مشروع الإنترنت الوطني.. ما هو؟ تعرف على خفايا الصراع بين "إيرثلنك" ومزودي الخدمة
انفوبلس/ تقرير
قبل الغوص بخفايا الصراع بين شركة إيرثلنك للاتصالات ومزودي الخدمة في العراق، وقبل التطرق إلى الاستهدافات الإرهابية للكابل الضوئي، يجب معرفة ما هو مشروع الانترنت الوطني التي أطلقته وزارة الاتصالات في 15 شباط 2021 ببغداد.
*مشروع الإنترنت الوطني
يُعد المشروع الوطني للإنترنت أحد أكبر المشاريع التي شهدها العراق في مجال تكنولوجيا المعلومات والانترنت، إذ يتكون الكابل من شبكة ألياف ضوئية حديثة مُتعددة الطبقات، تمتد من الخليج العربي إلى الحدود العراقية التركية (4000 كيلومتر) مروراً بجميع المحافظات والأقضية والنواحي، لتكون بذلك معبراً دولياً للانترنت يربط جنوب غرب آسيا بأوروبا، وسيوفر إنترنت عالي السرعة لجميع العراقيين.
سيُنافس هذا المشروع الكابلات البحرية الناقلة للانترنت القادمة من أوروبا عن طريق قناة السويس والخليج العربي وحتى القادمة عن طريق القرن الأفريقي، وبذلك يضع العراق في مصافي الدول الرائدة في هذا المجال، وسيوفر حلاً سريعا لمشاكل الانترنت في العراق والمنطقة، بحسب الموقع.
يتم تنفيذ المشروع الوطني للانترنت بإشراف ومراقبة وزارة الاتصالات، ويتمثل الإشراف بـ(ِAccess Control Monitoring)، وتقوم شركتي إيرثلنك وسيمفوني بإدارة الأعمال الفنية بالتنسيق المباشر مع الوزارة. تقوم بتنفيذ المشروع وإدارته وزارة الاتصالات ممثلة بالشركة العامة لخدمات الشبكة الدولية للمعلومات، وبالشراكة مع كل من شركتي (إيرثلنك للاتصالات وشركة سمفوني للاتصالات)، وقد قامت شركة سيسكو العالمية بتزويد معدات وأجهزة المشروع، حيث قامت بتجهيز بدّالات متطورة وحديثة، وهي المسؤولة عن الدعم الفني وإدامة هذه الأجهزة.
*ما مواصفات ومعايير جودة المشروع؟
يعتمد المشروع على أحدث التقنيات في مجال الكابل الضوئي، وبالشراكة مع شركة سيسكو العالمية، وذلك لضمان أعلى معايير الجودة، وتوفير أكبر سعات بيانات متاحة باعتماد تقنية DWDM.
109 بدالات تراسل موزّعة على جميع أنحاء العراق، لضمان إيصال الخدمة لكل المدن.
مدّ الكابل على عمق 3م تحت الأرض، ويُعد هذا العمق ضعف الأعماق المعتبرة في جميع دول العالم، مما يؤمن حماية أكبر للكابل، ويمنع تقاطعه مع أعمال البنى التحتية الأخرى.
تُعد مواصفات الألياف الضوئية المستخدمة هي الأفضل عالميا، حيث تم التعاقد مع شركة كورننك، وهي المجهز رقم واحد عالميا في هذا المجال.
جُهِّز المشروع بأحدث المولدات الكهربائية المصممة لتحمل أجواء العراق والمنطقة مع مجهزات قدرة (DC) بسعات عالية تضمن تشغيل وعمل الأجهزة في أي موقع لمدة 10 ساعات في حالات الطوارئ من دون الحاجة لأي مصدر خارجي، مع نظام مكافحة الحريق الذاتي في المواقع المهمة، لضمان سلامة الأجهزة، واستمرار التشغيل في أقسى الظروف.
نفذت مراكز البيانات الخاصة بالمشروع وفقا للمواصفات الأمريكية والأوروبية، مع اعتماد مواد غير قابلة للاشتعال، ومضادة للحرائق.
يعتمد المشروع معايير وقاية وسلامة عالية.
