حريق يتبعهُ آخر.. مَن وراء استهداف "شنشل مول" في البصرة؟.. تعرّف على قصة المول وصاحبه المثير للجدل شنشل الدراجي
انفوبلس..
حريقان اندلعا خلال أقل من أسبوع في "شنشل مول" بمحافظة البصرة، سبقتها عدة حرائق في السنوات الماضية، الأمر الذي أثار الريبة والتساؤلات حول سبب تكرار الحوادث في مول رجل الأعمال البصري الشهير شنشل الدراجي، وعن احتمالية استهدافه من قبل "مافيات" البصرة المتنافسة في المحافظة، فضلاً عن ظهور آراء على صفحات التواصل الاجتماعي "تُشيطن" رجل الأعمال البصري وتتهمه بالعمل في مجالات مشبوهة، فمَن هو شنشل الدراجي؟ وما تفاصيل الحريق؟
حريق يتبعه آخر
يوم الأحد الماضي، سيطرت فرق الدفاع المدني على حريق اندلع في مبنى "شنشل مول" التجاري بمحافظة البصرة الذي تسبب في 14 حالة اختناق، وخلّف أضراراً مادية كبيرة.
واندلع الحريق في الطابق الرابع من مبنى المول ولم تستطع فرق الدفاع المدني السيطرة عليه وإخماده إلا بعد ساعات امتدت حتى ما بعد منتصف الليل.
واستعانت فرق الدفاع المدني بالدوائر والشركات الحكومية والأهلية التي تملك فرق إطفاء، نقلت هذه الشركات المياه بسيارات حوضية من أجل سيطرة على الحريق.
وقال المنسق الإعلامي لمديرية الدفاع المدني العراقي صباح شاكر: "تم إجلاء جميع الموظفين العاملين في المبنى والمواطنين، ونقلنا من تعرضوا لاختناق إلى مستشفى قريب لتلقي العلاج".
وتسبب الحريق بـ14 حالة اختناق كحصيلة نهائية، بحسب ما أعلن مدير مستشفى الصدر التعليمي في البصرة، رافد عادل، الذي أكد أن "قسم الطوارئ في المستشفى استقبل 14 حالة اختناق جراء الحريق، معظمهم من عناصر الدفاع المدني"، وأشار إلى أن "حالتين في وضع حرج وتحت العناية المركزة".
وغطّت سحب الدخان سماء المنطقة، وأتى الحريق على الطابق الرابع من المول، كما ألحق أضراراً كبيرة في الطوابق الأخرى من المبنى. ومنعت الشرطة وفرق الدفاع المدني المواطنين من الاقتراب من المبنى أثناء محاولات إخماد حريقه خوفاً من تزايد حالات الاختناق.
ولم تُعرف حتى الآن أسباب الحريق، فيما أكد رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة البصرة، عقيل الفريجي، فتح تحقيق لمعرفة أسبابه، وقال: "شاركت كل الدوائر والشركات التي لديها وحدات إطفاء في إخماد الحريق الذي استمر إلى ما بعد منتصف الليل، وشكلنا لجنة تحقيق للوقوف على ملابسات الحادث ومحاسبة المقصرين، كما سيشكل مجلس المحافظة لجنة لتقييم شروط السلامة الأمنية في مركز المحافظة والأقضية والنواحي".
ويُعد الإهمال أحد أبرز أسباب الحرائق الكثيرة في العديد من البنايات، وتسبب في حرائق كثيرة خلال السنتين الماضيتين، وسقوط مئات من الضحايا وسط مطالبات بتشديد الإجراءات العقابية بحق المقصرين، وتعزيز الرقابة الميدانية لإجراءات السلامة والوقاية داخل المؤسسات والأماكن العامة.
ويوم أمس الجمعة، وبعد ساعات من إعادة افتتاح المول، اندلعت النيران في محل لبيع العطور، حيث حدث تماس كهربائي بأحد أجهزة التبريد.
وتمكنت فرق الدفاع المدني من السيطرة على النيران ومنع انتشارها، وتسبب الحريق بخسائر مادية في محل العطور، دون تسجيل خسائر بشرية.
