بعد إعلان السيطرة على الوباء.. هل تم افتعال هلع الحمى القلاعية لأهداف سياسية تستبق الانتخابات؟.. الدولة تعلن نتائج عملها

انفوبلس..
حالة كبيرة من الهلع سيطرت على المواطنين بعد إغراق مواقع التواصل الاجتماعي والعديد من المنصات الإعلامية والفضائيات بانتشار وباء "الحمى القلاعية"، والذي وُصف بأنه مشابه لوباء كورونا وأنه سيفتك بالعراقيين، ليتضح بعد أيام بأنه فيروس يصيب الحيوانات فقط ومستوطن في البلاد من 90 عاماً، وعام 2023 وحده سجل أكثر من 17 ألف إصابة حيوانية لكن دون تسليط الضوء عليها، فمن المستفيد من نشر الشائعات؟
أمس الأحد، أعلنت لجنة الزراعة النيابية، السيطرة على فيروس الحمى القلاعية الذي أصاب المواشي في بغداد وعدد من المناطق والحد من انتشاره، مبينة أن 6 محافظات لم تسجل أي إصابة.
وقالت عضو اللجنة ابتسام الهلالي، إن "كوادر دائرة البيطرة والدوائر الأخرى في وزارة الزراعة تمكنت من السيطرة على فيروس الحمى القلاعية الذي أصاب حيوان الجاموس في بغداد والمحافظات ومنع انتشاره وانتقاله إلى محافظات إلى أخرى".
وأضافت، إن "هناك 6 محافظات من ضمنها محافظتا كربلاء والنجف لم تسجل أية إصابة بفيروس الحمى القلاعية". مؤكدة، إن "هذا الفيروس تسبب بنفوق المئات من رؤوس الجاموس في العراق".
كما أشارت إلى أنه "وبعد الفحوصات التي أجرتها كوادر دائرة البيطرة أكدت أن الفايروس لا ينتقل من الحيوان إلى الإنسان، وأن المنتجات الغذائية من اللحوم الحمراء والألبان سليمة".
وشهدت العاصمة العراقية بغداد وعدة مناطق أخرى نفوق المئات من المواشي، مما أثار جدلا واسعا وتكهنات مختلفة، وتباينت ردود الفعل بين من رأى في الأمر مؤامرة تستهدف الحكومة، وبين من اتهمها بالتقصير في أداء واجبها.
وأعلنت وزارة الزراعة نفوق 654 رأساً من الماشية لإصابتها بالحمى القلاعية ضمن حصيلة أولية في 4 مناطق في بغداد، وهي الوحدة، والنهروان، والفضيلية، وجرف النداف.
ووجه رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني بتشكيل لجنة تحقيقية، بخصوص ما أُشيع عن إصابة الجواميس والأبقار بالحمى القلاعية، تضم عددا من المختصين في مجال الطب البيطري والثروة الحيوانية.
إلى ذلك، أكد محافظ بغداد، عبد المطلب العلوي، أمس الاحد، انحسار مرض الحمى القلاعية بين الحيوانات، وذكر بيان للمحافظة، أن "محافظ بغداد، عبد المطلب العلوي ترأس اجتماعًا للجنة المختصة بالصحة الحيوانية".
وقال المحافظ خلال الاجتماع، إن "اللجنة التي يرأسها المحافظ وفقًا للقانون عقدت اجتماعها، اليوم الأحد لمناقشة كيفية التعامل مع مرض الحمى القلاعية، الذي أصاب الثروة الحيوانية، والذي بدأ ينحسر تدريجيًا”.
وأضاف: "اللجنة ستباشر جولات ميدانية إلى المناطق المتأثرة، وسترفع تقريرها للمحافظ، لرفعه إلى مجلس الوزراء بهدف اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة، ومنع تكرار المرض ومعالجة آثاره".
وتوعدت وزارة الزراعة، الجمعة الماضية، بالملاحقة القانونية بحق من يبث الشائعات حول مرض "الحمى القلاعية" الذي تفشى بين المواشي في البلاد، مجددة تأكيدها بأن تناول واستهلاك اللحوم والألبان المحلية من قبل السكان آمن بشكل تام.
وقالت الوزارة في بيان شديد اللهجة، إن "الاستهداف للاقتصاد الوطني عن طريق بث الإشاعات من مصادر مجهولة وأحيانا تناقل المعلومات بجهل او الترويج لها أمر مرفوض".
ولفتت الى أنها "ستتخذ الإجراءات القانونية بحق كل من يروج الإشاعات والأكاذيب بهدف ترويع المواطنين والإضرار بهم وفي الأمن الغذائي للبلد خصوصا بعدما وضحت وزارة الزراعة والمتخصصون مأمونية اللحوم ومنتجات الألبان والحليب المحلية".
وسجلت وزارة الزراعة العراقية أكثر من 3000 إصابة بالحمى القلاعية في عدة محافظات، مما دفع السلطات المحلية إلى فرض قيود على حركة المواشي، وتعزيز إجراءات الوقاية، وحملات التعقيم، وسط تأكيدات رسمية بأن المرض لا ينتقل إلى الإنسان.
وتؤكد لجنة الزراعة والأهوار النيابية نفوق 700 جاموس خلال 5 أيام بسبب الحمى القلاعية، واصفةً الأمر بـ المؤامرة على ثروة العراق الحيوانية.
ومع استمرار تفشي الفيروس، يواجه مربّو الجاموس مشكلة التخلص من المواشي النافقة، حيث يلجأ بعضهم إلى رمي الجثث على الطرقات العامة، مما يزيد من خطر انتشار العدوى، بينما تقوم فرق البلدية والبيطرة بجمع هذه الجثث وإتلافها، إلا أن تأخر عمليات الإزالة يجعل المنطقة مهددة بانتشار الأوبئة والأمراض.
