اكتشف ثغرات أمنية في وكالة "ناسا" الأمريكية.. ماذا تعرف عن الموهبة العراقية منتظر محمد؟

انفوبلس / تقرير
وضع الطالب العراقي منتظر محمد أحمد، اسمه في دائرة اهتمام الإعلام الغربي وفتح أمامه آفاقاً واعدة في مستقبل العلوم والتكنولوجيا، بعدما اكتشف ثغرتين أمنيتين في موقع وكالة الفضاء الأميركية (NASA)، الأمر الذي دفع وزارة التربية إلى تكريم الطالب، وقد عدّته منجزاً عراقياً متميزاً، فماذا تعرف عن هذه الموهبة العراقية؟ وماذا اكتشف بالضبط؟
منتظر محمد أحمد من سكنة العاصمة بغداد وهو أحد طلبة الصف الرابع الإعدادي/ الفرع العلمي ويدرس حالياً في ثانوية البيارق المختلطة للمتفوقين التابعة لتربية الكرخ الثالثة.
ماذا فعل؟
حصل الطالب العراقي منتظر محمد أحمد من قضاء الطارمية شمال بغداد، على شهادة تقدير من وكالة ناسا بعد اكتشافه ثغرتين أمنيتين على موقع الوكالة الإلكتروني، حيث اكتشف الطالب المتفوق ثغرة خطيرة في لغة الاستعلامات البنيوية (SQL Injection) قد تسمح للمخترقين بحقن برمجيات خبيثة، وربما تسريب بيانات حساسة من أنظمة ناسا، كما أبلغ عن ثغرة ثانية أقل خطورة.
وتقديرًا لجهوده أصدرت ناسا شهادة رسمية أشادت فيها بمساهمته في الأمن السيبراني. وقد لاقى إنجازه إشادة واسعة في الأوساط التعليمية والتقنية العراقية، باعتباره نموذجًا للمواهب الشابة في مجالات التكنولوجيا الحديثة.
وغالبًا ما تعتمد المؤسسات الكبيرة مثل ناسا على باحثين أمنيين مستقلين من جميع أنحاء العالم للمساعدة في اكتشاف نقاط الضعف في أنظمتها. تقوم هذه المؤسسات بتقديم برامج "مكافآت الثغرات" حيث تتم مكافأة الأفراد الذين يكتشفون ويبلّغون عن الثغرات الأمنية بشكل مسؤول.
وأعرب وزير التربية إبراهيم نامس الجبوري، أول أمس الاثنين 21 نيسان/ ابريل 2025، عن فخره بمنجز الطالب منتظر محمد أحمد بعد اكتشافه ثغرات أمنية في النظام الإلكتروني لوكالة الفضاء الأميركية "ناسا". وذكرت الوزارة في بيان تلقته "انفوبلس" أن "الجبوري استقبل الطالب المتفوق منتظر، وقام بتكريمه بدرع الإبداع والامتياز في مبنى الوزارة، بحضور مدير عام التخطيط التربوي دريد ضاري الحيالي، معتبرا أن "هذا الاكتشاف يعد منجزا عراقيا متميزاً".
وأكد وزير التربية - حسب البيان - أن المتفوقين هم ثروة وطنية حقيقية تنهض بهم الأمم وتتفاخر بوجودهم، مثمنا دور الأسرة التربوية في متابعة هذا العبقري الذي ينتمي إلى ثانوية البيارق للمتفوقين التابعة إلى تربية الكرخ الثالثة.
وبحسب خبير في مجال الأمن السيبراني لشبكة "انفوبلس"، فإن اكتشاف الثغرات من قبل طرف خارجي يساعد وكالة سانا على تعزيز أمن أنظمتهم قبل أن يستغلها أفراد ذوو نوايا سيئة، ومن المرجح أن تقوم ناسا على الفور بإجراء تحقيق شامل لتقييم الثغرات المكتشفة ومدى خطورتها وتأثيرها المحتمل على أنظمتها وبياناتها.
ويقول الخبير، إنه بناءً على نتائج التقييم، ستبدأ ناسا في تطوير وتطبيق الإصلاحات والتحديثات الأمنية اللازمة لسد هذه الثغرات ومنع استغلالها في المستقبل، لافتا الى ان هذا الاكتشاف قد يؤدي ايضا إلى مراجعة شاملة لإجراءات الأمن السيبراني الحالية لدى ناسا لتحديد نقاط الضعف الأخرى المحتملة وتعزيز الدفاعات بشكل عام.
ناسا هي مؤسسة حساسة للغاية تتعامل مع معلومات وتقنيات متقدمة ومشاريع فضائية بالغة الأهمية. لذلك، فإن أمنها السيبراني يمثل أولوية قصوى. كما أن العراق يمتلك العديد من الشباب الموهوبين في مختلف المجالات، ومن الممكن بالتأكيد أن يكون هناك أفراد يتمتعون بمهارات عالية في الأمن السيبراني.
