إن لم تعترفوا لن نعترف.. خلاف التعليم العالي بين بغداد وأربيل يصل لمرحلة التعامل بالمثل.. تعرّف على أزمة الجامعات الأهلية
انفوبلس..
سلّطت لجنة التعليم النيابية الضوء على مشكلة كبيرة لم يتم الالتفات إليها بالحجم الذي تستحقه في السنوات السابقة، وتتمثل بعدم اعتراف وزارة التعليم العالي في كردستان بالجامعات والكليات الأهلية المُعترف بها من قبل الوزارة الاتحادية، ما يُمثل خرقاً آخر للإقليم الذي يحاول الحصول على اعتراف وزارة التعليم العالي بجامعاته الأهلية، ما دفع وزير التعليم العالي والبحث العلمي نعيم العبودي إلى انتهاج سياسة التعامل بالمثل.
وفي وقت سابق من نيسان الماضي، أفاد وزير التعليم العالي والبحث العلمي نعيم العبودي، أنه ناقش مع وفد من وزارة التعليم العالي بحكومة إقليم كردستان، مشكلة الجامعات غير المعترف بين الجانبين.
وقال العبودي: بخصوص الجامعات الأهلية في إقليم كردستان غير المعترف بها لدى الوزارة، فإن هناك جامعات مماثلة تابعة للوزارة الاتحادية غير معترف بها كذلك في الإقليم، مشيراً إلى أن الحل يتمثل بالحوار والنقاش. مضيفاً، إن الوزارة أصدرت بهذا الصدد أكثر من كتابين، وتمت زيارتهم من قبل فريق من وزارة التعليم العالي بإقليم كردستان.
وحول ما جرى في تلك الزيارة، ذكر الوزير أنهم ناقشوا المشكلة وأبدت الوزارة استعدادها لحلّها، لكن لم يصلهم أي جواب بخصوص ذلك حتى الآن.
والجامعات غير المعترف بها من قبل بغداد هي جامعة كردستان التي تأسست في عام 2006، جامعة سوران 2009، جامعة رابرين 2010، جامعة حلبجة 2011، جامعة غرميان 2010، جامعة زاخو 2010، جامعة أربيل للفنون التطبيقية 1996، جامعة السليمانية للفنون التطبيقية 1996، وجامعة دهوك للفنون التطبيقية 2012.
التعامل بالمثل
إلى ذلك، كشفت لجنة التعليم العالي النيابية، أمس الجمعة، أسباب عدم الاعتراف بالجامعات والكليات الاهلية في اقليم كردستان.
وقال عضو اللجنة النائب حيدر المطيري، إن "لجنته تواصلت مؤخرا مع وكيل وزارة التعليم العالي للشؤون العلمية للوقوف على أسباب عدم اعتراف الوزارة بالجامعات والكليات الاهلية في اقليم كردستان منذ شهرين بعد مناشدات وردت إلى اللجنة من طلبة بمختلف المحافظات العراقية".
وأضاف، إن" الوزارة أجابت بأن الخلل الاساسي في وزارة التعليم بإقليم كردستان كونها ترفض الاعتراف ببعض الجامعات والكليات الأهلية المعترف بها من قبل بغداد، لافتا الى أنه من المفترض أن كل ما تعترف به وزارة التعليم العالي المركزية يكون ملزماً للإقليم".
وأشار المطيري، إلى أنه "من باب التعامل بالمثل أصدرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في المركز كتابًا رسميًا يتضمن إلغاء الاعتراف بالجامعات والكليات الاهلية في الاقليم من مبدأ التعامل بالمثل بعد أن أعطت الوزارة مدة طويلة للإقليم ولم تستجب".
وفي (23 آب لعام 2023)، أبلغت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الاتحادية، مجلس الخدمة الاتحادي بعدم الموافقة على تعيين خريجي جامعات اقليم كردستان إن لم تلتزم حكومة الاقليم بالاعتراف بالجامعات العراقية الاهلية التي ترفض اربيل الاعتراف بها.
ويأتي هذا الموقف الجديد في ظل خلاف مستعصٍ بين بغداد وأربيل يعود لسنوات ماضية، حيث ترفض وزارة التعليم العالي في الاقليم الاعتراف بالجامعات الاهلية العراقية، ما دفع الوزارة الاتحادية الى توقيع اتفاقية تقضي بالاعتراف المتبادل اي ان تعترف بغداد بجامعات الاقليم فيما تعترف اربيل بالجامعات العراقية الاخرى، وعلى الرغم من اعترف بغداد بالعديد من الجامعات في الاقليم، ظلت حكومة الاقليم تناور وترفض الاعتراف بالجامعات الاهلية العراقية.
