العراق يطلق رسمياً سياسة إدارة الجودة والطاقة ويبدأ بتطبيق نظامها.. كيف ستحد من الآثار السلبية للتغير المناخي؟

ما الذي تضمنته؟
العراق يطلق رسمياً سياسة إدارة الجودة والطاقة ويبدأ بتطبيق نظامها.. كيف ستحد من الآثار السلبية للتغير المناخي؟
انفوبلس/..
يسعى العراق إلى تحسين جودة إدارة الطاقة في مختلف القطاعات، بما يتماشى مع الجهود العالمية للتحول نحو الطاقة النظيفة والمستدامة. وضمن هذا السياق، أعلنت وزارة التخطيط اليوم الأربعاء عن إطلاق سياسة إدارة الجودة والطاقة، والبدء بتطبيق نظامها.
يأتي هذا الإجراء في إطار تحقيق الهدف السادس من سياسة المبادرة لدعم الطاقة وتقليل الانبعاثات، والذي يهدف إلى تعزيز كفاءة استخدام الطاقة والحد من الانبعاثات الضارة بالبيئة.
ومن المتوقع أن تساهم هذه الخطوة في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العراق، مع الحفاظ على البيئة وتقليل الآثار السلبية للتغير المناخي.
*التفاصيل
مدير قسم إدارة الجودة والتطوير المؤسسي في الوزارة، محمد المُختار قال في بيان اليوم: إن المُباشرة بتطبيق نظام إدارة الجودة والطاقة، وفق مواصفتي (9001 ISO) و (50001 ISO) بالإصدار المُعتمد دوليا جاءت بعد موافقة نائب رئيس الوزراء، وزير التخطيط محمد علي تميم على سياسة النظام.
وأضاف، إن "سياسة الجودة تضمنت التزام الإدارة العليا في الوزارة، وحرصها على تطبيق هذا النظام ،لتحقيق الأهداف والبرامج الموضوعة من فهم السياق العام للعمليات ،و الامتثال للتشريعات المحلية والدولية، والقوانين والتعليمات الحكومية ذات الصلة بمُتطلبات الزبون ،والأطراف المعنية المتعلقة بإدارتي الجودة والطاقة، وتوفير المعلومات والموارد اللازمة لتحقيق أهدافها ومُستهدفاتها".
كما أكد المختار، التزام الوزارة بالتحسين المستمر للأداء، ودعم تصميم الأنشطة، والعمليات التي تراعي الاستخدام الأمثل للأداء الطاقي، وتقليل التكاليف والانبعاثات الناتجة من عملياتها، بالإضافة إلى دعم شراء المُنتجات، والخدمات ذات الكفاءة الأفضل، لافتا إلى أن هذه الخطوة تأتي في إطار جهود الحكومة العراقية، لتحسين الأداء الحكومي، وتعزيز الشفافية والكفاءة وتحقيق الاستدامة.
*العراق بين الدول الخمس الأكثر تأثراً بالتغيرات المناخية
ويعدّ العراق من بين الدول الخمس الأكثر عرضةً لعواقب التغير المناخي، وفق الأمم المتحدة.
وفي نهاية العام 2024، حذر تقرير أممي من مخاطر تزايدِ معدلات الجفاف عالمياً، بعد بلوغِ نسب التصحر 75 في المئة من أراضي العالم.
ووضع التقرير العراق بين الدول الخمس الأكثر تأثراً بالتغيرات المناخية بسبب انخفاض مستوى الأمطار لمواسم متعددة فضلاً عن الاستمرار في استخدام وسائل الرّي التقليدية.
وليد الموسوي مدير دائرة بيئة محافظة البصرة قال، إن "التغيرات المناخية ظاهرة عالمية، العراق متأثر بها إلى حد التطرف نتيجة شح المياه وقلة الموارد المائية من دول المنبع".
ودعا الموسوي إلى اتخاذ إجراءات من شأنها أن تحد وتقلل من ظاهرة التصحر وانحسار الحزام الأخضر "وبالتالي إشاعة الثقافة لدى المواطنين أنفسهم على ضرورة الاستزراع وإدامة المزروعات والحفاظ عليها".
ويرى خبراء البيئة أن المناخ الجاف وتناقص معدلات التساقط المطري لمواسم متعددة، فضلا عن الاستمرار في استخدام وسائل الري التقليدية، تأتي في مقدمة الأسباب التي تقف وراء زيادة معدلات التصحر في العراق على حساب أراضيه الصالحة للزراعة.
وليد حنتوش الخبير في شؤون البيئة أوضح أن العراق بحاجة إلى توحيد جهود جميع القطاعات "للحد من التلوث باستخدام التقنيات الحديثة في الزراعة وأساليب الري للحفاظ على المياه والحد من تملح التربة وزيادة رقعة الأراضي المتصحرة"، مضيفا أن العراق من أكثر خمس دول هشاشة في العالم بتأثرها بالتغيرات المناخية في العقد الأخير من هذا القرن.
