أداة للتسول ومادة للتنمر وجذب المشاهدات.. "انفوبلس" تفصّل الانتهاكات بحق ذوي الإعاقة في العراق

انفوبلس/ تقرير
على الرغم من المشاكل المختلفة التي يعانون منها في حياتهم الخاصة، إلا أن ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة في العراق يواجهون تحديات وانتهاكات شبه يومية تتمثل في استخدامهم كأداة تسول أو مادة للتنمر والسخرية من أجل كسب المشاهدات في السوشيال ميديا، فكيف يعالج القانون العراقي هذه المسألة؟
تتضارب الأرقام الرسمية وغير الرسمية بشأن أعداد المعاقين في بلد صنّفته الأمم المتحدة كواحد من الدول التي يوجد فيها "أكبر عدد من الأشخاص ذوي الإعاقة في العالم"، لكن التقديرات والتخمينات تشير إلى وجود أكثر من 4 ملايين شخص يعانون من الإعاقة.
من هم ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة
بحسب حديث نائب رئيس استئناف بابل القاضي حبيب إبراهيم، فإن المشرّع العراقي عرّف في المادة (1) من قانون حقوق ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة رقم 38 لسنة 2013، ذا الإعاقة، بأنه الشخص الذي يعاني من عاهات طويلة الأجل سواء كانت بدنية أو عقلية أو ذهنية أو حسية تمنعه من المشاركة بصورة كاملة فعالة في المجتمع على قدم المساواة مع الآخرين.
أما تعريف القانون لذي الاحتياج الخاص، بحسب القاضي إبراهيم، فهو "الشخص الذي لديه قصور في القيام بدوره ومهامه بالنسبة لنظرائه في السن والبيئة الاجتماعية والاقتصادية والطبية بما في ذلك التعليم او الرياضة أو التكوين المهني او العلاقات العائلية وغيرها، كما يعد قصار القامة من ذوي الاحتياجات الخاصة.
ووفقا للقاضي، فانه لا يوجد قانون خاص بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، بل إن هذه الفئة تندرج ضمن قانون ذوي الإعاقة وأيضا قانون رعاية الأحداث رقم 76 لسنة 1983 المعدل، ووفقا لأحكام المادة 22 مكررة من قانون حقوق ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة.
ويشير إبراهيم إلى أن "ارتكاب الجريمة بانتهاز فرصة عجز ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة عن المقاومة، إنما يعد ظرفا مشددا للعقوبة الوارد ذكرها في المادة 22 من قانون ذوي الإعاقة والمتضمنة
فرض عقوبة الحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر أو غرامة لا تقل عن 500 ألف دينار ولا تزيد عن مليون دينار"، مضيفا أن "العقوبة المذكورة يمكن فرضها بصورة مطلقة بحق كل شخص استغل فرصة ذوي الإعاقة او الاحتياجات الخاصة سواء في جريمة التسول او غيرها من الجرائم وسواء أكان المجنى عليه من الأطفال أم البالغين".
ويبيّن، إنه "لحماية الأشخاص ذوي الإعاقة او الاحتياجات الخاصة فإن المشرع قد أوجب بموجب أحكام المادة (20) فرض عقوبة الغرامة مبلغاً لا يقل عن مليون دينار ولا يزيد على مليوني دينار بحق المتهم الذي يقوم بعرض أو نشر أو إذاعة بأي وسيلة من وسائل الإعلام او أي من الصور أو الرسوم أو الأفلام أو البرامج التي من شأنها الإساءة إلى الأشخاص من ذوي الإعاقة او الاحتياجات الخاصة أو نشر مفاهيم غير صحية وسلبية عنهم.
ونص المادة 21 من القانون – بحسب القاضي - فرضت عقوبة الحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر أو الغرامة بمبلغ لا يقل عن 500 ألف دينار أو بالعقوبتين معاً كل من ادعى خلافا للحقيقة أنه من ذوي الإعاقة أو الاحتياجات الخاصة.
ورغم أهمية هذا القانون لرعاية هذه الشريحة، إلا أن القاضي يرى أن "النصوص القانونية قد وردت مقتضبة كونها لم تتضمن التمييز عندما يكون المجنى عليه من ذوي الإعاقة أو الاحتياجات الخاصة بالغا أو قاصرا أو التمييز بالنسبة للجرائم المرتكبة باستغلال فرصة المذكورين كون الجرائم تختلف بأنواعها من الجنايات او الجنح او المخالفات إضافة إلى أن العقوبات الواردة فيه خفيفة ولا تحقق الغاية منها في الردع العام والخاص والإصلاح".
ونبه إلى أن "استغلال هذه الشريحة له آثاره السلبية على الفرد والعائلة والمجتمع باسره، الأمر الذي يوجب تشريع قانون جديد او تعديل القانون المذكور بما يحقق الغاية منه في حمايتهم وعدم المساس بهم تحقيقا لغايات مادية على حساب إنسانيتهم".
الى ذلك، قال رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق فاضل الغراوي، في بيان مؤخراً، إن "الأشخاص ذوي الإعاقة يتعرضون الى مئات الانتهاكات يوميا لدى مراجعتهم دوائر الدولة". وأضاف أن "نسبة عدد الاشخاص ذوي الاعاقة تمثل 12%، من المجموع الكلي لسكان العراق وبذلك يقدر العدد بأكثر من 3580 ثلاثة ملايين وخمسمائة وثمانين ألف شخص من ذوي الإعاقة وهذا الرقم يتقارب مع بيانات منظمة الصحة العالمية"، مبينا أن "عدد الذكور منهم يمثلون نسبة 57% وعدد الإناث يمثلن نسبة 43%".
