ماذا يعني عدم احتساب شهادة الموظف بعد التعيين؟ انفوبلس تشرح القرار من الألف إلى الياء

انفوبلس/ تقارير
جدل ولغط كبير بعد قرار مجلس الوزراء عدم احتساب الشهادة الحاصل عليها الموظف بعد التعيين، البرلمان غاضب، والموظف مصدوم، وخبراء القانون يطعنون، لكن.. ماذا يعني هذا القرار بالضبط؟ انفوبلس أعدّت تقريراً مفصلاً شرحت فيه القرار والمشمولين به وما يتضمنه وأبرز ردود الفعل عليه بالتفصيل.
القرار
قبل يومين، قرر مجلس الوزراء، عدم احتساب الشهادة الحاصل عليها الموظف بعد التعيين.
وجاء في النقطة الثانية من قرار المجلس رقم (152) لسنة 2025، "إلزام الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة بعدم احتساب الشهادة للموظف الحاصل عليها بعد التعيين ما لم تكن ضمن الخطة المُعدَّة من قبل الوزارة أو الجهة بحسب الحاجة الفعلية والهيكل الوظيفي".
مُلزم لجميع الوزارات
بعد القرار آنف الذكر، أكد عضو لجنة التعليم النيابية، النائب ياسين حسن طاهر، أن قرار عدم احتساب الشهادة للموظف من دون إجازة دراسية يُعدّ ملزماً لجميع الوزارات والجهات.
وقال طاهر في تصريح صحفي تابعته شبكة انفوبلس، إن "مجلس الوزراء أصدر القرار رقم 152 لسنة 2025، وجاء هذا القرار نتيجة للأزمة الاقتصادية والمالية التي يمر بها العالم أجمع، وخصوصًا العراق، الذي يعتمد على النفط كمورد رئيسي للموازنة."
نقطتان أساسيتان في القرار
وبحسب طاهر، فإن القرار يتضمن نقطتين أساسيتين: النقطة الأولى تتطلب أن تمر هذه التوجيهات عبر مجلس النواب، كونها تتضمن تعديل قوانين مثل: قانون تدرج ذوي المهن الطبية رقم 6 لسنة 2000، وقانون أسس تعادل الشهادات رقم 20 لسنة 2020، وقانون تشغيل حملة الشهادات العليا رقم 59 لسنة 2017، وكذلك قانون التدرج الطبي البيطري رقم 136 لسنة 1980، وباقي القوانين ذات العلاقة".
وأضاف، إن "هذه الفقرة لا تدخل حيّز التنفيذ إلا بعد عرض هذه التعديلات على مجلس النواب وإقرارها فيه."
وتابع عضو لجنة التعليم النيابية: "أما النقطة الثانية، فهي ستكون ملزمة لجميع الجهات المذكورة، مثل الوزارات، والجهات غير المرتبطة بوزارة، والمحافظات أيضًا، وتُلزم هذه الجهات بعدم احتساب الشهادة التي يحصل عليها الموظف بعد التعيين ما لم تكن تلك الشهادات ضمن الخطة الدراسية للوزارة."
وختم: "هذه النقطة ستكون ملزمة، كونها صادرة ضمن قرار من مجلس الوزراء، وستُنفذ مباشرة. أما النقطة الأولى، التي تتطلب تعديل قوانين، فستُترك لمجلس النواب بعد ورود الملاحظات أو مشاريع التعديل من الوزارات."
ماذا يعني هذا القرار؟
تقصّت شبكة انفوبلس عن تفاصيل هذا القرار والمقصود به، وبعد متابعة دقيقة لحديث المختصين توصلت إلى معناه وكما يأتي:
ـ المقصود بالقرار أنه يجب على الموظف قبل الدراسة التقديم للحصول على عدم ممانعة.
ـ يدخل ضمن الخطة الدائرة المعنية ويكون اختصاصه ضمن الخطة مثلا تخصص عربي أو رياضة.
