النزاهة تضيّق الخناق على الحلبوسي.. هل تقود اعترافات مقرّبيه إلى إقالته ومحاكمته؟
انفوبلس/ تقارير
لم يصحَ رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي من صفعة اعتقال المقرّب منه سعد كمبش الرئيس الأسبق لديوان الوقف السني قبل أيام، حتى صُفِع ثانيةً اليوم بعد تنفيذ هيئة النزاهة عملية كبرى واستثنائية في دائرة التسجيل العقاري بالأنبار واعتقال العديد من الشخصيات أبرزهم مدير التسجيل العقاري المقرّب منه، لحقها بساعات اعتقال (أحمد كامل طناش المحمدي) ابن شقيق مدير ضريبة الفلوجة (عبد الزراق كامل طناش) أحد زُمر الفساد والتزوير في موضوع الأراضي في الفلوجة من قبل لجنة مكافحة الفساد بقيادة أبو علي البصري، ليدخل الحلبوسي في دائرة القلق، لاسيما بعد تعليقات سياسية بإمكانية إقالته وعدم استبعاد محاكمته في حال تم الاعتراف عليه، فهل اقترب الخطر فعلا من رئيس البرلمان؟ هذا ما سيتناوله التقرير.
*عملية النزاهة الاستثنائية اليوم
توالت عمليات كشف الفساد في الأنبار، وبات الخطر يقترب من كبار الشخصيات النافذة بالمحافظة ومنهم الحلبوسي، إذ أعلنت هيئة النزاهة، اليوم الثلاثاء، عن تنفيذ عملية كبرى واستثنائية بمديرية التسجيل العقاري في الأنبار، فيما أشارت إلى القبض على مدير عقاري الأنبار و(5) من المسؤولين فيها.
وقالت الهيئة في بيان تلقته شبكة انفو بلس، إنه "بإشرافٍ مباشرٍ من رئيس الهيئة حيدر حنون، ومعلومات من وزير العدل، والتعاون والتنسيق العاليين مع محكمة جنايات مكافحة الفساد المركزيَّـة، وجهودٍ مُضنيةٍ لملاكاتها في التقصّي والتحرّي، تمكَّنت هيئة النزاهة الاتحاديَّة من تنفيذ عمليَّة كبرى في مُديريَّـة التسجيل العقاري في الأنبار". مبينة، أن "العمليَّة أسفرت عن إلقاء القبض على مدير التسجيل العقاري في الأنبار وعددٍ من المسؤولين والمُوظفين فيها، فضلاً عن ضبط مئات الهويَّات المُزوَّرة العائدة لإحدى النقابات، والتحرُّز على عشرات الآلاف من أضابير العقارات التي تمَّ تمليكها خلافاً للقانون، فيما تمَّ الكشف عن وجود تضخُّمٍ في أموال المُتَّهمين الذين تمَّ إلقاء القبض عليهم".
وذكرت دائرة التحقيقات بالهيئة، أن "مديريَّـة تحقيق الهيئة في بغداد بعد تلقيها معلومات أفادت بأنَّ كلاً من مدير مديريَّة التسجيل العقاري في الأنبار وبعض المسؤولين فيها وعددٍ من المُوظَّفين أقدموا على تمليك أراضٍ من ناحية الوفاء، وإفراز آلاف العقارات بشكلٍ غير أصوليٍّ، وإنجاز معاملات التسجيل العقاري من قبل المُوظَّفين في محال سكناهم، فضلاً عن تحويل العقارات وتثبيت التواقيع بختوماتٍ و"ليست تواقيع حيَّة"، وطباعة معاملات التسجيل والاستمرار بالتسجيل، بالرغم من إيقافه حسب كتاب مُديريَّة بلديَّة الأنبار".
*فضيحة دائرة التسجيل العقاري
وتابعت هيئة النزاهة، أن "مُديريَّة تحقيق الهيئة في بغداد، وبعد إجرائها عمليَّات التقصّي والتحرّي عن المعلومات واستحصال الأوامر القضائيَّة من قاضي تحقيق محكمة جنايات مكافحة الفساد المركزيَّـة، قامت بتأليف سبعة فرقٍ ميدانيَّة أسفرت عن إلقاء القبض على مدير مُديريَّة التسجيل العقاري في الأنبار وخمسة من المسؤولين والمُوظَّفين فيها، كما أسفرت العمليَّة عن ضبط ما يقارب أربعمائة هويَّة مُزوَّرة تعود إلى إحدى النقابات، وقرابة (1.500.000) ألف دولار، و(600.000.000) دينار عراقي، فضلاً عن أختامٍ وحواسيب وأجهزةٍ لوحيَّةٍ، وأجهزة استنساخٍ تُستخدَمُ؛ لغرض تزوير أضابير العقارات، ومُخشَّلات ذهبيَّـة ثمينة".
