وفيات وإصابات وتخوف.. انفوبلس تكشف تفاصيل وتداعيات تسرب غاز "الأمونيا" في مصنع الأسمدة الجنوبية

انفوبلس/ تقرير
شهدت محافظة البصرة، اليوم الأحد 2 شباط/ فبراير 2025، حادثة غير مسبوقة أدت إلى وفاة شخصين وإصابة آخرين، بالإضافة إلى حالات إغماء واختناق، والسبب وراء ذلك هو تسرب غاز "الأمونيا" في مصنع الأسمدة الجنوبية في خور الزبير، ولهذا يسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على تفاصيل ما حدث وتداعيات الحادثة المؤلمة.
وتُعد حادثة تسرب غاز "الأمونيا" بمصنع الأسمدة الجنوبية في خور الزبير، الأولى من نوعها في العراق، وسط مخاوف من تكرارها في المستقبل، لخطورة الأمر.
*تفاصيل الحادثة
بحسب مصادر مطلعة في محافظة البصرة تحدثت لشبكة "انفوبلس"، فإنه في مصنع الأسمدة الجنوبية بخور الزبير حدث تسرب لغاز "الأمونيا" اليوم الأحد، والذي أدى ذلك الى وفيات وإصابات وحالات اختناق وإغماء.
وذكرت المصادر – رفضت الكشف عن هويتها - إن "تسرب غاز الأمونيا في مصنع الأسمدة الجنوبية في خور الزبير تسبب بوفاة 2 من الموظفين وحصول حالات إغماء واختناق 4 موظفين آخرين"، مشيرة إلى أنه "تم نقل الجثة إلى دائرة الطب العدلي لاستكمال الإجراءات القانونية، وإجراء الإسعافات الأولية للمصابين، وحالياً هم بحالة جيدة".
ولم تكشف المصادر، أسباب هذا التسرب الذي حدث في المصنع التابع لوزارة الصناعة والمعادن العراقية، كما لم يصدر من الوزارة أي توضيح لغاية كتابة هذا التقرير، لمعرفة الأسباب والتفاصيل الكاملة لهذه الحادثة غير المسبوقة.
وضجت مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، بخبر وفاة الموظفين وصور الضحايا، وسط تساؤلات عن خطورة الوضع الحالي وكذلك الخطوات الحكومية التي تمنع تكرار الحادثة "المؤلمة" في المستقبل وحماية الموظفين الموجودين هناك.
ماذا نعرف عن غاز "الأمونيا"؟
تُعد الأمونيا (NH3) أكثر المواد الكيميائية شيوعًا واستخدامًا في الصناعة والتجارة بالإضافة إلى كونها عنصرًا أساسيًّا في العمليات البيولوجية. ما هو غاز الأمونيا وماهي أهم استخداماته. هذا ما سنتعرف عليه بما يلي.
هو غاز قلويّ عديم اللون ذو رائحة قوية، يتكون من النتروجين والهيدروجين، ويتواجد بشكلٍ طبيعيٍّ في البيئة، وتشكل التركيزات القوية منه خطرًا على الصحة. تُعد الأمونيا عاملًا طبيعيًّا وبيولوجيًّا عند الكائنات الحية تساعد في تكوين الأحماض الأمينية التي تشكل الأساس للبروتينات، يتم إنتاجها من التربة من خلال العمليات البكتيرية بالإضافة إلى إنتاجها بشكلٍ طبيعيٍّ من تحلل المواد العضوية للنباتات والحيوانات والنفايات الحيوانية.
الاستخدامات
*الأسمدة: يستخدم حوالي 90 في المائة من غاز الأمونيا التي يتم إنتاجها في الأسمدة التي تساعد في الحفاظ على توفير الغذاء لمليارات البشر في جميع أنحاء العالم.
*منتجات التنظيف المنزلية: يمكن أن تستخدم الأمونيا لوحدها أو تُخلط كـمُكوِّن في تركيب العديد من منتجات التنظيف المنزلية كونها فعالةً في إزالة الأوساخ والبقع الناتجة عن الدهون الحيوانية أو الزيوت النباتية، وفي تنظيف الزجاج كونها تتبخر بسرعةٍ.
*الاستخدامات الصناعية: يستخدم الأمونيا في الكثير من الصناعات مثل:
*غاز التبريد في معدات التكييف باعتبار الأمونيا قادرة على امتصاص كمياتٍ كبيرةٍ من الحرارة من المناطق المحيطة بها.
*تصنيع العديد من المنتجات مثل المواد البلاستيكية والمتفجرات والأقمشة والمبيدات الحشرية والأصبغة والمطاط.
*معالجة الفضلات والمياه العادمة.
*المواد الغذائية والمشروبات كمثبّتٍ ومصدرٍ للنيتروجين.
*صناعة الأدوية.
تأثير الأمونيا على الصحة
يمكن للبالغين التعرض لتأثير غاز الأمونيا عن طريق الانسكاب أو التسرب من خزانات الأمونيا أو خطوط الأنابيب وخاصةً في المزارع التي يستخدم فيها كسمادٍ، وتقتصر التأثيرات الخطيرة عند التعرض للأمونيا على مواقع التلامس المباشر معها أي الجلد والعينين والجهاز التنفسي والفم والجهاز الهضمي.
