عدد السجناء في العراق "مقلق".. ثلاثة أضعاف الطاقة الاستيعابية وحديث حكومي عن مشاريع انشاء سجون جديدة
انفوبلس/ تقرير
تعود قضية السجون في العراق مرة أخرى إلى واجهة الأحداث، بعد أن أكد وزير العدل خالد شواني أن طاقتها الاستيعابية تجاوزت الـ 300%، وسط الحديث عن انتشار أمراض "عديدة" تسببت بوفيات.
ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على آخر مستجدات السجون العراقية وأعداد الموجودين فيها والمشاريع الجديدة
*الطاقة الاستيعابية للسجون العراقية هي 25 ألف نزيل
قال وزير العدل خالد شواني، إن "نسبة الاكتظاظ بالسجون العراقية 300% بسبب الظروف التي مرَّ بها البلد وكثرة المنظمات الإرهابية التي وُجدت بعد 2003 والحرب على داعش إضافة الى الجريمة المنظمة فضلا عن عدم توسعة البنى التحتية للسجون"، كاشفاً عن أن "الطاقة الاستيعابية للسجون العراقية هي 25 ألف نزيل ويوجد لدينا الآن 65 ألف نزيل".
وتابع: "لدينا من 1000 الى 1500 سجين عربي ينتمون الى جماعات إرهابية ويوجد العديد منهم بدعاوى غير إرهابية مثل الصكوك المزورة والتسول والنصب والاحتيال وغيرها".
واعتبر، أن "تبييض السجون قضية صعبة وخطرة لأن أغلب الإرهابيين لازالوا مؤمنين بأفكار داعش ولكن نستطيع تخفيف الاكتظاظ من خلال بناء مؤسسات إصلاحية"، كاشفاً أنه "سيتم افتتاح 4 سجون جديدة خلال الأشهر المقبلة وبناء مؤسسات إصلاحية في البصرة والديوانية وكركوك".
وأتم وزير العدل، بالقول: "لابد من منح الحكومة الحالية الوقت الكافي لتنفيذ برنامجها لأنها نجحت بالكثير من المشاريع والملفات"، معتبراً أن "السوداني أفضل رئيس وزراء للعراق بعد 2003 لما لديه من رؤى وخطط واضحة ونؤيده بقوة".
ويُعتبر سجن أبو غريب ـ 30 كيلومتراً غربي بغداد ـ أكبر وأشهر سجون العراق، عقب الغزو الأميركي للبلاد عام 2003، حيث ارتكبت قوات الاحتلال الأميركية جرائم تعذيب بشعة بحق سجناء عراقيين، وعُرفت منذ حينها بفضيحة سجن أبو غريب.
ويحذر مراقبون من تداعيات اكتظاظ السجون العراقية التي تجاوزت قدراتها الاستيعابية 300 بالمائة، وحسب تقديرات آخرين إلى 400 بالمائة، لما لها من جوانب سلبية خطيرة على الصحة والسلامة البدنية والنفسية للنزلاء.
ويعود هذا التكدُّس البشري -بحسب المراقبين- إلى استمرار عمليات الاعتقال والقبض على المخالفين للقانون، مع عدم حسم دعاوى الكثير من قضايا المعتقلين والإفراج عن الذين أكملوا مُدد محكوميتهم.
ويؤكد المراقبون، أن الحل الأمثل لتقليل الاكتظاظ هو بإقرار قانون العفو العام، وتشريع قانون العقوبات البديلة بدلاً عن العقوبات السالبة للحريات كما معمول بها في دول العالم، بالإضافة إلى بناء مدينة إصلاحية كاملة تضم السجون ومراكز الاحتجاز كافة، نظراً لقِدَم الأبنية الحالية وصِغر مساحتها.
*أرقام "مغايرة"
في المقابل، دعا رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الانسان في العراق فاضل الغراوي مؤخرا، إلى إنشاء مدينة إصلاحية لمعالجة ملف اكتظاظ السجناء والموقوفين، فيما بيّن أن عدد المسجونين يصل الى 100 ألف سجين وهو ما يشكل نسبة 300% من الطاقة الاستيعابية لبعض السجون وأماكن الاحتجاز.
وقال الغراوي في بيان ورد لشبكة "انفوبلس"، إن "أغلب السجون ومراكز الاحتجاز تعاني من مشكلة الاكتظاظ حيث بلغت النسبة في بعض منها إلى 300 ٪"، مبينا أن "عدد السجناء والموقوفين في السجون ومراكز الاحتجاز كافة يصل إلى 100 ألف سجين وموقوف، وهذا رقم يفوق بشكل كبير الطاقة الاستيعابية للسجون ومراكز الاحتجاز".
وأضاف، إن "أغلب البنى التحتية لهذه السجون قديمة جدا ومصممة لاستقبال 30 ألف سجين وموقوف، في حين أن عدد السجناء والموقوفين الآن يفوق الطاقة الاستيعابية لهذه السجون ومراكز الاحتجاز".