ـ يدخل ضمن نسبة 1.5 % من الهيكل التنظيمي للوزارة.
ـ يكون ضمن الحاجة الفعلية أي للدائرة أو الوزارة الحاجة لمثل هذا التخصص.
ـ بعد التقديم الى شعبة الدراسة في الوزارة يكون هنالك تنافس بين المتقدمين ويصدر محضر اجتماع اللجنة يكتب فيه الموافقة حسب الحاجة الفعلية والهيكل التنظيمي وضمن الخطة // هنا يكون ضمان حق وتحتسب أما خلاف ذلك فلا تحتسب.
ـ لا يشمل القرار من درس قبل صدوره.
بدوره يشرح أحد المختصين القرار آنف الذكر ويقول: "كما تعلمون تم تشكيل مجلس وزاري بموجب أمر ديواني باسم (المجلس الوزاري للاقتصاد) هذا المجلس من مهام عمله زيادة الموارد المالية و تقليل الإنفاق الحكومي، فالمجلس آنفا يقوم برفع توصيات الى مجلس الوزراء بين فترة وأخرى بغية اعتمادها رسميا، فكانت توصياته بموجب الكتاب المرقم 2510035 في 3/ 2 / 2025 هي إلزام الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة عدم احتساب الشهادة التي يحصل عليها الموظف دون علم الوزارة او الجهة غير المرتبطة بوزارة بغية تقليل الجنبة المالية المترتبة من احتساب تلك الشهادات".
وأضاف، "أما في حالة موافقة الوزارة او الدائرة التي ينتمي لها الموظف على فتح ملف دراسي وإكمال الدراسة فإنه غير مشمول بالقرار آنفا".
تفسير قانوني.. هل يجوز لمجلس الوزراء أن يعدل قوانين نافذة المفعول؟
وعن التفسير القانوني لقرار مجلس الوزراء، يقول عميد كلية الحقوق بجامعة النهرين سابقا، إن المادة (80) من الدستور نصت على أن (يمارس مجلس الوزراء الصلاحيات (والصحيح الاختصاصات) الآتية :- ثالثا- إصدار الأنظمة والتعليمات والقرارات بهدف تنفيذ القوانين) وتجلية للنص المذكور نقول إن كل ما يملك مجلس الوزراء هو إصدار قرارات إدارية تنظيمية تسهل تنفيذ القوانين والتالي لذلك وهذه بدهية لا يماري فيها أحد أنه لا يجوز له البتة تعديل القوانين المشرعة من مجلس النواب فدوره لا يتعدى تسهيل تنفيذها وعدم إيراد أحكام جديدة عليها وألا يكون قد اغتصب سلطة المشرع وهذا لعمري عيب اختصاص جسيم ينحدر بالقرار الى الدركة السفلى من عدم المشروعية ويصبح معدوما عقيما عن إنتاج آثار قانونية ولكل ذي مصلحة مباشرة أن يطعن به أمام محكمة القضاء الإداري ويطلب إلغاءه بعد التظلم منه أمام الجهة التي أصدرته".
وأضاف، إن "القوانين التي عدّلها قرار مجلس الوزراء وغيرها أقرّت حقوقا للمواطنين والموظفين وبالتالي لا يجوز لمجلس الوزراء سلبها او الانتقاص منها فالحق الذي يهبه المشرع محمي بقوة القانون ولا يجوز للسلطة التنفيذية المساس به قيد أنملة وإلا تهدّم جدار الفصل بين السلطات، وتحولنا الى ما يسمى بـ(دمج السلطات) وهي حالة لا تحصل إلا في دولة اللا قانون".
وأكد، إن "قانون الخدمة المدنية وقانون رواتب موظفي الدولة والقطاع العام وقانون أسس تعادل الشهادات والدرجات العلمية العربية والأجنبية، أجاز احتساب الشهادات التي يحصل عليها الموظفون أثناء الخدمة على وفق ضوابط معينة تراعي مصلحة الموظف والصالح العام في آن واحد فكيف يمكن لمجلس الوزراء أن يعدل نصوص القوانين المذكورة تحت ذريعة الوضع المالي للدولة؟".
