حريق بمصفى "غير قانوني" في أربيل يخلّف إصابات وخسائر مادية كبيرة.. انفوبلس تكشف خفايا الحادث
انفوبلس/ تقرير
أُصيب ما لا يقل عن 10 أشخاص معظمهم عناصر إطفاء، فضلا عن تضرر أربع سيارات إطفاء، خلال محاولة السيطرة على حريق في مصفى "غير قانوني" للنفط على طريق أربيل – كوير بإقليم كردستان شمالي العراق، ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على التفاصيل الكاملة للحريق الذي أعلنت مديرية الدفاع المدني في أربيل السيطرة التامة عليه بعد مرور قرابة 20 ساعة.
غالباً ما لا يتم الالتزام بتعليمات السلامة في العراق، لا سيما في قطاعي البناء والنقل، كما أن البنى التحتية متداعية، نتيجة عقود من النزاعات، ما يؤدي مراراً إلى اندلاع حرائق وكوارث مميتة أخرى.
*بداية الحريق
في تمام الساعة الثامنة والنصف من مساء أمس الأربعاء 12 حزيران/ يونيو 2024، نشب حريق بمصفى النفط في كوير بمحافظة أربيل شمالي العراق، وفق شهود عيان أكدوا لشبكة "انفوبلس"، أيضاً أنه مستمر حتى بعد ظهر اليوم الخميس رغم مشاركة أكثر من 40 فريق إطفاء في جهود إخماده.
وتحدث شاهد عيان يعمل في أحد مخازن المنطقة لوسائل إعلام كردية، قائلاً: "كنا جالسين في غرفة فسمعنا دويّاً شديداً، وعندما خرجنا وجدنا المعمل الذي وراءنا يحترق، سمعنا أصوات ثلاثة أو أربعة انفجارات قوية"، مضيفا أنه في وقت نشوب الحريق كانت هناك شاحنات داخل المصفى فاضطر سواقها إلى ترك الصهاريج والفرار بالشاحنات وبأنفسهم طلباً للنجاة".
ونقلت وسائل إعلام كردية، عن شهود عيان، أن سكان قرية جمكة التي تبعُد 5 كيلومترات عن مكان الحريق، كانوا متخوفين من الانبعاثات الغازية الناتجة عن الحريق في المصفاة المخصصة للمشتقات النفطية"، مؤكدين انه خلال الحريق شوهد عدد من سائقي شاحنات نقل كانت داخل المصفاة وهم يلوذون بالفرار، تجنباً لانفجار الصهاريج بفعل النيران.
ونقلت "وكالة الأنباء الفرنسية" عن مصادر محلية أن أكثر من 10 أشخاص أُصيبوا في الحريق، معظمهم من رجال الدفاع المدني في أربيل، مع احتراق 3 سيارات إطفاء و4 صهاريج لتخزين القير والنفط، كاشفة أن فرق الدفاع المدني استغرقت أكثر من 12 ساعة للسيطرة على الحريق في عاصمة إقليم كردستان.
*السيطرة على الحريق
لكن مديرية الدفاع المدني في أربيل أعلنت السيطرة التامة على الحريق الكبير الذي التَهمَ "مستودعات كوير"، بعد مرور قرابة 20 ساعة، فيما أكدت عدم وجود أي مخاطر تهدد المصافي المجاورة.
المتحدث باسم المديرية، شاخوان سعيد، قال خلال مؤتمر صحفي تابعته شبكة "انفوبلس"، اليوم الخميس 13 حزيران 2024، إن "150 ضابطاً ومنتسباً من جميع مراكز أربيل وأطرافها شاركوا في السيطرة على الحريق بإشراف المدير العام للدفاع المدني في إقليم كردستان".
وأضاف، إنه تم احتواء الحريق بنسبة 80% في البداية، "لكن ارتفاع درجات الحرارة والضغط أدى إلى انتشاره في المستودع الثاني"، مشيرا إلى إصابة 14 منتسباً للدفاع المدني، 4 منهم تعرضوا لحروق، فيما واجه 10 آخرين الاختناق، مضيفاً أن إصابة 2 منهم بليغة.
إلى جانب ذلك، احترقت 4 آليات تابعة للدفاع المدني في الحريق الذي استغرق إخماده أقل من 20 ساعة حسب شاخوان سعيد، الذي أكد ايضاً أن "الدخان لا يزال يتصاعد منه".
