بطاقة سنوية تبلغ 750 ميغاواط.. العراق يسعى لتطوير صناعته الوطنية للألواح الشمسية بالشراكة مع الصين

انفوبلس..
بعد التزايد العالمي بالاعتماد على الشمس لإنتاج طاقة نظيفة متوسطة التكلفة، يسعى العراق لخلق موطئ قدم له في هذا المجال، حيث أعلنت وزارة الصناعة والمعادن عن توفير فرصة استثمارية لإنشاء معمل جديد لإنتاج ألواح الطاقة الشمسية بطاقة سنوية تبلغ 750 ميغاواط، مؤكدةً اختيار شركة صينية رصينة لإبرام عقد الشراكة.
وقال مدير عام شركة الزوراء العامة، إحدى تشكيلات وزارة الصناعة والمعادن، مهند جبار الخزرجي، إن "مبادرة البنك المركزي تضم شقَّين: الأول مخصص للمواطنين ويتيح لهم الحصول على منظومة طاقة شمسية بالتقسيط، والثاني يخص القطاع الصناعي"، مضيفًا أن "الحكومة قامت بتسهيل شروط التقسيط وتمديد فترته الزمنية لتقليل الأعباء المالية الشهرية، مما يساهم في نشر ثقافة استخدام الطاقة النظيفة".
وأضاف أن "شركة الزوراء سلكت مسارين أساسيين في ملف الطاقة الشمسية، وقد تم تأهيلها من قبل وزارة الكهرباء للمشاركة في تنفيذ مشاريع مبادرة البنك المركزي، وهو ما يعكس الحرص الحكومي على أن تكون المنظومات المستوردة والمركبة ضمن هذا البرنامج ذات مواصفات رصينة".
وبيّن أن "الشركة تمتلك استراتيجية متكاملة لتوطين منظومات الطاقة الشمسية، بدءًا من تصنيع الألواح الشمسية، مرورًا بتطوير الإنفرترات (العاكسات) والبطاريات والهياكل المعدنية"، موضحًا أن "الشركة تمتلك تقنيات متقدمة وخبرة في تصنيع الخلايا الشمسية، إضافةً إلى معمل لإنتاج الألواح تم تطويره عام 2010".
وتابع أن "الشركة أعلنت عن فرصة استثمارية لإنشاء معمل جديد لإنتاج ألواح الطاقة الشمسية بطاقة سنوية تبلغ 750 ميغاواط، وتم اختيار شركة صينية رصينة لإبرام عقد الشراكة، ونحن الآن في مرحلة التقييم الفني الدقيق، بهدف بناء معمل حديث ومتكامل وفق معايير فنية ومالية وتشغيلية عالية الجودة".
وحول الأبنية الحكومية، أوضح الخزرجي أن "الدوائر الحكومية تمثل جزءًا كبيرًا من استهلاك الطاقة الكهربائية، لا سيما في أوقات النهار، ومع وجود أشعة الشمس يمكن استغلال هذا المورد في توفير الطاقة لهذه الأبنية"، مبينًا أن "المرحلة الأولى من المشروع الحكومي تشمل تحويل 550 بناية حكومية إلى العمل بالطاقة النظيفة".
وأكد أن "فريقًا حكوميًا تم تشكيله بإشراف مباشر من دولة رئيس الوزراء، تولّى إعداد المواصفات والإعلان عن المناقصات، وقد تم الإعلان حتى الآن عن أربع مناقصات تخص المدارس والمستوصفات، وهي مبادرة مهمة، كون المدارس تعاني من انقطاع متكرر للكهرباء، مما ينعكس سلبًا على العملية التعليمية".
وأوضح أن "شركة الزوراء شاركت فعليًا في المناقصات الأربع الأولى، وستتابع التقديم لباقي الأبنية عند إعلانها تباعًا"، لافتًا إلى أن "توفير الطاقة للأبنية الحكومية من خلال الطاقة الشمسية يُمكّن من تحويل الطاقة التقليدية إلى الاستخدام المنزلي، ما ينعكس إيجابيًا على المواطن".
كما بين مدير عام شركة الزوراء أن "منظومة الطاقة الشمسية لا تقتصر على الألواح فقط، بل تشمل العاكس الكهربائي (الإنفرتر)، والبطاريات، والهيكل المعدني الحامل"، مؤكدًا أن "نجاح هذه المنظومة يتطلب تكاملًا فنيًا دقيقًا في التصميم والتنفيذ".
وأضاف أن "شركة الزوراء العامة تُعد من الجهات الحكومية القليلة المتخصصة في هذا المجال، وتمتلك خبرة طويلة تؤهلها لتنفيذ مشاريع الطاقة الشمسية بكفاءة عالية"، لافتًا إلى أن "هناك كتبًا رسمية من مجلس الوزراء تؤكد اعتماد الشركة كمزود موثوق لمشاريع الطاقة الشمسية".
