الداخلية تعلن نتائج إيجابية لحربها ضد المخدرات في العراق.. لكن التعاطي بين النساء يتزايد!

انفوبلس/ تقرير
على الرغم من تحقيق المديرية العامة لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية في وزارة الداخلية نتائج إيجابية خلال العام الجاري 2025، والقبض على 3006 متهمين، والحكم على 973 مداناً بجريمة تجارة وتعاطي المخدرات، إلا أن هناك العديد من المؤشرات التي تدل على ارتفاع نسبة التعاطي بين النساء، ويسلط تقرير "شبكة انفوبلس"، الضوء على تفاصيل هذه الظاهرة.
كانت مديرية شؤون المخدرات في وزارة الداخلية، قد توعّدت في شباط 2025، أنها ستخوض حرباً نوعية ضد تجّار المخدرات على المستوى المحلي والدولي، وأن يكون عام 2025 "أشد قسوة" ضد المتورطين.
إحصائيات جديدة
أعلنت المديرية العامة لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية، في وزارة الداخلية، عن إحصائية جديدة بعدد عملياتها والأحكام القضائية الصادرة خلال الربع الأول من العام الحالي 2025، فيما أشارت للقبض على أكثر من 3 آلاف متورط بالآفة.
وأكدت المديرية في بيان، اليوم الأحد الموافق 20 نيسان/أبريل 2025، القبض على 3006 متهمين، والحكم على 973 مداناً بجريمة تجارة وتعاطي المخدرات، لافتة إلى ضبط طنّين و166 كيلوغراماً من مختلف المواد المخدرة.
وقالت، إن "قسم التحقيقات الخاصة في المقر العام، كان له دور بارز في مكافحة المخدرات خلال هذه المدة الزمنية، إذ اسفرت عملياته الأمنية التي نفذها بقرارات قضائية صادرة عن محكمة التحقيق المركزية في جانب الرصافة من بغداد والمختص بقضايا شؤون المخدرات الخاصة عن ضبط (1 طن و538 كيلوغراماً) من مختلف المواد المخدرة"، منوّهة أن "خسائر العدو بلغت 2 قتيلاً و13 مصاباً" في إشارة إلى سقوط قتلى في جانب المتهمين خلال عمليات الملاحقة.
وقال حسين يوسف التميمي، المتحدث الرسمي باسم مديرية شؤون المخدرات في وزارة الداخلية، في تصريح صحفي تابعته "انفوبلس"، إننا "حققنا نتائج في ملف مكافحة المخدرات لم تتحقق منذ عام 2003"، مشيراً إلى أن "النتائج والإنجازات تمثلت بتفكيك شبكات مخدرات محلية ودولية ونوعية والقبض على متاجرين دوليين وكميات كبيرة من المواد المخدرة وأصبح عملنا استخبارياً".
وتابع، إن "مديرية شؤون المخدرات ستواصل التصدي للمتورطين بالمتاجرة في المخدرات، وسنخوض حرباً نوعية ضدهم على المستويين المحلي والدولي، ولن نتهاون في تنفيذ واجباتنا الوظيفية الوطنية لحماية أمن المجتمع وسيكون عام 2025 أشد الأعوام قساوة على المتورطين بجريمة المخدرات".
يصنف العراق خلال السنوات الأخيرة كمستهلك لتجارة المخدرات بعدما كان ممراً نشطاً لها، لكن ما تعلنه الجهات الرسمية المعنية بهذا الملف من عمليات ضبط كبيرة يؤشر وجود استفحال للإدمان ونشاطا متزايدا لدخول الشحنات بشكل لافت.
40 ألف تاجر وحائز للمخدرات في قبضة الأمن
وفي وقت سابق، كشف رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان الدكتور فاضل الغراوي، إن المديرية العامة لشؤون المخدرات وباقي المؤسسات الأمنية استطاعت القبض واعتقال (40) ألف شخص متورطين في جرائم المخدرات خلال الاعوام 2022 و2023 و2024.
وقال الغراوي، إن مديرية شؤون المخدرات التابعة لوزارة الداخلية استطاعت من تفكيك (230) شبكة دولية ومحلية لتجارة المخدرات في العراق في الأعوام 2023و2024. كما يشير الى أنه ووفقا لإحصائيات مديرية شؤون المخدرات فإن عام 2022 شهد القبض على:
1ـ المعتقلون: تم القبض على حوالي 14,000 شخص بتهم تتعلق بالاتجار وحيازة المخدرات، من بينهم 123 تاجرًا أجنبيًا.