وفي مؤتمر صحفي عُقد الخميس الماضي في البصرة، قال وزير الزراعة، عباس المالكي إن مرض الحمى القلاعية مستوطن في البلاد منذ ثلاثينيات القرن الماضي وتحديداً 1934، مشيراً إلى أن الإصابات الموجودة تسجل بشكل سنوي، لكن "الماكنة الإعلامية" خلقت حالة من الهلع، وعلل المالكي التغطية الإعلامية والتحذيرات من انتشار الحمى القلاعية بين المواشي، بحملات تسبق الانتخابات، لافتاً إلى أن عام 2023 شهد تسجيل أكثر من 17 ألف إصابة، لكن لم يسلط الضوء عليها.
وطالب أعضاء في البرلمان بفتح تحقيق عاجل في أسباب انتشار المرض، وتقييم مدى إمكانية ارتباطه بشحنة حيوانات مستوردة تحمل فيروسا خطيرا.
الحمى القلاعية هي مرض فيروسي شديد العدوى يصيب الماشية مثل الجاموس والأبقار والأغنام والماعز، بالإضافة إلى بعض الحيوانات البرية. ويسببه فيروس "إف إم دي في" (FMDV) وينتقل بسرعة بين الحيوانات من خلال الاتصال المباشر أو غير المباشر، وقد يؤدي إلى نفوقها، وخاصة حديثة الولادة.
ورجح الباحث في الشأن السياسي باسل الكاظمي "نظرية المؤامرة" في دخول المواشي المصابة إلى العراق، وأن يكون ذلك مقصودا من جهات سياسية تسعى إلى إسقاط حكومة السوداني، وتأليب الشارع العراقي قبيل الانتخابات.
وقال إن مسألة الحمى القلاعية موجودة في العديد من الدول، بما فيها العربية. وأكد أن العراق يتخذ كافة التدابير اللازمة لمكافحة المرض، و"لكن البعض يتجاهل هذه الجهود ويركز فقط على الجوانب التي يمكن أن تحرج الحكومة".
ووفق الكاظمي، تبذل الحكومة العراقية، "رغم كل هذه الحملات الإعلامية المغرضة"، جهودا كبيرة لاحتواء المرض واتخاذ جميع التدابير اللازمة لحماية الثروة الحيوانية وصحة المواطنين.
من جانبها، نفت وزارة الزراعة، على لسان المتحدث الرسمي باسمها محمد الخزاعي، إصابة أي حيوان في الشحنات التي وصلت إلى البلاد بأي مرض وبائي.
وقال الخزاعي، إن الحمى القلاعية تُعد من الأمراض المتوطنة في العراق منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وتنشط بين فترة وأخرى كل 4 إلى 5 سنوات، إذا ما توفرت الظروف المناسبة لنشاط الفيروس.
وفيما يتعلق بالإجراءات المتبعة للسماح بتفريغ أي شحنة من المواشي من أي دولة، أوضح أنها إجراءات صحية بيطرية معقدة وتخضع لحجر صحي قبل تفريغها للتأكد من سلامتها، مضيفا، إنها ساهمت في حماية الحيوانات في العراق من انتقال الأمراض إليها من الخارج، حيث لم يثبت إصابة أي حيوان في الشحنات التي وصلت البلاد بأي مرض وبائي.
من جهته، أكد ثامر حبيب حمزة، المدير العام لدائرة البيطرة، سلامة شحنة المواشي القادمة من اليمن، نافيا صحة الأخبار المتداولة حول إصابتها بأمراض، وقال إنها خضعت لفحوصات دقيقة من قبل لجان مختصة، وثبتت سلامتها ومطابقتها للمعايير الدولية، وإن دخولها تم بموافقة وزارتي الزراعة والتجارة، مشددا على عدم وجود أي مبرر للربط بينها وحالات الإصابات المسجلة حاليا.
واتهم حمزة بعض الفضائيات ومنصات التواصل الاجتماعي بتهويل الأمر، مشددا على أن هذه الأخبار غير دقيقة ومبالغ فيها، وتسببت في قلق غير مبرر لدى المواطنين، ودعاهم إلى الاعتماد على المصادر الطبية والبيطرية الموثوقة للحصول على المعلومات الصحيحة.
ودعا حمزة وسائل الإعلام إلى التحلي بالمسؤولية في نشر المعطيات لخدمة البلاد، وبين أن الإصابات المسجلة بمرض الحمى القلاعية تركزت على المواليد الصغيرة بنسبة لا تتجاوز 10%، وعلى الأمهات الكبيرة بنسبة تتراوح بين 1 و5%.
كما طالب أي جهة معنية بالاطلاع على اللقاحات التي يتم توزيعها مجانا على المربين، و"التي أثبتت فعاليتها ولم تظهر أي أعراض إصابات طيلة الفترات السابقة منذ عام 2010 حتى الآن"، موضحا أن جميع الشحنات تخضع لإجراءات حجر صحي صارمة، سواء في بلد المنشأ أو في العراق، لضمان سلامتها وخلوها من الأمراض.
وأوضح حمزة أن حالات النفوق كانت لدى المواليد الصغيرة، وأن تركّز المرض فيها يعود إلى أن دائرة البيطرة نفذت حملات تلقيح ضد الحمى القلاعية، في أغسطس/آب وأكتوبر/تشرين الأول الماضيين، وشملت جميع الحيوانات في العراق، باستثناء المواليد الصغيرة من عجول الجاموس التي لم تتلق اللقاح ولم تكن لديها مناعة ضد الفيروس.
وطمأن بأن الفيروس آمن، ولا ينتقل إلى الإنسان، وأن لحوم المواشي المصابة آمنة أيضا.