وزارات تخالف ادعاءات مركز حقوقي بشأن مؤشرات الفقر والبطالة.. ماذا عن إجراءات حكومة السوداني؟
انفوبلس/ تقرير
تشير إحصائيات حقوقية إلى وجود حوالي 25% من سكان العراق يعيشون تحت خط الفقر، وهو ما يشكل أكثر من 10 ملايين مواطن، لكن وزارة التخطيط تقول إن السياسات الحكومية أفضت إلى تراجع نسب الفقر لحدود 21.5% وفقاً للمسح الذي تم إجراؤه في النصف الثاني من العام الحالي، فماذا عن نسبة البطالة والإجراءات التي اتخذتها حكومة السوداني منذ تشكلها؟
وكان وزير العمل أحمد الأسدي قد أعلن في يوليو/ تموز 2023 أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة رفعت مستوى العراق 20 درجة في تسلسل درجات الفقر الدولية، وفق منظمة الأمم المتحدة.
*مركز حقوقي يكشف
كشف المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، عن وجود أكثر من "10 ملايين" عراقي يعيشون "تحت خط الفقر"، لافتاً إلى "خلو" موازنة العام 2024 من دعم هذه الفئات.
إذ قال نائب رئيس المركز حازم الرديني في بيان تلقت "انفوبلس" نسخة منه، إنه "رغم ما تقوم به الحكومة من جهود كبيرة في الأعمار بقطاعات الطرق والإسكان وغيرها، إلا أن هناك ملفات كبيرة تمس حياة المواطن العراقي اليومية تجب مراعاتها، كمسألة الفقر وقلة فرص العمل بالقطاع الخاص".
وأضاف، إنه "بحسب بيانات وزارة التخطيط، يوجد هناك حوالي 25% من سكان العراق يعيشون تحت خط الفقر، وهو ما يشكل أكثر من 10 ملايين مواطن إذا اعتبرنا أن مجموع السكان 43 مليون نسمة"، لافتاً إلى أن "وزارة العمل تقوم عبر دائرة الرعاية الاجتماعية بتوزيع رواتب شهرية لـ2 مليون أسرة فقط، وهناك اكثر من مليون أسرة تستحق راتب الرعاية لم يحسب لها حساب بموازنة 2024 التي جاءت خالية من أي تخصيصات جديدة لشبكة الحماية، إضافة إلى أكثر من 1.650.000 ألف عاطل مسجل بدائرة العمل".
وطالب المركز الحكومة بـ"العمل جدياً على تقليل نسب الفقر والبطالة بوضع خطة استراتيجية لخمس سنوات قادمة تركز فيها على دعم الصناعة الوطنية والزراعة وتقليل استيراد المحاصيل الزراعية والصناعية، وكذلك مراقبة العمالة الأجنبية التي غزت السوق العراقية وقللت فرص العمل للعراقيين والتي قاربت ارقامهم من مليون عامل، بينما المسجلين رسمياً بحدود 40 ألف فقط حسب بيانات وزارة العمل، وكذلك إعادة العمل بإعداديات الزراعة والصناعة والتجارة بعد المرحلة المتوسطة والتي اندثرت بعد 2003".
ويتبنى المنهاج الوزاري لحكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، خطة واقعية، قابلة للتنفيذ من قبل الوزارات والهيئات المستقلة، تتضمن إصلاح القطاعات الاقتصادية والمالية والخدمية، ومعالجة الفقر والبطالة ومكافحة الفساد ووقف هدر المال العام، في حين أكد السوداني في وقت سابق، أنَّ "أصل المشكلة في العراق اقتصادية، وصارت لها تبعات اجتماعية أدت إلى مظاهر من البطالة والفقر وسوء الخدمات".
*تراجع بمعدلات الفقر مقارنة بالسنوات السابقة
وسعياً منها للحدّ من نسب الفقر والبطالة، كشفت وزارة التخطيط، وفقاً للمتحدث باسمها، عبد الزهرة الهنداوي، عن اتخاذ سلسلة من الإجراءات الكفيلة بتوفير فرص العمل وزيادة معدلات التنمية.
وقال الهنداوي، إنَّ "مؤشرات الفقر في العراق بلغت حدود 21.5 %، والآن يتم إجراء المسح الاقتصادي والاجتماعي للأسرة في العراق، حيث تم البدء بهذا المسح في النصف الثاني من العام الحالي، وقد بينت المؤشرات الأولية للمسح حصول تراجع بمعدلات الفقر مقارنة بما تم تسجيله في السنوات السابقة"، مؤكداً أنَّ "ذلك التراجع جاء نتيجة السياسات الحكومية المتخذة خلال العامين الماضيين، لاسيما في ما يتعلق بالجوانب الغذائية وتأمين مفردات البطاقة التموينية، فضلاً عن زيادة الشمول ببرنامج الحماية الاجتماعية لأكثر من مليوني أسرة".
وأشار الهنداوي إلى أنَّ السياسات الحكومية الأخرى التي أسهمت في الحد من الفقر، تمثلت في تنفيذ مجموعة من المشاريع التي وفرت العديد من فرص العمل والخدمات وحسنت مستوى الدخل، إذ أسهمت تلك التحركات جميعها بخفض معدلات الفقر في العراق.