2ـ المواد المضبوطة: ضبطت السلطات نحو 18 مليون حبة مخدرة، وتم إتلاف خمسة أطنان من المخدرات.
في حين شهد عام 2023 القبض على:
1ـ المعتقلون: ارتفع العدد إلى 19,000 شخص متورط في قضايا المخدرات.
2ـ المواد المضبوطة: تم ضبط 12 طنًا من المخدرات، وإتلاف طنين و118 كيلوجرامًا، بالإضافة إلى حوالي 5 ملايين قرص مخدر.
في حين شهد العام 2024 القبض على:
1ـ وفقًا لإحصائيات المديرية العامة لشؤون المخدرات التابعة لوزارة الداخلية العراقية، تم خلال عام 2024 اعتقال ما يقارب 7,000 شخص متورطين في جرائم المخدرات، من بينهم 90 تاجر مخدرات دولي و221 تاجر مخدرات محلي.
2ـ المواد المضبوطة: أعلنت وزارة الداخلية عن ضبط أكثر من 1.5 طن من المواد المخدرة. و24 مليون قرص كبتاغون تقدر قيمتها 84 مليون دولار.
كما يبين رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان أن العراق خلال الأعوام الثلاثة الماضية شهد جهودًا مكثفة في مكافحة المخدرات، تمثلت في ضبط وإتلاف كميات كبيرة من المواد المخدرة والمؤثرات العقلية:
عام 2022:
• الكمية المتلفة: تم إتلاف حوالي 5,000 طن من المخدرات والمؤثرات العقلية.
• الأقراص المخدرة: إتلاف 54 مليون حبة مخدرة.
• أمبولات: إتلاف 31,000 أمبولة.
• قوارير: إتلاف 9,000 قنينة من المخدرات المختلفة.
عام 2023:
• الكمية المتلفة: إتلاف 2,118 كغم و386 غرامًا من المخدرات والمؤثرات العقلية.
• الأقراص المخدرة: إتلاف 4,934,132 قرصًا مخدرًا.
عام 2024:
• الكمية المتلفة: إتلاف 42,322,380 كغم و322 غرامًا و390 مليغرامًا من مجموعة مواد مخدرة ومؤثرات عقلية مختلفة.
• الأقراص المخدرة: إتلاف 772 قرصًا من مجموعة مواد مخدرة ومؤثرات عقلية مختلفة.
والإحصائيات تشير إلى أن مادة الكريستال هي الأكثر تعاطيًا في العراق بنسبة 37.3%، تليها الكبتاغون بنسبة 34.35%، بينما تشكل الأنواع الأخرى نسبة 28.35%.، بحسب الغراوي الذي طالب الحكومة بتعزيز التعاون الإقليمي والدولي، وتطوير برامج توعية وعلاج للمدمنين من خلال مصحات وفقا للمعايير الدولية، بالإضافة إلى تعزيز القدرات الأمنية لمواجهة التطورات المستمرة في أساليب التهريب والاتجار، وتعديل قانون مكافحة المخدرات من خلال تشديد العقوبات على تجار المخدرات. وإطلاق حملة توعوية حول مخاطر المخدرات إضافة إلى تبني الحكومة الاستراتيجة الوطنية لمكافحة المخدرات.
ويتضمن قانون المخدرات رقم 50 لسنة 2017 عقوبات تصل إلى الإعدام، حيث تنص المادة 27 على عقوبات قاسية منها "يعاقب بالإعدام أو المؤبد كل من يتورط بزراعة المخدرات والصناعة والاستيراد والتصدير"، أما فيما يخص تجارة المخدرات محلياً ما بين النقل والترويج فتنطبق عليها أحكام المواد 28 من القانون والتي تتضمن “عقوبات السجن المؤبد أو المؤقت".
