معلومات وصور مضللة وتراشق طائفي.. انفوبلس تفصّل حقائق جديدة عن فضيحة جامعة تكريت

انفوبلس/ تقرير
لا تزال مواقع التواصل الاجتماعي في العراق وبعض وسائل الإعلام تتناقل معلومات وصور عن حادثة جامعة تكريت والتي راح ضحيتها أحد الحراس الأمنيين لضبطه أستاذا جامعيا مع طالبة بوضع مخلّ داخل سيارته، لكن تقرير شبكة "انفوبلس"، سيسلط الضوء على المعلومات والصور المضللة المنتشرة بكثرة، بالإضافة إلى كشف حقائق جديدة عن القصة المثيرة للجدل.
*مواقع التواصل تستغل الحادثة
استغلت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، قضية جامعة تكريت، في ترويج معلومات وصور مضللة عن الفتاة المرتبطة بالحادثة، واعترافات عن طبيعة علاقتها بالأستاذ المتهم، كما نشرت تفاصيل عن هويتها الطائفية، ما أثار الكثير من الجدل والتراشق الطائفي باستخدام عبارات "بذيئة".
إذ نشرت بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي صورة لفتاة قالت إنها الطالبة التي ضبطت مع أستاذ جامعة تكريت الذي أقدم على قتل أحد الحراس الأمنيين لضبطه مع طالبة بوضع مخلّ داخل سيارته، وادّعت أن القوات الأمنية اعتقلت الطالبة وأنها اعترفت بأنّها دخلت في علاقة مع التدريسي المتهم بهدف الحصول على "درجة النجاح، التخرج من الجامعة لأن الدراسة صعبة".
لكن الحقيقة أن الصورة ليست حقيقية، ولا تستند إلى أي مصدر موثوق، كما أنّ الشرطة لم تعلن اعتقال الفتاة التي كانت رفقة التدريسي المتهم ولم تنشر أي تصريح عنها. ويكشف البحث ايضاً، أنّ الصورة رُوّجت عبر صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي فقط، ولم تنشرها أي جهة موثوقة أو جهة رسمية، كما يظهر أنّها صورة قديمة مموهة خضعت للتعديل عبر تطبيقات تعديل الصور، بهدف إزالة التمويه، وإظهار ملامح تخيلية للفتاة.
أما بخصوص الاعترافات المتداولة، فهي "مزيفة"، إذ لم تعلن وزارة الداخلية، ولا قيادة شرطة محافظة صلاح الدين إلقاء القبض على الفتاة، أو التحقيق معها في قضية مقتل حارس الجامعة. كما أنّ الصفحة الرسمية لجامعة تكريت، كانت قد نشرت بيانًا أكّدت فيه اعتقال التدريسي المتهم وتسليمه إلى القضاء، دون أي إشارة إلى الفتاة التي كانت برفقته.
*صور مضللة أخرى
وصفحات أخرى نشرت الصور ذاتها للفتاة مع صور مموهة لرجل، وادّعت أنّها للتدريسي المتهم والفتاة، مع معلومات نسبتها إلى جهاز الأمن الوطني، تشير إلى أنّ "الطالبة كانت على علاقة بالأستاذ من أجل الدرجات.
لكن الحقيقة أن هذه الصورة مضللة، إذ إنّ صورة الرجل تعود إلى قضية سابقة لأحد المتهمين في "عمليات ابتزاز واستغلال" استهدفت عوائل موقوفين على ذمة قضايا تهريب المشتقات النفطية لشركة نفط الشمال، والذي اعتُقل من قبل جهاز الأمن الوطني في تشرين الأول أكتوبر من العام الماضي.
كما ولم يصدر عن جهاز الأمن الوطني أي بيان أو توضيح حول قضية جامعة تكريت، ولم يعلن أي عن اعتقال أي منهم، ولا توجد أي اعترافات رسمية للطالبة.