كما أوضح المتحدث الرسمي لوزارة التخطيط، أنَّ نسبة البطالة في البلاد وفقاً لآخر مسح تم إجراؤه في بداية العام 2022، بلغت 16.5 %، مرجحاً تراجع تلك النسبة نتيجة توفير الآلاف من فرص العمل خلال العامين الماضيين، مؤكداً أنَّ الوزارة وبهدف خفض معدلات الفقر، تستعد لإطلاق الخطة الخمسية بعد إقرارها من قبل مجلس الوزراء، مبيناً أنَّ تلك الخطة تتناول مختلف قطاعات التنمية وأعطت مساحة كبيرة لواقع الخدمات، لاسيما الصحة والتعليم والسكن ورفع مستوى الدخل، فضلاً عن أنَّ الوزارة تعمل بشكل دؤوب على إعداد استراتيجية مكافحة الفقر الثالثة للسنوات الخمس المقبلة، والتي تتضمن مجموعة من الإجراءات والسياسات التي تستهدف تمكين الفقراء في مختلف المجالات.
ولفت الهنداوي إلى أنَّ من بين الخطط الهادفة إلى تحسين مستوى الدخل والحد من الفقر، أنَّ العمل ما زال جارياً بمشاريع الصندوق الاجتماعي للتنمية التي تستهدف تحسين مستوى الخدمات في القرى الأكثر فقراً والبالغ عددها قرابة 570 قرية، حيث تتضمن المشاريع بناء مدارس ومراكز صحية ومد خطوط ماء وكهرباء وتبليط الطرق.
وغالباً ما تتركز نسب الفقر، بحسب إحصاءات رسمية، في محافظات وسط وجنوب البلاد، وخصوصاً في ذي قار، والمثنى، والديوانية، وميسان، حيث تلامس مستويات الفقر في بعض الإحصاءات حاجز 50 في المائة من مجموع السكان، بينما تنخفض تلك النسب في محافظات إقليم كردستان الشمالي إلى نحو 10 في المائة.
* إجراءات حكومية للعاطلين
أعلنت وزارة العمل، اليوم الثلاثاء، عن إجراءاتها للحد من البطالة وتخفيف أعداد العاطلين عن العمل، إذ قال مدير إعلام وزارة العمل نجم العقابي، إن "الوزارة أعدَّت خطط لمعالجة موضوع الفقر وأخذت خطوات مهمة جدا، حيث شرَّعت الدولة عددا من القوانين التي تدعم القطاع الخاص بشكل كبير ومنها قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال رقم 18 لسنة 2023"، مبينا أن "القانون فيه امتيازات كبيرة جدا تخدم القطاع الخاص وتخفف الضغط الكبير القطاع العام".
وذكر، أن "بعض امتيازات القطاع الخاص فاقت امتيازات الموظف الذي يعمل بالقطاع العام"، مشيرا الى ان "هناك القطاع غير المنظم وهم أصحاب المهن البسيطة والذي يشملون بالضمان الاجتماعي، حيث ستدفع الدولة للفئة الاولى 350 ألف وتنتهي بالفئة الـ15 بحدود مليون و750 ألف".
وأكد، أن "هذا القطاع غير المنظم دخل حيز التنفيذ وتلقينا أكثر من 5 آلاف طلب عبر منصة أور"، لافتا الى أن "هناك قروضا ميسرة تصل الى 20 مليون دينار والذي يستهدف الباحثين عن العمل من المسجلين في قاعدة بيانات".
ولفت الى، أن "ملف الحماية الاجتماعية يمنح بنحو مليونين و150 ألف أُسرة مستفيدين من الحماية الاجتماعية، كما نمنح الكثير منهم فرص عمل حقيقية"، موضحا انه "تتم نقل قيود 37 ألفا و200 أسرة الى وزارة الداخلية لتثبيتهم بعد ذلك".
لكن في العام الماضي، أكد مؤشر الجوع العالمي أن العراق دخل "منطقة معتدلة"، بحسب آخر جدول أُعلن وشمل أكثر من 200 دولة، إذ قفز بين عامين من المرتبة 86 إلى 66، وأكد متخصصون في الاقتصاد، أن ارتفاع أسعار النفط وانتظام الرواتب وتوسيع شبكة الحماية الاجتماعية، ساهم في هذا التعافي.
من جانبه، يعتقد الخبير الاقتصادي صفوان قصي، أن "العراق يحتاج إلى وضع برامج لتأهيل الفقراء، وعليه أن لا يكتفي بالتركيز على الإعانات النقدية وإهمال تنشيط الإنتاج وإعانة المنتجين وتشغيل العاطلين، فهذه الإجراءات ستتكفل أكثر في الحد من ظاهرة الفقر".
ويضيف قصي، أن "مستوى الفقر يتباين بين المحافظات، وكذلك بين مراكز المدن والقرى والأرياف، وهناك ظروف فاقمت من ظاهرة الفقر، كالتغير المناخي والتصحر وكذلك تذبذب أسعار النفط وإيقاف صادرات إقليم كردستان أثر على البرامج الحكومية بتمويل صندوق التنمية".
وينبّه الخبير الاقتصادي إلى، أن "النظرة للفقر على أساس صعوبة العيش هي نظرة جزئية وقاصرة، إذ يجب توسيع دائرة التعامل مع الفقر على أساس الفقر الصحي والتعليمي، فالفقر الشامل يعطي مؤشرات نحتاجها للوقوف أمام المتغيرات".