القصة بدأت عام 2017 وشملت 5 محافظات.. انفوبلس تتتبع خريطة حظر "البرمودة" في العراق

انفوبلس/ تقرير
أصدرت محافظات عراقية خلال السنوات الأخيرة، قرارات بمنع ارتداء السراويل القصيرة المعروفة بـ "البرمودة" في الأماكن العامة، وآخرها إعلان قيادة شرطة محافظة واسط يوم الاحد الماضي، لتمتد مساحات الحظر الى 5 محافظات، فمتى بدأت قصة هذا الحظر؟ وما ردود الفعل حيال ذلك؟ وهل يوجد نص قانوني يساند هذه الحملة المستمرة؟.
تسببت القرارات بردود افعال كبيرة في مواقع التواصل الاجتماعي، منهم من انتقد القرارات ووصفوها بانتهاك الحريات الشخصية، الا ان بعضهم الآخر أعربوا عن دعمهم له وأكدوا بأن الذين يرتدون البرمودا والشورتات لا يراعون قيم المجتمع.
*شرطة واسط تعلن
أعلنت قيادة شرطة محافظة واسط، الأحد الماضي 6 نيسان/ ابريل 2025، حظر "شورت البرمودة"، لتصبح خامس محافظة تحظر ارتداء هذا النوع من الملابس الصيفية في العراق بشكل رسمي منذ عام 2017 ولتمتد مساحات الحظر إلى أكثر من 43% من خريطة العراق، وبما يشمل ملايين الأشخاص.
القيادة ذكرت في بيان ورد لشبكة "انفوبلس"، انه إشارةً إلى منشورنا السابق بشأن منع ارتداء "البرمودة" في الأماكن العامة، نود أن نوضح أن هذا القرار جاء استجابةً للمناشدات التي وردتنا من عدد كبير من السادات والشيوخ والوجهاء والمثقفين في المحافظة، فضلاً عن مطالبات الكثير من عوائلنا الكريمة في واسط، الذين عبّروا عن قلقهم إزاء انتشار مظاهر لا تنسجم مع ما يُعرف عن مجتمعنا من التزام بالقيم الدينية والأعراف الاجتماعية الأصيلة.
وأكدت القيادة أن هذا الإجراء يندرج ضمن حرصنا على صون الذوق العام، وتعزيز مظاهر الاحتشام والوقار، بما ينسجم مع هوية مجتمعنا الواسطي وتقاليده الراسخة، لافتة الى انه بخصوص منع الطلبة من دخول المقاهي وتناول الأركيلة فقط للأعمار الشابة دون سن الـ 18 ، فإن الهدف من هذا الإجراء هو الحرص على سلامتهم وحمايتهم من الانجرار وراء السلوكيات السلبية، والحيلولة دون تسربهم من المدارس، فضلاً عن منع استغلالهم من قبل بعض ضعاف النفوس.
*البداية من محافظة كربلاء
بدأ منع شورت "البرمودة" من محافظة كربلاء، التي تأتي في المرتبة الثانية عشرة في ترتيب المحافظات العراقية من حيث المساحة بـ 5,034 كم²، وبما يُشكل 1.15% من المساحة الإجمالية، ويقطنها أكثر من مليون شخص بحسب تقديرات وزارة التخطيط المتاحة والتي تعود إلى عام 2021، حين قررت السلطات خلال صيف عام 2017 محاسبة سائقي المركبات ممن يرتدون "الشورت"، باعتباره "غير لائق بمحافظة كربلاء التي يوفد إليها آلاف الزائرين.
بعد ذلك، باتت قرارات منع ارتداء "البرمودة" ظاهرة سنوية تثير الكثير من الجدل والردود الساخرة والاعتراضات مع كلّ صيف في البلاد، وامتدت إلى 4 محافظات هي:
*كركوك
في أيار/مايو 2019، أصدرت شرطة محافظة كركوك، عدة قرارات تحت عنوان "ضبط السلوك العام"، ومنها منع الشباب من ارتداء "البرمودة"، متوعدة بمحاسبة كلّ من يخالف بارتداء هذا النوع من الملابس الصيفية.
يعود تاريخ القرار الى نهاية شهر نيسان 2019، الا ان القوات الامنية باشرت بتنفيذها قبل ايام قليلة، واصدرت قيادة العمليات المشتركة قرارا بمنع ارتداء البرمودا مع الشورتات للرجال والشباب في الاماكن العامة، هذا ما قاله المتحدث الرسمي بأسم قيادة شرطة كركوك العميد افراسياو كامل وقتها واكد ان "اي شاب يخالف التعليمات يتعرض للمسالة والاعتقال".
واعتقلت القوات الامنية في كركوك، بتاريخ 10 ايار 2019، عددا من الشباب بعدما دخل قرار قيادة العمليات المشتركة حيز التنفيذ. وتسبب القرار بردود افعال كبيرة في مواقع التواصل الاجتماعي، منهم من انتقد القرار ووصفوها بانتهاك الحريات الشخصية، الا ان بعض الاخر اعربواعن دعمهم له وأكدوا بأن الذين يرتدون البرمودا والشورتات لا يراعون قيم المجتمع.
وكتبت الناشطة المدنية، بهار منظر في تعليق حول الموضوع حينها ان "هذا القرار يؤثر على حرية ارتداء الملابس، لان المواطنين احرار في قرارتهم بارتداء اي نوع من الملابس يشاؤون.." واضافت "القرار تعتبر انتهاكا للحريات الشخصية، ولم يصدر الحزب البعث العربي عندما كان في سدة الحكم قرارات مماثلة".
