3 موجات في حال الانهيار.. سد تشرين ومخاوف الكارثة الوشيكة.. هل العراق بدائرة الخطر؟
انفوبلس/ تقارير
منذ بداية الأزمة السورية، واشتداد المعارك، أثار سد تشرين مخاوف العراقيين بعد الحديث عن تضرره وانهيار أجزاء منه، وبالتالي فيضانه وتسببه بكارثة قد تصل إلى الدول الحدودية لسوريا ومنها العراق، الذي يعتمد كثيرا على نهر الفرات. انفوبلس سلّطت الضوء على هذا الحدث وشرحت بالتفصيل تداعياته ومراحل الضرر بالسد مع بيان موقف وزارة الموارد العراقية وردها على المخاوف المنتشرة.
ماذا حدث؟
منذ بداية الأزمة السورية وسقوط نظام بشار الأسد، تعرض سد تشرين الواقع جنوبي مدينة منبج لاستهدافات متكررة وتضررت بعض أجزائه، وهناك روايات عن حدوث تصدعات خطيرة في جسمه من جرَّاء إصابات مباشرة في خضم اشتباكات مسلحة عنيفة بالأسلحة المتوسطة وأحيانًا الثقيلة تدور بين "قسد"وجماعات الجولاني الإرهابية التي تحكم سوريا الآن.
وأثارت هذه التطورات مخاوف لدى البعض من وقوع فيضان كبير قد يؤثر على المناطق الحدودية داخل العراق، الذي يعتمد كثيرًا على نهر الفرات، واستبعد آخرون وقوع ”كارثة وشيكة“، أو رأوا تهويلًا في الزعم بأن السد على ”شفا الانهيار“.
تداعيات الانهيار
بالحديث عن تداعيات انهيار سد تشرين، أكد الخبير المائي ميثم محمد أن الطاقة التخزينية للسد من المياه تبلغ 1.9 مليار م3، وهذه الكميات تعد خطيرة فيما إذا حدث أي انهيار للسد، إذ سيعمل على تكوين موجات من المياه ستؤدي إلى كارثة إنسانية كبيرة".
وقال محمد في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، إن "الموجة الأولى ستعد الأقوى فهي لا تقل عن 7 أمتار وستضرب المناطق حتى 150 كيلومترا، بينما تكون الموجة الثانية بارتفاع 5 أمتار وستضرب حتى 400 كيلومتر، وأما الموجة الثالثة فستكون بارتفاع 3 أمتار، وهي التي ستؤثر على العراق، إذ سترفع منسوب نهر الفرات بشكل كبير".
وأكد الخبير أن "المدن العراقية الواقعة على نهر الفرات في محافظة الأنبار ستتأثر إذا حدثت كارثة انهيار سد تشرين السوري"، مشدداً على "ضرورة وجود تدخل دولي لإبعاد الاشتباكات العسكرية عن السد".
بدوره، قال رئيس لجنة الزراعة والمياه النيابية الأسبق فرات التميمي، اليوم الاثنين، "نتابع بقلق منذ أيام ملف الاشتباكات الشرسة التي تدور في محيط سد تشرين السوري على نهر الفرات لكن ليس لدينا اي معلومات عن حجم الخزين المائي او هل تضرر بنيته الأساسية او بواباته بشكل مباشر في ظل تضارب الانباء حول طبيعة المعارك والقصف المتبادل بين الأطراف المتنازعة هناك".
وأضاف التميمي أنه "في كل الاحوال العراق لديه فراغ خزين كبير جدا في حديثة وباقي السدود الاخرى واذا ما حصل اي طارئ في سد تشرين سيكون بالامكان استيعاب اي موجات مائية مرتفعة من خلال توجيهها صوب السدود الرئيسية وهذا ما اكدت وزارة الموارد المائية قبل أيام في رسائل طمأنة للراي العام في العراق".
وأشار الى "أهمية متابعة ملف الاحداث في سد تشرين السوري واتخاذ المواقف حيال تطوراته لانه من السدود الكبيرة على نهر الفرات بشكل عام".
الموارد: لا خطر على العراق
قبل أيام، أوضح المتحدث باسم وزارة الموارد المائية ، خالد شمال، أن الوزارة على تواصل –غير رسمي- مع الفنيين المعنيين بإدارة المياه في سوريا، وقد أكدوا أنه ”لا يوجد خطر كبير“.
ووفق شمال فإنه يمكن احتواء المياه القادمة من سد تشرين باستخدام السعة التخزينية الموجودة في سد الطبقة السوري، فضلًا عن سد حديثة العراقي، وكذلك في ’عمود الفرات‘ بالعراق، أي مجراه من بعد سد حديثة بمحافظة الأنبار وصولًا إلى البصرة جنوبي العراق.
ويقول شمال: "العراق قادر على استيعاب أي موجة فيضانية، سواء أكانت ناتجةً عن أمطار أو سيول أو تدفق المياه من سد تشرين حال وقوع تصدعات".
ويضيف، أن "سد تشرين فيه الآن ما يقارب مليارًا وثمانمئة مليون متر مكعب، وكذلك سد الطبقة يقترب من ملياري متر مكعب، أما سد حديثة العراقي ففيه فراغ خزني يزيد على ستة مليارات متر مكعب، لذلك يمكن استيعاب أضعاف المخزون الحالي في سد تشرين".
