم تسريبها إثر عملية الاغتيال في منطقة العامرية ببغداد ظهيرة الاثنين (8 كانون الثاني 2024)، فإن القتيل مصطفى الجبوري الملقب "بنزيما" كان شريكا للمدعو راوا مجيد، لتتفكّك الشراكة فيما بعد حيث قام الجبوري بتأسيس "عصابة" أطلق عليها اسم "لاليغا"، ويحمل جواز سفر عراقيّ مزور للتنقل.
*مَن قتل مصطفى الجبوري ولماذا؟
الإجراءات الأولية التي اتخذها مركز شرطة العامرية، تضمنت تفاصيل حول القبض على الجاني من قبل مفارز أمنية قرب محل الحادث، وبيّنت مصادر أمنية لـ"انفوبلس"، أنه يدعى جوليان فنكر (سويدي الجنسية) وتم استصحابه من قبل مفارز الاستخبارات الى مقرهم ورفضوا إعطاء بقية المعلومات.
مليون دولار للمأجور الثاني الذي اغتال مصطفى الجبوري في العامرية رداً على مقتل زوجة زعيم عصابة من أصول أفريقية
وخرج يوم أمس الأربعاء 31 كانون الثاني/ يناير 2024، مدير دائرة الإعلام في وزارة الداخلية، خالد المحنا، بتفاصيل مثيرة من قصة "بوليسية" وقعت في العاصمة العراقية بغداد. وقال المحنا، إن "خلافات نشبت بين مافيات المخدرات الكبرى في أوروبا، وتم قتل زوجة زعيم مافيا، وكان القاتل عراقياً، وتم ترتيب قصة تبيّن مقتله، وزوروا شهادة وفاة له، وأخفوه في إحدى البلدان ثم جاء إلى العراق".
وتابع، "رئيس العصابة الذي قُتِلَت زوجته وهو أفريقي الجنسية، علِم بقدوم قاتل زوجته إلى العراق، فأرسل له قاتلاً مأجوراً من جنسية آسيوية وألقت السلطات العراقية القبض عليه حال وصوله، ثم أرسل زعيم المافيا قاتلاً مأجوراً آخر، وتمكن من قتل الشخص المطلوب لزعيم المافيا، ثم اعتقلته السلطات العراقية، واعترف أنه تلقى مبلغ مليون دولار لتنفيذ العملية، ثم أُلقيَ القبض على كل المجموعة، وهذا مؤشر على أن أجهزة مكافحة المخدرات في العراق لديها إمكانيات كبيرة لدرجة تعقب تجار مخدرات في دول عالمية".
من هو مصطفى الجبوري؟
مصطفى المولود في بغداد عام 1989 كان له منذ عدة سنوات علاقات مع شبكة "فوكستروت" الإجرامية في السويد التابعة لـ "الثعلب الكردي" راوة مجيد.
وخلال الأشهر الستة الماضية، أدى دوراً مركزياً في الصراع الداخلي الذي احتدم في الشبكة. وعندما اندلع الصراع بين راوة مجيد وإسماعيل "فراولة" عبده (الافريقي الذي أشار له المحنا) في سبتمبر/ أيلول الماضي، اختار الجبوري البقاء مخلصاً لراوة مجيد.
ومنذ ذلك الحين، كان مصطفى على رأس قائمة القتل لدى الجانب المعارض. وبحسب وسائل إعلام سويدية تواصلت مع الدائرة المقربة من "عبده" أنهم يتحملون الآن مسؤولية مقتل مصطفى بالرصاص في العاصمة بغداد.
يقول الصحفي السويدي فريدريك شوشولت؛ إن هناك أسباباً تدعو للقلق بعد مقتل مصطفى "بنزيمة" الجبوري. حيث إن حرب العصابات السويدية انتقلت مرة أخرى إلى الخارج. ويوضح شوشولت أنه في الداخل السويدي، أسباب تدعو للقلق الآن بعد إعادة رسم خريطة الصراع.
ويضيف، إنه من المؤكد أن مصطفى قُتل بالرصاص في بغداد، الصور التي وردت من هناك تؤكد ذلك. ويشير إلى أنه تم الاتصال بالشرطة السويدية بعد ظهر يوم الاثنين عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشأن معلومات تفيد بأن الرجل الذي يُدعى "بنزيمة" في موجة العنف الأخيرة، مصطفى الجبوري، قد قُتل بالرصاص في بغداد داخل سيارة، الصور من السيارة والجروح الناجمة عن طلقات نارية لا تترك مجالًا للشك في أنه كان إطلاق نار مميتًا.
وفي وقت لاحق، جاءت صور أكثر وضوحًا لوجهه ووثائق هويته التي لا تترك مجالًا للشك.
على الرغم من أن الشرطة السويدية ووزارة الخارجية ستواصلان العمل وفقًا للإجراءات القياسية مع سجلات الأسنان أو الحمض النووي لتحديد الهوية، إلا أن تحديد الهوية مكتمل بشكل غير رسمي.
*حرب المافيا السويدية
عملية اغتيال مصطفى الجبوري في بغداد لم تكن الأولى فقد سبق أن قام الجبوري بتزييف عملية موته لإيهام المافيا السويدية بأنه قد مات في شهر تشرين الاول الماضي في بغداد أيضا عبر محاولة اغتيال "مزيفة".
ويبدو أن عمليات التصفية بين المافيات السويدية المعروفة باسم "فوكستروت" قد انطلقت نهاية العام الماضي.
