9 سنوات و"الطائر الأخضر" لم يحلق في سماء أوروبا.. هل يستطيع السوداني حل الملف الشائك؟
انفوبلس/ تقرير
مرت نحو 9 سنوات على قرار حظر الطيران العراقي، وتحديدًا الخطوط الجوية العراقية من التحليق في سماء أوروبا، ولم تتمكن الحكومات المتعاقبة من تحقيق الشروط التي تتيح إلغاء القرار الدولي الذي كان له تأثيرات اقتصادية سلبية كبيرة على البلاد، ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على أسرار اجتماع السوداني الأخير والغاية من تكليف وزير الإعمار والإسكان بنكين ريكاني بمنصب رئاسة سلطة الطيران المدني.
أعلن الاتحاد الأوروبي في 12 كانون الأول/ديسمبر من عام 2015، عن إدراج الخطوط الجوية العراقية ضمن قائمة منع تسيير الرحلات الجوية لأوروبا، بسبب عدم التزام العراق بتنفيذ شروط السلامة المعتمدة لدى الاتحاد.
*السوداني يتحرك
رئيس الوزراء محمد شياع السوداني اطلع، الأحد الماضي، على الإجراءات التي اتخذتها اللجنة المختصة ضمن جهود إنهاء الحظر ومتطلباته، وفي مجال تطوير عمل شركة الخطوط الجوية وأتمتة مفاصلها كافة، وكذلك في مجال إصلاح الطائرات وإدامتها، واستمرار جهود تطوير قدرات كوادر الشركة ومنشآتها، والارتقاء بمستوى الخدمات المقدّمة للمسافرين، بما يتناسب مع مكانة ودور الخطوط الجوية، بوصفها واجهة حضارية للعراق، وذلك خلال ترأسه اجتماعاً للّجنة المكلفة بإنهاء ملفّ الحظر الأوروبي على الخطوط الجوية العراقية.
السوداني شدد على ضرورة الإيفاء بمتطلبات منظّمة الطيران المدني الدولي واتحاد النقل الجوي بأسرع وقت ممكن، ومواكبة التطوّر العالمي في مجال النقل الجوي للمسافرين والبضائع، وكذلك العمل على وفق توقيتات زمنية محددة لتحديد المستهدفات وإنجازها.
كما أكد رئيس الوزراء أن رفع الحظر عن الخطوط الجوية العراقية من الملفات التي تحظى باهتمام كبير من قبل الحكومة، وهو ملفّ لا يمكن التهاون إزاءه، وبين أنه سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقّ المقصرين تجاه الإيفاء بمتطلبات ومتابعة هذا الملف.
*ملف شائك
يقول خبير الطيران فارس الجواري، إن "الحظر الأوروبي على الطيران العراقي ملف شائك، لأنه أولا موضوع تخصصي بحت ويحتاج إلى فنيين ومتخصصين لأجل وضع خطوات صحيحة للخروج من هذا المأزق الذي استمر لعشر سنوات".
غير أن الجواري يشير إلى أن "المشهد الأخير لاجتماع رئيس الوزراء باللّجنة المكلفة بإنهاء ملفّ الحظر الأوروبي على الخطوط الجوية العراقية ضم وجوها جديدة، غير من كنا نراهم على مدى السنوات الماضية، ويبدو أن معالجة هذا الملف ستكون مختلفة هذه المرة".
ويضيف الجواري، أن "هناك مختصين من منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO)، واتحاد النقل الجوي الدولي (IATA)، أبلغوا رئيس الوزراء بحقيقة الأمر، وهو أن الموضوع لا يحتاج إلى نشاطات سياسية تقوم بها وزارة النقل أو وزارة الخارجية، إنما المسار الصحيح هو معالجة هذا الملف فنيا والالتزام بالتوصيات التي تضعها الوكالات العالمية".
ويرى أن "الأمر إذا استمر بأخذ رأي المختصين سيشهد انفراجة ويعود العراق للتحليق في الأجواء الأوروبية"، لافتا إلى أن "الطيران عبارة عن لوائح ومعايير والخطوط الجوية العراقية يجب أن تؤمن تطبيق هذه اللوائح وهو ما يعمل عليه العراق الآن، وهذه الخطوة وإن كانت متأخرة لكنها مهمة".
ويشير إلى أن "هذا الملف شهد طيلة الفترة الماضية تقصيرا، فقد استقبل العراق أكثر من مرة لجانا من اتحاد النقل الجوي الدولي، وكتبوا توصيات لكن العراق لم يلتزم بها على الرغم من الأموال التي صُرفت في هذا الجانب، وهذا ما دفع السوداني للحديث بنبرة حادة هذه المرة عن محاسبة المقصرين في هذا الملف".
مطلع شهر حزيران/ يونيو الماضي، جددت وكالة سلامة الطيران الأوربية، التأكيد على حظر الخطوط الجوية العراقية في أجوائها، وقالت إنه سيستمر لحين تلبية متطلبات التشغيل الآمن من خلال الاستجابة لمتطلبات شهادة مشغل البلد الثالث "تي سي أو".
*تكليف "بنكين ريكاني" بمهام رئيس سلطة الطيران المدني
بعد الاجتماع بيومين، أصدرت رئاسة مجلس الوزراء أمرا ديوانيا بتكليف وزير الاعمار بنكين ريكاني، بمهام رئيس سلطة الطيران المدني، ليكون هذا هو ثالث منصب لريكاني، حيث يشغل منصب وزير الإعمار والإسكان، وكذلك رئيس سلطة الطيران المدني، فضلا عن رئاسة "مجلس البناء العراقي" الذي تم تأليفه بموافقة مجلس الوزراء خلال جلسته يوم أمس الاثنين.