كذلك فإن منسوب نهر الفرات في العراق منخفض حاليًّا بسبب قلة التصاريف الواردة، مما يعزز قدرة البلاد على مواجهة أي طارئ، وفق شمال.
أين يكمن الخطر؟
الاشتباكات المسلحة تدور ”للسيطرة على السد“، على حد قول عبد الرزاق العليوي، خبير الموارد المائية والسدود في سوريا، وممثل الهيئة السياسية بمحافظة الرقة.
ووفق العليوي فإن ”التصدعات“ في سد تشرين نجمت من الاشتباكات، الأمر الذي تسبب في هروب معظم الموظفين العاملين في السد، ”بعدما أوقفت القوات الكردية قواطع الكهرباء داخل السد، ما يهدد بغمر السد من الداخل وبالتالي غمر التجهيزات الكهربائية والمحركات، وهذا يعني خروج السد عن الخدمة“.
ويستطرد العليوي: ”عملية إصلاح الضرر تتطلب وقتًا وجهدًا كبيرين، ولكن بحيرة السد قادرة على استيعاب الفيضان لو حدث، مما يقلل من خطر وقوع كارثة وشيكة“، مشيرًا إلى أن المناطق المحتمل تضررها هي القرى والبلدات المحيطة بالسد في منطقة منبج الواقعة شمال سوريا.
”الخطر يكمن في هروب الفنيين والمهندسين من السد“، في رأي مها رشيد، المدرس في قسم الهندسة المدنية بكلية دجلة الجامعة، والمتخصصة في إدارة الموارد المائية بالسدود، ومن ثم فإنه”يصعب تشغيل السد“.
وتقول رشيد: ”وضع السد الحالي ما زال حرجًا ويستدعي سرعة تفريغ المياه من الداخل، بعد غمر التجهيزات الميكانيكية والكهربائية داخل السد، مبينةً أن لدى العراق سدودًا على نهر الفرات يمكنها استيعاب أي فيضان محتمل وخاصةً سد حديثة في محافظة الأنبار غربي العراق، والمحاذية للحدود السورية حيث مجرى نهر الفرات“.
كذلك يوضح خبير المياه السوري عبد العزيز المصري أن سد تشرين هو ثالث محطة كهرومائية على نهر الفرات في سوريا، حيث يعتمد إنتاج الطاقة فيها على الوارد المائي لنهر الفرات من تركيا، وتتكون المحطة من ست وحدات توليد، كلٌّ منها تنتج 105 ميجا واط وبطاقة إجمالية تصل إلى 630 ميجا واط، وتهدف المحطة بشكل أساسي إلى رفد الشبكة العامة السورية بطاقة سنوية تقدر بحوالي 1,1 مليار كيلو واط/ ساعة.
ويشير المصري إلى أن هذا النوع من المحطات يتميز بالعمل بكامل الطاقة خلال وقت الذروة المسائية، التي تمتد حوالي سبع ساعات منذ بدء غروب الشمس، كما تتميز بسرعة الإقلاع والربط مع الشبكة العامة خلال دقائق.
ويضيف، أن محطة توليد سد تشرين تبعد عن الحدود التركية 75 كم وعن مدينة حلب شرقًا 125 كم وعن سد الطبقة 85 كم، كما تبعد عن الحدود العراقية نحو 535 كم. ويبلغ طول السد يبلغ 900 متر، وعرضه من القاعدة 90 مترًا، أما ارتفاعه فهو 40 مترًا، وعرضه من الأعلى 21,5 مترًا على منسوب 329 مترًا.
ويلفت المصري الانتباه إلى وجود ”فراغ خزني بحدود 150 مليون متر مكعب“، إذ إن منسوب البحيرة الحالي 323,5 مترًا. العراق: قادرون على استيعاب الموجات الفيضانية في النهاية، طمأنت وزارة الموارد، العراقيين بشأن المخاوف من انهيار سد تشرين السوري.
ونقلت الوكالة الرسمية، عن وزارة الموارد المائية العراقية تأكيدها وجود طاقة خزنية كبيرة في ثلاثة مواقع قادرة على استيعاب أي موجات فيضانية في حال انهيار السد.
وقال مدير عام الهيئة العامة للسدود والخزانات في وزارة الموارد المائية، علي راضي، إن "هناك أنباء اطلعنا عليها على مواقع التواصل تشير إلى حدوث أضرار في سد تشرين في سوريا بسبب العمليات العسكرية التي حدثت في تلك المنطقة التي تفصل بين محافظتي حلب والرقة".
وأضاف راضي أن "العراق يمتلك طاقة تخزينة كبيرة في سد حديثة وبحيرتي الحبانية والرزازة على نهر الفرات، وفي حال ورود موجات كبيرة من المياه من الممكن أن تستوعب أي تدفقات"، مؤكدا أن "جميع الخطط الموضوعة جاهزة لاستقبال أي موجة كانت".
وتابع: "في حال ورود موجات من المياه في عمود الفرات، فإن وزارة الموارد المائية اتخذت كافة الإجراءات الكفيلة باستيعاب هذه المياه".