تبلغ مساحة كركوك 9,679 كم²، أي 2.21% من إجمالي العراق، وتحتل المرتبة الثالثة عشرة من حيث المساحة، ويقطنها أكثر من 1.39 مليون نسمة وفق تقديرات 2021.
*الأنبار
في ذروة صيف 2019، شهر آب أغسطس تحديدًا، قررت قيادة شرطة محافظة الانبار اتخاذ قرار مماثل، ثم أطلقت حملة لمطاردة مرتدي "البرمودة"، بذريعة وصول "مناشدات من المواطنين وأهالي وأصحاب العوائل حول وجود ظواهر شاذة تخدش الحياء"، كما اتهمت من يرتدون هذا النوع من الملابس بـ "التحرش وإطلاق كلمات لا تليق بالمحافظ"، ثم اعتقلت أحد الناشطين الذي انتقد القرار.
لكن أطلق ناشطون عراقيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي حملة كبيرة وقتها ضد ملاحقة عناصر الشرطة في محافظة الأنبار الشباب الذين يرتدون "الشورت" (البرمودا) بدعوى أنه خادش للحياء، معتبرين أن هذه الحملة الأمنية تقييد وانتهاك للحريات الشخصية.
وتداول الناشطون العديد من المنشورات الرافضة لتلك التصرفات ضمن وسم #4_برمودا في إطار حملة انطلقتمن محافظة الأنبار وانتشرت في باقي محافظات العراق،من أجل المناصرة والمدافعة عن الحقوق والحريات. وبحسب الناشطين فإن سبب اختيار هذا الوسم استنكار مطاردة الشباب مرتدي البرمودا وكأنها جريمة إرهابية على غرار المادة "4 إرهاب" في القانون العراقي.+
وتحتل الأنبار المرتبة الأولى بين محافظات العراق من حيث المساحة، حيث تغطي 138,500 كم²، أي ما يعادل ثلث المساحة الإجمالية تقريبًا، ويسكنها أكثر من 1.5 مليون شخص.
*ديالى
خلال صيف 2024، أعلنت قيادة شرطة ديالى حظر "البرمودة"، وقالت أيضًا إنّ القرار "جاء استجابة لمناشدات الكثير من الأسر ودعوات أطلقها إعلاميون وناشطون لحظر ارتداء البرمودة في شارع كورنيش نهر ديالى الذي يجذب آلاف الأسر في أيام العطلة والمناسبات، وتم الاتفاق على حظر ارتداء البرمودة والقرار دخل حيز التنفيذ"، مشددة أنّ "القرار لا يمس الحرية الشخصية".
تبلغ مساحة ديالى 17,685 كيلومترًا مربعًا، وتُشكل 4.05% من إجمالي مساحة العراق، ويبلغ عدد سكانها أكثر 1.4 مليون نسمة.
*واسط
السلطات في واسط مضت على ذات النهج، واستبقت صيف هذا العام بإعلان قرار حظر "شورت البرمودة"، ضمن سلسلة إجراءات قالت إنّها تهدف إلى مكافحة "ظواهر غير حضارية لا تنسجم مع تقاليد وأعراف مجتمعنا الواسطي".
تمتد واسط على مساحة 17,153 كيلومترًا مربعًا، بنسبة 3.92% من المساحة الكلية للعراق، ويبلغ عدد سكانها أكثر من 1.2 مليون شخص.
وأثار قرار شرطة واسط ردود ساخرة وانتقادات واسعة، كما أعاد الجدل حول السند القانون لمثل هذه القرارات، فيما الشرطة أصدرت بيانًا ثانيًا قالت فيه إنّ قرارها جاء "استجابةً للمناشدات التي وردت من عدد كبير من السادات والشيوخ والوجهاء والمثقفين في المحافظة، فضلاً عن مطالبات الكثير من عوائلنا الكريمة في واسط، الذين عبّروا عن قلقهم إزاء انتشار مظاهر لا تنسجم مع ما يُعرف عن مجتمعنا من التزام بالقيم الدينية والأعراف الاجتماعية الأصيلة"، كما أكّدت أنّ "هذا الإجراء يندرج ضمن حرصنا على صون الذوق العام، وتعزيز مظاهر الاحتشام والوقار، بما ينسجم مع هوية مجتمعنا الواسطي وتقاليده الراسخة".
القانون العراقي لا يحظر "البرمودة"!
ولا يتضمن القانون العراقي أي نص يحظر هذا النوع من الملابس الصيفية، أو يسمح الشرطة بمحاسبة من يرتديه، كما لا ينص على أي مادة تبيح للأجهزة الأمنية اعتقال الناس بسبب ملابسهم أو مظهرهم الخارجي.
ويعتبر تحديد الأمور "غير اللائقة أو التي تخدش الحياء العام"، من صلاحيات القضاة فقط، بحسب المختص في مجال القانون نبيل العبيدي، الذي يؤكّد أنّ ما تقوم به الشرطة من حملات اعتقال بحق من يرتدون "البرمودة" يعد "تجاوزًا على الحريات المدنية التي كفلها الدستور العراقي، وتعديًا على القانون الذي يمنع أي عملية اعتقال أو توقيف دون وجود مذكرة قضائية".