وأكد الخزرجي أن "الشركة تعاقدت على عدة مشاريع في مجال الطاقة الشمسية، منها محطة طاقة شمسية داخل مبنى وزارة الكهرباء بطاقة 850 كيلوواط، وهي من إنتاج شركة الزوراء بالكامل، فضلًا عن مشاريع مع شركة نفط الشمال ومنشآت حكومية أخرى".
وأوضح الخزرجي أن "العراق كان من أوائل الدول في المنطقة التي دخلت مجال إنتاج الطاقة الشمسية، حيث بدأ التعاون منذ عام 1986 مع شركة (سيمز)، وتم تطوير المعمل عام 2010 بالتعاون مع شركات عالمية".
وقال: "التكنولوجيا في هذا القطاع تتطور بشكل سريع، وهناك تحديات في مجاراتها. على سبيل المثال، عدد البزبارات في الألواح الحديثة وصل إلى 16 أو أكثر، بينما ننتج حاليًا ألوحًا تحتوي على 2 إلى 4 بزبارات فقط، وهو ما يؤثر على كفاءة الإنتاج".
وأضاف أن "الخط الإنتاجي الحالي يعمل، لكنه لا يغطي مواصفات السوق المتجددة، مما يستدعي تحديثًا وتطويرًا لمواكبة التقدم التقني".
وبيّن الخزرجي أن "الشركة حصلت في عام 2011 على اعتماد رسمي من شركة سيمنز الألمانية عبر توقيع اتفاقية التعاون الفني (TCL)، مما منحها مكانة متميزة في تصنيع منظومات الجهد المتوسط".
وأشار إلى إن أن "الهدف الرئيسي كان منذ البداية هو توطين الصناعات الكهربائية غير المتوفرة في السوق المحلي، وتمكين العراق من امتلاك قاعدة إنتاجية متكاملة في هذا القطاع".
تجربة سابقة
وفي تشرين الثاني من عام 2023، أعلنت وزارة الصناعة، إنتاج وتنفيذ منظومات الطاقة الشمسية بنوعيها النهارية والليلية للاستخدامات المنزلية والصناعية، وبضمان يصل إلى عشر سنوات 10.
وذكرت الوزارة في بيان لها إن الشركة العامة للصناعات الكهربائية والإلكترونية إحدى شركات وزارة الصناعة والمعادن تعلن عن إمكاناتها في تصنيع وتنفيذ ونصب منظومات الطاقة الشمسية بشكل موقعي حسب طلب الجهات المُستفيدة في ضوء التوجيهات المركزية الخاصة بدعم الطاقة الكهربائية وتقليل الانبعاثات الكاربونية.
وقالَ مُدير عام الشركة المُهندس سفيان فوزي شعلان، انَّ "مصنع الطاقة المُتجددة في موقع العز التابع للشركة يختص بمجال إنتاج منظومات الطاقة الشمسية للاستخدامات المنزلية والصناعية بنوعيها النهارية والليلية بقُدرات مُختلفة من 1 كيلو واط إلى 5 كيلو واط"، لافتاً إلى "تميُز الشركة في اختيار مُكونات المنظومة ما يجعلها ذات كفاءة عالية وعُمر تشغيلي طويل ومُلائمة للأجواء العراقية من ناحية الغُبار والحرارة إضافة إلى مُميزات الغطاء الخارجي للزُجاج والتصميم الخاص الذي يُراعي الآثار السلبية للحرارة مع منح ضمان 10 سنوات للألواح الشمسية وعام واحد لباقي أجزاء المنظومة فضلاً عن إقامة دورات لتعريف المُستهلك حول كيفية إدامة المنظومة وزيادة الطاقة المُنتجة".
وأشار إلى أنَّ "الشركة نفذت العديد من هذهِ المنظومات لصالح مؤسسات الدولة منها في كُلية التربية الأساسية بالجامعة المُستنصرية بقُدرة 5 كيلو واط إضافةً إلى تصنيع منظومات للآبار الارتوازية ومنظومات لتعقيم المياه التي يُستفاد منها في المناطق البعيدة التي لا تتوفر فيها طاقة كهربائية ومنظومات أخرى"، مؤكداً أنَّ "الشركة تمتلك الكوادر الهندسية والفنية من ذوي الخبرة المُتراكمة والكفاءة العالية لتنفيذ هذهِ المنظومات في الموقع وحسب الطلب إلى جانب إشراك الشركة كجهة فاحصة لِمُعَدَّات وأجهزة الطاقة المُتجددة"، كاشفاً بذات الوقت عن "الفُرصة الاستثمارية المُعلنة لإنشاء مصنع لإنتاج الخلايا الشمسية لتعزيز قُدرات الشركة في مجال الطاقة المُتجددة".
توقعات الخبراء
ويتوقع الخبراء أن تشهد أسعار ألواح الطاقة الشمسية في العراق استقرارًا أو انخفاضًا طفيفًا خلال العام الجاري؛ نتيجة للمنافسة الشرسة بين الألواح الصينية ومثيلتها محلية الصنع.
