استفتاء انفوبلس.. ذائقة العراقيين تحسم المنافسة في مشهد المطاعم لعام 2025
انفوبلس..
في ظل تنامي ثقافة الطعام وتحوّل المطاعم إلى فضاءات اجتماعية تعبّر عن الذوق والهوية، أعلنت شبكة انفوبلس نتائج استفتائها الجماهيري لاختيار أفضل مطعم عراقي لعام 2025، في مبادرة تفاعلية واسعة شارك فيها مئات المتابعين، وقدّمت صورة واضحة عن تفضيلات الجمهور، وموازين الشعبية، ومكانة أبرز الأسماء في خارطة المطبخ العراقي المعاصر.
كشفت النتائج النهائية للاستفتاء الذي أجرته شبكة انفوبلس حول “أفضل مطعم عراقي لعام 2025” عن مشهد تنافسي محتدم، عكسه تقارب نسب التصويت وتوزّع الأصوات بين عدد من المطاعم المعروفة، في دلالة على تنوّع الذائقة العراقية، واختلاف معايير التقييم بين الجودة، والهوية، والاستمرارية، والخبرة المتراكمة.
وبحسب البيانات المستخلصة من الاستفتاء، فقد تصدّر مطعما عيون بغداد وصمد قائمة الاستفتاء، بحصول كل منهما على نسبة 24% من مجموع الأصوات، ليشتركا في المركز الأول، في نتيجة تعكس حضورهما القوي في الوعي العام، وقدرتهما على الحفاظ على قاعدة جماهيرية واسعة، رغم احتدام المنافسة وتزايد عدد المطاعم في السوق العراقية خلال السنوات الأخيرة.
هذا التصدّر المزدوج يشير، وفق متابعين، إلى أن الجمهور لم يحسم خياره باتجاه نمط واحد أو مدرسة طهوية بعينها، بل وزّع ثقته بين تجربتين مختلفتين، لكل منهما رمزيته الخاصة ومكانته في لدى العراقيين، سواء من حيث النكهة، أو الخدمة، أو الارتباط بالمكان والمدينة.
وفي المرتبة التالية، جاء مطعم توّب أوركانك بنسبة 19% من الأصوات، متساوياً مع مطعم ناز (في محافظة كربلاء المقدسة) الذي حصد النسبة ذاتها، ليحتلا معاً المركز الثاني. وتُظهر هذه النتيجة تصاعد حضور المطاعم التي تجمع بين الطابع العصري والاهتمام بالجودة والتقديم، إلى جانب حفاظها على لمسة محلية قادرة على مخاطبة الذوق العراقي.
أما مطعم حجي حسين (في محافظة الأنبار ولديه عدة فروع في المحافظات الأخرى) فقد حلّ في المرتبة التالية بنسبة 9%، في حين جاء مطعم شمساني في ذيل القائمة بنسبة 5%، وهي نتيجة تفتح الباب أمام قراءات متعددة حول تراجع الحضور الجماهيري لبعض الأسماء، أو محدودية انتشارها الجغرافي، أو ضعف التفاعل الرقمي مقارنة بغيرها.
الاستفتاء، الذي بلغ عدد المشاركين فيه 1159 مصوّتاً، تميّز بتفاعل ملحوظ على منصات التواصل الاجتماعي التابعة لشبكة انفوبلس، حيث لم يقتصر التفاعل على التصويت فقط، بل رافقته مئات التعليقات التي عبّر فيها المتابعون عن تجاربهم الشخصية، وآرائهم المتباينة حول جودة الطعام والخدمة والأسعار والأجواء العامة.
وتؤكد انفوبلس أن هذا الاستفتاء يأتي في إطار نشاط إعلامي–اجتماعي، يهدف إلى قياس نبض الشارع، وتسليط الضوء على القطاعات التي تمس الحياة اليومية للمواطن العراقي، بعيداً عن القوالب التقليدية للتغطية الإخبارية. فالمطاعم، بحسب القائمين على الاستفتاء، لم تعد مجرد أماكن لتناول الطعام، بل تحوّلت إلى مؤشرات ثقافية واقتصادية تعكس تحولات المجتمع وأنماط الاستهلاك.
وتكشف قراءة معمّقة للنتائج أن المطاعم التي تصدّرت الاستفتاء تمتلك مجموعة من العناصر المشتركة، أبرزها الاستمرارية الزمنية، وبناء سمعة تراكمية، والقدرة على التكيّف مع أذواق مختلفة، فضلاً عن الحضور الإعلامي والتفاعل النشط مع الزبائن عبر المنصات الرقمية. في المقابل، تواجه المطاعم التي جاءت في المراتب الأخيرة تحديات تتعلق بتوسيع قاعدة جمهورها، وتعزيز ثقة الزبائن، وتحسين استراتيجيات التواصل.
ويرى مختصون في الشأن الاقتصادي والغذائي أن مثل هذه الاستفتاءات، رغم طابعها الجماهيري غير الرسمي، توفّر مؤشرات مهمة لأصحاب المطاعم والمستثمرين، كونها تعكس الانطباع العام، وتُظهر اتجاهات السوق، وتساعد في فهم سلوك المستهلك العراقي، الذي بات أكثر وعياً ومقارنةً بين الخيارات المتاحة.
كما يلفت مراقبون إلى أن التوزيع الجغرافي للمطاعم المشاركة في الاستفتاء، بين بغداد والمحافظات، أضفى بعداً إضافياً على النتائج، إذ أتاح فرصة لمقارنة الحضور بين العاصمة والمدن الأخرى، وكشف عن قدرة بعض المطاعم خارج بغداد على المنافسة وطنياً، وليس محلياً فقط.
وتندرج هذه الفعالية ضمن مشروع أوسع تعمل عليه شبكة انفوبلس، يقوم على اختيار “الأفضل” في مجالات متعددة، من الطب والتعليم إلى المطاعم والخدمات، على أن تُختزل النتائج لاحقاً في قوائم قصيرة تُطرح أمام الجمهور، في تجربة تهدف إلى إشراك المتلقي بوصفه طرفاً فاعلاً في صناعة المحتوى وتوجيه النقاش العام.
وبينما لا تدّعي هذه النتائج أنها تمثل حكماً نهائياً أو تقييماً مهنياً متخصصاً، إلا أنها تبقى مرآة صادقة لميول شريحة واسعة من الجمهور، ورسالة واضحة لأصحاب المطاعم مفادها أن الذوق العام متحوّل، وأن الحفاظ على الصدارة يتطلب جهداً مستمراً، وتطويراً دائماً، وقدرة على الإصغاء لصوت الزبائن.
في المحصلة، يعكس استفتاء “أفضل مطعم عراقي لعام 2025” حيوية المشهد الغذائي في العراق، ويؤكد أن المنافسة لم تعد محصورة في الطعم وحده، بل تشمل التجربة الكاملة، من المكان إلى الخدمة، ومن الهوية إلى الثقة، في سباق مفتوح تحسمه في النهاية خيارات الجمهور.