*تراشق طائفي
استغلت هذه الصفحات قضية الأستاذ والطالبة في جامعة تكريت، لترويج خطاب كراهية على أساس طائفي، إذ ادّعت بعضها أنّ الفتاة التي ضُبطت مع المتهم تدعى "زينب عبد الأمير حسين، وهي شيعية من قضاء بلد"، وتحدث بعضها عن مطالبات بـ "إبعاد الطالبات الشيعيات عن الجامعة، فيما ردت صفحات أخرى بادعاء أنّ الشبهات في القضية تحوم حول طالبتين تدعى الأولى "عائشة أحمد الجبوري، وهي من الضلوعية وانتقلت إلى العوجة مؤخرًا"، والثانية "ميادة صدام، تسكن تكريت أيضًا"، في إشارة إلى أنّ القضية ترتبط بأستاذ جامعي وفتاة من الطائفة السنية.
لكن جميع الأسماء المتداولة للفتاة على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق "وهمية"، ونشرتها الصفحات بهدف التضليل، وحرف القضية إلى سياق طائفي لحصد الكثير من التفاعل.
وتأكيدا لمعلومات شبكة "انفوبلس"، فإن مجموعة التقنية من أجل السلام، المختصة بكشف التزييف الالكتروني، ذكرت أنه تداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خبر مفاده، اعتقال الطالبة (زينب عبد الأمير) من سكنة قضاء بلد بمحافظة صلاح الدين، بعد اعتراف التدريسي في الجامعة (عمر فلاح) المتهم بحادثة دهس الموظف في الجامعة (مصطفى عامر) بعد ضبطه للتدريسي في "وضع غير أخلاقي" مع الطالبة داخل الحرم الجامعي، لكن هذا الادعاء مزيف، واسم الطالبة ليس زينب وليست من سكنة بلد ولم يُعلن عن اعتقالها.
وأضافت، "قمنا بإجراء بحث واسع للتحقق من الادعاء المتداول بشأن اسم الطالبة بعد مزاعم بأنها (زينب عبد الأمير) من سكنة قضاء بلد ولم يتم التوصل لأي مصدر يثبت صحة ذلك بشأن اسمها ومكان سكناها، ولم يرد اسم الطالبة في أي بيان رسمي. وبالبحث عن اسم "زينب عبد الأمير" تبين أنه كان متداولا قبل يوم من حادثة جامعة تكريت ويعود لامرأة قامت بقتل زوجها المنتسب في وزارة الداخلية في منطقة الزعفرانية ببغداد وهروبها إلى محافظة النجف حيث تم القبض عليها.
من جانبه، نفى أحد التدريسين في جامعة تكريت والمتطوع في فريق التقنية من أجل السلام بعد اطلاعه على تفاصيل الحادثة، صحة المزاعم المتداولة بشأن اسم البنت ومحل سكناها. وبحسب التدريسي، فإن اسم الطالبة لا يتطابق مع الأسماء المزعومة لها، حيث تم استغلال ذلك طائفيا عبر مواقع التواصل لتسميتها بأسماء مرتبطة بطوائف معينة.
*الطالبة من عائلة معروفة
تشير حقائق كشفها مسؤول في رئاسة جامعة تكريت أنّ الفتاة "هي طالبة من عائلة معروفة في مدينة تكريت"، مؤكدًا أنّ "الطالبة أدلت بشهادتها عن الحادثة وفق استدعاء رسمي، ثم أُعيدت إلى عائلتها، وما يٌتداول عن اعتقالها غير صحيح أيضًا".
كما أكّد المسؤول، أنّ "الأسماء المتداولة للطالبة التي تحاول صفحات من خلالها الإيحاء إلى أنها من طائفة معينة غير صحيحة على الإطلاق"، مشيرًا إلى أنّ رئاسة الجامعة والجهات التحقيقية "حريصة على عدم كشف اسم الطالبة لمنع التشهير"، خاصة وأنّ القضية "لا تزال قيد التحقيق".
وسبق أنّ أعدَّت "شبكة انفوبلس" تقريرًا مفصلاً عن قصة أستاذ جامعة تكريت، وكشفت أنّ التدريسي من بغداد اسمه "عمر فلاح عبد عباس"، وسبق أن حصل على شهادة الماجستير من جامعة تكريت في حزيران يونيو 2023، عن رسالته "إدارة الوقت ودورها في الأداء الإداري للمخيمات الكشفية من وجهة نظر القادة الكشفيين في الجامعات العراقية" من كلية التربية البدنية وعلوم الرياضة في جامعة تكريت.
