انفوبلس تتتبع تطورات "الحمى النزفية" في العراق خلال 2024 .. أصاب 40 عراقيا وقتل 13% منهم
انفوبلس/ تقرير
تكثف السلطات البيطرية العراقية إجراءاتها للحد من تفشي الحمى النزفية بالبلاد في الآونة الأخيرة، وسط تزايد المخاوف لدى الشارع العراقي من استمرار تفشي الفيروس "القاتل"، بعد تسجيل أكثر من 40 إصابة مؤكدة بينها خمس وفيات، منذ مطلع العام الحالي 2024، بحسب وزارة الزراعة.
ويُعرف مرض الحمى النزفية باسم "حمى القرم- الكونغو" النزفية، وهو واحد من مجموعة حميات نزفية فيروسية والتي تنتشر في مناطق الشرق المتوسط، من بينها العراق، بحسب منظمة الصحة العالمية.
*تطورات "الحمى النزفية"
وآخر إحصائية لمرض الحمى النزفية في العراق خلال العام الحالي 2024، بلغت 40 إصابة مؤكدة، نجم عنها 5 وفيات، فيما تتصدر محافظة ذي قار معدل الإصابات المسجلة بين المحافظات، وفقا لوزارة الزراعة التي أكدت استمرار فرق دائرة البيطرة بمعالجة البؤر منذ شهر.
وتقول مسؤول إعلام دائرة البيطرة التابعة لوزارة الزراعة زينب رحيم حسين إنَّ الوزارة كانت قد أطلقت حملة مجانية للرش والتغطيس بحسب البؤر في 15 نيسان الماضي وتستمر لشهرين وقابلة للتمديد ببغداد والمحافظات، بمشاركة 246 فرقة بيطرية.
وتضيف، أنَّ الفرق مستمرة بحملات رش أماكن إيواء الماشية وتغطيسها بمادة (الدلتا مثرين) بهدف القضاء على حشرة القراد الناقلة الرئيسة للمرض، فضلا عن تشديد الرقابة على الجزر العشوائي والحدّ من التجاوزات.
وتشير الى بلوغ أعداد الإصابات بالحمّى النزفية 40 إصابة، بينها خمس وفيات، حيث تصدرت محافظة ذي قار أعداد الإصابات بـ 15 حالة بينها حالتا وفاة، بينما كانت لنينوى ست إصابات ووفاة واحدة، وبابل أربع إصابات ووفاة واحدة، أما أعداد إصابات بغداد فبلغت ست إصابات ووفاة واحدة.
وعُدّت الحمى النزفية من أخطر الأمراض الفيروسية التي ليس لها علاج أو لقاح سواء للماشية أو للبشر، وهي من الأمراض المتوطنة في العراق، وتعيش على النسيج الحي (اللحوم) ومخلفات الحيوانات، وأسبابها الجزر العشوائي وخصوصاً إذا كانت الماشية مصابة، إذ تصبح بؤرة لانتقال الفيروس، ويظهر الفيروس حالياً نتيجة لاختلاف درجات الحرارة.
وبشأن إجراءات الوزارة السريعة بهذا السياق، أوضحت أنها جهّزت الأطباء والعاملين بالرش، بجميع المستلزمات الصحية، وأجهزة الحماية الشخصية، كما نسّقت مع دوائر الصحة العامة بالمحافظات، للتبليغ في حالة وجود أي حالة مشتبه بها.
وكانت وزارة الصحة قد أعلنت في شهر تشرين الأول الماضي، أنَّ آخر إحصائية رسمية عن المرض، تضمّنت تسجيل 545 حالة مؤكدة منذ بداية العام الماضي 2023، بينها 70 وفاة.
*تاريخ الحمى النزفية في العراق يعود لعام 1979
ويوضح أستاذ للطب البيطري، أن الفيروس المسبب لهذا المرض اكتُشف في العراق أول مرة عام 1979، وأنه ينتقل عن طريق القراد الذي يعض الحيوانات، مشيرا إلى أن الحيوانات المصابة يمكن أن تصيب البشر الذين يخالطونها بشكل مباشر أو يأكلون لحومها.
