سلفة بـ9 مليارات تُنقل "كاش" بسيارات مجهولة!.. رواية غير مقنعة لوزير الإعمار بنكين ريكاني بعد حجز 5 مليارات بسيارة وهروب أخرى بحوزتها 4 مليارات في المنطقة الخضراء
انفوبلس..
بعملية غريبة من نوعها في المنطقة الخضراء، أوقفت القوات الأمنية سيارتين تحملان مبالغ مالية ضخمة، الأحد الماضي، واحتجزت السيارة الأولى التي تحمل 5 مليارات دينار فيما فرَّ سائق السيارة الثانية وبحوزته 4 مليارات دينار إلى جهة مجهولة، الأمر الذي خلق ضجة كبيرة خصوصاً بعد ورود اسم وزير الإعمار والإسكان بنكين ريكاني في حيثيات القضية.
تفاصيل الحادثة
وكان مصدر أمني، أفاد، باعتقال "مقاول" ينفذ مشروع مجسر في بغداد بحوزته مبالغ ضخمة قال بأنها "سلفة".
وقال المصدر، إن "القوات الأمنية اعتقلت مقاولا ينفذ مشروع مجسر في بغداد"، مؤكداً "هروب مقاول آخر وتم ضبط سيارة تخصه"، مضيفاً، إن "المقاول تم صرف سلفة له بمبلغ 9 مليارات دينار وحمل معه مبلغ 5 مليارات وُضِعت بسيارتين".
وتم ضبط تسعة مليارات دينار، خمسة مليارات منها داخل عجلة وهروب العجلة الثانية التي تحمل أربعة مليارات دينار الى جهة مجهولة تعود بحسب مصادر الى مقاول ينفذ مشروع مجسر في العاصمة بغداد فيما تعهد المقاول وفقا للمصادر بعرض الوثائق التي تثبت صحة الأموال الى القضاء الاثنين إلا أنها لم ترَ النور حتى اللحظة.
وتمكنت القوات الأمنية في سيطرة بابليون داخل المنطقة الخضراء من ملاحقة عجلتين تحملان مبالغ مالية حيث تم اعتقال صاحب إحدى العجلتين فيما هرب الآخر الى جهة مجهولة.
النزاهة النيابية تتوعد
وتوعدت عضو لجنة النزاهة النيابية سروة عبد الواحد، أمس الاثنين، بكشف تفاصيل ضبط 5 مليارات دينار عراقي داخل عجلة في المنطقة الخضراء وسط بغداد.
وكتبت عبد الواحد، تغريدة على موقع X، تحدثت فيها عن "التعامل مع تسعة مليارات دينار، وضبط خمسة مليارات منها، وهروب العجلة الثانية التي تحمل أربع مليارات".
وأضافت عبد الواحد، "حتى الآن كل التوضيحات التي أسمعها من أصحاب الشأن بهذا الخصوص غير مبررة، فمنهم من يقول إنها سلفة لمقاول".
وتهكمت عبد الواحد، قائلةً "سبحان الله المقاول في الخضراء"، مضيفة أنه "تم ضبط المبلغ في سيطرة بابليون".
وتابعت، أن "هناك من يقول إنه سوء فهم وتم حلُّ الموضوع"، مؤكدة "نحن في لجنة النزاهة لن نترك الموضوع مجهولاً، وسنُطلع الرأي العام عليه".
ريكاني ينشر
وبعد انتشار الخبر، نشر وزير الإعمار والإسكان بنكين ريكاني منشورا له على موقع "اكس"، جاء فيه "صرفت دائرة الطرق والجسور في وزارة الإعمار والإسكان والبلديات… سلفة بمقدار 9 مليارات دينار، لأحد المقاولين يوم الأربعاء الماضي بواسطة صك كما هو كل مؤسسات الدولة".
وأضاف: "قام المقاول بسحب المبلغ من المصرف يوم أمس وتم توقيفه من قبل الجهات المختصة للاستفسار عن مصدر الأموال ولكثرة التأويلات من الخبراء اقتضى التنويه".
منشور ريكاني زاد الشكوك والتساؤلات أكثر، فكيف يمكن نقل مبالغ بهذا الحجم بسيارات مجهولة العائدية؟ وهل فعلا السيارات تابعة للمقاول أم للوزير؟ وهل حقاً كانت هذه الأموال مصروفة للمشروع؟ وكيف يمكن لمقاول تسلم مبالغ "كاش" لمشروع بهذا الحجم؟
هذه التساؤلات وغيرها جرى تداولها في وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وأكد المواطنون أن إيضاح الوزير بعيد كل البُعد عن المنطق وأن القضية تحمل غموضاً كبيرة على الحكومة وهيئة النزاهة كشفه بأقصى سرعة ممكنة.
بعض ملفات الفساد
في مطلع العام الحالي، تداولت وسائل إعلام محلية ملف فساد عقود شركة "شاد" المملوكة لـ"شفان الدين" المقرب من وزير الإعمار بنكين ريكاني.
