وزارة العدل تؤشر حجم النشاط الجنسي للدواعش الأجانب في حواضن الإرهاب وترحيل أكثر من 1000 طفل لبلدان آبائهم.. ماذا عن مخيمَي الهول والجدعة؟
انفوبلس..
أثار موضوع النشاط الجنسي للدواعش في مناطق حواضن الإرهاب إبّان سيطرتهم على مناطق واسعة من العراق وسوريا، الكثير من اللغط خلال السنوات الماضية، فبين فتاوى جهاد النكاح وأنصارها وُلِد آلاف الأطفال لآباء إرهابيين، بعضهم غير معلومي الأب، تحيّرت الحكومات في طريقة التعامل معهم وعلى رأسها الحكومة العراقية لكون أغلب الأطفال وأمهاتهم موجودين في مخيمات عراقية.
وزارة العدل أعلنت، أمس الثلاثاء، عن حزمة من الإصلاحات منها افتتاح سجون جديدة، فيما كشفت عن مصير أبناء النزيلات من عائلات عصابات داعش الإرهابية، والإجراءات المتخذة عند حدوث حالة وفاة داخل السجن.
المتحدث باسم الوزارة كامل أمين، قال إن "في موضوع أبناء النزيلات من عائلات داعش، تم تسفير أكثر من 1000 طفل إلى بلدانهم ويوجد الآن نحو 76 طفلاً بانتظار مطالبة بلدانهم بهم"، مشيرا إلى أن "اجتماعات عديدة أُجريت مع وزارة الخارجية وتمت مخاطبة القنوات الدبلوماسية ومستشارية الأمن القومي، فضلا عن عقد اجتماع مع سفراء الدول لحثّهم على استلام أولادهم".
وأوضح، أن "وزارة العدل والحكومة وفّرت كل مستلزمات حفظ الكرامة وتحقيق مبادئ حقوق الإنسان وتوفير الغذاء لهؤلاء الأطفال، فضلا عن السماح لهم بالاتصال والتواصل مع عائلاتهم خارج العراق"، معرباً عن "أمله بإنهاء هذا الملف والوزارة على أتم الاستعداد للتعاون بشأن طلب عيّنات الـDNA ووثائق هؤلاء الأطفال للتأكد من جنسياتهم".
وأشار، إلى أن "العراق من الدول الملتزمة بمبادئ حقوق الإنسان، وهناك تقارير تُقدم في ما يخص قضايا حقوق الإنسان بشكل عام"، منوها إلى أن "وزارة العدل ليست جهة تحقيق وإنما مهمتها تنفيذ الأحكام الصادرة من القضاء".
وأضاف: "يتم تسفير هؤلاء الأطفال دون أمهاتهم، إلا إذا كانت الأم قد أنهت محكوميتها، فتُسفَّر مع الطفل"، لافتاً إلى أن "أمهات الأطفال محكومات بأحكام سالبة للحرية مختلفة، ومسجونات بتهم الإرهاب وليس لديهن الحق في رفض ترحيل الطفل".
وتابع: "في القانون العراقي للأم الحق في الاحتفاظ بالطفل في السجن حتى سن الثالثة، وبعد ذلك يُنتزع منها وهذا ما يتم تطبيقه مع العراقيات إذ يتم تسليم الأطفال إلى ذويهم وعوائلهم أو إلى دور الدولة، لكن لأغراض إنسانية استثنائية بقي الأطفال (من أبناء عناصر تنظيم داعش) لأعمار أكبر من 3 سنوات مع أمهاتهم، وقسم من الأطفال تم عزلهم لوصولهم سن المراهقة".
وبيّن: "نحدد هوية الطفل من خلال التحقيق، وقرارات إرسال الأطفال تصدر من قاضٍ مختص بناءً على وثائق وتحليل DNA، ويتم تحديد الجنسية حسب الدول وقوانينها ودساتيرها، فهناك بلدان تعاملوا مع الأطفال بحسب جنسية الأم، وأخرى حسب جنسية الأب، على سبيل المثال سلمنا 3 أطفال إلى جورجيا حسب جنسية أمهم، رغم أن والدهم كان شيشانيا، لكن الدستور والقانون الجورجي يعتبر أبناء الجورجيات منتسبين لهذا البلد".