وتابع الغراوي، إن "الاكتظاظ أدى الى انتشار أمراض صدرية والجرب واضطرار الإدارة السجنية الى إيداع السجناء والموقوفين من أصحاب الجرائم البسيطة مع أصحاب الجرائم الخطرة، وأهم مثال لذلك إيداع المتعاطين مع تجار المخدرات"، داعيا الى "إنشاء مدينة إصلاحية كحل أمثل لمعالجة مشكلة الاكتظاظ في السجون".
كما قال مسؤول بارز في الرئاسة العراقية الشهر الماضي، إن الرئيس عبد اللطيف رشيد "أسهم في إطلاق سراح 7894 سجيناً وموقوفاً خلال عام واحد".
وأطلق الرئيس العراقي في أكتوبر (تشرين الأول) 2022 مبادرة لمعالجة ملف تأخر الإفراج عن السجناء المطلق سراحهم، بالتعاون مع وزارتي العدل والداخلية ومستشارية الأمن الوطني وجهاز الإشراف القضائي.
وبحسب معلومات رسمية، فإن المبادرة أنجزت "منظومة إلكترونية" لتسهيل تبادل المعلومات بين مختلف المؤسسات والدوائر لمتابعة ملفات المحكومين قبل موعد إطلاق سراحهم للتثبت من عدم مطلوبيتهم لقضايا أخرى.
وقال رئيس هيئة المستشارين في رئاسة الجمهورية، علي الشكري، إن "الآلية الإلكترونية سرّعت الإفراج عن 7894 سجيناً وموقوفاً خلال عام واحد، في أول خطوة من نوعها على مستوى رئاسة الجمهورية منذ عام 2003".
وناقش الرئيس رشيد، الشهر الماضي، أوضاع السجناء والموقوفين في العراق مع سارة صنبر، مسؤولة ملف العراق في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، وأكد أن بلاده "تلتزم بمعايير تطبيق حقوق الإنسان خصوصاً في السجون، وتحسين ظروف الموقوفين والنزلاء، وتوفير الإجراءات القانونية والإدارية لحسم قضاياهم، وأن الرئاسة تعمل بشكل وثيق مع وزارة العدل والجهات الأمنية ذات العلاقة من أجل حسم قضايا الموقوفين".
وكانت "هيومن رايتس ووتش" وجّهت انتقادات شديدة للسلطات العراقية، نتيجة حالة "الاكتظاظ الشديدة في السجون والأوضاع المهينة للسجناء".
ويعاني نزلاء السجون في العراق، منذ سنوات طويلة، من تأخر الإفراج عنهم حتى بعد انتهاء مدد أحكامهم، بسبب الإجراءات الإدارية، الأمر الذي أدى ويؤدي إلى ازدحام شديد في السجون ومراكز التوقيف بأعداد من النزلاء تفوق طاقتها الاستيعابية.
وغالبا ما كان التبرير السائد للسلطات بشأن التعطيل المرافق لعمليات الإفراج، هو "تدقيق سجلات السجناء"؛ للتأكد من عدم وجود قضايا أخرى تخصهم في المحاكم، وأنهم غير مطلوبين أو مشتبه بهم أمنياً".
وترتبط عمليات التأخير أيضاً بطريقة استخدام المخاطبات الورقية التقليدية "البدائية" بين الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة، ما يؤدي إلى إطلاق سراح المنتهية محكومياتهم لفترات طويلة.
وثمة من يقول إن بعض عمليات تأخير إطلاق السراح مرتبطة بقصة "الابتزاز ومحاولة الحصول على الأموال" من قبل ضباط ونافذين، لدفع أهالي السجناء الذين أكملوا مدد محكوميتهم إلى دفع الأموال، قبل عملية إطلاق سراحهم الأخيرة. ويتعارض كل ذلك مع أحكام الدستور والقانون، ويؤدي إلى مشاكل اجتماعية إلى جانب انتقادات عديدة كانت توجه للسلطات العراقية من قبل المنظمات والهيئات الحقوقية المحلية والدولية.
*ماهي مرتبة العراق بمعدل السجناء؟
حلَّ العراق بالمرتبة 81 عالميًا بمعدل "السجن" بحسب الكثافة السكانية، وذلك من أصل 164 دولة حول العالم، فيما جاء بالمرتبة الثامنة عالميًا.
وبلغ معدل السجناء في العراق بواقع 126 مسجوناً لكل 100 ألف نسمة، وهذا يعني وجود قرابة 55 ألف سجين في سجون العراق، وهي قريبة للأرقام التي أعلنها وزير العدل.
وجاءت الولايات المتحدة الامريكية بالمرتبة الأولى عالميا بمعدل السجن البالغ 664 سجينا لكل 100 ألف نسمة، وبعدها تأتي السلفادور، تركمانستان، راوندا، كوبا، تايلاند، بنما، كوستا ريكا، أوروغواي، البرازيل.
وعربياً جاء العراق بالمرتبة التاسعة بمعدل السجن، بعد كل من المغرب، البحرين، السعودية، الأردن، تونس، الجزائر، الإمارات.