ومن شأن القرار الجديد لوزارة التعليم العالي الاتحادية أن يمنع تعيين آلاف الخريجين من جامعات الاقليم من خلال مجلس الخدمة الاتحادي، ما سيخلق مشكلة كبيرة أمام حكومة اقليم كردستان.
وفي بادرة لحُسن النيّة، اعترفت وزارة التعليم العالي العراقية، الخميس، بجامعة "جرمو" في قضاء جمجمال بمحافظة السليمانية في إقليم كردستان.
وقال الدكتور هلت رشيد، رئيس جامعة جرمو إن "وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقية اعترفت بجامعتنا كجامعة حكومية"، معتبراً ذلك "أمراً إيجابياً للغاية".
وذكر رشيد، أنه أصبح بإمكان طلاب الجامعة، مواصلة دراستهم في جامعات عراقية أخرى، ويمكن لأساتذة الجامعة التدريس في جامعات عراقية أخرى أيضاً، ومناقشة رسائل الماجستير والدكتوراه في الجامعات العراقية الأخرى.
وجامعة جرمو هي إحدى الجامعات الحكومية في إقليم كوردستان، واستُحدثت في 2014، وتضم حوالي ألفي طالب و515 عضواً في هيئة التدريس والموظفين.
وأرسلت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقية إلى ممثلية حكومة إقليم كردستان، الخميس 13 حزيران، كتاباً يتضمن اعتراف الوزارة بالجامعة.
رئيس جامعة جرمو، أشار إلى أن الاعتراف سيؤثر أيضاً على العروض والأنشطة الخاصة بالعراق في مجال التعليم العالي، إضافة إلى التأثير على قبول الطلبة في الجامعات الأجنبية، والعلاقات بين الجامعات، وإدراجهم في التصنيف العالمي.
صدمة في كردستان
وفي الثامن والعشرين من أيار الماضي، عبّر العديد من الطلبة الخريجين من الجامعات الأهلية بإقليم كردستان، عن استيائهم من قرار وزارة التعليم العالي الاتحادية إلغاء الاعتراف بشهاداتهم.
وقال مصدر مطلع، إن الطلبة وذويهم هم من أهالي المحافظات العراقية خارج الإقليم، وقد تخرجوا من الجامعات الاهلية في كردستان.
وقالت والدة أحد الطلاب الخريجين لوسائل الإعلام، إن "أولادنا خريجو الكليات الموجودة في اقليم كردستان وهي معترف بها من قبل وزارة التعليم العالي الاتحادية".
وأضافت، إن "خريجي الكليات الطبية في الجامعات الاهلية المعترف بها بإقليم كردستان مشمولون بالتعيين المركزي وذلك بشرط أن يكون نفوسه ضمن المحافظات خارج الاقليم واعتراف هذه الكليات منذ 2016 لكن تفاجأنا عند فتح رابط التقديم بعدم وجود اي كلية من الكليات الاهلية بإقليم كردستان وذلك بسبب قرار من قبل وزير التعليم العالي بإلغاء الاعتراف بجميع الكليات الاهلية ضمن الاقليم دون استثناء".
وتابعت، "المعروف قانونيا أن الطالب عندما يدخل كلية معترف بها فإن هذا الاعتراف سار بالنسبة اليه لغاية التخرج حتى إذا تم إلغاؤه بعد ذلك"، مشيرة الى أن "مستقبل أبنائنا مجهول في الوقت الحالي وضاعت كل الجهود التي بذلوها اضافة الى ضياع المبالغ المالية التي صرفناها كأهالي لدفع أقساط الكليات حيث دفع كل منا نحو 50 مليون دينار حتى الآن ".
وأوضحت، إنه "ليس فقط التعيينات بل حتى الدراسات العليا والانتساب الى النقابات باتوا محرومين منها بسبب هذا القرار".
ومن جانبها قالت إحدى خريجات الجامعات في الإقليم: "تواصلنا مع العديد من الجهات المعنية بهذا الخصوص وأبلغونا ان المشكلة تعود الى خلاف بين الحكومة الاتحادية مع حكومة اقليم كردستان حيث إن الاقليم لم يعترف بعدد من الجامعات العراقية فردت الحكومة الاتحادية بإلغاء اعتراف الجامعات في الاقليم".
وأشارت إلى، أن "الطلبة الخريجين في الوقت الحالي محرومون من جميع حقوقهم بسبب خلاف بين الحكومتين وهذا الكلام يشمل جميع الاقسام في الكليات الاهلية".