ويقول حميد عبد غاطي، الطبيب البيطري في المستشفى البيطري ببغداد "مرض الحمى النزفية، سُجل في العراق لأول مرة عام 1979، ومن الممكن أن تحدث بفيروس المرض طفرات من حين إلى آخر. وينتقل الفيروس عن طريق القراد، والقراد هو الوسيط الناقل عن طريق عض الحيوان سواء الأبقار أو الأغنام أو الماعز والجاموس، والمجترات بصورة عامة. بالتالي سوف يتكاثر في دم هذه الحيوانات، بعد ذلك ينتقل عن طريق القراد من الحيوان المريض، ومن الممكن أن ينتقل إلى حيوان آخر أو ينتقل إلى الإنسان".
بينما يبين الدكتور أسامة إسماعيل، أن الحمى النزفية الفيروسية هي مجموعة أمراض معدية يمكن أن تتسبب في علة شديدة تهدد الحياة من خلال تلف جدران الأوعية الدموية الصغيرة، وهو ما يجعلها تنزف وتعيق قدرة الدم على التجلط، وهي عدة أنواع، منها حمى الضنك والإيبولا والحمى الصفراء.
وتنتشر الحمى النزفية الفيروسية بلدغات الحشرات المصابة بالعدوى كالبعوض والقراد، أو عن طريق مخالطة الحيوانات المصابة أثناء ذبحها من دون استخدام الملابس الواقية والنظارات، وكذلك عبر تعرض الجروح لدم مصاب أو سوائل الجسم الأخرى كاللعاب.
وعادة ما تنتشر العدوى بين الحيوانات البرية والأليفة والماشية، كما أنها تصيب الطيور خاصة النعام حيث يمكن أن تنتشر سريعا بينهم، فيما يعتقد العلماء أن أول إصابات طالت البشر كانت قد انتقلت من النعام للبشر في جنوب إفريقيا.
ويتابع الدكتور أسامة "تُعد الأخيرة أحد الأسباب الرئيسية لانتشار هذا المرض في الوقت الحالي ببلدنا؛ نظرا لقرب عيد الأضحى المبارك وتوجه المواطنين لشراء المواشي والتهيؤ لذبحها". وقد تنتشر بعض الأنواع بطريقة العدوى من أشخاص مصابين.
كما يصرح، أن العيش في المناطق الموبوءة بالفيروس أو السفر إليها، والعمل مع أشخاص مصابين، والتواجد في الأماكن الموبوءة بالفئران، ومشاركة الأبر الوريدية المستخدمة في حقن الأدوية؛ كلها عوامل تزيد من احتمالية الإصابة.
ويوضح الدكتور أسامة إسماعيل، أن الحمى النزفية مرض معدٍ معروف له عدة أنواع، وينتشر عادة في المناطق الاستوائية والبيئة التي تكثر فيها تربية المواشي والحيوانات؛ حيث تزداد فيها نواقل الأمراض مثل البعوض والقراد والقوارض.
وتقول وزارة الصحة، إن مربّي المواشي والمتعاملين مع الحيوانات هم الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس الذي ينتقل عبر لدغات حشرات صغيرة تعيش على الماشية وتتغذى على دمائها تسمى بالقراد.
وشهدت الأعوام الماضية، ارتفاعًا ملحوظًا في الإصابات بالحمى النزفية يرجعها مختصون إلى "غياب حملات التعقيم التي تجريها السلطات للحيوانات، إلا أن الجهات المعنية أكدت الانتهاء من هذا الملف بعد توفر المبيدات الخاصة.
بحسب منظمة الصحة العالمية فإن معدل الوفيات "الناجمة عن حدوث فاشيات حمى القرم-الكونغو النزفية تصل إلى 30 في المئة"، مؤكدة أنه حتى الآن "لا يوجد لقاح" لا للإنسان أو الحيوان للوقاية من الإصابة بهذا المرض.
وتحذر المنظمة من أن الحمى النزفية الفيروسية قد تؤدي إلى حدوث أوبئة كبرى ذات معدلات وفيات مرتفعة بسبب عدم وجود تدابير طبية مضادة محددة مثل اللقاحات أو مضادات الفيروسات، باستثناء الحمى الصفراء.