أما الضحية فيدعى "مصطفى عامر الجميلي"، الذي يعمل بصفة "حارس أمني" في جامعة تكريت، وهو خريج الدراسة الإعدادية - الفرع الأدبي لعام 2021. وبمراجعة صفحته الشخصية في فيسبوك، والتي تحمل اسم "مصطفى المجهد"، يتضح أنّ الشاب يسكن مدينة تكريت، وله صور مع عدد من الأساتذة في الجامعة، كما أنّه يمتلك صالون حلاقة في مدينة تكريت افتتحه عام 2022.
وأثارت هذه الحادثة "المؤلمة" جدلا كبيرا داخل الأوساط التعليمية والشعبية وكذلك ردود أفعال "غاضبة" على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، مطالبين بتحقيق شفاف ونزيه وإنزال أقصى العقوبات على الأستاذ الجامعي "المتهور" في جامعة تكريت، واطلاع الرأي العام على نتائج التحقيق.
وتحولت الحادثة إلى قضية رأي عام خلال الأيام الماضية وخصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط دعوات من النخب الأكاديمية والمواطنين لوضع حد لما وصفوه بـ"الانحدار الأخلاقي داخل بعض المؤسسات التعليمية".
وقررت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقية، الخميس، عزل التدريسي في جامعة تكريت، (عمر فلاح عبد عباس) لـ"ارتكابه فعلا خطيرا وعدم حفاظه على كرامة الوظيفة العامة".
وبحسب الأمر الوزاري الذي حصلت عليه "انفوبلس"، ويحمل توقيع الوزير نعيم العبودي، فإن هذا القرار جاء، "استناداً إلى أحكام الفقرة (ثامنا أ) من المادة (8) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم 14 لسنة 1991 المعدل وبناء على ما جاء بمحضر اللجنة التحقيقية المشكلة بموجب الأمر الوزاري المرقم (3 س /226 في 2025/4/6) التي تولت التحقيق في ملابسات حادث الدهس الذي تعرض له (مصطفى عامر لطيف مجهد) الموظف بصفة عقد على ملاك قسم المتابعة الجامعية / جامعة تكريت خلال أدائه الواجب الرسمي".
وجاء في توصيات اللجنة التحقيقية التي تمت المصادقة عليها "فرض عقوبة (العزل) بحق (م.م. عمر فلاح عبد عباس) التدريسي في كلية التربية البدنية وعلوم الرياضة/ جامعة تكريت وذلك لارتكابه فعل خطير يجعل بقاؤه في خدمة الدولة مضراً بالمصلحة العامة ولعدم حفاظه على كرامة الوظيفة العامة والابتعاد عن كل ما من شأنه المساس بالاحترام اللازم لها أثناء أدائه لوظيفته المتمثل بعدم مراعاته للجوانب التربوية والتعليمية التي تفرض عليه مراعاة قواعد السلوك الأخلاقية المنسجمة وطبيعة المجتمع العراقي فضلاً عن عدم قيامه بواجباته الوظيفية حسبما تقرره القوانين والأنظمة والتعليمات".
وتصل عقوبة التحرش أو الابتزاز أو أي نوع من السلوك غير المهني من قبل الموظف أو الاستاذ الجامعي، الى الفصل وفق أحكام قانون انضباط موظفي الدولة المرقم 14/ 1991، بحسب خبراء في الشأن القانوني تحدثوا لشبكة "انفوبلس".
ولقراءة التقرير السابق في شبكة "انفوبلس" والذي كشف التفاصيل الكاملة للحادثة:
https://www.infoplusnetwork.com/news/local/%D9%81%D8%B6%D9%8A%D8%AD%D8%A9-%D8%AA%D9%87%D8%B2-%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9%D8%A9-%D8%AA%D9%83%D8%B1%D9%8A%D8%AA-%D8%A3%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D8%B0-%D9%8A%D8%AF%D9%87%D8%B3-%D9%85%D9%86%D8%AA%D8%B3%D8%A8%D8%A7-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D9%83%D8%B4%D9%81%D9%87-%D9%85%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%B3%D8%A7%D8%AA-%D8%BA%D9%8A%D8%B1