وأبدت لجنة النقل والاتصالات النيابية، اليوم الثلاثاء، استغرابها من تكليف وزير الاعمار والإسكان بنكين ريكاني بمنصب رئاسة سلطة الطيران المدني، حيث يقول عضو اللجنة هيثم الفهد، اننا "في لجنة النقل والاتصالات نستغرب اصدار قرار تكليف وزير الاعمار بنكين ريكاني بترأس سلطة الطيران المدني"، معتبرا ان "هذا القرار غير مدروس وغير مختص باعتبار ان مشكلتنا هي كيف نكون بمصاف المطارات والدول العالمية في النقل الجوي".
ويضيف انه "لدينا إخفاقة في بناء المطارات والسلطة الرقابية على المطارات"، مشيرا الى انه "نتيجة لاستمرار تمديد الحظر المفروض على الطيران العراقي في أوروبا، فأننا نحتاج الى شخص مختص وذي خبرة حتى وان كان متقاعدا او شخصية كبيرة بالعمر ولديه خدمة في مجال الملاحة الجوية لكي يستوفي كل الشروط حتى وان تعسرت مهامه يمكن أن نأتي بمستشار من خارج العراق ويكون مستشارا عند رئيس سلطة الطيران لإبداء الآراء الصحيحة".
ويتابع، إن "إيكال مهمة سلطة الطيران المدني الى وزير شغل مناصب تنفيذية بعيدة كل البعد عن الطيران والنقل الجوي، نال استغرابا شديدا لدينا كبرلمان بصورة عامة ولجنة النقل والاتصالات بصورة خاصة"، مشددا على انه "ستكون هناك تحركات للجنة خلال الأيام القادمة لمتابعة عمل اللجنة المشكلة لمتابعة ملف الحظر وكذلك ملف تكليف ريكاني بهذا المنصب".
ووقع الحظر الجوي على شركة الخطوط الجوية العراقية في الاجواء الأوروبية منذ العام 1991 بعد غزو نظام الطاغية صدام حسين لدولة الكويت وفرض عقوبات دولية على البلاد إثر ذلك، ولم يتم رفعه إلا في العام 2009، لكنه ما لبث أن عاد في آب من العام 2015.
*الحظر على العراق موضوع فني بحت
من جهته، يؤكد الخبير المختص في إدارة الأزمات علي جبار، أن "هذا الملف يحمل بُعداً فنيا وتعليمات شاملة لكل شركات الطيران في العالم الخاضعة لاتحاد النقل الجوي الدولي، بأن تكون ملزمة بالخضوع لشروط السلامة والأمان والصيانة الدورية والتدريب العالي لكوادرها للمحافظة على سلامة الركاب وغيرها من الأمور اللوجستية".
ويضيف جبار: "للأسف حال شركة الطيران العراقية كمعظم مؤسسات الدولة العراقية، ثمة انحدار في نمط وسلوك الإدارات العليا للمؤسسات العراقية، فقد سجلت على شركة الطيران العراقية العديد من المخالفات المشاكل الفنية على مدى السنوات الماضية وتم إرسال عدد من الإنذارات والعقوبات للخطوط الجوية العراقية التي تستخدم طائراتها بشكل مباشر أو الشركات التي تمثل الخطوط العراقية".
ويرى أن "الحظر على العراق موضوع فني بحت، لكن إدارة وزارة النقل وإدارة شركة الطيران لم تستوعب دورها وبقيت مترنحة طيلة هذه المدة"، لافتا إلى أن "الجانب الأهم هو كيفية نقل قطاع الطيران إلى مستوى منافس للشركات الإقليمية والعالمية وهذا واحد من التحديات التي تواجه العراق وفشل بها".
ويؤكد أن "العراق يحتاج إعادة هيكلة لهذه المؤسسة المهمة واستخدام أنواع التكنولوجيا وتحديث الإدارة في عملية صيانة الطائرات وتدريب الكوادر والحفاظ على شروط السلامة للوكالات الدولية وتطبيقها بشكل كبير".
وأطلق برنامج "الإيكاو" العالمي لتدقيق مراقبة السلامة ما يعرف باسم "يو إس أو أي بي" في 1 كانون الثاني/ يناير العام 1999، استجابة لمخاوف واسعة النطاق حول مدى كفاية الرقابة على سلامة الطيران في جميع أنحاء العالم.
وتركز مراجعة حسابات (USOAP) على قدرة الدولة في توفير الرقابة على السلامة من خلال تقييم العناصر الحرجة (CEs) لنظام مراقبة السلامة، والتي تمكن الدولة المعنية من ضمان تنفيذ معايير السلامة ICAO والممارسات الموصى بها (SARPs) والإجراءات المرتبطة بها والمواد التوجيهية.
وبحسب حديث العديد من المختصين، فإن الخطوط الجوية العراقية تكبدت خسائر مالية فادحة عقب قرار حظر الطيران العراقي من التحليق في سماء أوروبا نتيجة لعدم التزامها بمحددات السلامة الدولية ولسنوات عديدة.
ومن المعروف أن الخطوط الجوية العراقية تأسست بواسطة جمعية الطيران العراقية، حين قررت هيئتها الإدارية في (18 أيار/مايو 1938)، استثمار فائض حملة التبرعات الوطنية الشاملة التي أثمرت عن تمكين القوة الجوية العراقية آنذاك من شراء 15 طائرة قاصفة ومقاتلة إيطالية (بريدا وسافوي) وكان الفائض مقداره 23000 دينار عراقي مكّنها من شراء ثلاث طائرات بريطانية (دي هافيلاند دراغون رابيد)>