*أعراض الإصابة بالحمى النزفية؟
بعد الإصابة بالعدوى بفيروس الحمى النزفية تختلف فترة الحضانة والتي في غالبها تتراوح بين يوم إلى ثلاثة أيام، ولكنها قد تتراوح بين 6 إلى 12 يوما في بعض الحالات.
وعادة ما تتحسن حالة المرضى ويستردون عافيتهم في اليوم التاسع أو العاشر بعد ظهور المرض، ولكن في حالة استمرارها قد تنتهي في الوفاة في الأسبوع الثاني، إذ يبلغ معدل الوفيات حوالي 30 في المئة.
وتشمل الأعراض الإصابة بالحمى النزفية، حمى، وآلاف عضلات، ودوخة وصداع، بالإضافة الى آلام في الرقبة والظهر والتهاب العيون والحساسية للضور والشعور بالغثيان، فضلا عن قَيء وإسهال، آلام في البطن، التهاب الحلق، وتقلبات مزاجية حادة، وشعور بالنعاس، وكذلك اكتئاب وتضخم في الكبد.
وفي حال عدم تلقي الرعاية الصحية، أو عدم مقاومة جسم المصاب للمرض قد تظهر علامات أخرى للمرض: سرعة في نبضات القلب، وتضخم الغدد اللمفاوي، وظهور طفح ناتج عن النزيف تحت الجلد، وظهور ما يشبه الكدمات على الجسم، والنزيف من مناطق مختلفة بالجسم، كذلك التهاب في الكبد وتدهور سريع في وظائف الكلى والكبد والرئة، بالإضافة الى
*العلاج والوقاية من الحمى النزفية
لا يوجد علاج مخصص للحمى النزفية، إذ يتم توفير الرعاية الطبية لتخفيف أعراض الإصابة بالمرض، ومساعدة أجسادهم على المقاومة، ولكن قد يستخدم عقار "ريبافيرين" المضاد للفيروسات. كما لا تتوفر لقاحات قادرة على حماية الحيوانات أو الإنسان من الإصابة بهذا الفيروس.
ولكن في حال اكتشاف حالات إصابة على العاملين في تربية الماشية والعاملين في القطاع الطبي اتخاذ تدابير لحمايتهم من الإصابة بالمرض، والتي ترتكز على ارتداء ملابس واقية وفاتحة اللون حيث يمكنك اكتشاف وجود أي قرادات على ملابسك، وارتداء القفازات خلال التعامل مع الحيوانات المصابة، وفرض حجر صحي عليها.
يعتقد اطباء أن الالتزام بارتداء القفازات وواقيات العينين والوجه الشبيهة بملابس الوقاية من باقي الأمراض المعدية عند التعامل مع الدم أو سوائل الجسم مع الحذر عند التعامل مع عينات المختبرات والنفايات وتطهيرها والتخلّص منها فورا؛ كلها وسائل كفيلة بالوقاية من المرض، مؤكدين على الالتزام بالإرشادات الصحية اللازمة والنظافة والتعقيم، وخاصة بعد ملامسة الحيوانات، والتوجه إلى أقرب مركز صحي عند الشعور بالأعراض أو حصول أي نزيف.
وبحسب دائرة البيطرة في العراق، فإن لتجنب الإصابة، يجب على المواطنين شراء اللحوم من المحالّ المجازة التي تتعامل مع اللحوم المختومة والمجازر الرسمية، ويجب الفحص قبل الذبح واتباع الطرق الصحيحة والصحية في ذبح الحيوانات والفحص بعد الذبح وإعطاء الصلاحية للحوم وعملية نقلها بالسيارات المبردة الخاصة بنقل اللحوم.
كما تقول الدائرة، إن هذا الفيروس حساس للتجميد عند درجة (-20 مئوية) في الثلاجات والمجمدات ولهذا السبب يُستبعد انتقاله عن طريق اللحوم المجمدة، أما بدرجات الحرارة العالية فإنه يفقد حيويته عند درجة 56 مئوية لمدة 30 دقيقة، وعند 60 درجة مئوية لمدة 15 دقيقة، وكذلك هو حساس للمعقمات مثل الكحول والحوامض والمنظفات والفورمالين والأشعة فوق البنفسجية.