الدراجي ينتقد الدفاع المدني
وبعد الحريق، قيّم رجل الأعمال البصري شنشل الدراجي دور الدفاع المدني في البصرة بالضعيف، موضحا أنه لم يستطع إخماد حريق "شنشل مول"، رغم مرور 4 ساعات على اشتعاله، ومؤكدا أن الشرارة الأولى بدأت من مطعم شناشيل في الطابق الخامس دون معرفة السبب الرئيسي.
وقال الدراجي: "لا أستطيع حساب الخسائر المادية لكن أصحاب الذهب والصيرفات استطاعوا إخراج بضاعتهم، ومع ذلك لدينا سيارتان "رانج" و"أفيلون" احترقتا في الأعلى".
تناقض في الآراء
وبعد تكرار حوادث الحرائق في "شنشل مول" تناقضت آراء المعلقين على مواقع التواصل الاجتماعي بين فئة متعاطفة مع رجل الأعمال شنشل الدراجي لما تكبده من خسائر وفواجع متوالية، وفئة أخرى متشفية بما لاقاه.
أحد المتابعين قال إن شنشل الدراجي رجل بسيط وخلوق جدا وهو أحد أكبر المساهمين في النهوض العمراني لمدينة البصرة، كما انه من اكثر الناس عوناً ومساعدة للفقراء، رجل صنع لنفسه مكانا في عالم الأعمال بجهد ذاتي خالص، كل من عرفه من قريب او بعيد يحترمه ويقدر مواقفه، وفي البصرة لديه العديد من المشاريع التي كان من الممكن ان ينقلها إلى دول الجوار كما يفعل اقرانه، لكنه فضل ان تكون مشاريعه داخل البصرة ولأجل البصرة، يؤسفنا ان يتعرض هذا الرجل إلى عدة حوادث واحدة منها كانت في منزله على اثرها فقد احد ابنائه، وامس تعرضت بناية شنشل مول وسط المدينة إلى حريق كبير لم نعلم بعد مصدره، وتلك الحوادث تقع مهما بالغنا بشروط السلامة، فالقضاء والقدر واقع لا راد له، ووجدنا الرجل صلباً محتسبا يقف لمعاينة الاضرار والاطمئنان على عدم وجود ضحايا ، وعلى غير العادة طالعنا اغلب التعليقات لرواد مواقع التواصل الاجتماعي والذين تضامنوا بشكل لافت مع صاحب المصاب، مما يقدم دليلاً اضافياً على علو شأن الدراجي بين مختلف شرائح المجتمع البصري، وبدورنا نحمد الله تعالى على سلامة الناس و العاملين في المول، كما نعبر عن اسفنا لخسارة احد اجمل الاماكن التجارية في المدينة.
على الجانب الآخر، اعتبر العديد من المتابعين والمعلقين ما يحدث مع الدراجي بأنه "عقوبة إلهية" بسبب "أعماله المشبوهة"، حيث اتهموه بأنه بدأ حياته بالعمل بالربا وغسيل الأموال، وهذا هو السبب الرئيسي وراء ثروته الطائلة، كما أكدوا إنه تحوّل من راعي للأغنام قبل 2003 إلى أحد أكبر رجال الأعمال في البصرة بعدها، وذلك بعد انضمامه لـ"جيش المهدي" وحصوله على حماية التيار الصدري خلال العقدين الأخيرين، كما رأى آخرون أن تلك الحوادث والحرائق مفتعلة من قبل الدراجي نفسه للتغطية على أعماله المشبوهة.
إلى ذلك أكد مراقبون بأن صراع المافيات في البصرة بلغ ذروته، وإن عمليات إضرار المنافسين عبر افتعال الحرائق وغيرها تعد واحدة من أساليب التنافس بين تلك المافيات، كما تستخدمها لمحاربة المنافسين من خارجها.
وبسبب كونها عاصمة العراق الاقتصادية، وأكثر محافظاته نفطاً ومنفذه البحري الوحيد، تعد البصرة واحدة من أكثر محافظات البلاد عرضة للصراعات وبيئة خصبة لنمو المافيات المتسلطة بالسلاح والنفوذ العشائري والسياسي على مقدراتها، والتي تتسبب بفساد كبير وغير مسيطر عليه في مجالات عديدة، كالفساد في مديرية الموانئ بقيادة فرحان الفرطوسي، والفساد والتهريب الذي ينفذه "بيت شايع" بقيادة المجرم الهارب من السجن أحمد شايع، وغيرها العشرات من علامات الفساد في المحافظة التي لم تجد أي رادع، خصوصاً مع وجود اتهامات كبيرة تطال محافظ البصرة أسعد العيداني بالتستّر والتواطئ مع مافيات المحافظة.