واحد من أخطر ملفات الفساد المالي في العراق وأكبرها سرقة وهدرا للمال العام، عقود شركة "شاد" المملوكة لـ "شفان خيري الدين " المقرب بحسب تسريبات من وزير الإعمار والإسكان "بنكين ريكاني"، والمؤسس للعديد من الشركات الوهمية المتعاقدة مع الحكومات المتتالية، أبرزها عقد نظام المنفيست الآلي في منفذ طريبيل الحدودي وعقد تمويل الطائرات في مطار أربيل، وعقد تنظيم المنفيست النفطي في مصفى بيجي وعقد تشغيل مشترك لأجهزة السونار في جميع مداخل ومخارج أربيل.
أما العقد الأخطر فهو المنفيست الآلي للموانئ العراقية عبر الموانئ الإماراتية، لشركة لا وجود لمكتب حقيقي لها على أرض الإمارات ولا أي عقد منفيست صادر منها، أما في العراق فهو مخصص للمناطق البحرية، لكن المقرب من وزير الإعمار استغل المنطقة الحرة التي تعتبر منفذا برياً تابعا لوزارة المالية، حتى اعتراض إدارة منفذ خور الزبير على العقد وإرسالها كتبا لإلغاء التعاقد لم يُجدِ نفعاً، رغم تسجيل جهات رقابية 19 مخالفة بحق شركة شاد التي تفرض سيطرتها على 6 منافذ بحرية في البصرة، وتعيين أغلب العاملين فيها من كوادر الشركة العامة للنقل البري يتقاضون رواتب من الدولة دون أن تصرف الشركة عليهم دينارا واحدا.
وبحسبة بسيطة فإن حصة الشركة تبلغ 8 آلاف دينار من أصل 25 ألف دينار عن المنفيست الواحد الصادر عنها، بمجموع عمليات بيع يصل لـ 2000 قطعة في اليوم الواحد، وعند حسابها يصل أرباح الشركة الى 16 مليونا في اليوم الواحد، بمجموع يصل لنصف مليار دينار في الشهر، وهي أرباح جزء من مجموع شركات غامضة ومجهولة حتى اللحظة.
وفي النهاية فإن وصول مالك شركة "شاد" لم يتم إلا بزمن وكيل وزارة النقل آنذاك، وهو ذاته وزير الإعمار والإسكان حاليا، المتهم بقضايا فساد أُحيلت لهيئة النزاهة آنذاك، أبرزها عقد بقيمة مليار وستمئة مليون دينار لاستبدال أرضية المطار مع أنها صالحة للاستخدام، وعقد تزويد الطائرات بالوقود والتشارك في الأرباح خلافاً للعقد المبرم مع وزارة النفط، ناهيك عن خروقات قانونية ومالية ارتكبها بنكين ريكاني آنذاك تسببت بخسائر مليارية وتراجع أداء الوزارة.
وفي الخامس عشر من شهر آب الماضي، تحرك البرلمان العراقي، لإيقاف فساد مشاريع الإعمار في البلاد التي تسببت بإراقة دماء وهدر مالي كبير بنسب إنجاز متدنية، من بينها مشروع تأهيل مدخل مدينة الكوفة في محافظة النجف، إذ تقدم 35 نائباً بطلب استجواب وزير الإعمار بنكين ريكاني، تحت قبة المجلس النيابي.
وقال عضو لجنة النزاهة النيابية، دريد جميل، خلال مؤتمر صحفي عقده بمبنى البرلمان: "من خلال دورنا الرقابي تم جمع أكثر من 35 توقيعا من أعضاء مجلس النواب، لاستجواب وزير الإعمار والإسكان والبلديات، وسنقوم بتقديم طلب الاستجواب والتواقيع إلى رئاسة المجلس".
ولفت جميل، إن "هناك ملفات فساد موجودة في الوزارة، وذلك من خلال بعض المشاريع التي يتم فيها زيادة الكلف التخمينية، بما يقارب 80%، وأن زيادة الكلف هي باب من أبواب الفساد في الوزارة"، مشيراً إلى أن "هناك استثناءات لإعطاء بعض المشاريع للشركات خاصة تابعة للحزب الذي ينتمي له الوزير".
من جانبه، قال عضو لجنة الخدمات النيابية، أحمد مجيد، إن "مشروع تأهيل محافظة النجف من جهة مدينة الكوفة، ومع إنجاز بوابة للمدينة، تجاوزت تكلفته المالية 17 مليار دينار، وبمدة إنجاز 18 شهراً، مضى منها 12 شهراً، ونسبة الإنجاز لم تصل إلى 30%".
وأوضح مجيد، إن "المشروع مُحال إلى شركة (الفرات الأوسط المشرق للمقاولات)، وهذه الشركة تلكأت بعملها وأخلَّت بالمواصفات الفنية المطلوبة، وهناك تقارير من الجهات الفاحصة تم التلاعب بها لأغراض حزبية".
وأضاف، إنه "خلال هذا العام اتضح التلكؤ بالعمل، كما أن الطريق القائم على مشروع مدخل مدينة الكوفة، حصد عشرات الأرواح بسبب الفساد المالي والإداري"، مطالباً محافظ النجف بـ"تحمل المسؤولية ووضع حد للفوضى التي رافقت مراحل تنفيذ هذا المشروع، وإيقاف الهدر المستمر بالمال العام".
ودعا عضو لجنة الخدمات النيابية، رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وجهاز الادعاء العام، وهيئة النزاهة بـ"اتخاذ إجراءات قانونية بحق الشركة المنفذة للمشروع، وفتح تحقيق بملف الفساد".