يعتمد المشروع الوطني للإنترنت مبدأ الحماية بتوفير جهاز بديل لكل مرحلة من مراحل تناقل البيانات.
يعتمد المشروع على مسارات متعدد للكابل الضوئي، من أجل ضمان استقرار الخدمات حتى في حالة القطوعات المتزامنة.
يدعم المشروع تقنية الشبكات المعرفة برامجيا Software Define Network.
يعتمد المشروع على ربط جميع الكابلات ببوابات النفاذ الدولية الخاصة بوزارة الاتصالات.
يُعتبر الكابل الضوئي وطريقة نقله للمعلومات من أفضل التقنيات الصديقة للبيئة، خلافاً للموجات الكهرومغناطيسية المعتمدة حاليا في نقل البيانات.
*إيرثلنك.. والصراع مع مزودي الخدمة
لم تكن العلاقة جيدة مطلقاً بين شركة إيرثلنك وغالبية مزودي الخدمة، حيث يعيش الطرفان صراعاً أزلياً تكمن أبرز محاوره باتهام المزودين الشركة بالهيمنة على مصادر الخدمة المجهزة لباقي الشركات بما يسمى (شركات المشروع الوطني) ومحاولة إفشال الخدمة المجهزة للأبراج التي تعمل بالوايرلس أو ما يقدّمه أصحاب الأبراج من خدمة واصلة للمشترك النهائي عن طريق كابينات خاصة بهم Ftth مناصفة للخدمة المقدمة من شركات القرض الياباني Ftth وشركات Hala Ftth المدعومة من قبل المشروع الوطني وشركة الجزيرة Ftth.
يتهم المزودون شركة إيرثلنك بالفساد، عازين ذلك إلى تقديمها أسوء خدمة انترنت والذين وصفوه بالمعدوم وفي أكثر الأوقات وهميّ بالإضافة إلى القطوعات والفصلات المستمرة والمتكررة التي قد تصل إلى أكثر من 5 مرات باليوم بسبب استخدامهم أجهزة ذات جودة رديئة مثل 2011 و 3011 لتجهيز أكثر من 1000 مشترك للجهاز الواحد بربيترات الشركة المتهالكة، بالإضافة إلى الحمل الزائد على أجهزة ASR الخاصة بسيرفرات pppoe والترفك الكلي لكل ربيتر أو نود تابع للربيتر، وعليه يجب أن يطّلع المشترك والمواطن على سياسة عمل و"فساد هذه الشركة".
يؤكد المزودون أن الشركة تجبر أصحاب الأبراج على استخدام أجهزة معينة (لنكات) بأحجام لا تغطي إمكانات الطلب على الخدمة من قبل المشتركين ومحاربة أصحاب الأبراج باتباع سياسات تعارض التطور الحاصل بمجال الشبكات.
*قرصنة المحتوى الرقمي
وضع الممثل التجاري للولايات المتحدة شركة إيرثلنك في قائمة الأسواق سيئة السمعة بعد بثّها لأفلام ومسلسلات لشركات أجنبية بطريقة غير قانونية عبر منصة شبكتي والتي توفرها لمستخدمي الإنترنت الخاص بها بدون أجور إضافية.
كما بلغ عدد مشتركي منصة شبكتي حوالي 500 ألف مشترك حسب تقديرات مكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة.
*تهريب سعات الإنترنت عبر المشروع الوطني للإنترنت
قامت هيئة النزاهة بإلقاء القبض على مدير شركة إيرثلنك في محافظة كركوك بتهمة تهريب سعات الإنترنت بقيمة 47 مليون دولار في 2018 بمشاركة شركة أي كيو الكردية من خلال إقليم كردستان.
هيئة النزاهة أوضحت، أنَّ عمليَّات التهريب التي تم ضبطها في المشروع وصلت إلى (47) لمدا، إذ تبلغ كلفة الــ (لمدا) الواحدة مليون دولار أمريكي شهرياً، ممَّا يعني أنَّ مجموع الكلفة المُهرَّبة التي تمَّ ضبطها تبلغ (47) مليون دولار، فيما أسفرت عمليَّة الضبط عن التحرّز على أجهزة التراسل الخاصَّة بعمليَّة التهريب، فضلاً عن ضبط مدير موقع (إيرثلنك) في المحافظة، وتمَّ تنظيم محضر ضبط أصولي ضمَّ جميع المُبرزات الجرميَّة المضبوطة وتصوير المخالفات المُشخصة فديوياً، وتم عرضها على قاضي التحقيق المختص.