وأوضح عاملون وخبراء بهذا المجال، أن العراق قد نجح في توطين صناعة الألواح الشمسية، بحيث أصبحت بجودة وكفاءة تضاهي مثيلتها المستوردة.
وتأتي هذه الخطوة في إطار مساعي الحكومة لتعزيز قطاع الطاقة الشمسية، لتحقيق الاستدامة في قطاع الكهرباء وتلبية الطلب المتزايد في مختلف أنحاء البلاد.
وتتبنى الحكومة خطة وطنية طموحة تهدف إلى إنتاج 12 ألف ميغاواط من الطاقة الشمسية بحلول عام 2030، في محاولة لاستغلال أكثر من 3000 ساعة من السطوع الشمسي سنويًا.
وفي شباط الماضي، توقّع المتخصص في قطاع الطاقة المتجددة، المهندس لوزان إبراهيم، أن تشهد أسعار ألواح الطاقة الشمسية في العراق 2025 انخفاضًا طفيفًا، مؤكدًا أن الانخفاض سيكون أقل من الأعوام الماضية.
وأوضح إبراهيم أن انخفاض أسعار الألواح والمعدّات الشمسية يعود إلى المنافسة الشديدة بين الشركات الصينية المصنّعة، وتوقّع أن تصل نسبة الانخفاض في أسعار ألواح الطاقة الشمسية في العراق خلال العام الجاري نحو 3%.
من جهته، أشار المتخصص في إحدى شركات الطاقة الشمسية المهندس آدم عادل إلى أن أسعار ألواح الطاقة الشمسية في العراق ستشهد مزيدًا من الانخفاض خلال العام الجاري، نتيجة لانتشار الألواح المُصنّعة محليًا.
أسعار ألواح الطاقة الشمسية في العراق 2025
لوح طاقة شمسية من المونوكريستالين (أحادي البلورة)، 150 واط، يتراوح سعره بين 80 و120 دولارًا.
لوح طاقة شمسية من المونوكريستالين (أحادي البلورة)، 200 واط، يتراوح سعره بين 110 و180 دولارًا.
لوح طاقة شمسية من المونوكريستالين (أحادي البلورة)، 250 واط، يتراوح سعره بين 130 و200 دولار.
لوح طاقة شمسية من المونوكريستالين (أحادي البلورة)، 300 واط، يتراوح سعره بين 150 و220 دولارًا.
لوح طاقة شمسية من المونوكريستالين (أحادي البلورة)، 370 واط، يتراوح سعره بين 200 و250 دولارًا.
لوح طاقة شمسية من المونوكريستالين (أحادي البلورة)، 450 واط، يتراوح سعره بين 260 و400 دولار.
الألواح محلية الصنع
قال المهندس آدم عادل إن الألواح الشمسية محلية الصنع قد أصبحت منافسًا قويًا لمثيلتها الصينية من حيث الجودة والعمر الافتراضي.
وأضاف أن هناك إقبالًا كبيرًا من المستهلكين على شراء الألواح الشمسية المحلية؛ لرخص ثمنها، نظرًا لعدم تحمُّلها تكاليف إضافية مثل الضرائب والجمارك والنقل.
وكانت وزارة الصناعة العراقية قد أعلنت العام الماضي بدء تنفيذ مخططها لتوطين صناعة الألواح الشمسية في مصانعها، لتلبية الطلب المحلي المتزايد.
كما أكدت الوزارة أنه يوجد لدى الشركة العامة للصناعات الكهربائية مصنع ينتج منظومات الطاقة الشمسية بقدرات مختلفة تتناسب مع الوحدات السكنية والمؤسسات الحكومية والصناعية.
وتستهدف الوزارة تعزيز إنتاج الألواح الشمسية المحلية، لضمان استقرار الأسعار في السوق، أو خفضها نسبيًا.
وتوقّع المتخصص في إحدى شركات الطاقة الشمسية، المهندس مازن عبد المجيد، أن تشهد أسعار ألواح الطاقة الشمسية في العراق استقرارًا نسبيًا خلال الربع الأول من العام، مع توقعات بانخفاض طفيف خلال الربع الثاني.
وأوضح عبد المجيد أن هناك إقبالًا كبيرًا في الوقت الحالي على تركيب المنظومات الشمسية في العراق؛ نتيجة لسياسات الدعم الحكومية والجدوى الاقتصادية الكبيرة التي تعود على المستهلكين.
وأشار إلى أن أسعار ألواح الطاقة الشمسية في العراق تبدأ -حاليًا- من 80 دولارًا لقدرة 150 واط، وترتفع وفقًا للقدرة والجودة والعلامة التجارية، محذّرًا من انتشار معدّات شمسية رديئة الصنع في السوق العراقية.
وأضاف أن تكلفة الواط في المنظومة الشمسية تبلغ نحو 1.6 دولارًا أميركيًا، بينما يتراوح سعر الكيلوواط ما بين 550 و850 دولارًا أميركيًا.