وأكد الغراوي، إن "نسب توزيع الأشخاص ذوي الإعاقة حسب المحافظة تتفاوت إذ ترتفع نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة في محافظة بغداد لما يقرب من 27%، تليها محافظة البصرة بنسبة 11.7%، ومن ثم تأتي محافظة بابل بنسبة 9.8%، وأقل نسبة للأشخاص ذوي الإعاقة ظهرت في محافظتي ميسان والمثنى".
وأظهرت نتائج المسح الوطني للإعاقة إن أعلى نسبة للإعاقة هي الإعاقة الحركية وتصل إلى 42%، يليها صعوبات التعلم بنسبة 21%، ثم تأتي الإعاقة البصرية بنسبة 15%، ومن ثم الإعاقة السمعية 9%، واقل نسبة للإعاقة هي الاعاقة العقلية عدم القدرة على العناية الذاتية وتبلغ 6% فقط من مجموع الأشخاص من ذوي الإعاقة.
وأشار الغراوي إلى أن "اغلب دوائر الدولة في العراق لا يوجد فيها ترتيبات تسهيلية إذا لا يوجد اماكن توقف لسياراتهم او دراجاتهم كما سلالم خاصة لصعود هم ولا توجد أماكن خاصة لجلوسهم ولا توجد علامات دلالة تساعدهم في الوصول اثناء المراجعات ولا يوجد حمامات خاصة لهم وليوجد مترجمين للغة الاشارة في اغلب دوائر الدولة، كما يتعرضون لامتهان كرامتهم الإنسانية".
وطالب الغراوي، رئيس مجلس الوزراء بـ"الايعاز لكافة دوائر الدولة بتطبيق الترتيبات التيسيرية لحاجة الاشخاص ذوي الاعاقة وإلزام هيئات الاستثمار كافة بالاستجابة لمتطلبات الاشخاص ذوي الاعاقة في كافة المشاريع الاستثمارية التي يتم تنفيذها ويتم سحب الاجازة الاستثمارية في حال عدم تنفيذها"، كما طالب كافة الوزارات بـ"تخصيص يوم لغرض معايشة الاشخاص ذوي الاعاقة اثناء مراجعتهم لدوائر الدولة والحرص على عدم امتهان كرامتهم".
من جهتها، تشاطر القاضية نوال صبري رئيس محكمة أحداث بغداد الرصافة، القاضي إبراهيم، في أن "أطفال الاحتياجات الخاصة وتسليعهم كأداة تسول يعد جريمة وفق قانون رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة المرقم (38) لسنة 2013 المادة (15 / أولاً / و) حيث جاء فيها تكليف هيئة رعاية ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة بتسجيل الأطفال الذين يولدون وهم أكثر عرضة للإصابة بالإعاقة ومتابعة حالاتهم".
وأضافت أن "قانون رعاية الأحداث المرقم (76) لسنة 1983 المعدل في المـادة (26 / رابعاً) أوجبت على محكمة الأحداث إيداع المشرد المصاب بمرض عقلي في أحد المعاهد الصحية أو الاجتماعية المعدة لهذا الغرض". كما لفتت إلى أن "قانون مكافحة الإتجار بالبشر رقم (28) لسنة 2012) المادة 6 / ثانيا عاقبت المتاجرين بذوي الإعاقة بالسجن المؤبد وبغرامة ولا تقل عن خمسة عشر مليونا ولا تزيد عن خمسة وعشرين مليونا".
وأشارت إلى أن "قانون العقوبات العراقي النافذ في المادة (392) منه نص على معاقبة من أغرى شخصا لم يتم الثامنة عشر من عمره بالتسول، بالحبس لمدة ثلاثة أشهر مع غرامة مالية وشدد العقوبة لتصل الى ستة أشهر مع غرامة مالية إذا كان الشخص ولياً له أو وصياً أو مكلفاً برعايته".
وتحدثت صبري عن "حالات عديدة من التسول لاسيما من قبل أولئك الذين يصطحبون بالتسول أطفالا صغارا"، لافتا إلى أن "هناك خطوات جدية لمتابعة هذه الظاهرة متمثلة بقيام القوات الأمنية بحملات إلقاء القبض علـى المتسولين والمشردين أثناء تجوالهم في الشوارع وبعدها يتم أحالتهم الى المحاكم المختصة لتقوم بدورها واتخـاذ الإجراءات القانونية بحقهم، وهي إما إيداعهم في دور الدولة الخاصة بهم أو تسليمهم لذويهم مقابل تعهدات مالية لغرض المحافظة عليهم وعدم تكرار هذه الحالات".
وتقترح القاضية من الناحية القانونية بشأن هذه الجرائم "تشديد العقوبة بحق الولي أو الوصي على الطفل أو الحدث لتكون رادعاً على عدم قيامهم باستخدام الأطفال لغرض التسول".
الخفاجي، وهو النائب الأول لرئيس المنظمة العربية لذوي الإعاقة، أوضح أن أسباب الإعاقة في العراق 30% منها الحروب ومخلفاتها، مثل الألغام والقنابل العنقودية والمتفجرات غير المنفلقة، وأحداث العنف المسلح والعمليات الإرهابية بعد عام 2003، وبقية الأسباب تضم الإعاقة بالولادة أو جراء ظروف العمل وحوادث السيارات وبقية الحوادث اليومية".
وتتولى الحكومة العراقية التي دخلت عامها الاخير برئاسة محمد شياع السوداني برنامجا واسعا لمعالجة وضع ملايين الأسر الفقيرة وأصحاب الأمراض المزمنة والإعاقات الدائمة، ويقول مسؤولون في الحكومة إن البرنامج متواصل ويستغرق عدة سنوات.