العراق يتجه لتحويل 50 مدرسة إلى إلكترونية ويجري مفاوضات مع شركات عالمية

نحو بيئة تعليمية تفاعلية
انفوبلس..
في خطوة تُعد الأكبر من نوعها في تاريخ العراق التعليمي، أعلنت الحكومة عن إنجاز المرحلة الأولى من مشروع بناء "1000 مدرسة نموذجية" خلال عامين فقط، ضمن الاتفاق الإطاري مع الصين، موزعة على مختلف المحافظات بحسب الاحتياج الفعلي.
ويُعد المشروع نقلة نوعية في بنية التعليم، إذ تم تصميم المدارس بأربعة أنماط وفق أعلى المواصفات الهندسية والتعليمية، مع تجهيزها بمختبرات متطورة ومنظومات ذكية.
ويستهدف المشروع إنهاء ظواهر الدوام المزدوج والمدارس الكرفانية والطينية، وتحسين بيئة التعليم للطلبة. كما أعلنت الأمانة العامة لمجلس الوزراء عن مفاتحة شركات عالمية لتحويل 50 مدرسة إلى إلكترونية بالكامل، في إطار خطة شاملة للتحول نحو التعليم الذكي.
معايير التوزيع
وأكد فريق الإعلام الحكومي، الإثنين، أن إنجاز المرحلة الأولى من مشروع المدارس النموذجية بعدد 1000 مدرسة خلال عامين يمثل إنجازًا ورقمًا قياسيًا غير مسبوق، فيما أشار إلى مفاتحة شركات رصينة لتحويل 50 مدرسة إلى الكترونية بالكامل وتجهيزها بتقنيات ذكية.
وقال المتحدث باسم الفريق حيدر مجيد، إن "الأمانة العامة لمجلس الوزراء أنجزت ألف بناية مدرسية نموذجية ضمن الاتفاق الإطاري بين العراق والصين، ووزعت على جميع المحافظات وفقًا لمعايير الكثافة السكانية، وعدد المدارس الكرفانية، والمدارس التي تضم دوامين أو أكثر، وذلك ضمن خطة اللجنة العليا لبناء المدارس".
وأضاف، أن "هذا المشروع يُعد الأول من نوعه في العراق من حيث التصاميم والمساحات والمحتويات التعليمية، وقد حرصت الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وفق رؤيتها، على أن تتضمن هذه المدارس نشاطات صفية ولا صفية تلبي احتياجات الطلبة".
أربعة أنماط بثلاث سعات
وأشار مجيد، إلى أن "المشروع نُفذ من قبل دائرة المشاريع الوطنية والأبنية المدرسية في الأمانة العامة، بإشراف ومتابعة مباشرة من قبل الأمين العام لمجلس الوزراء، وحظي باهتمام حكومي استثنائي، وفي مقدمته رئيس مجلس الوزراء".
وأوضح مجيد، أن "التصاميم التي وضعها المركز الوطني للاستشارات الهندسية جاءت بأربعة أنماط، بثلاث سعات: 12 و18 و24 صفًا، وحرصت الأمانة العامة على أن تتضمن تفاصيل دقيقة، لتكون المدارس نموذجية فعليًا، لا قولًا فقط".
وأضاف، أن "كل مدرسة احتوت على مختبرات للكيمياء والفيزياء والأحياء، ومختبر للدراسة الالكترونية وآخر للغة الإنجليزية، إضافة إلى قاعات للنشاطات الفنية والرياضية، وغرفة للمرشد التربوي، وجناح إداري، فضلًا عن جناح مخصص لمبيت حارس المدرسة".
وأكد، أن "المدارس تضمنت منظومات متكاملة للانترنت، وتحلية المياه، ومنظومات لإطفاء ومكافحة الحرائق، وكذلك منظومات كهربائية كاملة، وتم التنسيق بمستوى عالٍ مع الحكومات المحلية والدوائر الخدمية لإيصال خدمات البنى التحتية، بما فيها الكهرباء والمجاري ومياه الشرب".
وبيّن مجيد، أن "إنجاز المشروع خلال سنتين فقط بعدد ألف مدرسة يُعد رقماً قياسياً يتحقق لأول مرة في العراق، إذ تم تنفيذه دون توقف أو تلكؤ، بفضل الجهود المستمرة من الكوادر الهندسية والفنية في الأمانة العامة، وبالتنسيق مع دوائر الاشغال، ودائرتي المهندس المقيم في وزارة الإعمار والإسكان، وممثلي الأمانة العامة في المحافظات، ودوائر التربية والمشرفين التربويين".