الأمم المتحدة ذكرت في تقرير نشرته في 9 كانون الأول 2024 أنه رغم تفاقم الكوارث المرتبطة بالمياه مثل الفيضانات والعواصف في بعض بقاع العالم، فقد حذّر علماء الأمم المتحدة في تحليل جديد صارخ من أن أكثر من ثلاثة أرباع أراضي الكوكب أصبحت أكثر جفافًا بصورة دائمة في العقود الأخيرة.
فوفقًا لتقرير اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، فقد شهدت حوالي 77.6٪ من أراضي الأرض أحوالًا مناخية أكثر جفافًا، خلال العقود الثلاثة التي سبقت عام 2020 مقارنةً بالفترة السابقة التي استمرت 30 عامًا.
وعلى مدى الفترة ذاتها، توسعت الأراضي الجافة بنحو 4.3 مليون كيلومتر مربع - أي مساحة أكبر بنحو الثلث من مساحة الهند، سابع أكبر دولة في العالم - وتُغطي الآن 40.6% من إجمالي مساحة الأرض، باستثناء القارة القطبية الجنوبية، بحسب التقرير.
فقد انتقلت معظم هذه المناطق من المناظر الطبيعية الرطبة إلى الأراضي الجافة، مع وجود عواقب وخيمة على الزراعة والنظم الإيكولوجية والأشخاص الذين يعيشون هناك.
ويُحذر التقرير من أنه في حال فشل العالم في الحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي، فإنه بحلول نهاية هذا القرن ستصبح 3٪ أخرى من المناطق الرطبة في العالم ستصبح أراضٍ جافة.
*العراق يعلن خطته الاستراتيجية للحفاظ على البيئة
في أيلول الماضي، أعلن العراق، استراتيجية وطنية شاملة تهدف لتمكينه من الحفاظ على بيئة البلد الثاني في قائمة الدول المنتجة للنفط ومكافحة التلوث، مع التركيز على حماية المياه، وإعادة تدويرها وخفض انبعاثات الكربون.
وتمتد الخطة البيئية لست سنوات (2024- 2030)، وفق ما نقلت وكالة فرانس برس.
ويعتمد هذا المشروع على استثمارات لا تقل قيمتها عن مليار دولار سنويا، بحسب أحد خبراء برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الذي يشترك في المشروع، مشيراً إلى أن هذا التقدير تقريبي، ويتعلق فقط بجزء من البرنامج.
بدوره، قال وزير البيئة العراقي نزار أميدي، خلال مؤتمر صحفي "نحن في العراق وكجزء من العالم، نواجه تحديات بيئية كبيرة ناتجة عن الحروب السابقة والتدهور السياسي والاقتصادي الذي مرّ به البلد وجعل العمل البيئي لمدة طويلة بعيدا عن أولويات الحكومات المتتابعة، التي ركزت على الدفاع عن الوطن".
وأضاف "أما اليوم ونتيجة الاستقرار الواضح فقد خصصت الحكومة الحالية حقيبة للبيئة وجعلت موضوع البيئة والمناخ من أهم الأولويات لدعم التنمية في العراق".
ورحب ممثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق أوك لوتسما بهذا المشروع بوصفه "خارطة طريق جريئة وشاملة تعكس رغبتنا الجماعية في بناء عراق أنظف وأكثر خضرة وأكثر مرونة".
الاستراتيجية الجديدة من شأنها المحافظة على الموارد المائية ومكافحة تلوث المياه، لا سيما من خلال ضمان معالجة مياه المجاري وإعادة تدويرها لأغراض السقي أو إنعاش أهوار الجنوب التي تعاني من الجفاف خلال موسم الصيف.
كما تعتمد على حلول مبتكرة بهدف حصاد مياه الأمطار، وتشجيع استخدام طرق الريّ الحديثة.
ويمثل الجفاف الذي تعاني منه مناطق واسعة في العراق، خصوصا وسط وجنوبي البلاد، تحديا كبيراً، بالإضافة للتصحر وتراجع معدلات هطول الأمطار.
وتسعى الخطة الاستراتيجية أيضاً، إلى مراقبة النظم البيئية البحرية وإدارة المناطق الساحلية وإنشاء محميات بحرية، بالتزامن مع تطوير البنى التحتية لموانئ العراق، والتأكد من معالجة أي تلوث ناجم عن ذلك.
كذلك، ستعتمد الخطة تطوير الطاقة المتجددة والحد من الغازات المنبعثة والاستثمار في وسائل النقل الكهربائي وتحديث قطاع النقل العام.
ولكون العراق ثاني أكبر الدول المصدرة للنفط في منظمة "أوبك"، ستركز الخطة على معالجة حرق الغاز المصاحب لإنتاج النفط. حيث تسعى السلطات، بحلول عام 2030، إلى وقف حرق الغاز الناجم عن عمليات استخراج النفط باعتبارها ظاهرة ملوثة.
الجدير بالذكر، أن آخر خطة استراتيجية وطنية لحماية البيئة في العراق وخطة عمل تنفيذية، تمت صياغتها عام 2013، إلا أن احتلال تنظيم داعش الاجرامي لمساحات واسعة من الأراضي العراقية في صيف 2014 حال دون البدء بتنفيذها، بحسب ما ذكر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في بيان سابق.