تحركات واجتماعات منذ بداية 2025.. ما خطط العراق الجديدة حول تنظيم استيراد السيارات؟

انفوبلس/ تقرير
تصاعدت التحركات والاجتماعات الحكومية حول تنظيم وتقليص أعداد المركبات واستيرادها الى العراق من قبل الجهات المعنية منذ بداية العام الجاري 2025، وسط انتظار صدور التعليمات الحكومية الخاصة بالآلية المقترحة لتطبيقها بشكل رسمي، فما هي الخطط المقترحة؟ وهل سيكون لها دور بارز في معالجة الاختناقات المرورية؟
يوجد في العراق أكثر من 8 ملايين سيارة، لكن هذا الرقم أكبر من الطاقة الاستيعابية بـ60%، ما يعني هناك 3 ملايين سيارة "فوق الطاقة"، وفقًا لوزارة التجارة، لكن رفع هذه العجلات يمكن أن يتم عبر "عودة التسقيط".
تحركات حكومية
عقدت الشركة العامة لتجارة السيارات والمكائن التابعة لوزارة التجارة، يوم الثلاثاء، اجتماعاً للجنة تقليص أعداد المركبات. وأوضح بيان صحفي أصدرته وزارة التجارة، أن مدير الشركة العامة لتجارة السيارات والمكائن هاشم محمد حاتم ترأس اجتماعاً للجنة تقليص المركبات بحضور ممثلي مديرية المرور العامة ووزارتي البيئة والتخطيط ودائرة الطرق والجسور لمناقشة وضع دراسة لتقليص استيراد السيارات حسب قرار مجلس الوزراء المتضمن تشكيل لجنة معنية بهذا الجانب.
ونقل البيان عن مدير الشركة قوله: إنه جرى خلال الاجتماع الوصول إلى مجموعة من الحلول المناسبة بعد أن تمت دراستها وفق الآليات والمعايير التي تخص استيراد السيارات. وأشار إلى أن تنظيم عملية استيراد السيارات سيكون له أثر كبير من ناحية تقليل أعداد المركبات الواردة إلى البلاد مع مراعاة الطاقة الاستيعابية للطرق والجسور، فضلاً عن الإسهام بمعالجة الاختناقات المرورية.
لكن منذ مطلع العام الحالي، تجري تحركات بناءً على مقترح من وزارة التجارة لتنظيم وتقليص عملية استيراد السيارات، وهي خطوة سبق ان وصفها وزير الاعمار بأن "إيقاف استيراد السيارات مكلفة انتخابيًا"، أي لا يجرؤ عليها أحد بسبب الهجمة العكسية التي قد تشهدها من المنتفعين وشركات استيراد وبيع السيارات.
حيث الشهر الماضي، أكدت وزارة التجارة، قرب إصدار آلية تنظيم استيراد السيارات بناءً على ورقة العمل التي تقدمت بها إلى المجلس الوزاري للاقتصاد، مبينة أنها بانتظار صدور التعليمات الحكومية الخاصة بالآلية المقترحة لتطبيقها بشكل رسمي. وقال المتحدث باسم الوزارة، محمد حنون: "هناك ورقة عمل مقدمة من وزارة التجارة عبر الشركة العامة للسيارات لتنظيم آلية استيراد السيارات، وقد صادق عليها المجلس الوزاري للاقتصاد وأحالها إلى مجلس الوزراء".
وأضاف حنون، أن "الوزارة بانتظار صدور التعليمات الحكومية الخاصة بالآلية المقترحة لتطبيقها بشكل رسمي". وأشار إلى، أن "وزارة التجارة جادة في تطبيق الآلية بالتنسيق مع الجهات المعنية مثل مديرية المرور ووزارة المالية وهيئة الجمارك".
وأوضح، أن "تنظيم عملية الاستيراد سيكون له أثر كبير في تقليل أعداد السيارات الداخلة إلى العراق، مع مراعاة الطاقة الاستيعابية للطرق في البلاد، كما سيتضمن المقترح تنظيم دخول السيارات ذات المنشأ القديم وآلية التعامل معها".
وتتم عملية استيراد السيارات الى العراق بشكل "غير مقيّد" حيث لا توجد قوانين او اجازات لضبط عملية الاستيراد، فمهما كانت الاعداد التي يتم استيرادها، تخضع لضوابط المواصفات ودفع الرسوم الجمركية والضرائب وتدخل الى العراق، الذي يدخل اليه حوالي 200 الف سيارة سنويًا.
لكن الخيار الساري الان هو ان يقوم كل من يستورد سيارة ليسجلها، مخير بين تسقيط عجلة، او دفع مبلغ 500 الفدينار لكل "بستم"، أي العجلة ذات الـ4 بستم تكون أجور الرقم فيها مليوني دينار، وهكذا يتصاعد الرقم تدريجيًا، لكن إذا تم الغاء هذا الخيار سيجبر الجميع على تسقيط 200 الف سيارة سنويا مقابل تسجيل الـ200 الف سيارة جديدة تدخل الى العراق، او من المتوقع ان يتم رفع أجور شراء الرقم المروري الى ضعفين او أكثر لرفع أجور الرقم، ما يدفع المواطنين الى الذهاب لخيار التسقيط بدلا من شراء الرقم من الدولة.