المول مخالف لشروط السلامة
ورغم استمرار تسجيل الحرائق في معظم المحافظات، مع بدء فصل الصيف، إلا أن مديرية الدفاع المدني تقول إن الحرائق انخفضت بنسبة 44% مقارنة بالأعوام الماضية، وحمّل مدير الدائرة اللواء محسن كاظم علك، أصحاب المشاريع التجارية مسؤولية عدم الالتزام بتعليمات المديرية، مستشهداً بموقف مع مدير أحد المولات، عندما سأله عن رقم الإطفاء، واتضح أنه لا يعرف حتى الرقم، مبيناً أن المديرية سبق أن غرمت مول شنشلفي البصرة لمخالفته شروط السلامة.
وقال مدير عام الدفاع المدني محسن كاظم علك في لقاء متلفز: عام 2022 لدينا أكثر من 28892 ألف حادث حريق، وفي 2023 لدينا 23 ألفاً، وفي أول 5 أشهر من 2023 لدينا 10 آلاف، وفي 2024 حتى 31 مايو لدينا 5500 حريق، وهذا انخفاض كبير يصل إلى 44%.
وأضاف: سألت مدير عام المملكة العربية السعودية عن كمية الحرائق السنوية وقال إنها لا تقل عن 120 ألفاً سنوياً، وسألت مسؤول منظومات الإطفاء في أحد المولات عن رقم الدفاع المدني وأجاب أنه لا يعرفه.
وتابع: هنالك عقوبات للمخالفين وفق صلاحياتنا، وهنالك إحالة للمخالفين بالغرامة من 250 ألفاً إلى مليون دينار، وقمنا بتغريم صاحب مول شنشل (سابقاً) كونه مخالف للشروط ومتطلبات الدفاع المدني، لكنه لم يأخذ بالإرشادات فيما بعد.
وأكد: ليست لدينا آليات إطفاء حديثة وجميعها قديمة، لكن لدينا خطط إسناد مع دوائر الدولة وجهد الدولة الهندسي.
إنذار "ج" وإقالة
إلى ذلك، أوضحت مديرية الدفاع المدني حول توجيه وزير الداخلية عبد الأمير الشمري بدخول الإنذار (ج) لمدة ثلاثة أشهر للسيطرة على الحرائق التي تزامنت مع ارتفاع درجات الحرارة.
وقال مدير إعلام الدفاع المدني نؤاس صالح إن الإنذار (ج) يعتبر أقصى درجة ممكن أن يصل إليها الدفاع المدني من الاستعداد والتهيئة لتأمين حياة المواطنين والتدخل السريع في الحوادث، لافتا إلى أن وزير الداخلية وجه مديرية المرور بالتعاون مع الدفاع المدني وفتح الطريق أمام عجلاتهم لتسهيل عملية الوصول إلى الحوادث بسرعة أكبر.
وأضاف صالح بأن وزير الداخلية أقال مدير الدفاع المدني في البصرة ووجه باستبداله على خلفية الحريق في شنشل مول في البصرة وأشار إلى أن الوزير لم يتطرق لمن سيخلفه بالمنصب وبانتظار الساعات المقبلة إما التريث أو المضي باستبداله.
كما أوضح صالح بأن الدفاع المدني وخلال الخمسة أشهر الأخيرة سجل 5544 حريقا وهو يمثل انخفاضا بنسبة 47% مقارنة مع تسجيل حوادث الحريق في العام الماضي ضمن الفترة نفسها، مبينا أن مديرية الدفاع المدني تسعى لخفض أكبر بنسبة الحرائق من خلال الإرشادات التوعوية والاعتماد على وعي المواطن والذي يجب عليه اتخاذ إجراءات السلامة والابتعاد عن المواد سريعة الاشتعال في البناء كـ (السندويش بانال) وغيرها.