وأكدت، أن "عمليَّات التحرّي والتحقيقات الأوليَّة تشير إلى أنَّ ناحية الوفاء تقع في المنطقة ذاتها التي من المزمع إقامة مطار الأنبار الدولي فيها". مُبيّنةً، أنَّ "مُديريَّة البلديَّة قامت منذ العام 2019 بعمل مرتسمات إفراز واستحصال موافقة محافظة الأنبار ومُديريَّة التخطيط العمراني فيها على المخططات بواقع من (900 إلى 1000) قطعة سكنيَّة لكل إفرازٍ؛ من أجل الاستفادة من الموقع الاستراتيجي المستقبلي للأراضي التابعة للناحية".
ولفتت إلى أنَّ "ذلك العمل استمرَّ تباعاً لغاية تنفيذ عمليَّـة الضبط، إذ خُصِّصَت تلك القطع السكنيَّة المفرزة؛ لتوزيعها بين شرائح مُحدَّدةٍ من المجتمع"، موضحةً أنَّ "ذلك تمَّ بناءً على محاضر تخصيص الأراضي السكنيَّة بكتب مُديريَّة ناحية الوفاء المُوجَّهة لمُديريَّـة التسجيل العقاري في الرمادي".
وذكرت ان "المُتَّهمين سيقوا رفقة المحاضر الأصوليَّـة والأضابير والمبالغ الماليَّة والمخشلات الذهبيَّة وبقية المبرزات والمضبوطات، على قاضي التحقيق المُختصّ؛ الذي قرَّر توقيفهم على ذمَّة التحقيق؛ استناداً إلى أحكام المادة (298/289) من قانون العقوبات، والتحرُّز على ما يقارب سبعين ألف إضبارة عقارٍ تمَّ تمليكها بصورةٍ مخالفةٍ للقانون"، لافتة الى ان "الإجراءات التحقيقيَّة ستنتهي إلى مُتَّهمين مهمين شركاء في الجريمة".
*ليست العملية الأولى
لم تكن عملية النزاهة اليوم التي استهدفت فساد التسجيل العقاري الأولى، إذ وقبل حوالي أسبوعين أعلنت الهيئة، ضبط مسؤولين بدوائر البلدية والضريبة والعقاري في محافظة الأنبار.
وذكرت دائرة تحقيقات الهيئة في بيان، أن "مديريَّات ومكاتب تحقيق الهيئة في بغداد والمحافظات تواصل حملتها التي دعا اليها القاضي حيدر حنون، فقد تمكنت ملاكات الهيئة في محافظة الأنبار من تنفيذ ثلاث عمليَّات أسفر عنها تنفيذ أوامر قبض وضبط بحق عدد من المسؤولين في عدد من دوائر المحافظة. "
وأضافت، أن "العمليات تمت وفق مذكرات قضائيَّة"، مبينة أن "فريقا من مكتب تحقيق الهيئة في الأنبار تمكن من ضبط مدير بلدية الرطبة ومدير الحسابات فيها، لقيامهما باختلاس مبلغ قدره (١.١٠٠.٠٠٠.٠٠٠) دينار مخصص لأصحاب العقود المشمولين بالقرار (٣١٥)".
ولفتت إلى، أن "تحريات الفريق وتحقيقاته الأوليَّة أثبتت قيام المتهمين بإصدار أمر إداري مزور يتضمن إنشاء طرق ومنتزهات في المدينة؛ لغرض سحب المبلغ من المصرف"، موضحة أن "الفريق تمكن أيضاً من تنفيذ أمر قبض بحق معاوني مديري التسجيل العقاري والضريبة في الفلوجة ورئيس لجنة الكشف والتدقيق؛ على خلفية تهم التلاعب في الكشوفات من خلال إضافة مغروسات ومشيدات على (٩) عقارات تبلغ مساحتها (٣٠٤) دونم".
وأردفتن أن "العملية أسفرت عن ضبط أصل المعاملات في دائرة التسجيل العقاري في الفلوجة وكذلك تم ضبط أصل الكشوفات المضافة إليها فقرة المغروسات والمشيدات من قبل لجنة تقدير الأراضي، خلافاً للحقيقة من أجل التهرب الضريبي الذي يقدر بمبلغ أكثر من ( ٢٠٠ ) مليون"، لافتة إلى أن "عمليات التحري والتقصي والتحقيقات الأولية أثبت قيام دائرة التسجيل العقاري في الفلوجة بنقل ملكية تلك العقارات إلى جمعية النور التعاونية خلافا للقانون، فيما لم يتم استحصال موافقة الوزارات والجهات ذات العلاقة؛ كون جنس الأراضي زراعيا".
*فساد هيت
وأضافت، أن "ملاكات المكتب التي انتقلت لضريبة قضاء هيت، للتحري عن معلومات تفيد بالسماح لأشخاص لا يحملون أي صفة رسمية بالعمل في الدائرة، ويمارسون أعمال الكشف والتدقيق، حيث تم ضبط الأوليات المتضمنة سماح مدير الدائرة بمباشرة هؤلاء الموظفين بدون سند قانوني".
ونوّهت بتنظيم محاضر ضبط أصولية بالعمليَّات الثلاثة بغية عرضه رفقة المتهمين على قاضي التحقيق المختص بالنظر في قضايا النزاهة في الأنبار، لتقرير مصيرهم.