على سبيل المثال، إذا سُكبت زجاجة أمونيا على الأرض سيؤدي استنشاقها إلى سعالٍ بسبب الرائحة القوية له، بالإضافة إلى إغماض العينين بسبب التهيج الذي سيحصل عند ملامسة الغاز للعينين، لكن عند التعرض لنسبٍ عاليةٍ جدًا من الأمونيا مثل ملامسة الأمونيا المركزة فقد يصاب الجلد أو العينان أو الرئتان بحروقٍ شديدةٍ يمكن أن تسبب العمى أو أمراض الرئة أو حتى الموت. إذا تم تناول جرعة مركزة من الأمونيا عن طريق الخطأ قد تسبب حروقًا في الفم والحلق والمعدة، ولا يوجد دليلٌ واضحٌ حتى الآن يشير إلى أن الأمونيا تسبب السرطان.
الأطفال أقل عرضةً من البالغين للتعرض للغاز؛ لأن معظم حالات التعرض تحدث في الأماكن المهنية لكن يمكنهم التعرض له عن طريق المنظفات المنزلية التي تحتوي على الأمونيا، وفي أغلب الأحيان تكون تأثيرات الأمونيا على الأطفال هي نفسها بالنسبة للبالغين مثل حروق في الجلد والعينين والفم والرئتين، ولا يوجد دليلٌ واضحٌ على أن التعرض لمركّب غاز الأمونيا الموجود في البيئة المحيطة بالحوامل يسبب أي تشوهاتٍ خلقيةٍ للأجنة، كما لا يُعرف ما إذا كان يمكن نقل الأمونيا من الأم الحامل إلى الجنين أو من الأم المرضعة إلى ولدها عبر حليب الأم.
*أول معمل لإنتاج الأمونيا الزرقاء في العراق قربياً
وفي وقت سابق من العام الماضي 2024، وتحديدا في شهر آب/ أغسطس، أعلنت الهيئة الوطنية للاستثمار، أنها بصدد منح إجازة خاصة بإنشاء أول معمل لإنتاج الأمونيا الزرقاء في العراق، مؤكدة أن المشروع استراتيجي وصديق للبيئة.
وقالت المتحدث الرسمي للهيئة حنان جاسم، في تصريح للوكالة الرسمية، تابعته شبكة "انفوبلس"، إن "الهيئة تستعد لاستكمال متطلبات منح الإجازة الاستثمارية الخاصة بإنشاء أول معمل لإنتاج الأمونيا الزرقاء في محافظة البصرة بعد حصول موافقة وزارة النفط على توفير كمية الغاز اللازمة لتشغيل المشروع وعدد من الجهات القطاعية الأخرى".
وأوضحت، إن "هذا المشروع، يُعد من أهم المشاريع الاستراتيجية التي تقلل انبعاث الكاربون إلى الغلاف الجوي بما يجعله صديقاً للبيئة، حيث يعمل على استبدال الأمونيا التقليدية بالأمونيا الزرقاء المتجددة الأمر، وبالتالي يسهم في عزل ثنائي أوكسيد الكاربون المنبعث وتخزينه ثم تحويل الكاربون إلى منتجات ذات جدوى تجارية"، منوهة بأن "الأمونيا الزرقاء، تتكون من النيتروجين والهيدروجين الأزرق المشتق من المواد الأولية للغاز الطبيعي وبما يضعها ضمن خيارات الوقود البديل بالعالم".
وبشأن استخدامات الأمونيا الزرقاء كوقود منخفض الكاربون، أضافت جاسم، إن "إنتاج الطاقة المتجددة وتوليد الطاقة الكهربائية يمثل أبرز الاستخدامات إلى جانب دخولها في صناعات متنوعة كالحديد والأسمدة والسمنت وكوقود لمحركات المركبات ووقود للسفن البحرية والتوربينات الغازية لمولدات الطاقة".
وتابعت، إن "المنطقة العربية، تشهد تنافساً قوياً في إنتاج الأمونيا منخفضة الكاربون تماشياً مع الجهود العالمية لخفض الانبعاثات الضارة ومواصلة الدور القيادي لدول المنطقة في سوق الطاقة العالمية من خلال التوسع في زيادة الاستثمارات الخضراء".
ولفتت، إلى أن "الأمونيا منخفضة الكاربون (الزرقاء والخضراء)، تمثل واحدة من أبرز الحلول أمام العالم لتحقيق الحياد الكاربوني بحلول العام 2050 إلى جانب استخدامها في العديد من القطاعات كالأسمدة الزراعية والصناعات المعدنية والمنظفات والمبيدات والمستحضرات الطبية وخلافه وبما يضعها بمصاف المشاريع الاستراتيجية الفاعلة والمحركة لسوق الأيدي العاملة في المحافظة".
ووفقاً للجمعية الملكية في المملكة المتحدة، فإن "الأمونيا الزرقاء" هي الأمونيا التي تُنتج باستخدام "الهيدروجين الأزرق"، أي الهيدروجين الناتج عن عملية إعادة تشكيل غاز الميثان بالبخار (SMR) حيث يتم احتجاز وتخزين غاز ثاني أكسيد الكربون.