ولفت أمين إلى أن "أمهات الأطفال سيبقينَ سجينات في العراق فلا توجد حتى الآن أي اتفاقيات ثنائية لنقلهم إلى بلدانهم وحتى الآن هنَّ يقضين محكومياتهن في العراق".
وأوضح أن "تركيا أكثر بلد استلم أطفالا، ثم روسيا والشيشان، كذلك جورجيا ودول غربية، أما الأردن فاستلم طفلاً واحداً أو اثنين"، مشيراً إلى أنه "إذا كان أحد الأبوين عراقيا والآخر أجنبيا، يعامل الطفل على أنه عراقي".
وفي وقت لا يزال الجدل محتدماً بشأن مخيم الهول داخل الأراضي السورية الذي يضم عشرات الآلاف من المنتمين لداعش أو المشتبه بهم، أعلن إقليم كردستان في مطلع شهر يونيو (حزيران) الماضي أنه استقبل نحو 3000 طفل يتيم ممن قُتل أحد والديهم أو كلاهما خلال اجتياح داعش مناطق شمال وغرب العراق.
وقال منسق التوصيات الدولية في حكومة إقليم كردستان، ديندار زيباري، في مؤتمر صحافي عقده في مدينة أربيل بمناسبة «اليوم الدولي لحماية الطفل»، المصادف الأول من شهر يونيو (حزيران)، إن "هناك مسألة مهمة وهي تتعلق بديانة أطفال عناصر داعش الذين وُلدوا من أم من ديانة أخرى، حيث توجد توصيات دولية بهذا الشأن، ونحن ملتزمون بها، لكن هذا الأمر يقع ضمن سلطة الحكومة الاتحادية".
ودعا إلى "ضرورة إصدار هويات شخصية لأولئك الأطفال، ومعرفة من هو المربّي لهم، وعدم إجبارهم على اتباع الدين الإسلامي"، واصفاً هذا الملف بأنه "معقد جداً، وهو قانوني إلى حد ما، ولكن يحتاج إلى قرار سياسي بالنسبة للعراق".
وفيما يتعلق بإقليم كردستان قال زيباري، إن "السلطات فيه تمكنت خلال المواجهة العسكرية ضد داعش من إيواء أكثر من 6417 شخصاً فرّوا من قبضة التنظيم الإرهابي مع تحرير 3562 شخصاً".
وأوضح، إن "من بين الذين فرّوا والمحررين 2745 طفلاً يتيماً ممن فقدوا أحد الوالدين أو كليهما بسبب الهجوم الذي شنّه داعش على المناطق المشمولة بالمادة 140 من الدستور وما تُعرف بالمناطق المتنازع عليها بين أربيل وبغداد مع سقوط قرابة 5000 ضحية، وجميعهم كانوا أصحاب أُسر ولديهم أطفال"، مؤكداً "أن هذه الملفات الساخنة لا تزال عالقة".
وواجهت الحكومة العراقية بعد هزيمة داعش أواخر عام 2017 مشكلة النسب المزدوج لأطفال الدواعش أو عدم معرفة الأب والديانة بسبب اختلاط الأنساب والهويات. وفي حين لم يتم حسم هذا الموضوع حتى الآن بسبب الخلافات السياسية، فإنه لا يزال بمثابة قنبلة موقوتة قد تخرج عن السلطة مثلها مثل مخيم الهول الذي يضم عشرات آلاف المتطرفين.
وفي موازاة التعقيدات الخاصة بهذا الملف، فإن مخيم الهول داخل الأراضي السورية يواجه مشكلة أخرى تتعلق بساكني هذا المخيم، ففي الوقت الذي يضم قيادات بارزة لداعش، فإنه يضم مواطنين لا علاقة لهم بالتنظيم، لكنهم لا يستطيعون العودة إلى العراق بسبب مشكلات أمنية وسياسية، بحسب مصادر.
وفيما يخص مخيم الهول السوري والجدعة العراقي، حذر مختصون من طريقة تعامل الحكومة العراقية مع ملف إعادة عوائل وأطفال عناصر في عصابات داعش من مخيم الهول إلى مخيم الجدعة دون الاعتماد على أساليب فكرية حديثة للتعامل مع أيديولوجية التنظيم المزروعة في عقولهم.