*الاستهدافات الإرهابية للكابل الضوئي
مَن المستفيد من تدمير الاقتصاد العراقي وتحويله إلى بلد استهلاكي فاشل يعتمد على معونات الحكومة العراقية ويجعله رهينة للنفط، هكذا يتساءل الباحث في الشأن الاقتصادي منار العبيدي بعد سلسلة استهدافات إرهابية طالت الكابل الضوئي وتسببت بانقطاع الانترنت عن آلاف المنازل.
تعرضت مشاريع الكابل الضوئي لعشرات العمليات التخريبية، والتي فاقمت أزمة تردي ضعف خدمة الإنترنت في البلاد، حتى أن هيئة الإعلام والاتصالات أكدت أنها "أشّرت ازدياداً ملحوظاً في الأعمال التخريبية التي تتعرض لها مشاريع البنى التحتية الخاصة بمنظومات الاتصالات، وتحديداً مشاريع الكابل الضوئي المنفذة من قبل وزارة الاتصالات والشركات المتعاقدة معها".
ويؤكّد المختص بحوكمة وأمن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، علي أنور، أنّ وزارة الاتصالات تُسيطر عليها أطراف مُعينة، ما يُفسّر سطوع نجم بعض الشركات وأفول بعضها الآخر، كما أنّ الشركات التي تستثمر بالاتصالات مُعرّضة للابتزاز من عشائر أو مليشيات أو أشخاص متنفذين لإجبارها على دفع مبالغ مالية مقابل عدم التعرض للبنى التحتية لها من أبراج وغيرها”.
*تحذيرات نيابية
"استهداف شركات الانترنت له عدة رسائل، منها إثارة الفوضى الأمنية ومحاولة إثارة الرأي العام من خلال قطع الانترنت بعد استهداف الشركات، أو هي محاولة ابتزاز من قبل بعض الجهات للحصول على الأموال، فليس كل تفجير هو إرهابي بل هناك أعمال هدفها الابتزاز، وهذا الأمر تتعرض له الكثير من الشركات"، هذا ما يؤكده القيادي في تحالف الفتح علي الفتلاوي.
ويحذر الفتلاوي من استمرار استهداف أبراج وشركات الانترنت، مطالبا الحكومة بتوفير كامل الحماية لشركات الانترنت في بغداد وباقي المحافظات، ومنع أي تعدٍّ عليها من أي جهة كانت ولأي سبب كان.
*الأثر السياسي
شكّل غياب الحكومة سابقاً عنصراً أساسياً في عدم قدرة العراق على تطوير قطاع الاتصالات والإنترنت، أضِف إلى ذلك عدم إقرار حكومة تصريف الأعمال لموازنة العام 2022 واستخدام الأمر من قبل السلطة، ولا سيما وزارة الاتصالات، “كذريعة لعدم إكمال المشاريع الاستراتيجية والبنى التحتية لهذا القطاع، فالوزارة ليس لديها أي رؤية واضحة لقطاع الاتصالات”، كما في رأي العديد من الباحثين في الاقتصاد.
يوافق المختص بحوكمة وأمن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، علي أنور، على تأثير غياب الموازنة على القطاع، “ولكن ليس بدرجة تأثيره على باقي القطاعات، لا سيما وأنّ وزارة الاتصالات تعمل من خلال ثلاث شركات تتمتع بتمويل ذاتي ولها أبواب في الميزانية تُمكّنها من الصرف”.
اليوم وبعد انتخاب عبداللطيف رشيد رئيساً للجمهورية، ونيل حكومة محمد شياع السوداني الثقة من قبل البرلمان، هل تساهم هذه الانفراجة السياسية في تشكيل حكومة طال انتظارها بعد الانتخابات النيابية التي جرت في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، ما يسمح بإعادة تفعيل الموازنة بما فيها الاستثمار في قطاع الاتصالات؟