الدوام المزدوج والمدارس الكرفانية
وأضاف، أنه "بإكمال هذه المدارس، تكون الأمانة العامة قد أوفت بتعهداتها ضمن البرنامج الحكومي والمنهاج الوزاري، وأسهم المشروع بشكل مباشر في إنهاء ظواهر الدوام المزدوج والمدارس الكرفانية والطينية، وأصبحت جميع هذه الأبنية ضمن ملكية وزارات التربية في المحافظات، وأسهمت بشكل ملحوظ في تحسين الواقع التعليمي".
وتابع، أن "المشروع نال إشادات من قبل الحكومات المحلية ومديريات التربية وإدارات المدارس، باعتباره منطلقاً لبناء جيل متعلم، في بيئة تعليمية مناسبة ومجهزة بالمستلزمات كافة".
50 مدرسة ذكية
ولفت مجيد إلى، أن "الأمين العام لمجلس الوزراء قدم مقترحاً لتحويل 50 مدرسة من بين الألف إلى مدارس ذكية، وتمت الموافقة على المقترح من قبل اللجنة العليا لبناء المدارس ورئيس مجلس الوزراء، وبدأت الأمانة بمفاتحة شركات عالمية رصينة لتجهيز المدارس الذكية بالأجهزة اللوحية والمعدات اللازمة، لتكون مدارس الكترونية بالكامل".
ولفت إلى، أن "الأمانة العامة باشرت أيضاً بمفاتحة الشركات المختصة من القطاعين العام والخاص لتأثيث المدارس، وسيتم العمل على تأثيثها قريباً بتصاميم موحدة، فيما تبقى المراحل اللاحقة مرهونة بتوجيهات اللجنة العليا لبناء المدارس، والأمانة جاهزة لتنفيذ أي توجيه حكومي بهذا الخصوص".
نقطة تحوّل جوهرية
ويمثّل مشروع "الألف مدرسة نموذجية" نقطة تحوّل جوهرية في واقع التعليم العراقي، لا سيما في ظل التحديات المتراكمة التي عانى منها القطاع لعقود، من اكتظاظ الصفوف الدراسية، إلى ظواهر الدوام الثنائي والثلاثي، ووجود آلاف المدارس الكرفانية والطينية غير المؤهلة لاستقبال الطلبة.
المشروع، الذي يُنفذ بالتعاون مع الصين ضمن اتفاقية الإطار الاستراتيجي، لم يقتصر على البناء فقط، بل اعتمد تصاميم تعليمية حديثة تستوفي شروط الجودة والبيئة التعليمية المتكاملة.
بيئة تعليمية محفزة
حازت العاصمة بغداد، على حصة كبيرة بلغت 144 مدرسة موزعة على مختلف مناطقها، حيث أشار المهندس مصطفى كريم حسين، المشرف على المشروع في بغداد، إلى أن هذه المدارس صُممت بمساحات رحبة وصفوف متعددة وحدائق ومختبرات ومكتبات، بالإضافة إلى تزويدها بمنظومات حديثة لتحلية المياه، وأخرى لمكافحة الحرائق، فضلاً عن منظومات إنترنت متقدمة.
وفي قاطع الرصافة تحديداً، أفاد مدير المشروع كنعان عدنان، بأن 38 مدرسة من أصل 51 قد اكتمل إنشاؤها وتم تسليم معظمها لوزارة التربية، التي بدأت باستقبال الطلبة فيها مع بداية العام الدراسي، مؤكدًا أن هذه المدارس تشكّل قفزة نوعية في بيئة التعليم من حيث البنى التحتية والتصميم وجودة التنفيذ.
على المستوى الوطني، أكد المهندس ناظم ناصر، مدير دائرة المشاريع الوطنية، أن المدارس باتت جاهزة، بحسب الخطة الزمنية الموضوعة، مشيرًا إلى أن المشروع لا يقتصر على العدد، بل يتفرد بتنوع النماذج المعمارية التي تراعي احتياجات الطلبة، وتخلق بيئة تعليمية محفزة وعصرية.
كما كشف عن نية الحكومة الشروع في المرحلة الثانية من المشروع لبناء 3 آلاف مدرسة إضافية، في إطار التزامها بتحقيق أهداف البرنامج الحكومي والنهوض بجودة التعليم في عموم البلاد، بما يضمن بيئة تعليمية تواكب التطور وتُلبي طموحات الأجيال القادمة.