التعاطي بين النساء
وفقًا للدكتور مصطفى علي الساكني، مدير مستشفى العطاء لمعالجة الإدمان والتأهيل النفسي، فإن نسبة النساء تصل نحو 15 % من مجمل عدد المتعاطين، لكن هناك نسباً أعلى غير معلنة بسبب الخوف من الملاحقات العشائرية والوصمة المجتمعية. وأضاف، أن الفتيات المدمنات تتراوح أعمارهن بين 18 و30 عاماً، وغالباً ما يتعاطين حبوب "اللاريكا" لسهولة الحصول عليها من الصيدليات، كما أن هناك من يتعاطين مادة الكريستال.
وأشار الدكتور الساكني إلى أن المستشفى لا يملك قسماً خاصاً لرقود النساء بسبب الحاجة إلى كادر نسائي ومبنى منفصل، ويتم حالياً استقبالهن في المستشفى لغرض الاستشارة والعلاج، حيث تتم متابعة حالتهن بشكل أسبوعي. كما أن العلاج الطبي والنفسي يتم بسرية تامة وبشكل مجاني. وأكد الساكني أن النساء والفتيات بحاجة إلى دعم وتشجيع من أسرهن للبدء في مرحلة العلاج، مشيراً إلى أن الدعم الأسري يعد من العوامل الأساسية التي تسهم في نجاح العلاج والتعافي.
من جانبه أكد عبد الله خليل، طبيب في مستشفى العطاء، "يحتاج المريض إلى دعم نفسي وأسري واجتماعي، ونحن في المستشفى نمنع عنه أي مادة مخدرة، فتصبح لديه أعراض انسحابية، كعدم النوم أو الانهيار العصبي، فنقوم بإعطائه الأدوية، للقضاء على شهوته للمواد المخدرة، وللتخلص من السموم".
أثبتت الدراسات التي أجرتها الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات، أنه بمجرد تناول المرأة للمخدرات أو الأدوية، فإن احتمال تحولها إلى الإدمان السريع وزيادة المادة المخدرة أكثر من الرجل، كذلك العودة لها بعد المعالجة، بسبب أن النظام الهرموني عند المرأة أكثر تعقيداً وتقلباً، ما يجعل تعاطي المخدرات يتداخل بشكل كبير مع الهرمونات، كما أن بعض النساء المتعاطيات قد لا يلجأن إلى المؤسسات الصحية، لخوفهن من الوصمة الاجتماعية.
تقول الناشطة في مجال حقوق الإنسان آلاء الياسري: "نلاحظ في الآونة الأخيرة تفشي ظاهرة تعاطي المخدرات، وبدأت بالرجال ثم انتقلت للنساء والفتيات، لتعاطيها والمتاجرة بها، وكانت نتيجة لتغيير طبيعة المجتمع العراقي خلال السنوات الأخيرة، إضافة إلى العوامل الاقتصادية، كالبطالة ما دفع ببعضهن للتجارة بالممنوعات للحصول على الأموال، ورواجها بين طالبات الثانوية والجامعات".
وأضافت أن "هناك العديد من المؤشرات التي تدل على ارتفاع نسبة التعاطي بين النساء، كالتفكك الأسري، وصديقات السوء اللاتي يؤثرن بشكل كبير عليهن، عن طريق إغرائهن، بأن تلك المواد ستخفف عنهن ضغط الدراسة والمشكلات الأسرية، وأن تعاطيها سيجعلهن يشعرن بالسعادة والراحة، كذلك بسبب تغافل الأهل عن متابعة بناتهم".
وأكدت الياسري "أن ما يحدث في الجامعات وما يصلنا من أخبار، أمر مقلق، إذ يتم تعاطي هذه المواد بدواعٍ مختلفة منها أنها تزيد من التركيز في الدراسة، وهي مبررات وأكاذيب للتعاطي، كما أن للسوشيال ميديا دوراً كبيراً في زيادة الظاهرة، عن طريق التواصل واستدراج الفتيات بعلاقات، ومن ثم سحبهن للتعاطي والعمل بتجارة المخدرات، لتكون أداة سهلة للترويج، ومن أجل الحصول على ما اعتادت عليه من جرعات".
ووفقاً للحقوقية أنوار الخفاجي فإن اتساع ظاهرة المخدرات بين النساء في العراق يشكل تحدياً مضاعفاً. وقانونياً يعاقب القانون العراقي على حيازتها وبيعها وتعاطيها بالإعدام والسجن والغرامات، وفقًا لقانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنة 2017 النافذ في المواد، (28، 29، 30، 31، 32)، للحد من هذه الظاهرة وتجفيف منابعها من خلال تشديد العقوبات.