وقُتل رجل "فوكستروت" هاريس اوستردال في سراييفو، حيث يشتبه في وجود العديد من السويديين هناك، فضلاً عن اعتقال العناصر الفاعلة في الصراع العنيف في تونس، والعديد من البلدان الأخرى، فإن التقارير الأولى من بغداد تتحدث عن مستوطنة سويدية على أراضٍ أجنبية، وقاتل مصطفى الجبوري هو مواطن سويدي، تنكّر بزيّ عامل توصيل على دراجة نارية "دليفري" عندما اقترب من السيارة مع ضحية القتل وفتح النار، وسرعان ما ألقت الشرطة العراقية القبض على مطلق النار وتم التعرف عليه على أنه سويدي.
وفي سياق العصابات السويدية، يبدو وكأنه "متسلق" نموذجي - شخص مكلف بتنفيذ مهمة قتل، قاتل مأجور في حرب العصابات بالمناطق النائية، كان هذا هو أسلوب العمل خلال موجات العنف الأخيرة في السويد.
وفي موجات العنف، تغيرت أشكال الصراع عدة مرات بين المافيات. في بداية عام 2023، كان الكثير يدور حول قضية "دالين" ضد "فارستا"، ولكن قبل كل شيء، قضية دالين ضد فوكستروت وراوة ماجد، اللتين كانتا في حالة حرب على أسواق المخدرات.
ثم كان مجيد واحداً في مافيا "فوكستروت" مع مصطفى الجبوري وإسماعيل عبده الذي كان يُلقب بـ "رجل الفراولة".
في نهاية الصيف، اندلعت حرب داخل "فوكستروت" حيث انتهى الأمر بمجيد والجبوري وعبده في ثلاث زوايا مختلفة. واختفى مجيد بعد أنباء عن اعتقاله في إيران، لكن الشرطة السويدية تلقت في الأسابيع الأخيرة تقارير تفيد بإطلاق سراحه.
وقد تفاقمت الأمور مؤخرًا مع غضب فريق مصطفى بنزيما - الذي أطلق على نفسه في وسائل التواصل الاجتماعي اسم "لاليغا" - ضد كل من راوة مجيد واسماعيل عبده.
وفي الوقت نفسه الذي أُثيرت فيه الخلافات من هذا الجانب، أشارت الشرطة السويدية إلى أن "لا ليغا" و"الجبوري" كانا نشطين، ولكنهما واجها مشاكل كبيرة في تجنيد الأطفال لترويج المخدرات، وصعوبة في دفع الأموال.
وعلى ما يبدو أن الجبوري كان يعاني من شح في السيولة المالية وهذا الأمر يمكن بأن يكون الوضع خطيرًا لأنه يخلق فرصة لجانب العدو لشراء الأشخاص الذين لم يحصلوا على رواتبهم.
*أعداء الجبوري يحتفلون
سارعت الشخصيات البارزة في المافيا المناوئة لمصطفى الجبوري والتي قد تكون وراء مقتله إلى الاحتفال بعد أنباء الاغتيال في بغداد - مقتل "بنزيمة" في العراق.
وتُعد جريمة القتل التي وقعت يوم الاثنين في بغداد، استمرارًا لصراع فوكستروت الذي هزّ السويد بعدة أعمال دامية في ستوكهولم وأوبسالا على وجه الخصوص في خريف عام 2023.
من هو "الثعلب الكردي"؟
وفقًا لتقرير صادر عن الإذاعة الوطنية السويدية، وُلد مجيد في إيران لكنه انتقل إلى أوبسالا، على بعد نحو 70 كيلومترًا شمال ستوكهولم، عندما كان طفلا.
وحُكم على الشاب (36 عامًا)، بالسجن 8 سنوات في السويد عام 2010 لارتكابه جرائم الاتجار في المخدرات، وبعد فترة وجيزة من إطلاق سراحه، غادر السويد صيف 2018، إذ انتقل إلى العراق ثم إلى تركيا بسبب تهديدات بالقتل على ما يبدو من عصابات إجرامية.
وحصل على جواز سفر تركي بموجب خطة الاستثمار مقابل الجنسية التي قدمتها الحكومة التركية، وبالتالي بات بعيدًا عن متناول العدالة السويدية.
وظل زعيم عصابة "فوكستروت" بعيدًا عن الأنظار إلى حد كبير حتى أوائل العام الماضي، عندما بدأ الصِّدام بين عصابته وخصومه بالتصاعد في ستوكهولم.
وتشير الشرطة السويدية إلى أن مجيد أسهم في تأسيس شبكة كبيرة لتجارة المخدرات، في الوقت الذي أشار بيان رسمي إلى أنه مشتبه به بالتحضير لارتكاب جرائم قتل.
وطلب النائب العام السويدي هنريك سودرمان، من السلطات التركية تسليم مجيد، بيد أن أنقرة قالت إن التسليم غير ممكن لأن مجيد بات مواطنا تركيا.
*أين سيُحاكَم "السويدي" منفذ عملية الاغتيال في العامرية؟
علّق الخبير القانوني علي التميمي، على كيفية محاكمة الشخص الذي يحمل الجنسية السويدية ونفذ جريمة قتل في منطقة العامرية ببغداد. وقال التميمي، إن "القاتل يُطبَّق عليه قانون العقوبات العراقي وفق المادة (406) 1/1000 القتل مع سبق الإصرار والترصد، والمحكمة التي تنظر بهذه الدعوى هي محكمة التحقيق المختصة بمكان الحادث، وهذا يسمى الاختصاص المكاني وفق المواد (53،54، 55) من قانون أصول المحاكمات الجزائية".
وبين، إنه "مهما كانت جنسية الشخص، فأي جريمة تُرتكب في العراق، فهذا يسمى الاختصاص المكاني، ويحاكم القاتل في العراق وفق قانون العقوبات العراقي، وهذا القاتل عقوبته الإعدام، وعليه فإنه لن يُسلَّم المجرم الى السلطات السويدية وسيُحاكَم في العراق".