*الحلبوسي يدخل بدائرة القلق
الحلبوسي دخل بدائرة القلق وبات يشعر بالخطر المحدق به بعد توالى عمليات الإطاحة بالمقربين منه بدءا من سعد كمبش مرورا بمدير التسجيل العقاري وصولا لأحمد كامل طناش المحمدي عرّاب ملف الأراضي في الفلوجة، هذا ما يؤكده مراقبون للشأن السياسي.
ويؤكد أحد المراقبين الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أن رئيس ديوان الوقف السني الأسبق سعد كمبش من أبرز المقربين من رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي في ديالى وشقيقته نائبة عن تكتل "تقدّم" لذا فإنه يُعد من أقطاب التحالف على مستوى المحافظة ولم يكن أن ينال منصبه لولا دعم رئيس مجلس النواب المباشر له".
وأضاف، أن" اعتقال كمبش قبل أيام لم يكن متوقعا من قبل أغلب المراقبين لكنه حدث وهذا الأمر سبّب إحراجا لتحالف الحلبوسي في ديالى ككل لأنه ينتمي إليه وكأنه من داعميه بقوة خاصة خلال الانتخابات النيابية في 2021".
وأشار إلى، أنه" بغض النظر عن الملفات المرفوعة على كمبش إلا أنه سبّب إحراجا كبيرا لتحالف الحلبوسي على مستوى ديالى".
وكانت قوة خاصة اعتقلت رئيس ديوان الوقف السني الاسبق بعد مداهمة منزله وسط بعقوبة بموجب مذكرات قبض رسمية بتهم فساد وهدر بالمال العام.
*أسرار الحلبوسي تحت قبضة السوداني
وكانت القيادية في تحالف العزم بمحافظة ديالى نجاة الطائي، قد كشفت عن تقديم طلب لرئيس مجلس الوزراء حول صندوق إعمار المدن المحررة والذي يهيمن عليه رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي بشكل تام.
وقالت الطائي في حديث لها، إن" صندوق الإعمار مموَّل من خزينة الدولة وهو مخصص لإعمار المدن المتضررة من الإرهاب وليس من أجل ترويج سياسي لبعض القوى والتكتلات التي تستغل سطوتها في فرض نفوذها والسيطرة على مشاريع الإعمار بشكل مباشر".
وأضافت، إن" تحالف العزم يرفض أي استغلال لموارد الدولة وقدّم طلبا لرئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني من أجل إعادة النظر في ملف صندوق الإعمار بديالى ومنع استغلال مشاريعه من قبل أي جهة سياسية وأن تُنفق الأموال بشكل عادل على الوحدات الإدارية".
وأشارت إلى، أن" إيقاف استغلال مشاريع الإعمار أولوية لمسارنا السياسي في ديالى التي عانت من أزمات متعددة بسبب استغلال موارد الدولة من قبل جهات متنفذة".
*فساد بإدارة السلطة التشريعية
وكان نائب رئيس الوزراء السابق صالح المطلك قد اتهم ، رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي بالسيطرة على محافظة الانبار عبر وسائل قمعية، مبينا أن الجماهير في المحافظة سترفض تلك التوجهات بعد تجويعها وترويعها وسيتم انتخاب شخصيات جديدة أكثر وطنية.
وقال المطلك في حوار متلفز تابعته شبكة انفو بلس، أن "الفساد الذي يسيطر على محافظة الانبار كبير للغاية وصل الى حد تجويع وترويع الجماهير من أجل استمرار الولاء لجهات سياسية متنفذة بالأنبار".
واضاف، إن "رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي هو من يسيطر على المحافظة وعلى الحكومة فتح تحقيق شامل بشأن الفساد في العراق سيما المناطق الغربية التي باتت السلطة تبتز الفلاح وسائق مركبة الأجرة وتستحوذ على 20 % من دخله المالي".
واشار إلى، أن، الجماهير ستنتخب وجوها جديدة وستمنع الاستمرار في الاستحواذ على المحافظة رغم الأساليب القمعية التي تتخذها السلطة في الانبار وغيرها من المناطق السنية. مؤكدا. إن "فتح تحقيق شامل ومحاسبة الحلبوسي وأي طرف سياسي فاسد يمنح المواطن مؤشرات إيجابية بشأن توجهات الحكومة الحقيقية.
*هل تؤدي اعترافات مقرّبيه للإطاحة به ؟
لم يستبعد العديد من المحللين السياسيين إقالة الحلبوسي ومحاكمته بعد عمليات القبض التي صدرت بحق المقربين منه بتهم فساد، بسبب كون هؤلاء يخضعون له ولا يتحركوا بمعزل عن أوامره، وهو ما قد يؤدي إلى اعترافهم عليه وبالتالي وصول يد القضاء له.
وبشأن ذلك، يرى رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري بأن "تحرك الإطار التنسيقي نحو إقالة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي خلال المرحلة المقبلة ربما سيكون واردا جدا".