وأكدت، "ضرورة تعزيز التوعية المجتمعية، وتقديم برامج إعادة التأهيل والدعم النفسي والاجتماعي للنساء المتعاطيات، بجانب تشديد الرقابة القانونية، والتصدي لهذه المشكلة يتطلب تعاونًا بين الحكومة، والمؤسسات الأهلية والأسرة، لضمان حماية النساء والمجتمع من آثارها المدمرة".
تقول المحامية والبرلمانية السابقة ريزان شيخ دلير: "من المعروف أن النساء حين يكونن مهمشات وبمستوى مادي متدنٍ، سيتعرضن للاستغلال ودفعهن للتجارة بالمخدرات وتعاطيها، إن الكثيرين لا يتوقعون بأن المرأة ستتورط في تلك العمليات، ودائماً ما تستخدم لا سيما في المناطق الفقيرة، للعمل في هذه التجارة".
وبينت أنه "من الضروري أن تهتم الحكومة بهذا الجانب، خاصة بشريحة النساء اللواتي يعانين من الفقر والحرمان، كالمطلقات والأرامل والفتيات الخريجات العاطلات عن العمل، وتوفير فرص الوظائف لهن أو إنشاء المشاريع التجارية، لكي لا يلجأن إلى الانخراط بطرق التعاطي والتجارة بالممنوعات، واستغلالهن من قبل شبكات منظمة، كذلك العمل على خطة استراتيجية لحمايتهن، وتوعيتهن بخطورة الظاهرة".
وترى رئيسة منتدى الإعلاميات العراقيات، نبراس المعموري، أن المخدرات بين النساء والفتيات ظاهرة مقلقة، بحاجة إلى معالجة شاملة على المستويين الفردي والمجتمعي. وتضيف، "تلجأ بعض النساء والفتيات إلى طريق التعاطي أو المتاجرة بالمخدرات، للهروب من المشكلات والضغوط التي يعانين منها، كالتعرض للعنف النفسي والجسدي أو نتيجة للفقر والبطالة، وقد تكون الفتاة أو المرأة تحت ضغط من أشخاص مقربين، يدفعونها لتعاطي المخدرات أو الاتجار بها، كما أن بعض الأعمال الفنية أو الحملات الإعلامية تعمل على تطبيع صورة تلك المواد، وسهولة الحصول عليها بأسعار زهيدة، أو من خلال شبكات قريبة".
وشددت المعموري على ضرورة التوعية بمخاطر الظاهرة، من خلال حملات توعوية مكثفة تستهدف النساء والفتيات، وتعزيز الوعي في المدارس والجامعات حول أضرار المخدرات وآثارها الصحية والاجتماعية، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي بتوفير خدمات دعم نفسي، للنساء اللاتي يعانين من مشكلات عاطفية أو اجتماعية.
وطالبت المعموري بتشديد الرقابة على توزيع وبيع المواد المخدرة، ومعاقبة المتاجرين بها، وتعزيز القوانين الرادعة، كما من المهم إعادة التأهيل والعلاج بإنشاء مراكز علاج وتأهيل مخصصة للنساء، تقدم خدمات طبية ونفسية واجتماعية شاملة، وتوفير برامج تدريب وتأهيل للمتعافيات، لمساعدتهن على إعادة بناء حياتهن.
بينما يقول أرشد الحاكم، المتحدث باسم جهاز الأمن الوطني: "تم القيام بعمليات نوعية وكمائن محكمة، والقاء القبض على متهمين بالجرم المشهود، وتفكيك (4)، شبكات دولية من قبل جهاز الأمن الوطني، وبينهم تجار من جنسيات أجنبية وكان من ضمنها نساء".
وأوضح الحاكم أن الجهاز مستمر في العمل على هذا الملف، لا سيما في ما يتعلق بالنساء، بالتعاون مع الأجهزة الأمنية الأخرى، وبالتنسيق مع إقليم كردستان الذي يبذل جهداً في مكافحة تلك الظاهرة، وللحد من نقل أو تجارة وتهريب المخدرات".
وفي 12 آب/ أغسطس الماضي، أعلن مكتب المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني، عن حرمة تجارة وتعاطي المخدرات، داعيا إلى العمل على تطهير الأجهزة الأمنية من الفاسدين.