يترقب العراق صدور تعليمات حكومية وشيكة لتنظيم عملية استيراد السيارات بما يضمن تقليل اعداد السيارات الداخلة الى العراق.
والعام الماضي، كشف رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الانسان في العراق فاضل الغراوي، أن عدد السيارات تفاقم ليصل الى 8 ملايين سيارة في عام 2024. وقال الغراويفي بيان، إن عام 2024 سجل ارتفاعا بنسبة 1.9 وفي عام 2023 بلغت نسبته 1.8% عن سنة 2022 وتبلغ كثافة السيارات بحدود سيارة واحدة لكل 5.55 أشخاص في عام 2024 وبحدود سيارة واحدة لكل 5.43 أشخاص في عام 2023 وبحدود سيارة واحدة لكل 5.42 أشخاص في عام 2022.
ورأى الغراوي، وفقا لتقارير وزارة التخطيط ومديرية المرور العامة وبحسب البيانات ومعدلات النمو لعدد السكان في العراق الذي قد يصل الى 50 مليون شخص وكثافة السيارات لكل مجموعة اشخاص فمن المتوقع أن تبلغ أعداد السيارات في العراق بحلول 2030 أكثر من 10 ملايين سيارة.
وأكد الغراوي، أن ارتفاع عدد السيارات سيؤدي الى الضغط على البنى التحتية للطرق والجسور، إضافة الى الكلف الكبيرة لاستيراد السيارات، والتأثير البيئي الذي تسببه المتمثل بانبعاثات الكربون من السيارات اضافة الى زيادة حوادث السيارات وزيادة حوادث السير وما ينتج عنها من وفيات وإصابات بين المواطنين اضافة الى الازدحامات المرورية الخانقة.
وطالب الغراوي وقتها، الحكومة باتخاذ إجراءات عاجلة لإيقاف استيراد السيارات لمدة خمسة سنوات، ومعالجة الاختناقات المرورية وإنشاء طرق حلقية وطرق دولية تستطيع استيعاب هذا الكم الهائل من السيارات وإلزاماصحاب المركبات باستخدام السيارات الصديقة للبيئة.
وتشهد شوارع العاصمة بغداد اختناقات مرورية، خصوصا عند التقاطعات ونقاط التفتيش المنتشرة في معظم المناطق أو بسبب مرور المواكب لبعض النواب الوزراء، ما يخلف ضغوطًا نفسية على المواطنين، فضلاً عن ضياع الوقت خلال الانتظار الطويل في طريق الوصول إلى أماكن عملهم، أو الدوائر الحكومية التي تقدم الخدمات المختلفة.
ومنذ أكثر من عام، بدأت حملة كبيرة لفك الاختناقات المرورية في العاصمة بغداد، عبر مشاريع عدة، أهمها إنشاء مجسرات وأنفاق، ودخلت بعضها الخدمة فيما لا تزال الأخرى قيد الإنشاء.
ودخلت العاصمة ملايين السيارات في العقدين الأخيرين، من دون أية توسعة في شبكة الطرق والجسور، ولا أي تحديث بوسائل النقل العام، في ظل قطع مستمر للعديد من الطرق الرئيسة والفرعية، لأسباب مختلفة بينها الأحداث الأمنية والتجاوزات عليها وتحويل بعضها لأماكن وقوف.
ويتكبد العراق خسائر سنوية تصل إلى نحو 500 مليار دينار (نحو 342 مليون دولار) جراء الاختناقات المرورية التي تعاني منها العاصمة العراقية بغداد وحدها، جراء عمليات الهدر اليومي بالوقود، بحسب تقرير لمؤسسة عراق المستقبل للدراسات والاستشارات الاقتصادية.
وأوضح مصدر مسؤول في هيئة الجمارك، تفاصيل قرار مجلس الوزراء رقم 57 لسنة 2021، الذي سمح باستيراد المركبات المتضررة ضمن الموديلات المسموح بها فقط، بشرط إصلاحها داخل العراق قبل تسجيلها في دوائر المرور بشكل رسمي.
وأشار المصدر إلى أن القرار يهدف إلى تحقيق أهداف عدة، أبرزها توفير فرص عمل في قطاع إصلاح السيارات، وتعزيز الاقتصاد المحلي من خلال تشغيل الورش الفنية، إضافة إلى إمكانية إعادة تصدير هذه المركبات بعد إصلاحها وفقًا للقوانين النافذة. وشدد المصدر على أن المركبات المستوردة تخضع لشروط صارمة تتعلق بالسلامة والمتانة ومطابقة المواصفات والمعايير المعتمدة من قبل الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية، وذلك لضمان أمانها على الطرقات.
كما أصدر مجلس الوزراء القرار رقم 24151 لسنة 2024، والذي يحدد أنواع المركبات المسموح باستيرادها، مثل السيارات الصالون والباصات ومركبات الحمل، والمركبات الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة، إضافة إلى شروط تسجيلها. كما شدد القرار على ضرورة التزام المركبات المستوردة من بداية العام 2025 بالمواصفة الخليجية (GSO) (42) والتي تتعلق بمتطلبات السلامة والأمان.