وتواصل الحكومة العراقية إخراج دفعات كبيرة من مخيم الهول في ريف الحسكة السورية قرب الحدود العراقية، إلى مخيم الجدعة في محافظة نينوى، "وقد عادت العديد من عوائل الدواعش إلى بيوتهم ودُمجت داخل المجتمع بعد حصولها على تفويض قضائي"، بحسب مصدر من مدينة الموصل.
ويشير المصدر إلى أن "عوائل الدواعش الساكنين في مخيم الهول تعود مباشرةً إلى نينوى دون المرور بمخيم الجدعة، وكذلك الحال مع عوائل الدواعش الساكنين في تركيا".
ويؤوي مخيم الهول آلاف اللاجئين العراقيين والنازحين السوريين، وغيرهم من الأجانب المنحدرين من 54 جنسية عربية وغربية، بمن فيهم الكثير من عائلات عناصر ومسلحي داعش.
وتشكل عودة عوائل الدواعش إلى المناطق المحررة دون الخضوع لعلاج وبرامج حقيقية تمهد عملية اندماجهم خطراً على المجتمع، وفق مختصين، داعين إلى ضرورة إخضاع هذه العوائل لدورات مكثفة وإعادة تأهيلهم، ومن ثم يُسمح لهم بالعودة إلى مناطقهم الأصلية بعد التأكد من خلو سجلاتهم من المشاركة بأعمال إرهابية أو بدعم تنظيم داعش.
وفي هذا السياق يقول الباحث في مجال الجماعات الإسلامية المتطرفة، شهاب الصفار، إن "اعتماد العراق الطريقة الكلاسيكية في التعامل مع ملف إعادة عوائل وأطفال داعش من مخيم الهول إلى مخيم الجدعة دون الأخذ بنظر الاعتبار تدرجات الإصلاح والنمذجة الفكرية والعقائدية لهذه الشريحة يشكل خطراً كبيراً على المجتمع".
ويؤكد الصفار على أهمية "التعامل مع هذه الشريحة بحذر، واعتماد أساليب فكرية حديثة للتعامل مع أيدلوجية التنظيم المزروعة في عقولهم، والأخذ بعين الاعتبار احتمالية حصول هجمات انتقامية ضد هذه العوائل من قبل أهالي الضحايا الذين فُقدوا أو أُعدموا على أيادي التنظيم".
ووصلت أعداد القاطنين بمخيم الهول بحسب أحدث الإحصائيات إلى 49,820 شخصاً، بينهم 24,846 من الجنسية العراقية، و17,451 من السوريين، فيما يبلغ عدد الأجانب 7,523، بعد أن كان قد وصل عدد سكان المخيم في مرحلة من المراحل إلى أكثر من 73 ألفاً، معظمهم من العراقيين والسوريين.
وخلال العام الماضي، أعادت السلطات العراقية خمس دفعات على التوالي، بلغ مجموع الأُسر فيها 603، تمّ نقلها إلى معسكر نزوح مغلق جنوبي مدينة الموصل، وإخضاعها إلى برامج تأهيل نفسية واجتماعية بإشراف الأمم المتحدة، قبل إعادتها بالتدريج إلى مناطق سكناها الأصلية.
وكان برنامج الأمم المتحدة الإنمائي قد أعلن في 3 تموز الماضي، وضع خطط لتسهيل عودة العائلات العراقية النازحة في مخيم الهول إلى مناطقها الأصلية، من خلال التركيز على الأبنية السكنية وإعادة تأهيل البنية التحتية والصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي والتدريب، فضلاً عن توفير فرص العمل المناسبة للعائدين.
وفي هذا الجانب يقول النائب عن محافظة نينوى، وعد القدو، إن "التعامل مع عوائل الدواعش يتم وفق ما متفق عليه بين الحكومة العراقية وبعض الأطراف المسيطرة على هذه العوائل في مخيم الهول ومن ثم نقلهم إلى مخيم الجدعة".
ويضيف القدو، إن "التعامل في مخيم الجدعة يتم بحسب المعايير الإنسانية التي نص عليها القرآن والدستور"، مبينا أن "المخيم مراقب جيدا من قبل السلطات المحلية"، مؤكداً أن "الكثير من العوائل خرجت من المخيم وعادت إلى الحياة الطبيعية".