ويؤكد الطالب منتظر محمد أحمد أن بدايات اهتمامه بالمواقع الإلكترونية تعود إلى سنوات دراسته في المرحلة الابتدائية، حيث بدأ بتجربة بناء الصفحات البسيطة، قبل أن يتعمق شيئًا فشيئًا في عالم البرمجيات، وأنظمة إدارة المواقع، والبحث في الثغرات الأمنية، مستثمرا المنصات التعليمية المجانية على الإنترنت دون أي تكاليف مادية.
ويشير منتظر إلى أن الدعم العائلي والتربوي أسهم بشكل كبير في تعزيز هذه الموهبة، إذ كانت الأسرة على وعي بأهمية توجيه اهتماماته نحو التطوير الذاتي، كما أن البيئة المدرسية شجعته على استثمار وقته في التعلم الذاتي، بدلًا من الانشغال بالاستخدام السلبي لمنصات التواصل الاجتماعي.
والدة منتظر، الدكتورة قدس عبد الوهاب أحمد، توضح أن نجلها الأصغر بين إخوته الخمسة نشأ في كنف أسرة علمية بحتة، تؤمن بأهمية التعليم والتطوير الذاتي. وتلفت إلى أن العائلة حرصت على توفير أجواء دراسية هادئة وداعمة، وهو ما ساعد منتظر على التميز الدراسي ليكون من بين الطلبة المعفيين خلال مرحلته الدراسية الحالية، مؤكدة دعم العائلة له في اختيار التخصص الجامعي الذي يحقق طموحه، شرط ألا يتعارض مع القيم المجتمعية أو يمثل خطرا على الآخرين.
مدير مدرسة ثانوية البيارق المختلطة، رائد سامي سرحان، يؤكد أن الطالب منتظر يُعد من أبرز الطلبة الذين يمتلكون اهتماما علميًا يتجاوز المألوف. وتقول إن منتظر يتمتع بنسبة ذكاء مرتفعة وقدرة لافتة على التعلّم الذاتي، فضلاً عن إجادته اللغة الإنكليزية بشكل متقدم، ما ساعده على التواصل مع المحتوى العلمي المتقدم وفهم تفاصيل دقيقة في أنظمة البرمجيات وإدارة المواقع.
ويبين سرحان إلى أن المدرسة، بالتنسيق مع الملاك التدريسي، وفّرت لمنتظر بيئة تعليمية محفزة، ساعدته على تطوير مهاراته، وهو الآن من بين الأسماء التي تتابعها المدرسة ضمن مشروع لتوثيق المواهب المتميزة في مجالات الذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، والبرمجة، مشيرا إلى قرب الإعلان عن مجموعة من الطلبة الآخرين ممن يمتلكون طاقات مشابهة.
من جانبه، يؤكد المدير العام لتربية الكرخ الثالثة، الدكتور سعد صابر الربيعي، أن المديرية تضع ضمن أولوياتها رعاية الطلبة الموهوبين، خاصة في المجالات العلمية النادرة، مثل علوم البرمجيات والأمن الرقمي والذكاء الاصطناعي. وتوضح أن هناك توجيهات واضحة للإدارات المدرسية بضرورة رصد المواهب الشابة ودعمها من خلال برامج تطويرية بالتنسيق مع الجهات المختصة، مشيرًا إلى أن تجربة منتظر تُعد أنموذجًا ناجحًا يجب تعميمه.
اللافت في إنجاز منتظر أنه لم يكن مجرد اجتهاد فردي في مجال البرمجة، بل إن اكتشافه لثغرتين أمنيتين في موقع وكالة الفضاء الأميركية NASA، المؤسسة التي تأسست عام 1958 وتُعد من أكثر الوكالات الأمنية والتكنولوجية تعقيداً في العالم، قد وضعته تحت أنظار الإعلام العالمي، بوصفه موهبة شابة واعدة في مجال الأمن السيبراني.
ورغم حساسية ما توصل إليه، فإن هذا الحدث يعكس قدرة الشباب على المنافسة عالمياً في مجالات التكنولوجيا الحديثة، ويعزز الحاجة إلى بناء منظومة وطنية تحتضن الموهوبين وتستثمر طاقاتهم في خدمة البلاد، بدلا من هجرة العقول أو انصرافها عن اهتماماتها بسبب غياب الدعم المؤسسي.
كما وسيحصل منتظر على تقدير واعتراف بمهاراته وقدراته من قبل مجتمع الأمن السيبراني والمؤسسات التقنية، قد تفتح له هذه الواقعة أبوابًا لفرص جديدة في مجال الأمن السيبراني، سواء للعمل مع وكالات حكومية أو شركات خاصة أو حتى متابعة مسيرته البحثية والأكاديمية. فيما سيشعر الموهبة العراقية منتظر بمسؤولية أكبر تجاه المساهمة في أمن الأنظمة الحيوية من خلال خبرته ومعرفته.
باختصار، فإن اكتشاف منتظر محمد أحمد لثغرات أمنية في نظام ناسا الإلكتروني هو حدث مهم سيُثير ردود فعل إيجابية في الغالب، مع التركيز على أهمية الأمن السيبراني وتقدير المهارات التي أظهرها. من المؤكد أن هذا الإنجاز سيترك بصمة واضحة.