وتابع، "إذا كانت هناك ضرورة ملحّة لمثل هذا التعديل فأما كان الأولى به أن يفاتح مجلس النواب لإصدار قانون بهذ المآل بدل أن يحل هو محله فيصدر القرار محل التعليق؟".
وأكمل غازي، "لو ضربنا صفحا عن القيمة القانونية لقرار مجلس الوزراء وطوينا عنها كشحا ووضعنا القرار في ميزان المنطق السليم فسنراه مرجوحا قطعا باليقين إذ ما هي تكلفة احتساب الشهادات للموظفين؟ إن الزيادات المترتبة من الاحتساب لا تساوي إلا دراهم معدودات وهي لا تشكل واحدا من الألف من المبالغ التي ينهبها الفاسدون من الدولة كل يوم فلقد تكاثروا عدد الحصى وتداعوا على أموال الدولة تداعي الإبل البهيم على حياضها يوم ورودها فهل تمت محاسبتهم والاقتصاص منهم؟ الجواب يقينا كلا لأننا شهرنا بوجوههم سيفا كليلا لا بل أكرمناهم على أفعالهم الشنيعة أفلا يعلم الناس أن الفاسدين الذين سرقوا أموال الدولة تم شمولهم بقانون تعديل قانون العفو العام مهما كانت المبالغ التي استحوذوا عليها بعد أن يجرون تسوية مع الدولة بشأن استرجاعها وأن استرجاعها سيكون على أقساط فهم استولوا عليها دفعة واحدة والدولة تسترجعها على أقساط وكأنها قروض مُنحت لهم أوليس هذا تكريما لهم وتشجيعا؟".
وختم، "إننا نذكّر مجلس الوزراء بالآية الكريمة (وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل) فأعطوا المستحقين حقوقهم كاملة لا نقص فيها واقتصّوا من سراق أموال الدولة واضربوا على أيديهم بمقامع من حديد لأنكم أمناء عليها وإذا كانت هناك ضرورة ملحّة لتقليل نفقات الدولة فاقترحوا على مجلس النواب استصدار قانون بهذا المعنى حتى ينساب العمل في أجهزة الدولة على الوجه الاسنى ونقول بملء الفم مفتخرين إننا دولة قانون ومؤسسات ".
رفض نيابي للقرار
في النهاية، لم يلقَ القرار ترحيبا داخل مجلس النواب، إذ سرعان ما أصدرت النائب زهرة البچاري، بيانا عبّرت فيه عن رفضها وغضبها منه.
وذكرت البجاري في بيانها الذي ورد لشبكة انفوبلس، إن قرار مجلس الوزراء القاضي بعدم احتساب الشهادات التي يحصل عليها الموظف بعد التعيين، قرار يخلو من الإنصاف والعدالة، ويُعد انتقاصاً من حق الموظف في تطوير ذاته ورفع كفاءته العلمية والمهنية.
وأضافت، "لا يجوز أن يُمنع الموظف، بعد أن أصبح لديه دخل ثابت وتحسن وضعه المعيشي، من السعي نحو تحقيق طموحه العلمي، خاصة وأنه يحصل على شهادته وفق الضوابط الرسمية المعتمدة، وبدون الإخلال بواجباته الوظيفية".
وأشارت البجاري إلى أن "هذا القرار، بحد ذاته، هو قتل للأحلام والطموحات، ولا ينسجم مع أهداف بناء الدولة وتطوير مؤسساتها، وفي بلد غني كالعراق، من غير المقبول أن يُواجه الطموح بالجمود، والعلم بالعقوبات".
وختمت بالقول: "نرفض هذا القرار رفضاً قاطعاً، ونطالب مجلس الوزراء بإعادة النظر فيه وإنصاف شريحة واسعة من أبناء هذا الوطن، الذين يسعون لتطوير أنفسهم من أجل خدمة العراق بعلمهم وجهودهم".