*مصافٍ غير قانونية
وفي رده على سؤال بشأن ما إذا كان المستودع لديه رخصة للعمل، قال المتحدث: "لا نعلم إن كانت لديه رخصة أم لا، لكن أيّاً من شروط الدفاع المدني لم تتوافر فيه". لكن ضابط من الدفاع المدني بأربيل كشف أن "المصفى الذي التهمته النيران كان غير قانوني، ولم يكن مرخّصاً ولم يتّبع أياً من تعليمات من الدفاع المدني".
في وقت سابق، كشف سرباز كريم، تاجر نفط ومحروقات في أربيل، أن الحريق التهم مستودعاً لمادة الفلورانثين التي تُستخدم في إنتاج الإسفلت، مبيناً أن خسائره تتجاوز 5 ملايين دولار بعد احتراق 17 ألف طن من هذه المادة. كما لفت الى أن "الفلورانثين وهي من مخلفات المصافي لا تستخدم محلياً وهي للتصدير فقط، لكنها تُحفظ في خزانات لحين تصديرها".
ووفق سرباز كريم، فإن الخزان المحترق كان يحتوي 15-17 ألف طن من المادة التي يبلغ سعر الطن الواحد منها 155 دولاراً، وبذلك تبلغ قيمتها مليونين و635 ألف دولار. وتقع خزانات الفلورانثين تحت الأرض وهي مبنية بألواح ومجهزة بأنظمة التحميل والتفريغ.
هناك أكثر من 200 مصفاة على طريق أربيل – كوير تنتج مشتقات نفطية من بينها مادة زيت الغاز، بحسب التاجر الذي بين أن توقف عمل هذه المصافي "سيؤثر على سعر مادة زيت الغاز".
"تبيع المصافي المحلية الطن الواحد من مادة زيت الغاز بسعر 390 دولاراً، لكن توقف المصافي سيؤدي إلى ارتفاع السعر فوق 400 دولار للطن"، وأوضح سرباز كريم إلى أن "هذه المصافي غير قانونية، وهي لا تستوفي الشروط الصحية وإجراءات السلامة لمنع حدوث الحرائق".
وبحسب المعلومات الأولية، فإن الحريق نشب بسبب تماس كهربائي أثناء تفريغ وتحميل المحروقات، لكن أطرافاً رجحت السبب بالصراع الكردي الكردي هناك، فيما كشف محافظ أربيل أوميد خوشناو أن الحريق اندلع بسبب شرارة انطلقت من إحدى المولدات الموجودة في مصفى النفط بكوير.
وقال خوشناو في مؤتمر صحفي تابعته شبكة "انفوبلس"، إن "حريقاً اندلع في الساعة 8:35 مساء أمس، بسبب شرارة انطلقت من إحدى المولدات الموجودة على متن مركبة ما أدى إلى نشوبه في أحد العنابر الذي كان يحتوي على 500 طن من المواد القابلة للاشتعال في مصفى النفط بكوير"، مشيرا الى أن "فرق الدفاع المدني وجميع الدوائر الأمنية والخدمية استنفرت إلى مكان الحادث، وعملت بجهد كبير للحيلولة دون اتساع رقعة الحريق".
وأضاف، "بسبب الغازات المصاحبة والمواد القابلة للاشتعال انتقل الحريق للعنبر الثاني"، لافتا الى أنه "لا توجد أي خسائر بالأرواح، إلا أن 4 سيارات للدفاع المدني مع العديد من سيارات الحمل احترقت، كما أُصيب 3 عاملين بحروق، و10 من كوادر الدفاع المدني باختناقات نُقلوا جميعهم الى المستشفى". وأكد أن "الحريق مازال مستمراً حتى الآن"، لافتاً الى أن "الخسائر الأولية تُقدر بـ 8 ملايين دولار".
ودعا المواطنين، الى "ضرورة اتباع تعليمات وشروط السلامة التي أقرتها دوائر الدفاع المدني سواء في المنازل أو المحال أو المصانع"، موضحاً أن "التحقيقات جارية لمعرفة ملابسات الحريق، وسيتم التدقيق في إجازة المصفى وإجراءات السلامة فيه".
وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، اندلع حريق في قاعة خلال حفل زفاف في بلدة قرقوش شمالي العراق، أودى بحياة أكثر من 107 أشخاص، قالت السلطات إن الألعاب النارية ومواد بناء شديدة الاشتعال تسببت به.